أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - الأسد: خطاب التحدي والانتصار















المزيد.....

الأسد: خطاب التحدي والانتصار


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3604 - 2012 / 1 / 11 - 15:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بتلك الكلمات الهادئة الرزينة والمدروسة، تماماً، لم يكن الرئيس السوري بشار الأسد، يلقي خطاباً عادياً، وعابراً، كذاك الذي يلقيه أي مسؤول أو زعيم سياسي في مناسبات عادية، أو احتفالات محلية، بل كان في الحقيقة، يعلن نهاية حقبة وبداية حقبة ما، كان يقول بشكل غير مباشر أن ما يسمى بالثورة السورية قد باتت في حكم الماضي، وأن هناك ملحمة ومأثرة سورية سـُطـِّرَتْ خلال الأشهر العشرة الماضية التي استطاعت فيها سوريا بشعبها العظيم، وجيشها العظيم، وصمودها الأسطوري أن تهزم وترد أشرس الهجمات وأعتاها بربرية في التاريخ. إذ لم يسبق أن توجهت أكثر من ستين فضائية عالمية، وحلف الناتو لقضه وقضيضه، بشيبه وشبابه بساركوزيه وأوبامه، وهيلاريه وأنجيلاه، مضموماً لهم منظومة مشيخات التعاون على الإثم والعدوان في الخليج الفارسي، وتسع عشرة دولة ناطقة باللغة العربية، والاتحاد الأوروبي المفلس، يؤازر هؤلاء جميعاً أسطول وفيالق جرارة من المرتزقة، والمأجورين، والحنجوريين الطبالين الزمارين الحاضرين في كل عرس وردح وشتم مع دعم لوجستي ومالي خرافي بترودولاري أسطوري وغازي، ولو أنزلنا كل ذاك الهجوم الإعلامي المنسق على جبل لرأيته خائراً متهشماً ومحطماً بفعل العدوان.

كل شيء في الخطاب محسوباً، مكانه، وتزمينه، لم يكن صدفة، ولا عبثاً، ولم يعلن عنه، فاختيار المكان مدرج جامعة دمشق(ّ1 )، وليس مجلس الشعب أو أية مؤسسة حكومية سورية أخرى ربما للنأي بالنفس وبالشعب السوري عن المرحلة السوداء المظلمة الماضية، فلكل هذا دلالاته الهامة للتأكيد على عراقة هذا الصرح العلمي والأكاديمي وبـُعد سوريا وعمقها الحضاري العظيم، فحين اسست هذه الجامعة في العام 1890 م، لم تكن هناك ولا كرتونة من كرتونات المجلس المشيخي التي تتطاول اليوم على القامة السورية، وهذا الموقع هو موقع ومرتع وملك لكل سوري، ومرت عليه، ودرست فيه وتخرجت منه كل قوافل المكونات والقامات السورية العظيمة في السياسة، والاقتصاد، والعلوم، والطب، والإعلام...إلخ، وأن المعركة لما تزل في طابعها المدني ولم تأخذ أي بعد عسكري قد يفاجئ كثيرين في حال حدوثه. وأما التزمين فكان الإعلان عن الخطاب بـُعيد ظهر يوم أمس الأول، ولمـّا تنقضي بعد أربع وعشرون ساعة على صدور التقرير الأولي لبعثة المراقبين العرب التي اعترفت وأكد على وجود العصابات المسلحة واعترف بلا سلمية التظاهرات، لتكون كل كلمة يقولها الأسد في هذا الصدد مجرد حاصل موثق بتقرير البعثة، ولا تحتاج لإثبات ونفي وشك وجذب ورد وصد، وكله بتأييد من فريق الجامعة العربية التي أصدرت قراراتها الشهيرة الجائرة ضد سوريا، وقد أشار الرئيس الأسد إلى ذلك صراحة عندما قال: " لم يكن سهلا ببداية الأزمة شرح ما حصل وكانت الانفعالات طاغية على الحقائق والآن لم يعد ممكن تزوير الحقائق". كما كان لسلسلة من المعطيات الأخرى المعلومة وغير المعلومة بحوزة الرئيس، مع جملة من التطورات الأخرى على الأرض، أهمها، طراً، خروج القوات الأمريكية من العراق، والمناورات الإيرانية واختفاء البوارج الأمريكية هرباً من مياه الخليج الفارسي، ودخول الأسطول الروسي، والبارجة كوزنتسوف وتمركزها في شرق المتوسط.

لقد كان الخطاب، وبزمنه القياسي ساعتان إلا عشر دقائق، يعكس أعلى درجات الثقة بالنفس وضبط النفس(2)، والشعور بالقوة، ما حدا بالصحفي عبد الباري عطوان، للقول إن الرجل بدا وكأنه يتحدى العالم كله. وهذا مبني على معطيات قوية لديه فلم يكن الأسد تصالحيا ولا مستجدياً، ولن تتأتي هذا، كما هو معلوم من فراغ أو عدم، أو قائم على فراغ، والكل يعلم أنه كان في الآونة الأخيرة حصلت نجاحات أمنية هائلة في التصدي للجماعات المسلحة(3)، تم من خلالها القبض على المئات من مسلحي القاعدة، وطاليان وخريجي غوانتانامو، والضباط الخلايجة، وثوار الناتو الليبيين، من جماعة عبد الكريم بلجاج، ناهيكم عن استسلام المئات الأخرى لقوات الأمن والجيش السوري في عمليات نوعية، وفرار آخرين إلى تركيا ودول الجوار. هذا على الصعيد المحلي، وعلى الصعيد الإقليمي، ومن دون الالتفات للموقف العربي العميل والهزيل والتابع والمرتزق، وغير المهم إلا في جانبه الصوتي المزعج، هناك انكفاء وتراجع تركي ملحوظ وما زيارة الثعلب أوغلو إلى طهران إلا لتوسل سلام وتطبيع مع سوريا، مع وجود عشرة آلاف شاحنة وبراد تقف على الحدود التركية السورية، تعفن ما بداخلها، تكاد تشكل صداعاً وغضباً شعبياً لأردوغان، مع خسائر بالمليارات نتيجة إغلاق الحدود السورية بفعل إلغاء سوريا لكل التفاهمات الاقتصادية مع تركيا. كما كانت المناورات البحرية الإيرانية رسائل هامة في أكثر من اتجاه حول جدية إيران واستعدادها المطلق واللا محدود للوقوف بحزم ضد أية استفزازات أمريكية فإيران في صلب المواجهة، بشكل مباشر أو غير مباشر، لأن المواجهة إستراتيجية، بالنهاية، وتستهدف إيران(4)، أيضاً، وكل ذلك تحت غطاء الإصلاح والديمقراطية وهمروجة الربيع العربي. كما أن التصميم الروسي الصيني، ضمن مجموعة البريكس، لمنع اللعب بالتركيبة الجيو-استراتيجية القائمة، والعبث بموازين القوى الدقيق في المنطقة، لأنه سيعني تهديداً مباشراً للأمن القومي الروسي، والصين، ورجحاناً للكفة الأطلسية، في المنطقة، ومن هنا تأتي الرسائل الروسية القوية التي تتأكد يومياً، وما "تقريع" لافروف، يوم أمس، لنبيل العربي حول ضرورة الإشارة بقوة، والتأكيد، على موضوع الجماعات المسلحة في عمب وتقارير الجامعة، إلا تأكيد على جدية موسكو التي لا تتزحزح في النظر للملف السوري وأهميته القصوى بالنسبة لها.

وفي الوقت الذي اتسم فيه خطاب الرئيس الأسد بكل تلك الصفات من الثقة بالنفس، والاتزان، والرصانة، والرزانة، والشمولية، والالتزام بأعلى درجات المسؤولية الوطنية، نرى، خطاب المعارضة "الثورية" الاسطنبولية، الذي اتسم وعلى الفور، ومن خلال الظهور الفوري لغليون، على الشاشات، "إياها" بالانفعالية، والانهزام، والعجز، والتوتر، والاضطراب والهذيان، والقلق، والتخبط، والعصابية، والتهديد وتوسل الذهاب لمجلس الأمن العاجز(5) وغير القادر أن يتحرك قيد أنملة، خطاب موتور هائج مائج متشنج يعكس حالة مرض هذا المجلس وتفككه وانقسامه، وتشتته، وضياعه بين أمزجة مفلركيه وتوجهاتهم وإرضاء للعواصم الكثيرة التي تحركه(6 )، وانفضاحه شعبياً وسقوطه التاريخي في وحول العمالة والارتهان للخارج العدواني الذي يريد تدمير سوريا والرقص على أشلاء شعبها، كما رقص سابقاً على أشلاء العراقيين والليبيين وغيرهم من شعوب الكوكب الأرضي، وهذه كلها مؤشرات على انتصار سوري ساحق ماحق، واندحار لمعسكر الأعداء، في هذه الجولة الهامة وبعد عشرة أشهر من المواجهة، على الأقل، وحتى الآن.

نعم هذه هي سوريا، جبل النار الأشم الاهب الذي لا يمكن لأي كان أن يعبره، دون أن يتحول إلى رماد.

(1)- منذ قليل نزل الرئيس بشار الأسد إلى ساحة الأمويين وانضم لمئات الآلاف من المتواجدين هناك رفضاً للعدوان، وألقى كلمة على الهواء بالجموع الحاشدة.
(2)- هذا الكلام ليس من عندنا، كلا وألف حاشانا وحاشاك، بل باعتراف عطوان، والمناع ذات نفسه، وتعبيره وشعوره، بالمرارة وخيبة الأمل من الوضع القائم، ولا يمكن لأحد التشكيك بأقوال معارض مخضرم، وشرس للنظام السوري، في لقائه أمس مع البي بي سي. استمعوا وتابعوا للسيد هيثم المناع:
http://www.youtube.com/watch?v=aU9_8uZIrE8
(3)- إلى كل من لازال يرطن بسلمية الثورة، اللعب صار على المكشوف وعمليات القتل والتهريب والتدمير والإبادة الجماعية لما يسمى بالجيش السوري الحر باتت حقيقة وخبراً ثانوياً و"بايت" في الإعلام العالمي.
(4)- ان اليوم اغتيال العالم الإيراني مصطفى أحمدي روشن، الذي كان يعمل في موقع ناتنيز النووي.
(5)-عندما فشل مجلس الأمن في فعل أي شيء، أرسل الملف للجامعة العربية، وطلب منها العمل كي تبقي الحدث السوري في المواجهة. فما الذي سيفعله بعد تقرير الجامعة الذي يدين المتظاهرين "السلميين" جداً، ويا "حرام".
(6)- نفس المرجع رقم 2، أي مقطع المناع.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الخوف من التدويل؟
- صدف ثورية أغرب من الخيال
- اضحكوا على دبابات برهان غليون
- انشقاقات الثورة السورية
- انتقام إسرائيل
- لماذا سأنضم للثورة السورية؟
- عروش بلا جيوش
- مفتي الناتو الجليل
- ورطة العرب في سوريا
- لماذا بق برهان غليون البحصة؟
- سوريا تشكّل العالم الجديد
- الجيش السوري في دائرة الاستهداف
- القرآن وأنبياء الربيع العربي
- وا برناراه!!!
- لا لعودة سفراء الأعراب لدمشق
- مرحباً بالمقاتلين الليبيين
- نعم لعقوبات عربية على هؤلاء
- جاييكم الدور
- سوريا ليست ليبيا2
- سوريا ليست ليبيا 1


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - الأسد: خطاب التحدي والانتصار