|
علي السوريّ -سأصلي بالبكيني-
لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 13:07
المحور:
الادب والفن
يا وحشة روحي و أنا انتظرك، تعدني بليلة أخرى في حياة أخرى لا أحتمل تخيّلها، و أظنّها كثيرة عليّ.. يا لهذا الخيال الذي ينبض به قلبي الصغير.. صوتك الساحر، و لمعان عينيك في ليل “دمشق”.. تحملني و تدور، فأطير و أدوخ و أرجع طفلة.. طفلة لن تكبر، طالما أن الكبر يقترن حتماً مع تسرب في النقاء.
كتبت و نمت، و هناك في الضفة الأخرى لوجودنا، هجمت أحلامي محملّة بك، و بطيفك، يا أنت:
لا مكان للحب في قلب سجين.. يا أنت: اعتقني. **********
في الصباح التالي، و هو يوم عطلة.. صبت "أمنيّة" طويل صمتها في صباح جيراني حميم:
-أكرهه، أود أن أفهمه بأن القشور لا تصنع مؤمناً، البارحة أحضر لي (بكيني)، ثم ضربني لأنني قلت عنه جميل، قلت له لماذا أحضرته؟.. ثم فكرت في طريقة أقوى لأستفزه و قلت:
سأصلي بالبكيني.. الروح هي من يصلي، الله هو من خلقنا، و هو الوحيد الذي لا ينظر إلى أشكالنا الخارجية و قشورنا...
جن جنونه قال لي: يا كافرة، ستدخلين جهنم!
نظرت في عيني السماء فوقه ثم أجبته: و من أنت حتى تزج بي في النار؟! ..فضربني مجدداً …
قبلها كنّا ما نزال عبداً و رباً.. هو يخال نفسه بعد الله، أو قبل الله.. يحلّل، يحرّم، يفتي بفتاوى مفصلة، و يشرع كل ما يريده.
في ليلة زواجي به، اغتصبني، و في اليوم الثاني ذهب معي إلى طبيبة نسائية، سألها: لماذا تنزف هذه هكذا، هل هي حيلة لتغطي عهرها.. بكيت و أنا أحس قلبي سجيني، يضرب قفصي الصدري بجناحيه.
ثم عدنا إلى البيت، كان يسبّ الطبيبة: عاهرة مثلك هي، في حدا بيغتصب مرتو؟! أنت حلالي، و ملك يميني، ( كلبات)...
بعدها صرت كما يريد، عقله تماماً بين فخذيه، يحلل و يحرم تبعا لذلك، جلب لي بدلة رقص، و جعلني أتابع أفلام ( البورنو) و أطبقها.. كنت عاهرة في قاموسه، و أصبحت عاهرة في قاموس قلبي.
في كل جمعة كان يطلب مني أن أتغطى بحجاب و أحضر " القرآن"و أقسم عليه بأنني لم أرتكب خلال الأسبوع المنصرم ما يغضب الرب.. أسأله: لم علي أن أتغطى فيجيب: يا منحرفة، ما عندك احترام لحكي الله.
هو يسرق، يكذب، يزني،هذا حلال يكفله ذيله المتدلي بين فخذيه، أما أنا فمتهمة دائماً، و لست أعلم لم لا تتهم المرأة إلا بشرفها، يعني يعجبني مفهوم الأخلاق الضحل عند القرود...
فيما هي تتكلم، دقّ الباب..
دخل "علي" مع باقة ورد أبيض، و كيس ورقي فضيّ، سلّم على "أمنيّة" و جلس بتهذيب مبالغ اللهجة، سألته "أمنيّة":
-قالت لي "عليا" أنّك تعمل مهندساً في ذات الشركة التي يعمل فيها زوجي "عقلة" و أنك تعرفه...
-في الحقيقة أعرفه منذ سنوات، عملنا وقتها في فرع الشركة ذاتها في السعوديّة، زوجك شغيّل كتير.. ما بيطلعلنا معه...
تنهدت "أمنيّة " بحسرة، ثم قالت: شكراً.
و لم تنس أن تهمس لي حين مغادرتها: - نبهيه ألا يخبر زوجي أنه شاهدني عندك، و إلا ناهيك عن (عهري) ستنضمي أنت إلى اللائحة السوداء.
بعد رحيل " أمنيّة" بدأت مباشرة برد دين "السوري" الوحيد اليوم، و الذي تعشى في منزلي- إلى اليوم- ثلاث مرات، كل مرة برفقة صديقة جديدة، تحت عنوان (أنت مدينة لي.. علميني على الفيس بوك)...
- الآن أصبح لديك بريد في فضاء (الانترنت)، و نستطيع فتح بيت يعني (حساب ) لك على (الفيس بوك)، منيح هيك! - يا لطيف.. بهالسرعة، (هلق عرفت ليش خطير هالفيس بوك)...
- شو بتحب يكون اسمك اللي رح يعرفك الناس فيه؟!
- "علي السوري"...
- تمام.. و هيك يا سيدي صار عندك بيت (فيسبوكي)، مبروك...
- شو فيني اعمل فيه...
- يا لطيف شو فينك تعمل فيه، فينك تضيف رفقاتك و الناس اللي بتتمنى يكونوا رفقاتك.. أدباء.. مشاهير.. سياسيين، و ممكن أقاربك.. و تتواصل معهم كل يوم، كأنهم عايشين جيرانك...
- طيب و العالم اللي بكرههم..
- بدك تضيف العالم اللي بتكرههم؟!
- اي منشان تصير الحياة الفيسبوكية حقيقية، ليش إنت ما بتعرفي إنو الواحد ما بيبين على حقيقته تماماً إلا أمام شخص لا يهمه أو يكرهه...
- لا ما بعرف.. بس على كل أنت حتماً رح تضيف عالم مفتكرهم بيحبوك، و رح تكتشف في وقت لاحق إنهم ما بيطيقوك.. هيك الدنيا، بسيطة و إنت حر البيت بيتك، غيّر كلمة السر و ضيف مين ما بدك.. بدك ضفلك "عقلة"؟! -مين "عقلة"؟
-زوج "أمنيّة".
- "عقلة " على (الفيس بوك).. عجبي!.. ثم تابع: لا..علاقتنا مقطوعة.
- مع أنّه سؤال فضولي، لماذا لا تكلمه؟
- هو لا يكلمني، من ساعة دخل الشيطان بيننا...
- كيف يعني؟
- أخذني معه إلى الصلاة، فصليّت دون أن يلامس كتفي كتفه، قال لي عندها: ترّقب مصيبة ستحصل بيننا.. أنت فتحت الطريق للشيطان، بداية ظننته يمزح، و مع الوقت عرفت أنّه يتكلم (من كل عقلو) يعني اختلق القطيعة بيننا، فينك تقولي:( راح جاب الشيطان من ايدو)... ضحكت و أنا أضع الورود في زهريّة زجاجية:
- شكراً على الورد، كيف عرفت أنني أفضل اللون الأبيض؟!
- العفو، ما بدك تفتحي الهديّة، و اشار إلى الكيس الفضي. - ما المناسبة؟! - اليوم الذي رأيتك فيه أول مرة، عيد ميلادك.. تذكرت. - نعم.. بس... - يعني أنت لا تقبلين هدايا من غرباء، و حياتك أعرف، افتحيها أولاً ثم نتكلم.
ترددت قليلاً، ثم فتحت الكيس الفضي، أخرجت منه هديّة مغلّفة بعناية بورق فضي أيضاً، و على زاويتها وردة بيضاء، و لم أستطع أن أخفي دهشتي عندما أطلت زجاجة عطر من "ماركة" (إيفوريا).. هل هي صدفة، نظرت إلى "علي" بتوجس، شيء ما يمنعني من الخوف منه، و وجهه لا يحمل سوى الطيبة، لكن!
من أنت يا "السوري"؟! **********
للمحبة شجون، و للكراهية ألف لون و لون...
كان "عمار" يعرف أنه سيحدث نفسه بعد أن تركته "عبير"، كان يعلم أيضاً أنّ عودته إلى "بغداد" ستكون علاجاً غير شافٍ لحب يأبى الاندمال، كالمجنون يقطع الشوارع إلى بيته الذي هجره منذ عام.. يتكلم بصوت عالٍ، و الناس من حوله يتمتمون: لا حول و لا قوة إلا بالله.. أسفاه على شبابك يا العراق...
عشر خطوات و أصل.. تسع خطوات و أصل.. ثمان..سبع.. ست.. خمس.. أربع.. ثلاث.. خطوتين و أصل .. مفتاحي يهتز في يديّ، و الباب الخشبي البني يصدر صريراً حزيناً عبر مفاصله القديمة، لينفتح رويداً رويداً مُظهراً الأرضية الأولى التي سقطت عليها، عندما كانت خطوتي الأولى.. هناك في طفولة لا تعرف الطوائف و لا الكراهية.
هيهات أن تعلم يابيتي كم لعبت بيّ الحياة، و كم آذاني البشر!
هُبي يا رائحة أمي و املأيني، و أنت أيتها الأصوات النائمة استيقظي أعيدي لي زماناً لن يعود، و اسكبي لي الأمس بفيض حضوره على تلك الزاوية، أريد أن أجلس فيها كما كان، أعيد حساباتي، و أتذكر غدر الطوائف.
في تلك الزاوية جلس، أخرج ورقة من جيبه و قرأ بصوت عال:
-أملنا بالزواج اليوم، كأمل الحمار في الطيران، و لا يهمني من السبب، المهم أننا عدنا زمناً إلى الوراء، بدلاً من أن نتقدم إلى الأمام.. بيننا نهر دم سيتحول إلى بحر قريباً.. ثم تابع بحقد حزين: "بالناقص يا جبانة"
من سينتشلني من هذا الهم، و قد أحرقت مراكب عودتي التي ملكتها فتيات كثر و لجأت إلى سفينة امرأة قررت أن تصبح بعيدة، ما خصني أنا و عراقي المنتحب بالشأن الداخلي السوري، و كيف سأتكيّف مجددا مع إقامتي في "بغداد" بعد أن أدمنت "دمشق".
يتبع... من رواية "علي السوري" قيد النشر
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علي السوري -مقدمة-
-
الأقليّات تأكل التفاحة
-
خارج سياق -روحي-
-
خارج سياق -مسجون-
-
خارج سياق -طائفي-
-
خارج سياق -حليبي-
-
خارج سياق مندّس
-
خارج سياق منساق...
-
بلاد - الباق باق-
-
-براغش- القلم
-
معادلة دينية
-
سوريانا -زيت و زعتر-
-
سوريانا -مغالطات منطقيّة-
-
سوريانا-مطر صيفي-
-
بالماء يا وطني
-
على قيد الأمل...
-
كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
-
ثورة خالد سعيد
-
ب (تونس) بيك
-
فضائيّة تحت (الطاقيّة)
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|