ناصر ناصر
الحوار المتمدن-العدد: 3601 - 2012 / 1 / 8 - 01:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لن أسرد لكم القصة التي تعرفونها عن ما يدعى الجيش السوري الحر, لكن سأناقش و انتقد باختصار تأثيرات عملياته المسلحة على الثورة و الشعب السوري. و قد ارتأيت أن أوضح لكم أنني إذ أنتقد فإنني أنتقد من موقع المعارض للنظام القمعي الحالي و المطالب بإسقاطه بكل رموزه الديكتاتورية الرجعية و بطريقة نضالية سلمية لا تؤثر على وحدة البلد و نسيجه, و من موقع الحريص على تحقيق أهداف الثورة المعلنة بإقامة دولة ديمقراطية مدنية لا تفريق فيها بين مواطن و آخر, دولة تحترم حقوق الإنسان.
بداية أتوجه بالشكر و التقدير لأفراد الجيش السوري الأبطال الذين رفضوا أوامر إطلاق النار على المتظاهرين العزل عالمين بأنهم يعرضون حياتهم للخطر و كنت أتمنى منهم الانضمام للثورة دون سلاحهم - كما حدث في اليمن مثلا- و أتفهم من فضل إبقاء السلاح في يده ليدافع به عن نفسه و أرفض تماما من أبقاه ليهاجم به القوافل و الحواجز الأمنية و العسكرية.
"الجيش الحر" و حماية المتظاهرين ....
قبل بدء "الجيش السوري الحر" عملياته "الاستراتيجية" لحماية المتظاهرين كان يسقط يوميا بين "10 – 20 " قتيلا في صفوف المتظاهرين السلميين برصاص الأمن و الجيش السوري , هذا بحسب أقوال "التنسيقيات المحلية" , و بعد بدء عملياته "المبهرة" أصبح عدد قتلى التظاهرات بين "20 إلى 30" قتيلا بحسب نفس المصادر!!!!! فإذا أردنا أن ننظر بعين الصداقة و المحبة "للجيش الحر" سنرى بأنه لا يستطيع حماية المدنيين , و إذا أردنا أن ننظر بعين العداوة و الكره فسنرى بأنه لا يريد حماية المدنيين بل العكس, و إذا أردنا التحدث بتجرد من الموقف السياسي فسنرى بأنه في ظل الصراع الداخلي القائم في سوريا لا توجد أي وسيلة عسكرية ناجحة لحماية المدنيين , بل دائما و في أي مكان يكون المدنيون الأبرياء هم ضحايا صراع الأقوياء و ضحايا اتفاقهم. و في كل الحالات السابقة أرى أن السبب الذي يتسلح لأجله " و هو حماية المدنيين" قد انتفى , فالشيء الوحيد الذي حققه "الجيش الحر" على صعيد عملياته العسكرية هو قتل رجال أمن و جنودا سوريين خلال ذهابهم أو عودتهم لمراكز عملهم - و قد يكون هؤلاء القتلى ممن يرفضون أوامر القتل إن وجهت لهم – أي أن إنجازه هو زيادة عدد القتلى السوريين, و هنا لا بد أن نذكر وجود عصابات إرهابية مسلحة تقوم بعمليات قتل السوريين مدنيين و عسكريين على أساس الاختلاف بالرأي السياسي أو على أساس طائفي. قد تتساءلون ما هو الرابط بين " الجيش الحر" و هؤلاء الإرهابيين ؟ أنا لن أضع رابطا بين "الطرفين" سوى أنني لم اسمع بأن "الجيش الحر" يرفض هؤلاء المسلحين ويحمي الناس منهم. أما الرابط الحقيقي هو عند بعض المعارضة ذاتها التي تقول بأن "الجيش الحر" يحميني (أيّة حماية هذه!!!) و التي ترفض الاعتراف بوجود السلاح خارج أيدي الجنود المنشقين , فبنفس منطقهم الكاذب نستطيع اتهام "الجيش الحر" بقتل المدنيين الأبرياء.
و هنا أنا سأقول رأيي بأن " الجيش الحر" لم يفعل شيئا مهما - مرة ثانية أؤكد على صعيد عملياته العسكرية - سوى زيادة عدد القتلى السوريين بقصد أو بغير قصد.
الجيش السوري الحر أم الجيش الإسلامي الحر؟!!!!
كتائب "خالد بن الوليد" "علي بن أبي طالب" "أبو عبيدة بن الجراح" "أمير المؤمنين عمر بن الخطاب"..... سرية "معاوية بن أبي سفيان"..... الخ حين نسمع بأسماء هذه الكتائب و السرايا نعتقد بأننا نعيش في عصور حرب الخيل و السيف و المنجنيق و الرمح ... و احتلالات العرب المسلمين للبلاد الشاسعة و التي يسمونها و درسونا إياها بأنها "الفتوحات الإسلامية" و الشبيهة اليوم "بالفتوحات الأمريكية" تلك لنشر الإسلام "دين الحق" و هذه لنشر الديمقراطية "نظام الحق"..... أسماء كتائب "الجيش الحر" كلها أسماء إسلامية و ليست سورية وطنية ,أسماء تثير أكثر من التساؤلات و الشكوك... بل تثير الخوف و الرعب من عصر "فتوحات" جديد يلغي كل ما هو غير إسلامي و كل من هو غير مسلم . البعض يدّعي بأن الاحتلال العربي الإسلامي القديم كان رؤوفا بالأديان و الحضارات التي احتلها و يعطون دليلا تافها على بقاء وجود للأقليات الدينية في مناطق محدودة و بأعداد قليلة إلى اليوم. و هذا يذكرني برأفة الأوروبيين بالهنود الحمر حين احتلوا بلادهم !!!! جميعنا نعلم الإبادة الجماعية التي تعرض لها الهنود الحمر في أمريكا و لكن يوجد أقلية من الهنود الحمر في أمريكا و لديهم زعماء قبائل و يمارسون شعائرهم الخاصة إلى اليوم و بكل حرية.... فهل هذا ينفي تعرضهم للمذابح الجماعية؟؟؟!!!!!
و هنا أقترح أن يكون "الجيش الحر" أكثر صراحة و وضوحا و ليعلن اسمه المناسب لفعله: "الجيش الإسلامي الحر"
رياض الأسعد و المنطقة العازلة.....
يطالبون بمنطقة عازلة على غرار ليبيا!!! لينطلق منها "الجيش السوري الحر" الجبار المحتار في عملية تحرير للأراضي السورية من "فلول جيش الأسد". أقترح على سيادة اللواء - حاليا - ( لا أعلم من رفعه ليصبح لواءا) العقيد سابقا رياض الأسعد و بما أنه "حرّ " لهذه الدرجة و موجود على أرض سورية محتلة من قبل الأتراك!!! بأن يبدأ عملية التحرير من المكان الموجود فيه.. فليحرر لواء اسكندرون و ليجعل منه منطقة عازلة و سأكون له من المؤيدين.....
يذكرني هذا الجيش "بجيش لبنان الحر" و لا أقصد هنا التشابه في التركيبة أو الأهداف بل التشابه في مكان القيادة - نسبيا- و طريقة العمل...
كان مركز "جيش لبنان الحر" هو الجنوب المحتل و منه يبدأ عملياته "البطولية"....و كذلك "الجيش السوري الحر" اتخذ من لواء اسكندرونة المحتل مركزا له و منه يبدأ عملياته "العظيمة".......
في النهاية أدعو جميع ضباط و جنود الجيش السوري إلى رفض أوامر قتل المدنيين, و أدعو المنشقين للانضمام للثورة بشكل سلمي دون سلاح لأن سلاحهم زاد الأمر تعقيدا و أعطى للنظام الديكتاتوري عدوا مسلحا حقيقيا هو يريده ليقتل بحجته كل ثائر ضده, كما أثار مخاوف من يريدون ثورة سلمية و دولة مدنية متماسكة.
عاشت سوريا حرّة
#ناصر_ناصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟