|
الشعراء
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 3610 - 2012 / 1 / 17 - 09:14
المحور:
الادب والفن
(1) أين الخيالُ منكُمُ عندَ الخلقِ لما يخونُ خيالُكُمُ الذاكرة؟ سبعونَ ألفَ فمٍ مدمى سبعونَ ألفَ زنبقةٍ من أجلِ امرأةٍ حبلى لن تلدْ سبعونَ ألفَ لغةٍ هربت من بين أيديكم إلى تحويلِ الرسالة من شيءٍ يدومُ إلى عَقْدٍ ينتهي أجَلُهُ مَعَ موتِ القصيدة باعتِ الزنابقُ نفسها للصديد وانهارَ صرحُ الكلماتِ على ضريحِ المعاجم سبعونَ ألفَ فمٍ مبتسم فرحُ الموتِ فرحٌ للعالم قصائدُكُمُ التي ظننا أنها كانت للزمنِ وللنسيانِ هزيمة هُزِمَتْ وعشيقاتُكُمْ بالعشراتِ حملنَ أجسادَهُنَّ إلى حِضْنِ جنديٍّ قلبُهُ أحنُّ من سبعينَ ألفَ سيفْ وسلاحُهُ أحرُّ من سبعينَ ألفَ قبلةٍ باردةْ ومتاحفُكُمْ بالمئاتِ جمدت فيها التماثيلْ أين أذهبتُمْ منكم عيبَ اللغةْ الإضافةَ العُليا وأساسَ كلِّ رسالةْ لكنكم كنتم أسيادَ نَقْصِ الكلامِ عندَ اكتمالِ الزمنْ نِ وتآكُلِهِ سبعونَ ألفَ بيتِ شعرٍ مُدمى بأنصالِكُمْ ماتت كلُّ عشيقاتِكُمْ بعدَ قبلةٍ دمويةْ وانهدمت متاحفُكُمْ فبكتِ التماثيلُ لأنَّ العناكبَ هربت من أحضانها سبعونَ ألفَ قبلةٍ مدمرةْ كلُّ الطبيعةْ الطبيعةُ الإنسانيةُ في الخرابِ تغدو كلماتٍ همجيةْ كلماتكمْ سبعونَ ألفَ فمٍ يصيحْ قبل أن تفعلَ فيها أنصالُكُمْ ما تفعلْ كلماتُكُمْ أنصالٌ صدئةْ أنتم يا من تبيعون الصدأَ على أبوابِ القصورْ صدأٌ أحمرُ كدمِ قتيلٍ على رصيفْ فٍ أخضرَ كلونِ فساتينِ البناتِ في العيدْ أسودٌ كنجمِ شاعرٍ لم يولدْ كحُلْمِ ضائعٍ لن يجدَ الطريقْ كرغبةِ أنثى تتشهى الإثمَ وأخرى تتعبدْ وكلتاهما لن تجتازا كما اجتزتم عتباتِ القصورْ رِ إلى السقوطْ كإثمٍ مقدس كفعلٍ ماجن كصديدٍ أحلى من العسل صديدُكُمْ عالم كشبقٍ مرتدع صديدُكُمْ نحن فِلَسطين صديدُكُمْ ضَحكةُ القتيلْ صديدُكُمْ ماضينا أُمُّنا عقلُنا صديدُكُمُ السحرُ والتعزيمْ جوهرُ القصيدةْ تأليهُ الأباطرةِ والأبطالِ بعد موتِهِمْ الغزارةُ صديدُكُمُ اللَّذةُ والتلذذُ المُتعةُ والتمتعُ صديدُكُمْ غدُ القصيدةْ
(2) مدنُ الصفائحِ تكتبُ الشعرَ في الليالي المقمرةِ مثلُكُمْ عنِ الغاداتْ لمّا ينزلنَ من سياراتِ المرسيدسْ لمّا تبينُ أثدائهُنَّ عندما ينحنينَ لرفعِ أطرافِ الموجْ لمّا يفكرنَ في عشاقِهِنَّ وقبلاتِ الكافيارْ لمّا تموتُ النوارسُ على أكعابهِنَّ النوارسُ أنتم وقد أضعتُمُ الطريقَ إلى البحرْ لمّا يخجلُ الرجالُ من نظراتهِنَّ لمّا يقاومنَ الشبقَ لأجلِ السهرِ حتى الصباحْ ثم يذهبنَ مباشرةً إلى الفراشْ شِ بعيدًا عن أحضانِكُمْ مدنُ الصفائحِ تبحثُ عنكم بينما أنتم في كلِّ مكانْ نٍ كالحصى على شاطئِ الضِّعَةْ ماذا نقولُ للعابرينَ وقد نَسَوْا خطواتِهِمْ في حقيبةِ أبوللينير؟ وقد تركوا أجسادَهُمْ دونَ ظلالْ لٍ خوفًا عليها من قصائدِكُمْ؟ وقد أوقفوا أحلامَهُمْ على الرصيفْ فِ كالقناديلِ المنطفئةْ كيلا تعرفَكُمْ أحلامُهُمْ؟ مدنُ الصفائحِ تشعرُ بالبردِ في الشتاءْ جاءتِ الفصولُ على أبوابِكُمْ وطرقَتْها لم تكونوا هناكْ كنتم بين أعمدةِ الجرائدِ تنامونْ تتغطونَ بقصائدِكُمْ وتُغطونَ العالمْ في باريسَ شعرٌ ذهبيٌّ يبحثُ عن أصابعَ متوترةْ في باريسَ ثغرٌ كرزيٌّ ينتظرَ أسنانَ موجعةْ في باريسَ ثديٌ ملائكيٌّ يريدُ عقربًا مهلكةْ مدنُ الصفائحِ لا تعرفُ النومْ أشعارُكُمْ لم تُفلحْ في الحدِّ من أرقِهَا وجعُ العصورِ من أشعارِكُمْ لا دواءَ لوجعِ العصورْ هل تذكرونَ فينوسَ لما دخلتِ المستشفى وماتتْ من أشعارِكُمْ؟ في باريسَ أشعارُكُمْ طفا بها السينْ في باريسَ امتلأتِ القناطرُ بأشعارِكُمْ في باريسَ قال لي أراغونُ إنه توقفَ عن كتابةِ الشعرْ مدنُ الصفائحِ تنادي على الزمانْ نِ فلا يسمعُ لها عينُ الزمانِ لا تغمضُ يقرأُكُمْ ويعملُ بِصَمْتْ لم يجعلْ من بودليرَ مرجعا لم يجعلْ من شكسبيرَ مرجعا لم يجعلْ من السيابِ مرجعا كانت قصائدُكُمْ له مرجِعَهُ الوحيدْ وكان يعملُ بِصَمْتْ صَمْتُ الشياطينَ في معابدِ الروحْ كان يعملُ بِصَمْتِ المضاجعِ الباردةِ في قصورِ فرنسا المهجورةْ أنتم لا تعرفونَ الصَّمْتْ تَ لهذا اختنقَ السينُ بقصائِدِكُمْ ودجلةُ والفراتْ تُ والميسيسبي الزمانْ نُ كان يعملُ بِصَمْتْ كان يقرأُكُمْ وكان يفرزُ الغثَّ مِنَ السمينْ نِ مما يقرأْ أُ ويفكرُ في رامبو كان يفكرُ في نهدٍ أبيضَ وثغرٍ أحمرَ وطائرٍ ميتٍ على سُرَّةْ كان يعبثُ بقصائدِكُمْ يريدُ أن يصنعَ منها عِنَبَا كان يحرقُ بعضَها بنارِ بروميثيوسَ وبعضَها بجنونِ كليوبترا كان يعملُ بِصَمْتْ وكانت قصائدُكُمْ كُلُّهَا لهُ موضوعًا مقدسا كان يعملُ بِصَمْتْ وإلى اليومِ وهو يعملُ بِصَمْتْ قصائدُكُمْ لم تكنْ مَرْجِعًا لغيرِهَا فيولدُ الشاعرُ منكُمْ من جديدْ دٍ للمرةِ الثانيةْ
(3) هل أكتبُ لكم بثغورِ النساءِ كي تفهموا وَهْمَ الولادةِ للمرةِ الثانيةْ؟ قلاداتُ النجومِ في السماءِ وهمُ عنقِ العاجْ والنوافذُ المعتمةُ هي الشموسُ المضيئةُ في الليلْ والمناقيرُ البنيةُ حلماتْ على طريقِ الجمالِ تضيعُ أثداءُ الذَّئِبَاتِ التي أَحَبَّها إيلوار وكلُّ المذنبينَ بالشعر عشاقُ أنفسِهِمْ مثلُكُمْ البحرُ أحمقُ لأنهُ بحرٌ وليسَ سفينةْ لا يعرفُ البحرُ أنهُ شبكةُ صيدٍ ملقاةٍ على سطحِ الماء لما تسيطرُ أسماكُ القرشِ على العالمْ ترفعُ بعضَكُمُ الحرابُ وتُسْقِطُ بعضَكُمْ أولئك الذين لم تلدْهُمُ المهارةْ ةُ وعبوسُ الصورْ ترفعُ بعضَكُمْ على أكفِّ الرياحْ فوقُ... عروشُ الشعراءِ ليستْ عروشا الفراغُ عروشُهُمْ ودمامةُ الجمالْ فتكتملُ الرغبةُ الناقصةْ الناقصةُ دوما رغبةٌ لاواعيةٌ كالسُّمَّاقْ لها نكهةُ الأنا العظمى الكلماتُ هي الكلماتْ لم يكن فاليري يعلمُ عن عروشِ الفراغِ شيئا تصعدُ شموسُكُمْ كما يشاءُ لها المذياعْ عُ والشاشةُ الصغيرةْ تسطعُ شموسُكُمْ من كلِّ الجهاتْ لكنَّ العصافيرَ تفضلُ عليها نقرَ التينِ المسقيِّ من بردى الدمِ والدمعْ الاستعاراتُ هي الاستعاراتْ لم يكن فاليري يحلمُ بالاستعارةِ منجلا لحصادِ القمحِ الأسودْ استعاراتُكُمْ لا تُغْضِبُ أحدا وهي تقطعُ لا تُغْضِبُ أحدا وهي تجمعُ ما بين الإثارةِ والتحريضْ وهي تغدو قُبُلا لكنَّ النغماتِ غيرَ النغماتْ هنا عرفكم فاليري دون أن يعرفَكُمْ تتعددُ نغماتُكُمْ لأجلِ الرقصِ من كلِّ الأنواعْ تخلعُ أحذيتَهَا البناتْ تُ وتضرِبُكُمْ من شدةِ الإعجابْ شجرُ البحرِ يحبُّكم أيضا لأنكُمْ ثِمَارُهُ المالحةْ عروشُ الرياحِ التي هي عروشُكُمْ تشتريها اللآلئُ في تيجانِ غيرِكُمْ بالثمنِ الذي تريدْ وأنتم ستقبلونْ فالرياحُ لا أحدَ يشتريها بخسٌ ثمنُ الرياحْ هذا إذا ما وجدتم لها بائعا ستقبلونَ بالثمنِ الذي تريدُهُ اللآلئُ في التيجان لأنكم وطنيونَ منذُ ميلادِكُمُ الأولْ
(4) عندما تحلقُ كالطيورِ أحذيتُكُمْ وترتدي أقدامكُمُ الأجنحةْ وتكونُ النِّعَالُ فَطُورَ الأثداءْ وجِماعُ الورودِ في الأقبيةْ ةِ أمرًا عاديًا في مجتمعاتْ تِ النومِ حتى معَ الموتْ وإغواءُ النحلاتِ للقضاةْ ةِ شيئًا من الحكمةِ لا المحكمةْ وسقوطُ عمانَ من قممِ الجبالْ لِ موضوعًا للثرثرةْ وعضُّ القططِ للأوردةِ نهايةً لا تنتهي إلا بإفراغِ كلِّ دمِ العالمْ مِ في مجاري الكونْ عندما تلعقُ كالألسنةِ قصائدُكُمْ بطونَ الشموسِ وتهملُ مؤقتًا خصورْ رَ النساءْ وتتسلقُ أغصانُكُمْ عُنُقَ المطلقْ قِ بحثًا في السماءْ ءِ عن سريرٍ قديمْ تذبحونَ فيهِ الغُلْمَةْ ةَ وأمنيةً لامرأةٍ عقيمْ مٍ تحبُّ امرأةً أخرى وتتوجعُ وأنتم تسخرونْ نَ مِنَ الأقمارِ كلِّها لأنها لم تكنْ في الحاراتْ كأشياءَ رميتمُ بها كما رميتمِ القدسَ في مَقبرةْ عندما تكتبونَ أسماءَكُمْ بأردافِكُمْ فأقلامُكُمْ فَرُغَ مِدادُها والزنابقُ لم تعدْ تحبلُ بالقذارةْ في لحظةٍ من لحظاتِكُمِ الملهِمةْ الناقدةِ لأناكُمِ العظمى وهي ترسمُ صورةَ حاكمِ جهنمْ أناكُمُ الأنانية العمياءْ أناكُمُ المبهرةُ بالهند وبومباي في فراشِكُمْ مثلُ أيةِ كلبة ستكونونَ من ذاكَ النوعِ الآخرِ من الشعراءَ المفترسينَ للشموسْ همجيةٌ هي الشموسُ التي تفترسونها وجهنميةْ وحيوانيةْ وقَبْتاريخيةْ حتى أنها سابقةٌ للوجودْ وصحيحةٌ كلُّ الأوصافِ الأخرى التي تنعتونها بها كُلُّها صحيحةٌ كمسدسْ سٍ لا يتوقفُ عنِ الإطلاقْ كُلُّها تليقُ بمقامِ الكلابِ الأنيقةْ كُلُّها تملأُ صدورَ الأشقياءِ راحةْ تجعلُهُمْ يعشقونّ أنفسَهُمْ عِشْقَكُمْ لأنفسِكُمْ ويهنأونْ ويخلدونَ إلى الراحةِ والسكونْ بينما الشموسُ تبقى الشموسْ سَ المشرقةُ منها أو المظلمةْ كلُّ القوانينِ تبقى لِتَحْكُمَ قصائدَكُمْ والرقابَ الشقيةْ أما عنكمْ فلا شقاءٌ لكم بل أنهارُ العسلْ لِ التي تَغْرَقُ فيها كلماتُكُمْ
(5) تطرقُ قصائدُكُمُ الأبوابَ بحثًا عن دينٍ جديدْ في حيفا فتحَ البحرُ لأحدِكُمْ وجعَلَهُ يعانقُ حذاءَ النبيّْ في حيفا كادَ بودلير يموتُ من القلقِ على مومسٍ لم ينمْ معها رائحةُ السوسنِ في حيفا تملأُ مقهى بوشكينْ ودخانُ السجائرْ في حيفا حملَ الشاعرُ الذي هداهُ البحرُ كلَّ ماضيهِ في حقيبتِهِ لن أحبَّ بعدَ اليومْ قال الشاعرْ فبكى بودلير وهو يفكرُ في الانتحارِ من أجلِ مومسٍ لم ينمْ معها كان يحبُّها أكثرَ من كلِّ قصائِدِهِ ويحبُّ سمكَ حيفا لن أقولَ لبوشكينَ سلامًا بعد اليومْ قال الشاعرْ فحطَّ بودلير في بحرٍ من السأمِ أكبرَ من بحرِ حيفا كيف يقتلُ أُقاحَ موسكو وحبيبتُهُ روسيةْ مومسٌ لم ينمْ معها مومسٌ غدتِ الوجودَ الأسودَ للقلقِ والكآبةْ كتب قصيدةً عن وقتِ البحارةِ الضائعِ في حاناتِ حيفا في كلِّ مرةٍ يقذفُهُمُ البحرُ كالسمكِ من بطنِهْ وقدمها للشاعرْ لفها الشاعرُ بالوطنْ وذهبَ بها إلى السرابْ عالمُ الخلودْ قال الشاعرْ وفي طريقِ العودةْ أعطاهُ الرملُ من المالِ ما يردِمُ بِهِ البحرْ
تطرقُ قصائدُكُمُ الأبوابَ بحثًا عن شعراءَ يخبئونَ زوجاتِهِمْ في ضلوعِهِمْ في نابُلُسَ فتحَ الجبلُ البابَ عن أحدِهِمْ وجعلكم ترونَ ثديًا مُحجبا في نابُلُسَ كانتْ لامرئ القيسِ عشرُ نساءٍ عارياتْ يكتبُ على أكفالِهِنَّ الشعرَ لأنه شاعرْ أما الآخرُ فَهُوَ جامعُ قمامةْ في نابُلُسَ ذهبَ امرؤُ القيسِ إلى حديقةِ بيتِنَا وقطفَ لي منها قصيدةْ ةً يقولُ لي فيها اليومَ خمرٌ وغدًا خمرْ فشربنا ونحنُ نقولُ الشعرَ والنساءُ عرايا بين ذراعينا حتى تعبنا أما الآخرُ من يقولُ الشعرَ في الثديِ المحجبْ فلم يجرؤْ على حملِ خِنْجَرِهِ ليطعنَ به روحَهْ وتسيلَ القصائدُ مع دمِهْ
تطرقُ قصائدُكُمُ الأبوابَ بحثًا عن أكفٍّ تكمِّمُ الأفواهْ في دمشق وفي القاهرة وفي الجزائر وفي الدوحة وفي صنعاء وفي كلِّ مكانٍ ينتمي إلى اللامكانْ فُتِحَتِ الأبوابُ على مصاريعِهَا كنتم أنتم أيها الشعراءُ الأكفَّ التي تكمِّمُ أفواهَكُمْ الجبانُ بينكم بطلُ الصَّمْتْ والشجاعُ من يتكلمُ عن أحوالِ الطَّقْسْ المراكبُ قليلةٌ في نهر السينْ بعضُ السياحِ يقومونَ بنزهةْ القناطرُ كالذكرياتْ ذكرياتٌ غيرُ ذكرياتِكُمْ رامبو وميشو وإيلوار وفيرلين وآخرونَ غيرُهُمْ مِنَ المجانينْ وقبلَ كلِّ هؤلاءِ أراغون وهيغو وخطواتُ العابرينْ
(6) الشعراءُ الذين هم مثلي يرفضُهُمْ حتى الجحيمْ حتى الجحيمُ لا يقبلُ أن يكونَ لهم سَكَنَا الشعراءُ الذين هم مثلي لا يبكونْ نَ في جنازتهمْ الشعراءُ الذين هم مثلي يغيرُ منهُمُ القمرُ لأنهم أبناءُ الشمسْ الشعراءُ الذين هم مثلي يطفئونْ نَ الضوءَ في الليلْ لِ لئلا تخدعَهُمْ صورُهُمْ الشعراءُ الذين هم مثلي لا يحلمونْ كلُّ أحلامِهِمْ كوابيسُ تجعلُهُمْ يصرخونَ في الليلْ ربما ليجدوا أنفسَهَمْ وفي الصباحِ ليكتبوا الشعراءُ الذين هم مثلي لا يحبونَ دمشقَ ولا القدسَ ولا مكةَ ويحبونَ فكرتَهُمْ عن غدِ كلِّ المدنْ الشعراءُ الذين هم مثلي صديقُهُمُ الوقتْ الشعراءُ الذين هم مثلي لا يعرفونَ الندمْ لأنهم كالزهورِ الذابلةْ الشعراءُ الذين هم مثلي أخوهُمُ السأمْ كي يحتملوا الغِبطةْ غِبطةَ الآخرينْ وَغَرَقَهُمْ مَعَهُمْ في البحرِ فيما بعدْ الشعراءُ الذين هم مثلي يكتفونَ بعدمِ الكلامْ لئلا يكونَ الضجيجُ حولَهُمْ في المقاهي الشعراءُ الذين هم مثلي يلعبونَ الورقَ مع الملائكةِ والشياطينْ ويتركونَ أنفسَهُمْ يخسرونْ الشعراءُ الذين هم مثلي يحبونَ الكلابْ الشعراءُ الذين هم مثلي يغضبونَ من أبنائِهِمْ ثم يحاولونَ البكاءْ الشعراءُ الذين هم مثلي لا ينتظرونَ الموتْ لا ينتظرونَ طارقًا يأتي في المساءْ لا ينتظرونَ أن يناموا في الليلْ لا ينتظرونَ أن يذهبوا في الصباحِ بالباصْ إلى موعدٍ لم يحددْ لا ينتظرونَ نهايةَ العالمْ لا ينتظرونَ هطولَ المطرِ في الصيفْ لا ينتظرونَ سقوطَ الثلجِ على القرميدْ لا ينتظرونً من أحدٍ هديةْ لا ينتظرونَ التنزيلاتْ لا ينتظرونَ أن يُنهي الآخرونَ قراءةَ ما يكتبونْ لا ينتظرونَ كما ينتظرُ الموظفونَ أن تدقَّ الساعةُ الثانيةَ عشرةْ
(7) لا أحَدَ يَقْرِضُ الشعرَ في حديقةِ اللكسمبورغْ السياراتُ كثيرةٌ شارع سان ميشيلْ والبانتيون هناكَ ليسَ بعيدا مقبرةُ العُظماءْ الشعرُ من ذكرياتِ النثرِ في "طاعونِ" كامو ماتَ الشعرُ على رصيفٍ في وهرانْ ضاقَ الشِّعْرُ ضيقَ الخاصرةْ ولم يَعُدِ النحلُ يلسعُ كالماضي فالعسلُ غيرُ مشكلةِ الإبداعِ صارْ راحتِ الصورةُ تبحثُ عنْ نفسِهِا تَألَّهَ الإنسانْ نُ بعدَ أن وجدَ الصورةَ في الإنسانْ أصبحتِ الشوارعُ في باريسَ تُفَضِّلُ الضَّحِكَ في المساءْ امتلأتِ المسارحُ بروّادِ الحزنْ مدام بوفاري مدام بوفاري انتحرتْ ولم يَقْلَقْ بها أحدْ مدام بوفاري ارتداها فلوبيرْ رُ وقالَ هي أنا لم يعلمْ أنها قصيدةُ الغدْ دِ لمّا يتساوى الكلُّ أمامَ شاشةِ الكمبيوترْ مدام بوفاري مدام بوفاري ما لونُ ثوبِكِ الذي اخترتِهِ لمقابلةِ الموتْ؟ تلاشتِ الفروقُ بينَ الواحدِ والآخرْ رِ أمامَ شاشةِ الكمبيوتر والخبرُ البعيدُ غدا جِدَّ قريبْ مدام بوفاري مدام بوفاري هل تسمعينني؟ زالتِ المسافاتُ بين زهرةٍ زرعها ماو وصيحةٍ أطلقها غيفارا مدام بوفاري مدام بوفاري هل أنتِ أنا؟ لهذا غدا مطلبُ التميزِ أساسيا ولهذا عادَ البحثُ عن شاعرٍ هو بالفعلِ شاعرْ الشاعرُ الإله عادَ البحثُ عن نصٍ يُقْرَأُ بسرعةْ كلُّ شيءٍ يجري بسرعةٍ أمامَ شاشةِ الكمبيوترْ القارئُ يلهثُ يريدُ أن يقرأَ كلَّ شيءٍ في عدةِ ثوانْ لكنْ... في كلِّ هذهِ الفوضى الدقيقة لم يوجدْ بعدُ الشاعرُ الإلهْ
منتصف النهار 2008.06.14
* القصيدة الثانية من ديوان "البرابرة" لأفنان القاسم 2008-2010
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البرابرة
-
الأخرق
-
الباشا رواية النكبة الأولى
-
تراجيديات
-
تحليل قصيدة صفد لسالم جبران نحويًا ومنطقيًا ودلاليًا
-
فلسطين الشر
-
المواطئ المحرمة
-
العاصيات
-
غرب
-
العودة
-
وظائف الكلام في قصة الزكام لنبيل عودة
-
الحجر
-
نابلس
-
شمس مراكش تحرق الأصابع
-
بركات
-
الأطفال يتكلمون لغة واحدة
-
أفنان القاسم يجيب على أسئلة الحوار المتمدن
-
الرسامة الصغيرة
-
العاملة التي أحبت الكاتب
-
الحزب والموسيقى
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|