|
قراءة نقدية في مقال البدوي وتفاعلية مع الرفيق رضوان
رفيق بنعيسى
الحوار المتمدن-العدد: 3608 - 2012 / 1 / 15 - 17:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم أتفاجئ كثيرا بمقال الرفيق البدوي، فلقد عودنا جيل التسعينات على مواقفه الارتدادية هده، ولو إن الرفيق اتبع المثال القائل "إن الكلام من فضة والسكوت من دهب" لكان أفضل له من مقال لا يليق بمستواه كمنفي ، فليعلم الرفيق والتاريخ شاهد على دلك أننا لم ننسى تضحياته الجسام في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي ، بل لقد كنا نستحضره دائما كمثال ضد الدين يروجون للانتقال الديمقراطي الذي للأسف أصبح الرفيق اليوم يدعوا إلى تحقيقه بوحدة هجينة بين كل القوى المعادية للظلامية والرجعية، حتى و إن كانت ديمقراطيتها ، ديمقراطية برجوازية حتى وان كانت الأبواق التي يزعق بها النظام . فما الفرق يا ترى بين هده القوى والقوى الظلامية، ما دام كل واحد منهما يدافع عن الرأسمالية ويخدم مصالح الامبريالية ؟. فما عسانا نقول أمام هدا الرفيق الذي كنا نقدر انتماءه للتجربة القاعدية قبل قراءتنا لمقاله، سوى كلمات لمعلم البروليتاريا الثاني الرفيق لينين، فلعلها تصف حالته بأكثر دقة مما وصفناه بها أعلاه والتي يقول فيها،"أن يحدد المرئ سلوكه تبعا لكل حالة أن يتكيف تبعا لأحدات الساعة لتغيرات الأمور الطفيفة أن ينسى مصالح البروليتاريا الجذرية والمميزات الجوهرية لمجمل النظام الرأسمالي ولكل التطور الرأسمالي أن يضحي بهده المصالح الجذرية من اجل منافع وقتية فعلية أو مفترضة تلك هي خطوط السياسة التحريفية"1 حقا أيها الرفيق إن سياستك هي سياسة التحريفية، سياسة الارتداد عن المواقف التي كنت تدافع عنها بالأمس القريب. إن ما قدمناه أعلاه ليس سوى ملاحظات من حيت الشكل على مقال الرفيق.وما يهمنا هو نقاش مضمونه من جهة والتفاعل مع مقال الرفيق رضوان، حوله من جهة ثانية ،ودلك لان كلا المقالين يتناولان قضايا مهمة تتعلق بالحركة الشيوعية المغربية سواء من حيت تاريخها أو مرجعيتها النظرية وخطها السياسي والعلاقة مع الإصلاحية والتحريفية. يبدأ الرفيق بدعوة" كل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين أن يأخدوا العبر من مقاطع الوقائع التي لا تتوقف عن الحدوث" ونشكرك أيها الرفيق كثيرا على هده النصيحة فمنكم نتعلم شريطة أن يكون علمكم نافع وتحليلكم علمي، فمن أين ادا يحذرنا الرفيق؟. الواضح أن الرفيق يحذرنا من القوى الظلامية والرجعية ، ودلك لأنه أتبتت تجربة البلدان الأخرى أن هده القوى أحرزت على المقاعد الأولى في "الانتخابات البرلمانية" ، ونجدد شكرنا للرفيق على دلك فليس هناك اخطر من هده القوى في الوقت الراهن بعد النظام القائم في المغرب فهي أيضا تعتبر وجها من أوجه التناقض الرئيسي، فكل إيديولوجية رجعية تعتبر عند الماركسيين تناقضا رئيسيا، ولكن ألا ترى معي أيها الرفيق أن النضال ضد النظام والقوى الرجعية يستدعي التشبث بالماركسية لا الارتداد عنها ؟ . ولنذكر الرفيق مادام من جيل نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، وهو التاريخ الذي ظهرت فيه القوى الظلامية في الجامعة، كيف أن الأحزاب الإصلاحية كانت تريد إعطاء رخصة التواجد لهده القوى في الجامعة، كيف أنها وصفت دفاع القاعديين عن أنفسهم وذاتهم "عنفا مضادا"، فلتتذكر أيها الرفيق لعل الذكرى تنفع المرتدين. أما في الحاضر فان الرفيق يعلم جيدا بان القوى الإصلاحية هي التي شرعنت تواجد القوى الظلامية في حركة 20 فبراير . وبالتالي فكلما ابتعد الإنسان عن الماركسية كلما ارتمى في أحضان البرجوازية والرجعية وليس العكس أيها الرفيق، وبهدا فان أي زعيق حول تجديد الماركسية ومفاهيمها، ليس سوى هجوم رجعي عليها، شبيه بتنضيرات أصحاب نهاية التاريخ. أما بالنسبة لمقارنة الأحدات الحالية بما وقع في سنة 1967 و1989 فهدا ليس إلا شعوذة وسفسطة لا معنى لها، فكيف يمكن مقارنة ما يقع الآن بحدتين متناقضين أصلا، فالتاريخ الأول يؤرخ لبداية المد اليساري العربي والمغربي، أما الثاني فيدل على تراجع المد على المستوى العالمي ،وعن الانهيار الرسمي للاتحاد السوفياتي بعد الانهيار العملي ، و الذي كان محتما بعد سيطرة التحريفية على الحزب الشيوعي الروسي ، وسنتناول الحدتين معا بالتفصيل لكي نبين أين وصلت الخسة بالرفيق في قراءته التاريخية وفي تقييمه للحركة الماركسية اللينينية المغربية . يرى الرفيق بأن اليسار المغربي قد ظهر جزء منه في سنة 1967 ، ولكنه "ولد مضخما بالايدولوجيا التي جعلته يرى القوة في الخط الطبقي الصحيح في النظرية التورية السليمة " ، إن هدا القول يذكرنا بتاريخ الاشتراكية الديمقراطية في روسيا ، فهو لا يقوم إلا بإعادة حجج" الاقتصادية " و"أنصار حرية النقد" في مسألة النظرية والممارسة والتي فندها لينين في بداية القرن 20 ، ولا بأس من أن نعيد تفنيدها بالاعتماد على تراث الحركة الشيوعية العالمية والمغربية أيضا ، مادامت إسهاماتها لا تقل أهمية عن الأولى . يقول لينين "لا حركة تورية بدون نظرية تورية"2. وذلك لأن جدلية الممارسة والنظرية في الماركسية من الموضوعات الأساسية ، التي لا يمكن تجاوزها بل إن اختلاف الماركسية عن الفلسفة بشكل عام، و مادية القرن الثامن عشر بشكل خاص ، هو في كونها قد أعطت للفلسفة أي للنظرية مهمة التغيير بعدما كانت تقتصر فيما سبق على التفسير وفقط ، وهدا لا يمكنه أن يتحقق إلا انطلاقا من نظرية تورية سليمة ومن خط سياسي سليم "فلا يستطيع القيام بدور مناضل الطليعة إلا حزب يسترشد بنظرية الطليعة "3 . وبالتالي فبدون نظرية مرشدة للعمل ، لا يمكن تحقيق أي هدف من الأهداف التكتيكية فما بالك بالإستراتيجية، فليس بماركسي من يفصل بين النظرية والممارسة ، بين التكتيك والإستراتيجية ، ولقد وعت منظمة "إلى الأمام" هدا الأمر جيدا، لدلك نجدها تقول في احد أوراقها بأن"غياب الإستراتيجية التورية هي سمة مميزة للانتهازية اليمينية بينما وضع الإستراتيجية وغياب الخطط الفعلية والحلقات الوسطية لانجازها سمة مميزة للصبيانية اليسارية"4 . وهنا يظهر الانسجام النظري والسياسي في ممارسة "إلى الأمام"،هدا الانسجام الذي يجب على كل الماركسيين التشبث به والعمل على تطويره بدل التلويح- مند البداية كما يفعل الرفيق رضوان في مقاله- بالقطع مع تراثه ، عن طريق دعوته لعدم التشبث الأعمى بما قدمه "الأولون" أي بالتصور النظري والسياسي والبرنامجي للحركة الماركسية اللينينية المغربية ، والمشكلة الكبرى هي أن الرفيق يلوم في بداية مقاله، المناضلين الدين لم يقدموا نقدا لمقال البدوي، بدعوى تعاطفهم معه ولكنه يتعامل بنفس المنطق عند دفاعه عن اليسار السبعيني لأنه لا ينطلق من تصوره السياسي وبرنامجه النضالي - فهو يختلف معه - ولكن من تضحياته الجسام ، فما الفرق بين منطق التحليل هدا والمنطق الذي انتقده في بداية مقاله؟!، أليس كلاهما ينطلقان من التعاطف مع تجربة سياسية سواء كانت فردية أو جماعية ؟ ألم تدعوا أنت نفسك إلى عدم تغليب الجانب العاطفي عن السياسي ؟!. فإما أن نتبنى المنطلقات السياسية والنظرية لليسار السبعيني (منضمة إلى الأمام )، وإما ألا نتبناها، ففي الحالة الأولى يكون دفاعنا عنها من منطلق الموقف السياسي والبرنامج النضالي ، أما في الحالة الثانية فادا دافعنا عنها فمن منطلق تعاطفنا مع تضحياتها الجسام ؟ ومن هنا فان الدفاع عن منضمة " إلى الأمام" لن يستقيم من دون تبني منطلقاتها الفكرية والنظرية ، والتي تبعا لها تم صياغة برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ، المكتف للمهام الوطنية والتورية للطبقة العاملة المغربية ولحزبها الثوري، وهدا لا يعني إن ممارسة الجيل الأول من الماركسيين اللينينيين كانت منزهة من الأخطاء- وكما قال لينين- "فمن يمارس يخطئ ومن لا يمارس فدلك هو الخطأ بعينه" ، ولقد استطاعت "إلى الأمام" الوقوف على مجموعة من أخطائها،والعمل على تصحيحها ، بل إن نقد الطلبة القاعديين نفسه لمنزلقاتها لم يكن إلا تطويرا لنقدها الذاتي لممارستها، في مجموعة من أوراقها ومنشوراتها، ولكن سقوط المنضمة في مجموعة من الأخطاء لا يستلزم عدم تبني نفس منطلقاتها النظرية والسياسية والبرنامجية أيضا . وبالرجوع إلى صاحب المقال الأول رفيقنا المنفي، وانطلاقا مما سبق، يمكن القول أن النضال النضري والإيديولوجي، ضرورة لا غنى عنها في صراعنا الطبقي ضد النظام اللاوطني اللاديموقراطي اللاشعبي وضد الإصلاحية والتحريفية، فكيف سيتم وضعه في سكته الصحيحة ، ادا لم يتم وضع الإصلاحي في مكانه والتحريفي في مكانه والمرتد أيضا مثل الرفيق في مكانه؟. وفي هدا السياق يقول "ماو تسي تونغ" "يجب على الحزب السياسي، كي يقود الثورة إلى الظفر،أن يعتمد على صحة خطه السياسي وعلى صلابة تنظيمه ". إن الرفيق لعلى جهل كبير جدا بتراث الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وخاصة منضمة "إلى الإمام"، ودلك لاتهامها بما ليس فيها، فمتى رفضت الوحدة ؟ ألم تسعى جاهدة لتوحيد الحركة الماركسية اللينينية؟ سواء منها فصيل" لنخدم الشعب" أو الجناح اليساري لفصيل" 23مارس"، بل اكتر من دلك لقد طرحت مشروع الجبهة الموحدة ، وكانت مستعدة للتحالف مع جميع القوى الوطنية والتقدمية ، وفي هدا الصدد تقول إلى الأمام "إن رؤيتنا لبناء الجبهة التورية التي تجسد التحالف الثوري والوطني الواسع للطبقات والفصائل والعناصر الوطنية سيجعل من التنظيمات الجماهيرية التورية القاعدة الرئيسية لبناء الجبهة، بالإضافة إلى لقاءات الأطراف التورية ،وعلى أساس هده التنظيمات التورية الجماهيرية ، ولهدا فلقد اشرنا إلى أن لجان نضال الشعب أو اللجان التورية ستشكل وسيلة رئيسية في بناء الجبهة ... هده اللجان تعمل على تنظيم أوسع الجماهير، وفي مجموع الطبقات وبمساهمة كافة الفصائل الوطنية وتعبئتها في النضال الوطني الديمقراطي كتنظيم قاعدي للجبهة، وستشكل أيضا وسيلة لتمرين الجماهير على ممارسة السلطة التورية ضد أعداء الشعب"5. ولهدا فإلى الأمام لم ترفض الوحدة مع الفصائل الوطنية، وإنما رفضت شكل الوحدة التي يلوكها الرفيق في مقاله ويزعق لتحقيقها، لقد رفضت الوحدة بدون أساس وبدون برنامج أي الوحدة المهادنة، ودعت إلى تطبيق مبدأ الوحدة مع النقد أي الوحدة على أساس البرنامج السياسي، مع العمل على صيانته وتجديره باستمرار، ودلك عن طريق الصراع الإيديولوجي الايجابي ونقد التدبدبات، وميولات المساومة والإصلاحية، القائمة موضوعيا في صفوف حلفاء البروليتاريا والفلاحين الفقراء. وبعد هده المحاولة التي قام فيها رفيقنا المنفي بالافتراء على تاريخ الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وخاصة "منظمة إلى الأمام"، يرجع إلى التاريخ الثاني أي سنة 1989 ، فلنرجع معه ادن، ولنفند مزاعمه أيضا مدام مصرا على الشعوذة والافتراء. يقول الرفيق "في المقابل كان لأحدات 1989 وقع مختلف فقد ساهمت في الانتقال من يسار إيديولوجي إلى يسار اجتماعي وسياسي كما يدل على دلك اختفاء مقولات من قبيل ديكتاتورية البروليتاريا والحزب الطليعي الوحيد". أنضروا معي إلى مستوى الانحطاط الذي وصله هدا العلامة المنفي، فبعد أن ظن بأنه استطاع أن يثبت مقدماته الخاطئة، حول ظهور الحركة الماركسية اللينينية المغربية، ينتقل ليزغرد أيضا على غرار كتب نهاية التاريخ لسقوط جدار برلين، ولكنه من منطلق الدفاع الكاذب عن اليسار المغربي، كيف لا؟ وان انهيار الاتحاد السوفياتي –في نظره – قد شكل انتقالا من يسار إيديولوجي إلى يسار اجتماعي وسياسي ؟ إن الرفيق من جهة أولى لا يقدم تحديدا لهدا المفهوم الجديد/القديم الذي قدمه ، فمادا يعني به يا ترى ؟ هل يعني أن اليسار انتقل إلى تقديم المساعدات الاجتماعية للناس ؟ إلى المشاركة في صالونات البرجوازية ؟. لأنه لو كان يعني به النضال عن المطالب الاجتماعية، والحريات السياسية والنقابية، فان معارك الجماهير الشعبية بقيادة اليسار سواء في سنوات السبعينات أو الثمانينات كفيلة بإظهار افتراءه وكدبه. أما من جهة ثانية فان الرفيق يؤكد جهله بالحركة الماركسية اللينينية المغربية ، التي نمت وتطورت بعيدا عن التحريفية السوفياتية التي اغتصبت السلطة بعد وفاة ستالين وفي هدا السياق تقول "إلى الأمام" في أرضيتها التأسيسية "إن ترعرع الثورة العالمية والثورة العربية وتصفية التحريفية داخل صفوف الثورة العربية وفي القطاعات الأساسية للثورة العالمية سيمكن في المدى المتوسط من عزل تم تصفية الكمشة التحريفية التي تقود الاتحاد السوفياتي كي يحل محلها –على رأس وطن الاشتراكية الأول- قيادة تورية ترفع من جديد راية لينين وستالين راية الأممية البروليتارية والثورة العالمية"6. ادن فانهيار الاتحاد السوفياتي لم يؤثر على اليسار المغربي لأنه قطع مع تحريفيته مند ظهوره ، متبنيا بدلك خط " ماوتسي تونغ" وأفكار الثورة الثقافية الصينية كمرشد للعمل. ادن فلماذا هدا الزعيق كله حول الانتقال من يسار إيديولوجي إلى يسار اجتماعي وسياسي؟ إن هدف الرفيق هو أن يبين أن هدا الانتقال ساهم في اختفاء مقولات ماركسية مثل ديكتاتورية البروليتاريا والحزب الطليعي، وللمرة التالتة يؤكد جهله بالحركة الشيوعية المغربية ، فمتى تخلى الماركسيين عن هده الثوابت الماركسية ؟ الواضح أن الرفيق لايتحدت عن الماركسيين بل عن خدام البرجوازية من امتاله ، ونحن مضطرون هنا إلى إعادة استشهاد الرفيق رضوان برسالة "ماركس" إلى" فيديماير" والتي يقول فيها "إن الجديد الذي أعطيته يتلخص في إقامة البرهان على ما يأتي 1-أن وجود الطبقات لا يقترن إلا بمراحل تاريخية معينة من تطور الإنتاج،2-أن النضال الطبقي يفضي بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا ،3-أن هده الديكتاتورية نفسها لا تعني غير الانتقال إلى القضاء على كل الطبقات والى المجتمع الخالي من الطبقات"7، إن الإيمان بهده الحقائق العلمية مع إضافة إسهامات لينين حول الحزب الثوري، كضرورة لاغني عنها للانتقال إلى ديكتاتورية البروليتاريا ، هي التي تميز مبدئيا بين الماركسي من جهة والإصلاحي والتحريفي من جهة ثانية . إن قول الرفيق هنا يذكرنا بأفكار كاو تسكي، في كتابه "ديكتاتورية البروليتاريا" التي فندها لينين، فهو أيضا يأخد من الماركسية "ما هو مقبول عند الليبراليين،عند البرجوازية(انتقاد القرون الوسطى ،الدور التاريخي التقدمي للرأسمالية بوجه عام والديمقراطية الرأسمالية بوجه خاص )،وينبذ من الماركسية ما هو غير مقبول عند البرجوازية ويلزم الصمت حوله ، ويطمسه(عنف البروليتاريا الثوري ضد البرجوازية ، من اجل القضاء على البرجوازية)"8. وبعد هدا الهجوم الرجعي على الماركسية من طرف هدا العلامة المرتد يصل - وهو مشكور على صراحته- إلى الفكرة التي كان عليه قولها بدون لف ودوران أي إلى" بيت القصيد" كما سماه هو، والمتمثل في أن مقولتي "الإصلاح والثورة" لا يشكلان إشكالية اللحظة التاريخية الراهنة ، لأنهما في نضره مرتبطان بالفهم اللينيني الذي تم تجاوزه !؟ فأي حماقة هده؟ هل نسي الرفيق أن اللينينية تشكل مرحلة ثانية في الماركسية بحيث "يستحيل فصل الماركسية عن اللينينية كما يستحيل فصل الكونية عن حركة تميزها أي عن حركة تحققها في وجودها الفعلي"9. إن الميولات الإصلاحية تظهر موضوعيا في صفوف أحزاب البرجوازية الصغيرة، و ادا لم يتم النضال ضدها فبإمكانها أن تأثر سلبا على الصراع الطبقي بشلها لحركته وهي موجودة" في جميع البلدان لان البرجوازية تحاول في كل مكان أن تفسد العمال بنحو أو آخر، وان تجعل منهم عبيدا راضين بعبوديتهم ويرفضون فكرة القضاء عليها"10. إن الرفيق لم يجد حلا لمسألة التحالف والوحدة سوى نسف الماركسية، وهدا ما يجعل طرحه للمشكلة طرحا خاطئا مند البداية ، لان السؤال الذي كان يجب عليه أن يطرح، هو كيف سيتم الوحدة بين الضدين (الإصلاحيين والثوريين)؟ وما هي شروط هده الوحدة ؟ يجيب "الرفيق ماوتسي تونغ" على هدا السؤال بقوله "إن اتحاد الضدين مشروط ونسبي بينما الصراع بين ضدين متعارضين مطلق"11، أي إن الوحدة التي يجب أن يتبناها الماركسيين تقوم على مبدأ الوحدة مع النقد ، والتي لخصها ماوتسي تونغ، في مقولة "وحدة – نقد – وحدة" ، وهي وحدة غير قائمة على تحييد الصراع ولا على - كما يرى الرفيق رضوان – "الحفاظ على الاختلاف في إطار الوحدة "مادام أن هدا الصراع قائم موضوعيا بين أطراف الوحدة ، وبهدا الفهم ستنتفي مقولته التي ترى ضرورة التخلي عن الهيمنة المدانة التي تؤدي إلى "تغييب تام وإقصاء لآراء الآخر على قاعدة "وحدة – نقد – وحدة ". ودلك لأنه لا وحدة حقيقية بدون نقد التدبدبات ، وبدون الصراع ضد البرامج الإصلاحية للأحزاب اليسارية، الهادف إلى تثبيت البرنامج الثوري وبناء أدوات تصريفه والمتمثلة أساسا في اللجان الشعبية القاعدية. فالصراع الطبقي ليس مائدة مستديرة تجتمع حولها فصائل الحركة، في جو مسالم وهادئ، يتم من خلاله عدم إقصاء آراء الآخر، لان هدا سيترتب عنه أيضا في حالة تطور الحركة الجماهيرية عدم إقصاء آراء أصحاب" الملكية البرلمانية ". إن السبب الذي جعل الرفيق يفسر" وحدة – نقد –وحدة" بتلك الطريقة التوافقية ، هو انطلاقه من كونه يشكل حلقة ضعيفة في حركة 20 فبراير، ولهدا فهو يصرخ في وجه يساريينا، بان عليكم ألا تقصوا الآراء التي لا تتفق مع "الملكية البرلمانية"، ومن بينها رأي الرفيق من طبيعة الحال.. فيا ليت يسارنا يصغي لمطلبك الفوق- طبيعي هدا؟ا. إن الرفيق نسي أن الحركة تستبغ دائما بهوية قيادتها فادا كانت هناك قيادة تورية للحركة، فهل ستنظر يا ترى إلى الوراء لتقول هلم يساريينا لكي لا نقصي أرائكم ؟ أم انك ستتقدم بخطى ثابتة نحو تحقيق برنامجها ؟. وبالرجوع إلى الرفيق البدوي، الذي على ما يبدوا فرح كثيرا باكتشافه العظيم - والدي لايظاهيه إلا اكتشاف العلماء الدين أكدوا أن هناك جزيئا يسير بسرعة الضوء متجاوزين بدلك نظرية اينشتاين- والمتمثل في كون أزمة اليسار "أزمة نمو". فبربك أيها الرفيق، كيف يمكن تجاوز هده الأزمة بدون حزب توري قادر على تأ طير نضالات الطبقة العاملة والفلاحين وعموم الكادحين ؟ أليس غيابه هو ما يجعل الحركة الجماهيرية مشتتة وضعيفة ؟. ادن فأزمة حركتنا هي أزمة بديلها الثوري ،ولهدا احتلت مسالة بنائه حيزا مهما في عمل الشيوعيين والشيوعيات في المغرب، فمند اليسار السبعيني ونقاشه لازال قائما، حتى إن القاعديين – باعتبارهم امتدادا نوعيا وبرنامجيا للحركة الماركسية اللينينية - يعرفون أنفسهم بأنهم شبيبة تورية لحزب توري لم يولد بعد، أي لحزب لازال في إطار المراكمة له، وهدا الأمر يعرفه الرفيق البدوي جيدا ومع دلك يفتري على اليسار المغربي بقوله انه قد تخلى عن مشروع بناءه للحزب الثوري . ولقد نتج عن تخلي الرفيق عن هدين المقولتين الأساسيتين في الماركسية، فهما مشوها للثورة، حل فيه "المنطق الانتخابي" أو" الاقتراع العام" محل ديكتاتورية البروليتاريا، وفي هدا السياق يقول لينين داحضا الديمقراطية البرجوازية ،"إن حق الانتخاب العام يعطي أحيانا برلمانات ذات طابع برجوازي صغير، وأحيانا برلمانات رجعية ومضادة للثورة "12،ولهدا فلن نستغرب إن صعدت القوى الرجعية المعادية للثورة، وحصلت على "أغلبية الأصوات" في البرلمان، وهدا في حالة وجود "جمعية تأسيسية" وانتخابات "ديمقراطية " ، أما في حالة المجتمع المغربي فهده القوى، ليست سوى بيدق في يد النظام القائم بالمغرب، الذي أراد أن يلمع بها صورته ويمتص غضب الجماهير الشعبية التي عجز اليسار عن تأطيرها والوصول إليها والتي لا زالت تنطوي عليها حيلة الإسلاميين الناتجة عن التشهير الإعلامي للنموذج التركي، ولحركات الإسلام السياسي في المجتمعات التي أسقطت رموز أنظمتها . إن الثورة عمل منضم ومسلح تمارس فيه الطبقة المحرومة من وسائل الإنتاج والمظلومة ، بقيادة حزبها الثوري عنفها الثوري ضد الطبقة الظالمة ومتى انتفى شرط ديكتاتورية البروليتاريا لا يمكن الحديث عن ثورة اجتماعية ، وإنما عن استبدال لرموز الحكم أو استبدال طبقي في أحسن الأحوال عندما تصل أحزاب البرجوازية الصغيرة إلى السلطة ، وبالتالي فطبيعي أن يستنتج الرفيق - مادام ينطلق من مقدمة خاطئة تعتبر أن ما وقع في شمال إفريقيا ثورات- نتيجة خاطئة ترى انه يمكن للثورة أن تنتج اقل من الإصلاح!؟. وبالتالي فان تجاوز أزمة الحركة الجماهيرية، والدفع بحركة 20 فبراير إلى الأمام، لن يتحقق بخلق ما سماه الرفيق " بأغلبية تقدمية اجتماعية" ذات برنامج اقل ما يمكن القول عليه انه لا يرقى حتى لمستوى المهام الوطنية و الديمقراطية للطبقة العامة - فما بالك بالمهام التورية - ويحافظ على شكل الحكم الرجعي، مادامت أن أغلب هده القوى التي يسميها الرفيق "بالتقدمية" لا يتجاوز أفقها "الملكية البرلمانية"، وإنما عن طريق تكوين جبهة تورية متحدة، ترتكز في برنامجها على بندين أساسيين مسألة السلطة ومسألة العنف الثوري، للإطاحة بالنظام القائم تضم جميع الطبقات الوطنية والفصائل التورية، التي لها مصلحة في الإطاحة به، ولا يمكن القيام بهدا العمل في واقع تغيب فيه القيادة السياسية للطبقة العاملة، لهدا يجب تكتيف الجهود من اجل إنضاج الشروط الذاتية لانبثاق هده القيادة التي تعتبر شرط أساسي لانتصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية،بالإضافة إلى تحالف العمال والفلاحين المعدمين. وربما يعترض علينا احد القراء قائلا ادا ما العمل الآن في ضل غياب الحزب ؟ هل سننتظر حتى تنضج شروط انبثاقه؟وكيف سيتم إنضاج هده الشروط؟. أكيد أننا لن ننتظر شروط انبثاقه لكي نناضل، لان مهمتنا في المرحلة الراهنة هي إنضاج هده الشروط ، ودلك عن طريق التقاط واستيعاب كافة التناقضات في صفوف النظام القائم، من اجل عزله لأقصى حد وصياغة الخطط والشعارات السياسية، والأشكال التنظيمية القادرة على تطوير الحركة، مع الانخراط الفعال فيها والعمل باستمرار على تهييئ شروط المواجهة الطبقية الشاملة ، التي تتطلب على المستوى العملي تحريض وتشهير واسع في صفوف جميع الفئات والطبقات الشعبية ، وتستوجب على المستوى التنظيمي فرز الأداة السياسية للطبقة العاملة والتي ستمكن جميع الطبقات والفئات الشعبية من أخد موقعها في المواجهة بشكل تابت و منضم ، وأكيد جدا أن هدا العمل سيؤدي إلى التقاء موضوعي في بعض القطاعات الجماهيرية مع القوى الاصطلاحية ، ولهدا فان أي التقاء معها يجب أن يلتزم بوصية "ماركس" التي يقول فيها "ادا كانت هناك من حاجة إلى الاتحاد فاعقدوا معاهدات بغية بلوغ أهداف عملية تقتضيها الحركة، ولكن إياكم والمساومة بالمبادئ إياكم والتنازل النظري"13. وفي الأخير، فإن هده الحيل والمغالطات ومحاولة التزييف والغش، التي قام بها هدا الرفيق المرتد،وهدا العلامة المنفي، تريد أن تطمس هوية الثورة المغربية القادمة كثورة يمارس فيها العمال والفلاحين وعموم الكادحين عنفهم الثوري وديكتاتوريتهم على البرجوازية الكومبرادورية، ولهدا فهو ينتقل بعد هدا المقال وأفكاره الانتهازية، رسميا إلى صف البرجوازية مشكلا بدلك نهاية الانتهازية التي طغت على ممارسة جيل بأكمله باستثناء الأوفياء لدماء شهدائهم.
حـســام عــزيـز فـي 2012-01-15
الــمــــراجـــع
*بعد غيبة طويلة للرفيق حماد البدوي اطل علينا مقاله (من اجل تأسيس قطب ديمقراطي تقدمي) ، وهو محمل بكل أنواع التحريفية وتلا وين الانتهازية ، ولم نطلع عليه إلا بعد كتابة الرفيق رضوان لقراءته النقدية فيه، لهدا جاء هدا المقال ردا على الرفيق الأول، وتفاعلا مع الرفيق الثاني. 1- لينين،الماركسية والتحريفية. 2-لينين، ما العمل، دار التقدم موسكو، ص 26 3-لينين،نفس المرجع،ص 27 4-إلى الأمام،من اجل بناء خط ماركسي لينيني لحزب البروليتاريا المغربي. 5-إلى الأمام،نفس المرجع. 6-إلى الأمام،سقطت الأقنعة فلنفتح الطريق الثوري. 7-رسالة ماركس إلى فيديماير،ماركس-انجلز مختارات،الجزء الرابع،دار التقدم موسكو،ص 149. 8-لينين، الثورة البروليتاريا والمرتد كاو تسكي ،مختارات،المجلد التالت،دارا لتقدم موسكو،ص 98 9-مهدي عامل، مقدمات نظرية، ص 179. 10-لينين الماركسية والإصلاحية. 11-ماوتسي تونغ،أربع مقالات فلسفية-في التناقض- ص 70 12-لينين، الثورة البروليتاريا والمرتد كاو تسكي، نفس المرجع،ص 129. 13-لينين، ما العمل، ص 25.
#رفيق_بنعيسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حاول تثبيتها فسقطت منه في البحر.. شاهد ما التقطته كاميرا تحت
...
-
علماء يكتشفون سببًا محتملًا لإعادة بناء نصب -ستونهنج- قبل آل
...
-
أحبّها بعمق.. قد يصدمك ما فعله رجل ليبقى بقرب حبيبته
-
فيديو يظهر محاولة اقتحام سجن مكسيكي بعد أعمال شغب دامية.. شا
...
-
-العنف الطائفي بعد الإطاحة بنظام الأسد أقل حدة مما كان متوقع
...
-
آلاف السوريين يحتشدون في ساحة الأمويين في الجمعة الثانية بعد
...
-
إل ألتو البوليفية: -المنازل الانتحارية- مهددة بالانهيار والس
...
-
فنلندا تجدد رفضها فتح الحدود مع روسيا
-
ليبيا.. ضبط شبكة نشطت في تصنيع وبيع الخمور المغشوشة في بنغاز
...
-
مصر تدين اعتداء الدهس في ألمانيا وتؤكد رفضها كل أشكال الإرها
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|