|
هي الشآم .. من قبل..ومن بعد
زياد حميدان
الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 11:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما زلت أذكر يوم سقطت بغداد كيف تجمد الدمع في عينيّ وفقدت القدرة على النحيب، فقد كان احتلال بغداد سقوطاً لأمتنا بأسرها في يد مغول العصر وأذنابهم من مستعربين..، كم شعرت بمرارة اليتم آنذاك.. وكيف لا نكون أيتاما على موائد اللئام وقاهرة المعز وأم الدنيا مسلوبة منا حينها وها نحن نثكل ببغداد..، كم هالني ان يكتمل يتمنا حين رأيت عيون الغزاة تتجه نحو دمشق.. عاصمة الأمويين وأول عاصمة للعرب..
والحق أقول أنني ولشدة ما ألم بي من رعب لم أجرؤ حتى على تخيّل مصير مشابه لدمشق، فحاولت ان اهدئ من روع نفسي قائلا يستحيل ذلك.. إنها الشآم.. أم المفاجآت وقارعة الخيبات لأعدائها.. هي الشآم.. ربة الابجدية الأولى.. وهي المعبد الاول والكنسية الأولى ومهبط المسيح.. عاصمة العرب الأولى.. قلعتنا الاخيرة.. نبوءة السماء.. ووحي النبي.. عشق معاوية للسياسة.. ودولة عبد الملك.. عدل عمر بن عبد العزيز.. وعرين صقر قريش في كبد السماء.. والنسخة الأولى للأندلس..، هي التي حبتنا سلطان الاطرش، صالح العلي، هنانو، يوسف العظمة وجول جمال.. وهي التي احتضنت رايات الثورة العربية على طغيان الاستبداد العثماني.. وهي عرين الأسود أيضا.
هي التي لم ترتعد فرائصها على مر التاريخ، منها بدأ نور الدين زنكي السلجوقي مشروع تحرير الارض من رجس الغزاة.. ومنها خرج صلاح الدين ليسترد مصر من بين أيادي الازلام الخونة.. وليلتحم خير اجناد الارض بجند الشام المنصورين إلى يوم القيامة.. فكان تحرير القدس.. ودحر الغزاة، هي الشآم التي عرّبت التاريخ والثقافة واللغة والخيال، وسحرت عروبتها كل من مر بها او استقر فيها من عرب وكرد واتراك.
هي الشآم التي لم ترتجف أرجلها حين جاست جحافل مغول العصر على الابواب، بل رفعت أكثر الشعارات واقعية بمعايير الرجال أصحاب الحق، ورفعت اكثر الشعارات "المستحيلة" بمعايير لغة انصاف الرجال، فوقفت طودا وسدا منيعا، لتبث الامل في روح الامة، فكان نهوض المقاومة في العراق وانتصارها بدحر الغزاة عن بغداد، وكان انتصار المقاومة في لبنان.. وكان استمرار صمود المقاومة في فلسطين..، وكان تعرية الخونة والجبناء امام التاريخ.
أزعم ان الشآم مسحت بجدائلها دموع بغداد ودمائها، وازاحت بيديها العاريتن الرماد عن جمر العروبة المكتوم بأيدي المرتزقة في مصر، فكان ان بعثت عنقاوين.. بغداد والقاهرة.. لتحلقا في سماء دمشق كما عودتنا على مر العصور..، ها هي حواضر العرب تنهض بقوة حضارة آلاف الأعوام.. وبعناد الشام.. التي لم تترك البيت ليكون خرابا.. ولم تترجل رغم كبوة أخواتها.. بقيت قلبا ينبض حتى تصحو مصر وتنهض بغداد..
ازعم ان استرجاع حواضر العرب في العراق ومصر ما كان ليحصل لولا ما بينهما..الشآم قلب عروبتنا..صاحبة اللواء والنموذج في الممانعة والمقاومة والامل في انتصار امة العرب، وأجزم ان الشآم بإعطائها المثال على الصمود وتمسكها بالعروبة بالنواجذ يوم كانت وحدها هي من انعشت في سائر شعوب أمة العرب الثورة وارادة الانتصار.. فهيهات للخونة ان ينجحوا في مؤامرتهم على الشآم.. هيهات لهم وللديار حماتها.. والعرين تزأر فيه أسود.
وكما كانت الشآم في كل تجليات عظمتها عبر تاريخها تخلق قادتها ليتحدثوا على لسانها.. قدمت بشار الاسد.. نموذجا لرئيس وزعيم عربي افتقدناه طويلا، اطل علينا بعنفوان شبابه العروبي القريب إلى القلب، مثقفا ملتزما بقضايا امته والوطن..، ويوما بعد يوم كنت أستمع للشام تتحدث على لسانه فيزداد احترامي له يوما بعد يوم، بل ويتضاعف إثر كل موقف له في مواجهة الهجمة البربرية على ربوع جسد أمتنا العربية في العراق ولبنان وفلسطين وعلى قلبها السوري النابض.. وكيف حقق الانتصارات في مشروع المقاومة والممانعة خلال السنوات العشر الماضية.
ولقد قلت أنني أحترم الرئيس بشار الاسد ووقفت عند حد الاحترام دون الانجراف لما هو اكثر، لانني لست ممن يقدسون الرؤساء، ولقناعتي ان مشروع الرئيس بشار الاسد ينقصه استحقاق إصلاحي كبير، ولان إبداعه في مشروع المقاومة لا يعفيه من مسئولية الاصلاح.
أما وبعد أن أشعل زناة الليل الفتنة في سوريا.. وبعد ان وقف الرئيس بشار الأسد وجيش سوريا وشعبها في حضن قاسيون خندق المواجهة لوأد الفتنة وتفكيك المؤامرة وإسقاط ورقة التوت عن عورات الخونة والمتآمرين.. بإعصاب باردة برودة ثلوج هامة جبل الشيخ الراني منذ الازل للشام وأهلها القابضين على الجمر المنزرعين في برها نضالا وجهادا حتى يوم القيامة.. وبعد استماعي بتمعن لخطاب الدولة والمجتمع والاهم خطاب الاصلاح الصادق والمقاومة درع سوريا وشعبها وقضايا أمتنا الذي القاه الرئيس بشار الاسد، وبعد خروجه لساحة الامويين برفقة أسرته منذ ايام ليكون مع شعبه الذي جدد بيعته له، أعلن بكل فخر.. حبيّ له.. وعشقي للشآم من قبل ..ومن بعد..
اقول هذا وانا مطمئن على قدرتي..على البكاء ولكن فرحا وطربا .. فأنا أرى الشام تسقط المؤامرة مرة اخرى .. وتعانق من جديد القاهرة وبغداد .. وإن غد لناظره لقريب..
#زياد_حميدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصالحة والعدالة الانتقالية في الأرض الفلسطينية
-
ما بين الثورات العربية والثورات المضادة إسلام سياسي “علماني”
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|