أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زيد كثير الحمداني - دليل المحتار في بيان أحوال الكفار















المزيد.....


دليل المحتار في بيان أحوال الكفار


زيد كثير الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 13:18
المحور: كتابات ساخرة
    


أنا أكره الكفار كراهتي للسقم وأستوحشهم وحشتي من العجز والهرم. وفي شريعتي، من يؤازرهم قولا ويناصرهم فعلا هو من شرالبرية. وبالمعاكسة والمخالفة أضداد أولئك خيرالبرية. وفي هذه المقالة قصتان، مضحكتان مبكيتان، أوردتهما ليميز المؤمنون الخبيث من الطيب وأهل الصلاح الأتقياء من الكفار الأشقياء. فنسأل الله القدير العون والسداد في حسن القول والتعبير... زيد





I

في اواسط العقد الماضي كنت مقيما في دولة عربية لاحاجة لذكراسمها هاهنا لأن ذلك لن يغير من فكرة القصة وبغيتي من استحضارها. ففي الرقعة الجغرافية الممتدة من المحيط الأطلسي غرباًً الى الخليج العربي أو الفارسي "حتى ما يزعل علينا أحمدي نجاد واصحاب الموسوعة الثقافية البريطانية وتقريبا جميع مراجع الجغرافيا العالمية!" شرقاً قد تتنوع الوان البشر وتتمايز عمائر الريف والحضر الا أن المقولة البغدادية التي حفظتها عن آبائي الاولين "حرامي لا تصير، من السلطان لا تخاف" هي شعارالمرحلة الأنجع ودليل الساري في تيه أنظمة يترادف فيهن الإسمان (الحرامي والسلطان) في كثير من الأحيان. لذا آثرت الا أتلصص على ذاكرتي للسطو على إسم تلك الدولة المحروسة كي أظل آمنا على نفسي من سلاطين العرب والروم والعجم



في أول يوم من أيام العيد، أظنه ان لم تخني الذاكرة عيد الفطر، استأجرنا -انا واحد اقربائي والمقيم في دولة اوروبية مع عائلته الصغيرة والذي قد جاء لزيارتي في تلك المناسبة- سيارة أجرة (سيرفيس) تحمل ثمانية ركاب قاصدين في رحلة قصيرة احدى المصايف المعروفة في تلك البلاد. كان الطريق جبليا صاعدا، وقبل بلوغنا المصيف مررنا بسفح جبلي اقتلعت منه كتل صخرية بطريقة هندسية مدهشة. المنظر جذب انتباه قريبي واستثاره فسألني مستفسرا عن سر تلك الثغور المنحوتة في سفح الجبل.

-"هي بيوت الكفار (لعنة الله عليهم) حفروها في سفوح الجبال بعد فرارهم من جيوش المسلمين الفاتحين في عصر متقدم من عصورالفتح الإسلامي."



أجبته معتمدا على معلومات كنت قد استقيتها من سائق سرفيس تعرفت عليه في زيارة سابقة لذلك المصيف. لن اخفيكم سرا بأني كنت اشعر بالزهو كلما مررت بتلك الكهوف الجبلية لانها تذكرني بقوة المسلمين وذعر الكفار من تلك القوة المؤمنة. المهم، ظل ذلك القريب العزيز جدا يتابع معالم الطريق باهتمام وسكينة، ولم يزد على قولي شيئا البتة. وحال دخولنا المصيف مررنا بمجموعة من الفيلل الفخمة والمنتصبة على قمة جبل قريب غير شاهق. حينها كسر جدار صمتنا وسألني

-"لمن هذه الفيلل؟"

- هذه بيوت بعض الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة.

اجبته باقتضاب ولم اسهب لاني بصراحة لا اعرف الكثيرعن تلك القصور. رشف رشفة أخيرة من قنينة جعة محلية الصنع كان يصر على ان مذاقها مشابه تماما لمذاق الجعة في الوطن الأول. ثم قال لي

-حبيبي زيد، هذه القصور لا تلك الثغور هي بيوت الكفار





II

أيها المواطنون الغافلون عن ثرواتكم الدفينة هل أتاكم نبأ اختفاء المليارات الاربعين؟



بصراحة هي قصة عجب، وكأنها حكاية من حكايا الف ليلة وليلة أو خرافة من خرافات أيسوب. حيث يقال "والعهدة ليست على القائل وحده لأن السواد الاعظم من المواطنين على علم بما يدور في جيوب المسؤولين" بأن تلك الاموال هي من عوائد النفط التي كانت توضع في صندوق التنمية العراقي بعد الغزو الأمريكي في عام 2003 وقد فقدت في عهد الحاكم الامريكي للعراق بريمر. "من المرجح انه -أي الصندوق- كان قديما وافقاله غير محكمة!" هذه هي فحوى التقريرالصادرعن لجنة النزاهة التي شكلت من قبل البرلمان للتحقيق في القضية. المهم حاول بعض الساسة العراقيين "المعروفين بنزاهتهم" توجيه اصابع الاتهام الى المسكين بريمر. ولكن بريمر في امريكا. وامريكا بعيدة. والمواصلات اليها مكلفة. لذلك كف الجميع عن اتهام ذلك المسؤول والمطالبة باستجوابه. وقد آثر الرجل الإستقالة من منصبه بعد عام واحد قضاه في العراق. وقررالعودة الى أرض الوطن والعيش ببساطة وزهد في قصره المنيف الذي اشتراه بعد عامه السعيد في الميزوبوتيميا



بعد نشر هذا الغسيل "الطاهر" في الصحف وفي كثير من المواقع المهتمة بالشأن العراقي، انبرى المفكرون ودهاقنة الاقتصاد في البلد على تقديم توصيات مخلصة للكشف عن مصير تلك الاموال. وقدمت الكثير من التصورات عن الوجهات الأستثمارية التي يمكن أن تسلكها في حال تم العثورعليها. ومن بين عشرات المشاريع العملاقة المقترحة التي قرأت عنها في الصحف المحلية، لفت انتباهي مشروع خيري مدهش اقترحه احد الصحفيين العراقيين في حال تم العثورعلى المبلغ الضائع



يرى ذلك الصحفي بأنه لو يتم صرف المبلغ المذكور في اعداد وجبة طعام عالمية لكل الشعوب التي تسكن كوكب الأرض. حيث تتكون الوجبة من سندويشة فلافل يتم اعدادها في احدى مطاعم بغداد الشعبية، وقد كان الرجل دقيقا جدا في تفاصيل مشروعه حيث اوصى في مقترحه بإختيارمطعم ابو فالح الشهير في منطقة بغداد الجديدة لاعداد السندويشات المذكورة، مع قنينة مياة غازية وبكلفة اجمالية لاتزيد عن دولار واحد للوجبة. في هذه الحالة ستتمكن الحكومة العراقية من توفير ست سندويشات لكل فرد من افراد الكرة الارضية البالغ عددهم ست مليارات آنذاك. وستستهلك ستة وثلاثون ملياردولارفي هذا المشروع الضخم. اما الفائض المالي المتبقي وهو اربع مليارات دولار فيمكن استخدامه في اعداد وجبة من الشاي أوالكابوتشينو أوالقهوة تقدم بعد وجبة الفلافل الغنية بالبروتين



المشروع واجه انتقادات واسعة من قبل اطراف حكومية عديدة ذات مرجعيات دينية بيضاء وخضراء. لا تعجبوا من حكاية الالوان هذه، فكفرق كرة القدم في الدوري الانكليزي الممتاز، لكل مرجعية في الساحة العراقية لون يميزها.وعودة الى موضوع رفض المشروع المذكور، أقول لربما واجه المشروع تلك الانتقادات لما يمكن أن تسببه الفلافل من حصرغازات مؤذية ومفسدة للوضوء داخل امعاء الكثير من المؤمنين في أرجاء المعمورة



في النهاية، اقصد نهاية الأمل في الوصول الى خباء الكنز المفقود، وبعد سنوات عديدة من الهرج والمرج في خزائن الدولة المصون، الجميع بات يعلم بأن القصة الخيالية لاختفاء المليارات الاربعين لم تتفتق عن قريحة أدبية فذة كقريحة المبدع ماركيزأو المذهلة ايزابيل اليندي، وانما خرجت من افواه ساسة العراق "الملتحين الجدد" والذين تنطبق عليهم مقولة أمي العزيزة التي عادة ماكانت تنهي بها حديثها معي بعد هذياني المتواصل دفاعا عن فكرة بلهاء احاول يائسا اقناعها بها: أبني الله يرضى عنك، اذا الي يحجي مخبل، ف الي يسمع عاقل

وبكل تأكيد المخبول هو أنا، أما أمي فهي العاقلة



#زيد_كثير_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل العراقي منذ الف عام


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زيد كثير الحمداني - دليل المحتار في بيان أحوال الكفار