|
عثمان سعدي ورأس السنة الأمازيغية .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 3607 - 2012 / 1 / 14 - 19:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
بعض الأقلام الكاذبة و الأفواه الشارهة همها الأكبر تثبيط العزائم وهدم الإنية المحلية لتذويبها قسرا في أديولوجية عروبية وافدة بفعل الإسلام والثقافة . *نشر ت يومية ( وقت الجزائر ) في عددها 888 الصادر بتاريخ 14 جانفي الموافق ل 3 يناير عام 2962 مقالا مطولا للدكتور عثمان سعدي بعنوان : أكاذيب حول ما يسمى بالسنة الأمازيغية ، الرابط : http://www.wakteldjazair.com/index.php?id_rubrique=313&id_article=30566 فالجاهل لشخص الرجل وتكوينه الإديولوجي قد يُفتتن بقوله القاريء العادي ، غير أن المثقف الواعي الناظر لسجله في النفاق السياسي والدعوة للإديولوجية العربية في السر والعلن عبر مقالات مفخخة تخفي سما في الدسم ، من خلال ما قرأناه له في تزيفاته حول ما ذكره عن تمثال ديهيا المنصوب في بغاي ، وأخرى مثيلات لها .... همها الأكبر تذويب عنصر الأمازيغ تذويبا في الجنس العربي بدون أي دواعي قيمية لذلك لا عقديا ولا حضاريا . فالمقال لو اقتصر على الجانب المعرفي التاريخي والحضاري للمكان لكان جميلا وقيميا يخدم الإنية المحلية ، غير أنه ذو نزوع شوفيني همه الأكبر هو تذويب الإنية المغاربية في وعاء مشرقي أسماه عربيا ، أي أنه هادف إلى جعل ( العرب ) قرص وهاج تدور حوله جميع الأقوام الأخرى غير العربية ، وهذا أمر فنده العلم الحديث ، فرغم التداخل الحضاري بين المشرق والمغرب إلا أن هناك نزوعا نحو التميز ، بدا واضحا منذ عهد الفنيقيين ، حيث عُرفنا بالبونيق لوجود تمايز بين ما هو فينيقي وما هو بونيقي [1] ،وقد سعى الرومان إلى رومنتنا بنفس الطريقة التي يستعملها القوميون العرب من أمثال ( صاحب المقال) ، وسلك الوافدون نفس السبيل بما فيهم الفرنسيون الملاعين عبر ما يعرف بقانون التجنيس والإدماج والقول ( بالجزائر الفرنسية )وأدرك ابن حزم الأندلسي مكمن الداء مبكرا بقوله : أنا الشمس في جو العلوم منيرة **** ولكن عيبي أن مطلعي الغرب , فعيبنا أننا أمازيغ مغاربة ، حاوبنا الصدع بهويتنا وبقيمنا المتميزة بين الأقوام الأخرى فرمينا بشنيع الأوصاف وقبيح الكلام . •المصادر التي بإمكانها إضاءة الحدث شحيحة ، وإن وُجد بعضها فهي قد قيلت على لسان الخصوم ، وبعضُها لون تبعا لميولات القائلين لها ، بعيدا عن رأي المنصفين من الأمازيغ ، والذين لا أ شك في أن تكون قراءتهم للحدث بعين محلية بعيد عن الأدلجات المشرقية والغربية المغرضة على حد سواء، و التي تسعى دائما إلى جعلنا أذيالا لغيرنا ، وصب جهد أجدادنا في ينبوع غيرهم ، فمراجع دكتورنا ليست من الكفاية لتكذيب أو ترجيح حقائق كنا نجهلها لأزمان سحيقة بفعل الطمس والتشويه لكل ما هو مغاربي أصيل، فلا تتعجل علينا يا دكتور فقد يأتيك بالأخبار بما لم تزود ؟!، وقد تظهر حقائق جديدة بفعل النبش في المصادر وبطريقة أكاديمية ، بعيدا عن الزيف المؤدلج عن تلك الحقب الغامضة من تاريخنا القديم . ** أما يتعلق بمظاهر الإبتهاج والإحتفال بحلول ( غرة يناير ) ، فلا يمكن تكذيب عوام الناس بما رصدوه في تنوع مظاهر الإحتفال ، حتى الفرنسيين منهم، ولماذا هذا السعي إلى تذويب رموزنا بجعلها مستلحقات لعرب المشرق ، فإذا كان المصريون يلزمون حكامهم الأجانب الإندماج في مجتمعهم المحلي كما أشرتم، فلذلك ذابت قبائل ( المشواش) في نسيجهم البشري، كما ذابت بعدها جحافل جيش المعز (الكتامية ) الأمازيغية وجحافل قبائل ( لواتة وهوارة ) في صعيد مصر ووجهها القبلي ضمن الشعب المصري ، فلماذا لا ينطبق نفس المنطق على كل الوافدين على بلاد (شمال افريقيا ) منذ الفنيقيين إلى الفرنسيين ، مرورا بالعرب الذين وفدوا باسم الإسلام في القرن السابع الميلادي وهجرات قبائل سليم وهلال وملحقاتهما خلال منتصف القرن الخامس الهجري .بمذهب قرمطي باطني غير مذهبنا، فما يفعله عثمان من استلحاقنا بالقحطانية حينا ، والعدنانية أخرى اعتمد فيه على مصدر فرنسي كثيرا ما انتقده ( المجلة الإفريقية) في عددها 49 ، فلو عرج قليلا على العدد 14 قبله لسنة 1870 ص 79 ، لوجد على سبيل المثال لا الحصر مقالا هو عبارة عن رسالة موجهة إلى عضو الأكاديمية الفرنسية القديمة السيد ( m / renen) مؤرخة في 1869 فيها تأكيدات على أن الكتابة الأمازيغية ( الليبية النوميدية ) قائمة بذاتها ولا علاقة بالكتابة الفنيقية المشرقية ، وأعتقدَ (هو) بأنها قريبة من لغة الميديين (MIDI) وهو ما يبين أن الإديولوجيات الوافدة إلينا تسعى غالبا إلى اجتثاث أصولنا وهويتنا، ونسبُ كل فعل محلي لهم ، فأصبحنا معشر الأمازيغ أكلات سائغة للمؤدلجين المشارقة والمتماهين معهم مثل كاتب المقال ، أو المتغربين الذين حاولوا جرنا لقوميات غير قوميتنا ، تبعا للمصالح التي ينشدونها ، فنحن في حقيقة الأمر ( شمال افريقيون ) خلق أجدادنا الأوائل في هذه البلاد ولم يأتوها لا من حمير، ولا من أوروبا ، كل ما في أمر حمية هؤلاء هو محاولات لتزييف حقائق التاريخ تبعا لميولات الأقليات الوافدة التي تريد استلحاق البلاد والعباد لنزوع اديولوجي آثم ، تبعا للأقوام التي خضعنا لها ، فتدرجنا من الفينقة إلى الرومنة إلى العربنة والتتريك ، ثم أُدمجنا قسرا ضمن ما يُعرف بالهوية الفرنسية ، وسميت بلادنا ردحا من الزمن ( الجزائر الفرنسية ) يثبت أن الوافدين مهما كانوا ، ملتهم واحدة تغليب الوافد الداخل على المحلي الأصيل . ** الأمازيغ ليسوا قحطانيين يا سادة ؟. المرتكز الأساس الذي اعتمد عليه العروبيون في اثبات نزوعهم القومجي في شمال افريقيا ، هو الإعتماد على مرويات تضمنتها كتب التراث تشير إلى وجدود هجرة سامية قديمة باتجاه بلاد الأمازيغ تعرف بهجرة (افريقش بن صيفي ) ، وتدَاوُلُ هذا الأسطورة من لدن المؤرخين حولها إلى حقيقة مطلقة ، غير أن ابن خلدون وابن حزم كذباها وعداها من نفاق مؤرخي اليمن [2]كما أن الأبحاث الجينية الحديثة أثبتت أن جين الأمازيغ (E1b1b1b. ) ليس ذاته هو جين العرب (J1 . J2.) وهو ما يعني أن اللون اللساني غير صادق في إطلاقته علينا ( مغرب عربي ) فنحن في حقيقة العلم أمازيغ ناطقون بالعربية . ***عروبية مفرطة في تناول الحدث : فصاحب المقال أبرز توجهه وخطه الإديولوجي بوضوح في سلسلة مقالاته السابقة ، فهو قد رضع من ألبان القومية العربية في بغداد ، وارتزق كثيرا من أموال بترو دولار ليبيا غدقا من عميد الحكام العرب وصاحب نظرية ( بر / بر ) ، ولا أعتقد بأن ثقافته التاريخية والمعجمية حجبت عنه حقائق (أمازيغية الأمازيغ) ، غير أن مؤرخي البلاطات مشهورون بتلوين التاريخ لصالح القوي دائما ، فالتاريخ غالبا يكتبه القوي المنتصر ، وأجدادنا كانوا في وضع سلبي ....، فهم يؤدون جلائل الأعمال إلا أنهم حريصون على كتم خبرها أو أنها تنسب للوافد المحتل صاحب السلطة وصاحب اللسان ، ومن هنا أرى بأن اللغة الأصلية لأي قوم هي بطاقة إنيته وضمان وجوده ، لأن التماهي مع لغات وافدة معناه قتل حتمي لهوية البلاد الأصلية . فوجود سنة أمازيغية من عدمها سيترك للباحثين الأكاديميين وليس للمؤدلجين ، واحتفالات ( بني سنوس ) هي نموذج عن احتفال وطقوس مؤداة في كامل بلاد الأمازيغ من النيل إلى بحر الظلمات ، وطبيعي أن يتفاعل ويتأثر العرب المسلمون بإخوانهم الأمازيغ في الإحتفال بهذه المناسبة ذات العلاقة القوية بالطبيعة والفلاحة .
.ما تغافل عنه كاتب المقال ، إهمال ذكر غزوات المشواش الأمازيغ لبلاد الشام وإسقاطهم لمملكة اليهود وإخضاعها القسري للفرعونية المصرية ، وهو ما عجز العرب جميعهم ( عربهم وستعربهم)عن فعله اليوم ضد يهود بني اسرائيل ؟
**مصطلحات عنصرية لاتُقبل من لدن مثقف بريء؟ فصياغته لمصطلح ( المغرب العربي) في مقاله يعني طمس هوية بلادنا الأصلية ، ويعني ذوبان لأمازيغ بن كنعان في أرومة عرب قحطان وعدنان ، وهذا أمر لا يستقيم باعتبار أن الوافد العربي هو المطالب بالذوبان في الجنس المحلي ، كما أن اللغة العربية والدين لا يمكنهما تلوين دمائنا بجعلها عربية وعاربة ؟ فالوطن الذي يسمى تجاوزا بالوطن العربي ما هو سوى عالم إسلامي مترامي الحدود ، ترابطهُ عقدي إيماني أكثر منه سلالي ، والنبي محمد جاء برسالة الإسلام وليس برسالة العروبة ، وديننا في جوهرة ملغ للتبني والإستلحاق ، فوطن العروبة هي بلاد شبه جزيرة العرب وتخومها ، والفنيقيون كنعانيون والسومريون وا لأكاديون والعيلاميون والبابليون والأشوريون والأكراد ليسوا عربا بقدر ما هم أسبق من العرب الذين برزت تسميتهم في حدود 800 قبل الميلاد فقط ، فكيف ينتسب الأقدم إلى الأحدث ، لا يكون ذلك إلا بمنطق القومية العربية ؟ التي تريد أن تفرد لنفسها مقعدا وثيرا ( المركز ) وحولها تدور باقي القوميات الثانوية. إن مثل هذه النغمات المُلغية لكل جهد أصيل في هذه البلاد هو الباعث عن نبش القبور لإيجاد المعالم الدالة عن ذاتيتنا ، وإنيتنا ،عبر التاريخ حتى وإن استخرجناها عرضا من السجلات التي صاغها الخصوم لصالحهم ، لأن الأجداد في حقيقتهم لم يبرزوا شيئا يُذكر سوى التماهي مع الوافد من وراء الكثبان الرملية والبحار الهائجة ، فهم في حقيقتهم أمة مقاومة محاربة عبر التاريخ .... ما نقوله ليس شنآنا في غيرنا من الأقوام التي تعيش معنا ، فنحن جميعا أبناء وطن واحد بسجل تاريخي له من الثراء ما يغنينا عن الإنتساب لغيرنا باعتبارنا ( أمة قائمة بذاتها ) لنا وجودٌ وأثالة ٌ سُجلت في الطروس بأحرف من من نار ونور، الواجب يدعونا إلى تثمين كل موروثنا الحضاري واللساني حتى لا يطاله النسيان ، ففي التنوع البشري بإبداعاته في شتى المجالات مكمن القوة والمنعة لدولنا التي تحتاج إلى قوانين مدنية غير منحازة لفلان أو علان . الهوامش :---------------------------------------- [1] الفنيقيون في سواحل لبنان ، والبونيقيون هم خلط من أكثرية أمازيغية وأقلية فنيقية كنعانية في بلاد أمازيغية ، حاربوا الرومان ولهم سجل حافل بالبطولات على شاكلة ( حنبعل القرطاجي ). [2] في كتاب الجمهرة لابن حزم الأندلسي ، ادعت طوائف من البربر أنهم من اليمن ومن حمير ، وبعضهم ينسب إلى بربر بن قيس ، وهذا كله باطل لا شك فيه ، وما علم النسابون لقيس بن عيلان إبنا إسمه بر أصلا ، وما كان لحمير طريق إلى بلاد البربر إلا في تكاذيب مؤرخي اليمن . ويقول ابن خلدون في عبره ج6 ص 135 وما يليه : إذ مثل هذه الأمة ( الأمازيغية ) المشتملة على أمم وعوالم ملأت جانب الأرض ، لا تكون منتقلة ، من جانب آخر وقطر محصور، البربر معروفون في بلادهم وأقاليمهم ، متحيزون بشعارهم من الأمم منذ الأحقاب المتطاولة قبل الإسلام ، فما الذي يحوجنا إلى التعليق بهذه الترهات في شأن أوليتهم ؟ ، ويحتاج إلى مثله في كل جيل وأمة من العجم والعرب ، وافريقش الذي يزعمون أنه نقلهم قد ذكروا أنهم وجدهم بها ، وأنه تعجب من كثرتهم وعجمتهم ، وقال : ما أكثر بربرتكم ، فكيف يكون هو الذي نقلهم ؟ ،
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تركيا وفرنسا وجهان لعملة واحدة.
-
سليمان دوغة والأمازيغية .
-
توسيع منظمة التعاون الخليجي ،استراتيجية لصالح الشعوب ؟ أم هي
...
-
الدعوة السياسية من غير عصبية الدين لا تتم .
-
ثورة صاحب الحمار .
-
إجابات على أسئلة الحوار المتمدن
-
عندما يكون (النسب الشريف ) مطية لبناء المجد !!؟ .
-
الأمازيغ بين (الدونتة والخورجة.)
-
الإستعراب .
-
تعقيب على ملاحظات ( عبد العالي الجزائري ) .
-
( مركزية العرب . (Égocentrisme)
-
ابن باديس الصنهاجي والقومية العربية .
-
قول ابن خلدون في أصول الأمازيغ .
-
تركيا الحالية ... هل هي عثمانية متجددة .؟؟
-
الاستشراق والاستغراب والاستعراب .
-
ليبيا وحلف الناتو .
-
استقواء ثوار ليبيا ( بحلف الناتو) .
-
مولود قاسم.... وأبناء مازيغ .
-
هل تجربة مخيمات تندوف قادمة على مشارف ( إليزي ) ؟.
-
أي مستقبل ( للأمازيغية ) في دستور ليبيا الحرة ؟؟؟
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|