أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - صبيحة خليل - الربيع العربي .. وأظافر مكيافيللي















المزيد.....

الربيع العربي .. وأظافر مكيافيللي


صبيحة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3601 - 2012 / 1 / 8 - 09:26
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مثلما أدهشت ثورات الشعوب العربية حكامها بأنها ما زالت حية, رغم جزم الكثيرين من المفكرين و المثقفين بموات هذه الشعوب , كذلك أذهلت أي هذه الشعوب الغرب أيضا بنفس القدر من حيويتها المفاجئة دونما سابق إنذار لتخرج من مقابرها القسرية التي حفرت لهم أصلا بالتواطؤ و الاتفاق بين النقيضين التقليديين الغربي و الشرقي, فالأول الذي اعتاد على تجهيز الولائم السياسية لتوابعه على الضفة الأخرى من الحكام لم يكن يجد صعوبة في التعامل مع تلك الدمى الخشبية المتصلبة ليمرر ما يريد من مخططاته و حيله ليمكن قبضته على المنطقة. و أصلا هذه الفئة الحاكمة المستبدة بطبيعتها المحنطة ما كانت لتمانع اللعب شريطة أن تأخذ دور السلطان الآمر الناهي ضمن حدود بلدانها و دور الصعلوك الذي يفعل المستحيل لينال رضا الغرب خارج تلك الحدود .
الا أن ما يلفت النظر بعد مرور أكثر من عام على انطلاقة تلك الثورات , أنها لم تكشف فقط عورات حكامها و إنما فضحت شيئا من ازدواجية الغرب ومن خلفه المجتمع الدولي الذي كثرت مكاييله في التعاطي مع المستجدات الطارئة على ساحة هذه الدول الثائرة على طغاة حكامها و المتعكزة في ديمومتها على حالة التواطؤ اللامرئية من دول تدعي مثل الحرية والديمقراطية .
حيث ظهر الارتباك جلياً منذ اللحظة الأولى حينما سارعوا إلى الدفاع عن دكتاتور تونس ومن ثم التخلي عنه في فترة قياسية و ربما ساعدهم في التخلي هذا هروب زين العابدين المفاجئ والغير متوقع من أشد المتفائلين في المعارضة التونسية . أما في مصر فالوضع كان مختلفا تماما خاصة بعد تمرين تونس الذي فاجئ الغرب بقسوته فهم لم يضحوا براس الهرم الذي كان مطواعا أكثر من غيره في التوافق مع الأجندات الخارجية إلا عندما ضمنوا العسكر و ائتمنوه على اتفاقيات مصر خاصة مع دول الجوار بالتحديد إسرائيل ناهيكم عن مسؤولياتها تجاه الغرب و أمريكا التي كانت تعتبر الديكتاتور المخلوع حسني مبارك شريكها القوي في محاربة القاعدة والإسلام السلفي . لهذا نجد أن الثورة المصرية لم تنجب جنيناً مكتملاً, و ما يجري الآن على الساحة المصرية من تصادم بين المجلس العسكري و الثوار اللذين قرروا الثوران مجددا مصرين على استحقاقات الثورة ما هي إلا دليلاً ملموسا على أن المصلحة الغربية كانت تقتضي الحفاظ على النظام بدون الرأس, وهو نوع من الالتفاف و المراوغة على الثورة المصرية التي وقعت إلى الآن ضحية لهذه الإرادة الدولية التي لا يهمها من هذه الثورات سوى مصالحها و مصالح إسرائيل بالدرجة الأولى . و هنا أستشعر بعض الحكام تلك الحظوة التي يمتازون بها أن هم أومئوا بذلك للمجتمع الدولي , لذا فهم أي البقية الباقية من الحكام العرب راحوا يستقون من هذه الميزة الدعم سرا و علانية و بكل صفاقة حتى ينجوا بأنفسهم من حافة الهاوية.
و السؤال الذي يطرح نفسه, هل ستسقط هذه الأنظمة لوحدها أم ستسقط معها الزيف الذي يكتنف المعايير الدولية في التعاطي مع قضايا الشعوب؟ فها هو حلف الأطلسي يتحرك ليحمي الليبيين من جنون بطش القذافي و يمتص آبار النفط ثمنا , و من لا يمتلك إمكانيات دفع فواتير عسكر الناتو الباهظة الثمن مثل سوريا على سبيل المثال أو اليمن لا يحتاج إلى حماية دولية ويتحول القتلى إلى مجرد أرقام و عواطف سرعان ما يتناساها المجتمع الدولي في خضم سوق المصالح .
لقد آن الأوان لأن يعيد المجتمع الدولي بناء هيكلية تشكيلته من جديد و أول البناء كما يقال هدم مفاهيم عفا عليها الزمن و لم تعد تليق بالمفاهيم الإنسانية والدولية التي اجتمعت عليها الأمم بعد حربين عالميتين مريرتين كانتا محركا لوضع خارطة للقيم الأممية على ضوء مصالح ومفاهيم أكثر من نصف قرن من الآن , فما المغزى الآن من بقاء دولة مثل روسيا أو الصين لتبقيا راعيتان للقيم أو حكما لفض نزاعات الشعوب,
و لو ألقينا بنظرة أولية على روسيا التي تمارس قرصنتها كحاجب للقرارات الدولية في أقبية ال كي جي بي سليل عقلية الاتحاد السوفييتي السابق, حيث الكل يعرف أن سقوط النظام الشيوعي هناك لم يسقط الجهاز الأستخباراتي التابع له الذي شكل اتحاداً طوعياً مع رأس المال المافيوي و أسس لجملة علاقات دولية رثة على مبدأ (ادفع للعصابة إن أردت شراء القرار) تماماً كما يفعل قراصنة الصومال مع المختطفين . فإذا كان قرار المجتمع الدولي رهينة بين أيد قذرة ألا يكفي هذا دق ناقوس الخطر الذي دقه جوبييه حين قال:من المعيب أن العالم لا يستطيع أن يتخذ قراراً بحق دمشق, على الرغم من انتهاكاتها التي فاقت حدود التحمل الدولي. الحل و الحال على ما هو عليه يتطلب أن يقف العالم أمام مسؤولياته التي لم يقف عليها منذ انتها الحرب الباردة, إذ سقطت الشيوعية و لكن لم يسقط من كان يدير العالم باسمها من دائرة القرار الدولي, فيتحول اللعب بمصائر الشعوب بيد مافيا مجرمة و جهاز استخبارات ما زال رئيسها حتى الآن يدير عالما جديدا بمفاهيم العالم القديم من تحت الستار.
أما الصين فلم يعد سرا على القاصي والداني علاقتها السيامية مع الشمولية, وجملة مشاكلها العويصة مع الديمقراطية و الحريات العامة و سجلها السيئ تجاه حقوق الإنسان بات على كل لسان , فهي تكاد أبعد ما تكون عن تبوئها لقيادة المجتمع الدولي على ضوء فشلها في حل مشاكلها الداخلية لا بل تأزمها يوما بعد أخر , إذ كيف يمكن لدولة تداري نظامها المهترئ من أن تساند الديمقراطية في بلدان أخرى . و لو سلمنا بالقول أن الساسة يدركون و يفسرون السياسة على أنها مصالح و مصالح صرفة فقط فليبحثوا على الأقل عن مصالح لا تقتل الشعوب و لا تستهتر بدمائها هذا على الأقل لحفظ ماء وجه المجتمع الدولي .
إن الشعوب في المنطقة العربية أدركت في الآونة الأخيرة جلياً فداحة و فظاعة التركيبة الدولية ومدى لامبالاتها تجاه معاناتها من سطوة الاستبداد , و لذلك لا بد من أن الخطوة التي تلي ثوراتهم هو البحث عن نظام عالمي جديد تبنى فيها المصالح على خير الآخر و ليس على دمه. و لعلي أستقي ذلك من موجات التظاهرات الشبابية التي اجتاحت الغرب في محاكاة ملفتة لما يجري في البلدان العربية, حتى أن بعض الشبان السوريين راحوا يطلقون شعارات التضامن من قبيل المداعبة بأن الثورة وصلت إلى لندن(( يا لندن حنا معاكي للموت )),
و بعد فهل يصدق صناع القرار العالمي بأنهم أمام تحول قد يطال تركيبة الهياكل الدولية مثل مجلس الأمن الذي يستوجب صياغته من جديد على ضوء المفاعيل المتلاحقة يوما بعد أخر , و هل ثمة مبرر للمماطلة بعد اليوم , خاصة بعدما أثبت فشله في الموضوع السوري تحديدا كونه بات عاجزا عن فك حبائل تضارب المصالح داخل الهيئة الدولية صاحبة القرار الحاسم في هكذا إشكال . و هل يصدق عاقل يوما ما بأن الشرق المسلول بالديكتاتوريات سيصدر للعالم ثقافة ثورته فينعم العالم بربيعين أحدهما عربي و الأخر عالمي , وهل نحن أمام حقيقة جديدة و أمام لاعبين جدد في صناعة الثقافة الدولية , تلك هي ثقافة العولمة التي تحققت أخيرا ربيعا مزهرا بدماء لاعبيها المقهورين وهذا قد لا يرضي بالضرورة أصحاب فكرة عولمة العالم أنفسهم.
أعتقد جازمة بأن ما جرى و يجري في الدول العربية هي ثمرة ثقافة العولمة التي اجتافها الشباب العربي من خلال التواصل اللامحدود مع الثقافة العالمية و التماهي معها عبر فضاءات العالم الافتراضي, إذ خلقت أجواء نفسية جديدة لا تتطابق مع مناخات الاستبداد, لذلك شكلت صدمة لكلا العالمين الاستبدادي الواثق من ديمومته و الغربي الغير متأهب لهكذا تغيرات و الذي أنهى حربه الباردة منذ عقدين أو أكثر لكنه لم يصلح ازدواجيته السابقة حتى هذه اللحظة. إذن لا مفر فالربيع آت إليهم أيضا ليشذب أظافر مكيافيللي .
____________________________________________
* عضوة الأمانة العامة في المجلس الوطني الكردي السوري



#صبيحة_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة والسلعة والمرأة


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - صبيحة خليل - الربيع العربي .. وأظافر مكيافيللي