|
قصائد مُهْمَلة
صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 3608 - 2012 / 1 / 15 - 13:32
المحور:
الادب والفن
*** 1ـ مُلازَمة أُولى *** لم تأتِ الحافلةُ مضى مِن العمرِ دهرٌ ضوئيٌّ وأنا في انتظارِ الحافلةِ التي لن تأتيَ إذاً تسلَّ بجدولِ المواعيدِ ما شئتَ اعبثْ بها ما شئتَ خاطبْها إنْ شئتَ فجدولُ المواعيدِ لا ينطقُ عن الهوى الحافلةُ لن تأتيَ هل تتأخّرُ ؟ لا ، لا أظنُّ أنها لن تأتيَ مضى مِن العمرِ ثلاثةُ أرباعِهِ انتظاراً ولم تأتِ الحافلةُ فلتأنسْ بلوحةِ المواعيدِ المصلوبةِ في الموقفِ ما شئتَ فالحافلةُ لن تأتيَ
16 ـ 9 ـ 2011 برلين *** 2 ـ الخروج من نينوى *** نينوى وفي وسطِ الرِّيحِ أطفالٌ يلهون بضعُ عباءاتٍ ـ لنسوةٍ ضامراتٍ يتوغلْنَ في نضوجِ حقلٍ للقمحِ الشهوانيِّ ـ تبدو فارغةً مِن أجسادِ ملائكةٍ دقَّ في عظمِها الفقرُ وتداً فارعاً . نينوى في الصوتِ اقتربي في الصدى ابتعدي فأنا أنزلُ مِن هامِ الموتِ إلى رأسِ جبلٍ احتزّتْهُ شجونُ الأعوامِ وتدحرجَ إلى أسفلِ سفحٍ تاخمَ قريةً في سنجار ونينوى زمنٌ متوهّجٌ وصمةُ عارٍ في جبينِ التاريخِ المتداخلِ نينوى شجرٌ منقرضٌ هنا استيقظ الإمبراطورُ الآشوريُّ أسرحدّون في ليلتِهِ الأخيرةِ على فخذِ جاريةٍ اغتلمتْ وغادرتْ الفراشَ ـ المُترعَ بشهيقِ الشهوةِ ـ إلى مخدعِ عبدٍ مُزهرٍ مِن عبيدِ القصرِ . كان الملكُ قد أراحَ جسدَهُ الملكيَّ في حلمٍ مُدهشٍ واستراحتْ روحُهُ للمرّةِ الأخيرةِ نينوى حافلتي تنطلقُ وهي على عجالةٍ مِن أمرِها لا تُبصرُ مفرزةً للعساكرِ على الطريقِ ولا يصدُّها جدارٌ في حدودِ المدينةِ حافلتي تحملُ صورةً للامبراطورِ المُندحرِ في السريرِ تميمةَ دهرٍ أرادوها فيما نينوى في غاباتِ اللوزِ تغيبُ فيما نينوى بين أشجارِ التوتِ البرّيِّ تتنزّهُ يُرشدُها الطيرُ إلى منابع سحرِها وترتدُّ على أزمانِ اكتشافِها حافلتي تتأبطُ زمناً غادراً خؤوناً تجهشُ بأسماءِ ملوكٍ لم تعُد في محفلٍ تترددُ فلا تخجلي يا جوهرةَ التاريخِ وادخُلي بهذهِ البُردةِ الأُسطوريةِ ثم اكتحلي لأجلِ ليلةٍ عاصفةٍ فهنا جارياتُ المُلكِ يزددنَ عند المغيبِ شروقاً ويأفلْنَ نجوماً أمام الشروقِ المُباغتِ يرقصْنَ كأنَّ الدُّنيا على الرّقصِ ما علّمتْ غيرَهُنَّ أشرقي الليلةَ فنحن لفسقِ الإمارةِ كارهون وللقصورِ تاركون نينوى يا للمتاهةِ ! وحافلتي تسترشدُ بصوتٍ يأتي مِن أعماقِ التاريخِ وأحياناً بصيحاتِ المدى تضيعُ نينوى عثرةٌ قتلتْ فرسَ الإمبراطور وبات فارساً بلا أفراسِ هذا الملكُ المُتمترسُ وراءَ تلالِ الليلِ يسوقُ قطعانَ النّجمِ بعصا الرّاعي ويُغنّي أغاني الغجرِ. حافلتي تهتزُّ أنا القادمُ مِن آكادِ ـ بنشقةٍ مِن رحيقِ الطلعِ ورائحةِ زَبدٍ بحريٍّ سرمديٍّ ـ مُترعةٌ كأسي لهذا الليلِ ونينوى تنأى وتنأى العساكرُ و" العُصاةُ وأنفارُ المُخَرِبيْن " نينوى تنأى وتنأى غاباتُ البلُّوطِ والصخرُ الغادرُ والمنزلقاتُ وتنأى عرباتُ المُلكِ والتاجُ الإمبراطوريُّ والجواري والغلمانُ وحاشيةُ القصورِ ورائحةٌ مِن آكادَ تتقدّمُ نحوي وتتقدّمُ الدِّيارُ ويأتي الشجرُ المؤنسنُ والأطيارُ ويأتي البحرُ والسفائنُ تتقدّمُ وأنغامُ الغجرِ نينوى ثانيةً ابتعدي حافلتي تمضي وعنّي تنأى المفارزُ والعساكرُ وفرقُ الإعدام وتنأى الجبالُ وميراثُها المُتجَهِّمُ وآكاد تُقبلُ ويُقبلُ طيبُ نسيمِ باديةٍ كان صبا وريحُ صحراء تُقبلُ الساعةَ نينوى لا صبيةَ وسط الرّيحِ يلهون ولا عباءات توغلُ في الحقولِ فابتعدي
4 ـ 9 ـ 2011 برلين
*** 3 ـ كأس الفجاءة *** بِلا موعدٍ ما أجملَ أنْ تأتيَ امرأةٌ ! مصادفةً تأتي صادمةً للرؤيةِ تأتي مُلتفةً بشالِ اللهفةِ ما أجملَ أنْ تدخلَ مِن بواباتِ الشوقِ وتسجعَ ! مثلَ حمامةٍ أضنتْها الأسفارُ تسجعُ : أنا هنا في انتظارِكَ مُذ سقى دمعُ العيونِ جسدَ المسافةِ مُذْ انفلقتْ في السماءِ غيمةٌ وتناثرتْ فوقَ رؤوسِنا قطرةً قطرة مذ نضتْ ثيابَها ـ حتى تغتسلَ بالطلِّ ـ نجمةٌ وبها ألقتْ إلينا قطعةً قطعة ما أجملَ أنْ تدهمَكَ امرأةٌ وتعبثَ في موازينكَ ! امرأةٌ ما عودتني على المجيءِ بلا موعدٍ هي سيدةُ السّخاءِ الدنيويّ وهي التي بهبوبِها سحرتْني فما أعطرَ أنفاسَها وما أنْدى نسيمَها وما أشْهى البرقَ في عينيها ! تلك التي ألغتْ المواعيدَ وعاقرتْ كأسَ الفجاءةِ كأنها الملاذُ الأخيرُ هي الملاذُ الأخيرُ
17 ـ 8 ـ 2011 برلين *** 4 ـ حَيْرَة مُلتاع *** على بابِ بلادٍ وقفتُ أُغوي الشموسَ إلى مخدعي وأُقطِّرُ مِن فيضِ مبسمِها في كأسِ هيامي شربةَ شوقٍ ورشفةً مِن ماءِ حنين أُنادي : يا بلادي التي فرّقتْ على البلدانِ جسدي هذا نخبُ اللقاءِ الأخير يا بلادَ الفتنةِ أنا عاشقُكِ الأبديُّ إلى حُجْرتي التي زرعْتُها في العراءِ اُدخلُ شمساً ربما كانت تتسكعُ في كسلٍ على مشارفِ الصباحِ على ضفّةِ بحرِ أحزاني أُجلِسُها وأدعوها بكلِّ الرّغبةِ إلى طاولتي : نادميني أنا الباحثُ في المحطّاتِ عن زمنٍ ضاعَ كي أُعيدَهُ إليَّ أو يُعيدَني إليهِ وقفتُ أنا العاشق على أبوابِ الضّياعِ أُغنّي لشموسٍ زهدتْ باللقاء
13 ـ 9 ـ 2011 برلين
***
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقد رَحَلَ البنّاءُ .. أيُّها البرديُّ فارحلْ
-
بلادي التي ما أحببتها
-
بوح المسافر للسفر
-
على مشارف الستين
-
لم نرَ المأتى
-
ليل الشبيبي
-
أربع قصائد
-
اللوثة .. كتابة نص
-
حَيْرَة الآلهة
-
ميلونا
-
الإيقاع والصورة الشعرية المُشوّهة
-
مثلث سراقينيا
-
ما قبل اللذّة .. الجزء الثاني - شيوعيون ولكن .. -
-
ما قبل اللذّة .. الجزء الأول - شيوعيون ولكن .. -
-
الاحتفاء بزمن الانطولوجيا
-
نثرتُ الهديلَ
-
خذوا أشياءكم
-
نصوص للسيد الدكتاتور
-
برلين مدينة الكراهية
-
في مكان ما
المزيد.....
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|