جمال القواسمي
الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 14:46
المحور:
الادب والفن
حين وصل شيخ القبيلة إلى الحكم، طلب من كاتبه ان يكتب إعلان الاستقلال وفيه قال ان ديرته صارت مملكة مستقلة. شكَّ زعيم البلاد بصدق كل من حوله وولائهم له. عالج بعضهم بفرق تسد، سجن بعضهم، قرَّب بعضهم إليه، أرسل بعضهم سفراء، جعل بعضهم مقاولين، قتل بعضهم بطرق غامضة، لكن بقي كاتب الثورة الفصيح الذي لا تنتهي ذخيرته اللسانية ذات الست وستين شعبة. لم يعجبه أن يجعله شهيداً على لسان التاريخ، ولا أسيراً تطالب بإطلاق سراحه الجماهير والدول.
قال له الزعيم: اكتب مقالة عن معركة وادي أحد.
ابتسم الكاتب: ساكتب عن معركة جبل أحد.
- قلتُ لك: وادي أحد، منذ الآن اسمه وادي أحد وليس جبل أحد. أصرفوا له راتباً جزيلاً.
عاش الكاتب عمراً مديداً. لم يفهمه أحد، ولم يفهم شعره الغامض أحد. لم يحب شعره أحد. قيل انه بليغ، وقيل انه مؤرخ كاذب. من كثرة الحكام الطغاة وتشابههم نسي الناس ما فعله شيخ القبيلة وزعيم الاستقلال، لكن أحداً من الأدباء ودارسي الأدب لم ينسَ ان كاتبه كان جاهلاً بقواعد الأعراب والإملاء، أمياً بالجغرافيا وأسماء الأماكن، مصاباً بعمى الألوان والأديان، مريضاً باضطراب تحديد الاتجاهات والمسافات، وما تزال الأجيال تتندر بطرفة قال فيها ان فلسطين مكعبان من الملح، اولهما يُدعى قطاع غزة وثانيهما يُدعى الضفة، أما بقية فلسطين فهي شوربة أوغندا الأورو-آسيوية.
#جمال_القواسمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟