|
كل لعنة تنحت صاحبها
حسن إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 19:14
المحور:
الادب والفن
لعنة .. من يصاب بها لن يشفى أبداً لا دواء ينفع ولا قديس يشفع ولا معجزات تقدر أن تخترق لعنة مختارة اللعنة المختارة بقرار إرادي حـُر تجعلك مخلوق على صورة لعنتك تصير أنت ولعنتك واحد لأن اللعنة ليست قدراً تولد به اللعنة ثمرة حصاد لنضال طويل .. لبذرة قد تعبت في غرسها وجاهدت الجهاد السلمي القانوني مع الذات .. ومع الآخر .. ومع العالم فالجهل استسلام لظروفك .. لأسباب وجودك .. وتوقف إرادتك الحـُرة عن الإختيار أو اختيار الإستسلام لكل موروثاتك الداخلية والخارجية .. والإرتماء في أحضان " اللي تعرفه - بالتأكيد من وجهة نظرك العمياء بالفطرة - احسن من اللي متعرفوش " وأنه لا يوجد في الإمكان اعظم مما كان الجهل وراثي ولكن المعرفة اختيارية ولأجل هذا .. المعرفة لعنة كثير المعرفة كثير الهم .. نعم ولكن كثير الحكمة أيضاً الأنانية من تجعلك لا ترى أنك أنت والأرض التي تسكنها تدورا حول الشمس التي تدور بكم حول نجوم وكواكب أخرى تجعلك ترى أن الشمس وكل الكون وحتى أرضك التي تسكنها تدور حول حضرتك .. سيادتك .. عظمتك.. جلالتك الأنانية تجعل عيونك لا تبصر إلاك .. وآذانك لا تسمع غيرك وقلبك لا ينبض إلا لك .. ولقبيلتك .. وناديك .. ودينك .. وشعبك .. وأنسبائك .. ولونك .. وجنسك .. دوائر قلبك الضيق تضيق إلى أن تصل لأصغر من ثقب إبرة يغلق بالشمع الأحمر لا يرى النور ولا يصيبه الحب ببراحه ولعنته لعنة الحب وما أدراك بلعنة الحب تقلب موازينك تكسر قضبانك تفتح قبر روحك .. فتحيا وتولد من جديد .. فترى ما لم تراه عيون الموتى وتسمع ما لم تسمع به آذان الموتى وينبض قلبك نبض لا شريك له .. متفرد البصمة والحرف والمعني فيصبح حرفك لا يقتل .. وروح حرفك تحيي الأنانية تتكرر كباطل الأمم بركة المألوف والعادي .. فأنت كما أنت أمس واليوم وإلى أن تموت ستظل أنت وردة صناعية لا طعم غير طعم العدم ولا لون غير بريق زخرفة القناع ولا رائحة غير رائحة البلاستيك ولكن الحب اختياري .. إرادي نهر لا يمكن أن تعبره لأنك تكتشف كل يوم أنه لا محدود كل يوم يتحدى كبريائك وتخمة وصولك لشواطئه وفضولك أن تلمس هدب نهاية ثوبه .. وتمسك بآخر جوهرة في كنوزه وأن تبني بيتك على صخر شواطئه لعنة الحب تجعل جوهرك يسير عكس عقارب الساعة لتطورك .. لمكانتك .. لكرامتك .. لحضورك .. لقدرتك .. لقوتك.
من الخارج يمكن أن تكون حكيم عظيم ذو شأن .. ولكن لعنة الحب تصيب كيانك بالتواضع غير المفتعل .. الحقيقي إلى درجة الطفولة .. إلى درجة الفقر الإختياري وأنت الغني فثراء الحب يجعلك جائع دائم للعطاء وفقير للبذل للتضحية وطفولة كجوهرك جعلتك تدرك سر السعادة .. وبهجة الإحتجاب .. حيث كنز الخفاء الذي لا يعرفه إلا من ذهب لمدينة الخفاء وكسر بوقه ورمى السجادة الحمراء في سلة المهملات وأوقف نميمة يده اليمنى ليده اليسرى واختار أن يحارب حتى الأعداء بحرب لا تسفك الدماء حرب شريفة لا ضرب فيها تحت الحزام أو فوق الحزام حرب لا تبادل عداء بعداء إذا أردت أن تنتصر على الجهل .. فمن الجهل أن تنتصر عليه بالغباء وإذا أردت أن تطفئ نار العداء .. فمن الغباء أن تظن أن سيفك سيوقف نزيف الدماء الجهل تسحقه الحكمة والأمية نقضي عليها بالعلم والأنانية يبخرها الحب والظالم لا يمكن أن يحرر مقهور مظلوم مسجون الحــُر وحده هو من يقدر أن يحررك أن يضعك على الطريق أن يتمخض بك فتولد ثورتك حكمتك لعنتك خزاف ينحتك على حلمه حلمك وإرادتك فلتكن مشيئته مشيئتك فكل لعنة تنحت صاحبها على صورتها كشبهها فليس كل من يرى المرضى كل يوم سيتحنن ويشفق ويصبح من ملائكة الرحمة الحب لا يصنعه التعود بل على العكس يمكن أن يتبلد أكثر فالعادة تميت القلب القابل للموت وتحوله لقب حجري كم طفل شوارع تقابله كل يوم أيها الرومانسي الطيب الحنون رقيق المشاعر وتمر عليه عبور المؤمنين .. عبور الكرام تعبر عليه بكل كنوزك وتتركه عارياً حتى من غطاء الشتاء وبعد ذلك تطالب القانون أن يسجنه أو يعدمه لأنه أصبح بسببنا جميعاً بلطجي يكره العالم الذي كرهه أولاً وطرده وداسه بالأقدام ولم يعامله حتى معاملة الحيوان أم أنكم من هواة تربية القطط والكلاب وسؤالي للكلاب كيف تصدقون وتخلصون لبشر قد تحجر قلبهم ولم يشفق على أطفال الشوارع بدأت أشك في إخلاص الكلاب أشك في إخلاص ملائكة الرحمة وأشك في إخلاص الكلاب لبشر لا ترحم ولا تشفق أشك في مؤمنين أنانيين للدرجة القصوى درجة الخلاص الفردي " أنا ومن بعدي الطوفان " أشك في وطنيين لا يهتموا إلا بمصالحهم ومصالح أحزابهم أو جماعتهم فقط أشك في حب الدبة لصاحبها الذي قتلته بكل غباء أشك في مالكي الحقيقة الكاملة الناظرين على العالم من برج بابل أشك في المغيبين المدروشين المنغلقين في كهفهم والمشعلين بخورهم .. والمستحضرين وهمهم والمنتصرين بلا أعداء منتصرين وحدهم أشك في كل جيتو وكل وطن موازي للوطن الحقيقي في كل جماعة مخلوقة على صورة زعيمهم المكررة .. كلامه بالباطل كالببغاء .. والمتخيلة انها كاملة الأوصاف وجميلة الجميلات وهي كلية العيب .. وملامح القبح الخفي أشك في كل إيمان لا يأتي ببحث .. وفي كل إجابة لا تبدأ بسؤال .. وفي نهاية لا تلد امتحان جديد .. وسؤال جديد .. وشك جديد أشك
الإهداء .. للملعونين بشهوة تغيير العالم
#حسن_إسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا ينتصر الظلام ؟
-
أغنية إلى نفسي
-
المعجزة الثانية
-
الطريق إلى الجنة
-
مخلص لمشاهد خوفي
-
غيب منيع
-
لكل زمان قناع
-
غبي من يستعبد شعبه
-
نفسي حزينة حتى الموت
-
الحياة تسخر من الفرسان
-
أحبك حُراً
-
ما أجمل الإحباط
-
أمة .. عادي !!!
-
خيوط اللعبة
-
طعم البُن .. وفيروز
-
أنا ليه قرفان ؟!
-
تراتيل الملائكة والشياطين قبل السقوط
-
لمن قالوا “نعم” !!
-
ثورة مع إيقاف التنفيذ
-
اوعى يا ابو زيد تكون ما غزيت
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|