أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - 2004 ، عام آسيوي متميز لولا -التسونامي-















المزيد.....

2004 ، عام آسيوي متميز لولا -التسونامي-


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1067 - 2005 / 1 / 3 - 09:35
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يمكن القول بصفة عامة أن عام 2004 كان عاما متميزا بالنسبة لآسيا. فعلى الرغم من بعض العمليات الإرهابية المتفرقة التي شهدتها اندونيسيا و تايلاند و الفلبين و الهند و الباكستان و أفغانستان ، و بعض الأكلاف الاقتصادية الإضافية التي تحملتها أقطار في جنوب وشرق آسيا كنتيجة للتصاعد الكبير في أسعار النفط المستورد ، فان الصورة العامة كانت مريحة و باعثة على التفاؤل.

حيث استطاعت الأقطار الآسيوية بفضل تكاتفها و تعاونها أمنيا و مخابراتيا أن تحد كثيرا من أعمال الإرهاب و توقف العديد من رموزه و تتعقب مصادر تمويله ، و بما أسقط تنبؤ البعض باحتمالات حدوث عمليات بربرية كبرى فيها.

و على الجبهة الاقتصادية ، حافظت آسيا على معدلات نموها الجيدة بنسبة تراوحت ما بين 6 و 7.5 بالمئة كنتيجة لقوة الطلب المحلي و زيادة معدلات التصدير. و زادت الاستثمارات الخاصة المتدفقة إلى الدول الخمس الأكثر تضررا من توابع أزمة 1997 النقدية (اندونيسيا و تايلاند و الفلبين و ماليزيا و كوريا الجنوبية) بمقدار 8 بلايين دولار عن عام 2003 ، و بما عكس تزايد ثقة المستثمرين بمتانة اقتصاديات هذه الدول. و انطلقت الأقطار الآسيوية سوية تدشن مناطق التجارة الحرة فيما بينها كمقدمة لبناء السوق الشرق آسيوية المشتركة على نحو ما شهدناه في القمة الآسيوية الأخيرة في عاصمة لاوس.

أما سياسيا ، فقد شهد عام 2004 ، بالمقارنة بالأعوام السابقة ، تواري شبح الحرب و حدوث انفراجات في بعض الملفات الملتهبة ، لعل أبرزها اتجاه قطبي شبه القارة الهندية نحو حل خلافاتهما المستعصية عبر التفاوض الثنائي بدلا من اللجؤ إلى التهديد و الاستنفار العسكري كما كان الحال في الأعوام السابقة.

إلا أن التطور الايجابي الأبرز تجسد في انتشار و ترسخ المنحى الديمقراطي ، الذي بدأ في منتصف الثمانينات بسقوط الديكتاتوريات في الفلبين و تايوان و كوريا الجنوبية و تايلاند و لاحقا في اندونيسيا ، وذلك من خلال تواصل الانتخابات البرلمانية و الرئاسية بطريقة سلسلة والانتقال السلمي للسلطة و تزايد أعداد منظمات المجتمع المدني و أنشطتها التوعوية و الرقابية و ضغوطاتها من أجل " الحكم الصالح" و الشفافية و مكافحة ظواهر الفساد و استغلال النفوذ و شراء الأصوات الانتخابية. و يكفي دليلا على ما نقول أن أكثر من مليار آسيوي توجهوا في عام 2004 إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يحكمهم في ثمان دول ( الهند و أفغانستان و الفلبين و اندونيسيا و كوريا الجنوبية و ماليزيا و منغوليا و تايوان) إضافة إلى هونغ كونغ ، و هو ما لم يحدث من قبل في هذه المنطقة.

في كل هذه الدول جرت الانتخابات بشفافية أكثر من ذي قبل و بعنف أقل ، و قبل الخاسرون نتائجها دون عصيان أو تحريض. ففي الفلبين مثلا التي بدت قوة مرشحيها الرئيسيين للرئاسة متقاربة ، سلم المرشح الخاسر "فيرناندو بو جي آر" بخسارته أمام الرئيسة "غلوريا ماكابجال أرويو" من بعد تردد ، ولم يحدث ما توقعه الكثيرون من عصيان مدني أو ثورة شعبية شبيهة بتلك التي أسقطت جوزيف ايسترادا في عام 2001 أو فيرديناند ماركوس في عام 1986 . و في اندونيسيا جرت الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى في تاريخها مباشرة ، فلم تشهد انتهاكات أو أعمال عنف رغم حدة المنافسة و كثرة المترحشين الأقوياء و اضطراب الأحوال الأمنية في البلاد ، لتسقط الرئيسة ميغاواتي سوكارنو بوتري و تأتي بالجنرال المتقاعد "سوسيلو بامبانغ يودويونو" ، القادم حديثا إلى عالم السياسة و أقل المترشحين نفوذا و إمكانيات. و في أفغانستان مرت الانتخابات الديمقراطية الأولى في تاريخها بسلام ، و سقط رهان قوى الظلام و الإرهاب و التخلف على إفشالها ، لتبدأ مرحلة قيام دولة القانون و المؤسسات التي حرمت منها هذه البلاد طويلا. وفي كوريا الجنوبية جرت في ابريل الماضي ما يعتقد انه أنظف انتخابات تشريعية ، فأسقطت رؤوسا محافظة كثيرة لطالما تشبثت بمقاعدها عبر التزوير أو استخدام المال السياسي ، ووضعت في أماكنهم ساسة أكثر شبابا و ديناميكية و اقل فسادا. والأمر الآخر الذي عزز الديمقراطية الكورية أن المحكمة الدستورية تصرفت بشفافية و بوحي من القانون إزاء محاولات قوى المعارضة المحافظة لإسقاط الرئيس المنتخب "روه مو هيون" بحجج مشكوك فيها ، فقررت إبقاءه في منصبه. إلى ذلك شهدت ماليزيا في ظل رئيس حكومتها الجديد عبدالله احمد بدوي توجها رسميا جديدا و غير مسبوق لجهة محاربة الفساد و فتح التحقيقات حول انتهاكات الشرطة لحقوق الإنسان و تقديم شخصيات حكومية و حزبية للمحاكمة ، الأمر الذي توج بالإفراج عن المعارض السياسي الأبرز نائب رئيس الوزراء الأسبق أنور إبراهيم.

أما الهند فقد أثبتت من خلال انتخاباتها التشريعية في ابريل/مايو أن ديمقراطيتها لا تزال صامدة و متينة ، بل قدمت درسا جديدا في سلاسة انتقال السلطة من الحزب المهزوم إلى الحزب الفائز ، وفي لا اكتراثها بالهوية الدينية أو الاثنية لمن يقودها ، وذلك حينما منحت قيادتها لسياسي ينتمي إلى الأقلية السيخية التي لا تشكل سوى 2 بالمئة من مجموع عدد السكان.

إلا أن الأقدار شاءت ألا يسجل عام 2004 في تاريخ آسيا كعام متميز و سعيد. فالزلزال العنيف المتجاوز في شدته لأقصى درجات مقياس ريختر بدرجة و الذي ضرب مؤخرا قاع المحيط الهندي عند سومطرة و ولد ما يعرف بظاهرة التسونامي tsunami (كلمة يابانية مكونة من "تسو" أي ميناء و "نامي" أي موج ، و تستخدم للإشارة إلى المد البحري العنيف الذي يضرب السواحل بقوة كنتيجة لحدوث انشقاقات في قاع البحر) – حول 2004 في نظر الآسيويين إلى عام مشئوم و كإرثي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى . كيف لا و قد تسبب التسونامي بزيارته المفاجئة لسواحل تسع دول دفعة واحدة في مقتل أكثر من 70 ألف آسيوي (حتى ساعة كتابة هذا المقال) و إيقاع خسائر مادية ببلايين الدولارات ، مع توقعات بالعثور على آلاف أخرى من الجثث و حدوث وفيات بعشرات الآلاف كنتيجة لانتشار الأوبئة.

إن احد أسباب وصول الخسائر البشرية و المادية إلى هذا الحد المهول هو خلو منطقة المحيط الهندي من مراكز الإنذار و التحذير المبكر ضد التسونامي كونها لم تشهد من قبل مثل هذه الظاهرة ، بل لم تكن قط ضمن المناطق المحتمل تعرضها للظاهرة ، أي على العكس من مناطق في المحيط الهادي مثل هاواي و ألاسكا اللتين لهما سوابق مع التسونامي و بالتالي أنشأت فيهما مراكز للرصد و الإنذار.

وبطبيعة الحال فان كارثة إنسانية بهذا الحجم المرعب ، لن تستطيع منظمات الإغاثة الوطنية مهما أوتيت من إمكانيات أن تخفف من آثارها. و بالمثل فان منظمات الإغاثة الأممية لن تتمكن هذه المرة من تقديم المساعدات الضرورية بمفردها ، مثلما كان حالها في كوارث سابقة ، لأنها اليوم أمام تحد غير مسبوق يتمثل في وقوع الكارثة في دول عدة في آن واحد.

وهكذا فان أي نجاح للتعامل مع نتائج هذه الفجيعة الآسيوية لن يتحقق إلا بجهد اغاثي ضخم تقوده الدول المتقدمة و الغنية و مؤسساتها الرسمية و الشعبية. و في يقيني أن هذه فرصة جيدة للدول العربية والإسلامية - ولا سيما المقتدرة منها – و منظماتها الخيرية الأهلية و شعوبها المسلمة أن تثبت للعالم ، من خلال مد يد العون بسخاء لضحايا الكارثة في كل الدول المصابة دون تمييز ديني أو عرقي ، أن عقيدتها ذات وجه إنساني و يحمل لواء المحبة و الأخوة و التضامن ما بين كل البشر ، و أن مساعداتها الاغاثية و الخيرية تستوعب أيضا من هم ليسوا على دينها.

د. عبدالله المدني
*باحث أكاديمي و خبير في الشئون الآسيوية
تاريخ المادة : 31 ديسمبر 2004

نشر هذا المقال بالتزامن في صحف الأيام (البحرين) و الراية (قطر) و الخليج (الإمارات) ، في يوم الأحد 2 ديسمبر 2004 .



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراليا كنموذج للحيرة ما بين الشرق و الغرب
- آسيا تتجه نحو التوحد على خطى أوروبا
- آسيا تفتح باب الترشيحات لخلافة كوفي عنان
- نزع صور - الزعيم المبجل-
- فيما العرب مكانك سر الآسيويون يتجاوزن ثورة المعلوماتية إلى - ...
- عظيمة أنت يا بلاد غاندي - الهند إذ تمنح قيادتها لسيخي من الأ ...
- في الذكرى الأولى لاستشهاد الزعيم بعد تحرير العراق من جلاديه ...
- عزاء للعرب.. الهند و-إسرائيل- بين زمنين


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - 2004 ، عام آسيوي متميز لولا -التسونامي-