|
-تغول- التطبيع ..؟؟
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 3605 - 2012 / 1 / 12 - 00:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
.... نحن أمام مرحلة غير مسبوقة من "التغول" التطبيعي"تسونامي"،حيث نشهد تحول نوعي على هذا الصعيد،تحول يتمثل بنقل حالة التطبيع من المستوى الرسمي الى المستوى الشعبي،والتطبيع خطورته لا تكمن في التطبيع الذي ترعاه السلطة فقط،بحكم ما كبلت به نفسها من قيود واغلال واتفاقيات وشروط،حيث الألتزامات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية وغيرها،بل الأخطر من ذلك قيام مجموعة من ما يسمى بالنخب الفكرية والثقافية والاعلامية والرياضية ..الخ الفلسطينية،ومعها العديد من منظمات "الأنجزة"،بتعميم وشرعنة التطبيع على المستوى الشعبي،وخصوصاً نقل التطبيع الى الجامعات والمدارس،حيث تجري اقامة انشطة ولقاءات ثقافية ورياضية وفنية وعلمية،حيث جرت وتجري في أكثر من مدرسة في رام الله والقدس وبيت لحم أنشطة تطبيعية،وليس أخطر من أن تقوم مدرسة في القدس بتدريس التاريخ وفق الرواية الصهيونية لطلبتنا،تحت يافطة وذريعة،تشجيع وخدمة ما يسمى ب"ثقافة" السلام وبناء الجسور المشتركة. ومن الهام جداً أن نشيرهنا الى قضية جوهرية وخطيرة،وهي أن ما يجري هو استدخال واستمرار لثقافة الهزيمة التي أرسى أسسها وقواعدها المغدور أنور السادات بعد اتفاقيات "كامب ديفيد"،ليجيء أوسلو ليعمم ويوسع هذه الثقافة ويرعاها،حيث نمت الكثير من الطحالب والأدران وعلقت في الجسد الفلسطيني،واوسلو الذي وصفه ثعلب وداهية السياسة الاسرائيلية بيرس،بأنه الانتصار الثاني لدولة الاحتلال،بعد الانتصار الأول المتحقق بقيام دولتهم على أنقاض ومآسي الشعب الفلسطيني،فتح الباب على مصرعيه لسياسة التطبيع والمطبيعين،ولكي ينتقل المطبيعين من الحالة السرية والتنكرية في ممارسة التطبيع بأشكاله المختلفة،الى الحالة العلنية،وليبلغ التطبيع ذروته وتجاوزه لكل الثوابت والخطوط الحمراء،بعقد لقاءات تطبيعية مع المستوطنيين وجنرالات من جيش الاحتلال المتقاعدين،والعمل على إقامة ما يسمى بالاتحاد الفلسطيني- الإسرائيلي (الكونفدرالية) المزعومة ما بين الجلاد والضحية. والمأساة هنا أن تلك النخب الفكرية والثقافية والاعلامية والرياضية،ترى في نفسها بأنها لها الحق المطلق في ان تفكر عن الشعب الفلسطيني وله،فهي ترى في نفسها بأنها سابقة عصرها في التفكير،وبأنها في الحجج والذرائع الواهية التي تنظر لها وتطرحها من أجل استدخال ثقافة الهزيمة،تتعاطى مع شعبنا الفلسطيني المعطاء والمضحي على أنه مجموعة من الناس البسطاء و"السذج"،وفي هذا الاطار نمت وقامت عندنا جماعات التفكير الاستراتيجي والتفكير التكتيكي وغيرها،وبالتالي فهي ترى في أفكارها وأفعالها وممارساتها،حتى لو شكلت خروجا وتعارضاً على ومع حقوق وثوابت ومصالح الشعب الفلسطيني،حق ووجهة نظر،فهي تريد شرعنة التنازلات والتخلي والتنازل عن ثوابت الشعب الفلسطيني،بحيث يجري التعاطي مع ما حققه الاحتلال من مكتسبات بفعل العدوان كأمر واقع،في حالة قفز غير مسبوق عن جذور الصراع،وهنا نماذج جماعة جنيف،وأصحاب سياسة الحياة مفاوضات. وهنا علينا ان نتيقظ ونتنبه ونحذر،وفي نفس الوقت نتساءل بكثير من الريبة والشك،هل هناك ما وراء الأكمة ما وراءها؟،ففي ظل مرحلة تشهد حالة من انسداد الافق السياسي،وفشل مريع للخيار والنهج التفاوضي،وقيام الاحتلال باستباحة الأرض الفلسطينية عبر تكثيف غير مسبوق للآستيطان في القدس والضفة الغربية،وقيام المستوطنين بأعمال العربدة والزعرنة على طول وعرض جغرافيا الوطن،وفي ظل وصف حتى حركة السلام الاسرائيلية لهذه الحكومة بأنها حكومة يمين وتطرف،نرى أن هناك نخب ثقافية وفكرية وأعلامية ورياضية فلسطينية،تتهافت من أجل شعبنة وشرعنة التطبيع،وتقوم بعقد لقاءات وأنشطة تطبيعية بكل الأشكال والمسميات،في تواتر وتكثيف غير بريئين ،وبما يؤكد بأن هناك ما وراء الكمة ما وراءها،بمعنى آخر،هذه النخب المنهارة والمنتفعة والمتاجرة بنضالات وتضحيات ودماء شعبنا،تستهدف وعي وذاكرة وثقافة شعبنا وبالذات الشباب منهم،فهي تريد أن تحدث إرباكاً وبلبلة في الشارع الفلسطيني،وتريد أن تحدث اختراقات جدية في جدار الوعي المقاوم للاحتلال وادواته وإستطالاته،بهدف القول بأن التطبيع اجتهاد ووجهة نظر،وليس خرقاً وخروجاً على الثوابت وتجاوز للخطوط الحمراء الفلسطينية. أي نخب هذه التي تريد أن تساوي بين الجلاد والتضحية؟أي نخب هذه التي تريد أن تغسل الدم عن يد القتلة؟أي نخب هذه التي تريد تخريب وعي شبابنا وطلابنا من أجل منافعها ومكاسبها وأجنداتها الخاصة،وأي اغفال و"استهبال" لهذا الشعب. ما تقوم به هذه النخب مشبوه الدور والأهداف والمقاصد والمرامي،ويجري وفق خطط وبرامج ممنهجة ومدروسة،وليس مجرد رأي او وجهة نظر لهذا الجهبذ او ذالك،ولذلك فالمجابهة لدعاة وأصحاب هذا النهج،يجب أن ترتقي الى المستوى التحدي والمسؤولية،ويجب أن تخرج عن الاطار العفوي أو مجموعة من النخب السياسية والثقافية،ومجموعات الحراك الشبابي،بل يجب أن تنتقل المجابهة الى المستوى الشعبي،وعبر إطار تنظيمي فاعل،له هيئة أركان،يرصد ويراقب ويكشف ويفضح ويعري ويجابه ويتصدى لمثل تلك الأنشطة،وكذلك العمل على نزع الغطاء والشرعية عن كل من يخطط وينسق ويشارك أو يمول مثل تلك الأنشطة التطبيعية،أو يحرض ويسمح بإقامتها وعقدها،ولا يجوز التستر أو التغطية على من يقوم بتلك الأنشطة وخصوصاً من أصحاب ما يسمون أنفسهم أصحاب المقامات العليا،وهنا يجب ان لا تكون حصانة لأحد الكبير قبل الصغير،وبالضرورة أن يصار كذلك الى حملة توعية شاملة لكل مؤسسات شعبنا الفلسطيني،بمحاصرة دعاة وأنصار هذا النهج الضار والخطيرفي الساحة الفلسطينية،عبر حثهم بالحوار البناء،بعدم منح هؤلاء المطبعين والمنتفعين والمقامرين بحقوق شعبنا وثوابتنا الأماكن من قاعات أو ملاعب او مسارح وغيرها لإقامة مثل هذه الأنشطة التطبيعية الضارة بمصالح وحقوق شعبنا،وهنا تبرز مسؤولية ودور المثقفين واتحاد الادباء والكتاب في التصدي ومجابهة وفضح وتعرية دعاة وأصحاب هذا النهج في الساحة الفلسطينية،على اعتبار أن المثقف يصوب بوصلة السياسي. لم يعد يجدي القول بإدانة وإستنكار ما يجري من أعمال ولقاءات تطبيعية،بل على كل مناهضي التطبيع التكاتف والتوحد عبر إطار واحد،إطار ينتقل من مرحلة الدفاع وردات الفعل الى الهجوم المستند الى البعد الشعبي،فالعمل المبعثر والنخبوي،لن يكون مثمراً أو منجزاً،فمثل هذه القوى بما تمتلكه من إمكانيات وقدرات وتجارب وخبرات قادرة على إمتصاص وأحتواءالضربات التي توجه لها،وتدخل في مرحلة كمون متحينة الفرصة المناسبة،من أجل أن تعاود بث سمومها من جديد.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المطلوب :- تعميم سياسة الفوضى الخلاقة عربياً ..
-
رحيل مبكر .... واعتقال متجدد ..
-
لماذا كل هذا الهجوم على مناهضة التطبيع ...؟؟؟
-
القدس.../ ما بعد الضوء الأحمر / خدمة مدنية ....مخدرات ....لج
...
-
ملامح الصفقة بين الإخوان المسلمين والأمريكان ..
-
ملاحظات على الدفعة الثانية من صفقة التبادل ..
-
حكومة يتساقط وزراؤها كما تتساقط أوراق الخريف ..؟؟
-
قراءة في تقرير -أوشا- بشأن الممارسات الإسرائيلية في القدس ..
-
قراءة في رسالة عميد الأسرى كريم يونس للجنة المركزية والمجلس
...
-
همومنا في القدس تكبر ...... ومشكلنا ترحل..... والحلول معلقة
...
-
ما حققه الموقع الإلكتروني لجريدة القدس/ انجازاً للصحافة الفل
...
-
المقدسييون ..وتسريب الأملاك والعقارات للمستوطنين ..
-
غزوة الصناديق ..؟؟
-
زيارة الملك عبدالله الثاني لرام الله دلالات ومعاني ..
-
الأسرى ما بعد الإضراب وصفقة التبادل ..
-
اسرائيل ....واستهداف الأسرى المحررين ..
-
المقدسيون وضريبة الأرنونا ...
-
جامعة الدول العربية تبول على نفسها ..
-
في ذكرى رحيل القائد أبو عمار ..
-
جردة حساب بين عيدين ...
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|