أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم أغا - نشيد اللقلق















المزيد.....

نشيد اللقلق


سمير عبد الرحيم أغا

الحوار المتمدن-العدد: 3599 - 2012 / 1 / 6 - 19:07
المحور: الادب والفن
    



أبصرته فجأة سكونه ينسج ماضيه ما يكفي من النسيان، وأنا على مشهد لا يكرر إلا حضور الغياب يطل علي خطوة لم تطل بعد، ماذا أصاب اللقلق ؟ . ما الذي أتى به ؟ هل يبحث عني ؟ ألا ترى إنه ضل طريقه ؟ وما فعل الأهل ؟ لهذا عاد. لماذا لا يلحق بأهله ويمتطي شفتي الريح ؟ ، حلمت كما كنت تحلم: ليتني أقترب منك كي أستعيد مدى حلمك... ضاقت به الأيام وعصافير الأحلام تطارده لم يبق لي شيء لأخسره، وأنا أتوحد بالرأفة عليه مقهورا فكم سنة سنبقى نحلم.. ضيعته الأمومة بين وصاياها الصغيرة، أدنو منه فيقترب الدمع من الدعاء، هذا قلبي يمشي على طرقات القرية، إلى متى يلوذ به عمري.. أنه يستحق أكثر من هذا، لا تتعجلوا يوما بركبه، رده المستغيث الخفي، يغسل في سره ليس بمقدوري أن أفعل شيئا ، تدور به الريح ، أعرف أن الهواء دفع شراع القهر إلى العناق الأخير : متى يعود عاشور ؟ كيف يتخلى صديقي وقرة عيني عاشور ؟ كأنه الخليل الوحيد الذي ملأ حياتي ، عاش وترعرع بين يدي ، مثل طفل يتيم ، لدينا الكثير من الوقت ، يتنقل من مكان إلى مكان ، نعم لم يدرك أحد اشتياقي لهذا الحلم ، وهذا الطير ، اخترت الماء في المجرى : لا تستطيع البحث عن شيء ، لا تتعجل أنت مثلهم لا تنبت هنا ألا زهورك : ولا تنبت هنا إلا أحلامك سوف يأتي شك ، عاشور سيعود – سأتركك ، كنت أخاطبه حين يأتي ولو بعد حين وينقلب من النوم إلى الصحو ، ما اختفى منا ، حين يتحرك في باحة الدار لوحده ينفرد بجناحيه في غفلة مني ، ويغيب ، فأجده في زوايا البيت ، أدنو فيبتعد .. هرمت دموعي والطرقات تبكي نداءه ، ونجواه قد شفت جراحه ،وأحيانا يهيم إلى بيوت الجيران ، ويترك كل تلك الخيالات التي تستنزفه ، حين يعود يهرع الصبيان في الحي ، فرحين بقامته البيضاء ومنقاره الأحمر ، يهرب إلى سطوح المنازل القريبة وكأن ذكرياته كلها خيط من شعاع ، يتجول في بيتنا كالفراشات ، وأنا أرسل ضحكة تلو أخرى ، يثير الصبيان فيقولون :
الله ما أجملك ؟
وما أكثر ما يقولون، يحسدني أولئك الذين كنت برفقتهم، كنا معا نتسكع نسبح في النهر أو نجري خلف الأرانب، وموجات الطعام، توقفت هناك بعض الوقت، ملقيا تحية الصباح في رثاء للمارين سريعا إلى عملهم، أستحضر ملامحهم.. جدران تتخللها نوافذ، في شوق إلى الزمن، إلى هذا الهوس الذي هو أشد ما يعذبني، تتفجر بدمعي موجتان عند حاجز الطفولة.. هي خجل اللقلق ، على الرغم من هبوطه أكثر من مرة إلى هذا المكان ، لم يشتك أحد من الجيران أني أراه في جوار الموقد في الركن في ضعف وانحلال،
أما الآخرون فكانوا ينظرون إليه عبر شقوق صدعها الألم . تفضل أخي ، عاشور سعيد في اشتباه الأسماء والتمدد قليلا ، معذرة أني قارئ وحيد ، أحمل خطابا من عاشور العابر خرائط الريح .. أظنه كذلك ، ولكن رأيته وحيدا هنا مع اللقلق .
تشردت لغتي، وأنا أموت رغبة في ملامسته أو حتى ملامسة أنفاسه، أستريح حتى يغيب التعب على جفونه، أدمنت حبه، ينقطع التأمل، أين يمضي طير مثلك في هذا الوقت ؟ ، ينهض مبكرا في القرية الصغيرة واقف لا يبكي ولا يهز رأسه ولا ينهار ، أتبع أثره في المنزل الطيني الكبير ، في بدني يمر على عجل وعطر في الكلام يسير نحوي ، وجد نفسه محاطا بأكثر الرجال جرأة يصاب بالهلع ، دون أن يمر بالبيت الطيني ، وحظيرة الأغنام وبقايا الإطلال والبيوت المجاورة ، ليكون كلامي دون أدنى احترام ، والطريق البعيد ، يرفع منديله فوق أعمدة الصبح ، تمشي به الريح أوعية طينية , شواهد خشبية ، سجلت أسماء الطيبين ، عاشور ، الحاج سليمان ، حميد ، واصل كلامه دون مزاح وصرر محشوة ملأت مسامعه المرهقة بخطوات اللقلق القريب ، يتعالى بين مدة وأخرى نداءات عاشور ، ستجدني هناك عاكفا في خفايا المكان ، أكتب ضالة المحبين على حواف النهر ، أيها الرجل الأكثر شفقة ، أنت الوحيد الذي له شرف نقل كل ما يقوله الجميع عنك ، لأبي وهو يبتسم في الصباح في وجه اللقلق ، ويده ترتجف حين تمر على طاولة خشب الجور ، وهي تذيب فتنة المحبين وتبكي في ظل متوقد ، كنت أمشي قيد الأكتاف إلى نفسي ، سيلتقي أمي في سوادها وقد عرفت أمر ضياعه ، ستحتفي كل الاحتفاء به ، ليس ثمة أثر لعاشور ،عبثا أستمع إلى سحر الحلم ، لم يصلني أي صوت منك ، حاولت أن أوقد صمتي لأعرف أين أنت ؟ وتساؤله الباكي تحت الشجرة ، كيف يمكنك أن تقطن ما بين هؤلا ء الوحوش ، كأنني أقرأ وجوه العاشقين ، هل يفزعني الحلم ، بالتخلي عن مهنتي ، التي بدت أنياب متصاعدة في غاية الكتمان ، بالكاد أسترد الثواني التي تتداعى بعض الشيء ثم أطفوا فوق الجبين ، أعود لأنحت التطلع إلى عش اللقلق ، بعرض أربعة أمتار أو اقل قليلا حتى أفقد شهية الكلام وقدرة التخفي ، رغم الفرح والارتباك ،
من أين مررت ؟
من طريق النخيل الضيق المتعرج ،أفكر بحال أسرته ،رغم أني اسمع نضح الحلم ، هل هذا كل ما بقي من إرث ، أنها لا تعيش إلا من زهوره وهي تمثل آخر قطرة في دمه ، لحظات معدودة ، اختفت المرأة ، لم أستطع صياغة عبارة واحدة تديم التواصل بيننا ، تركت باب حجرتها الوحيد مفتوحا على سعته ، خطوات هاربة وبيت الحمام المغبر المهجور الذي صنعه عاشور ، في أيامه المبكرة هنا ، المرأة تتوقف ثم تأتي لحظات بأقداح الشاي
من منا يعرف الآخر ؟ هل تعرفه ؟ هل رأيته ؟
أحسست بمرارة بالغة حين أدركت هذا الحلم ، في بدني ، أعطتني النهاية دونما سبب وأدركت أن حاجتها المؤلمة هي المزيد من أخبار عاشور،عن من يفتش هذا اللقلق قالت
.. لن يسعف طائرا من طيوره، أفتح هذه النافذة حتى يدخل قليل من الهواء المنعش، فتحتها: عد إلى أمك أيها اللقلق
أنت ما استطعت لها سبيلا، هامت في البراري دون مرافئ ، كم كان مسافرا , مهاجرا كطير ، أدعوه عدة مرات ، لكن أحلامه تتوغل في الغروب ، ليهبط أكثر من ندم ، أنه جنون ... وجنون الأحلام لكل شيء ذهب مع اللقلق , أنهم مازالوا في طلوع الشمس .. كيف يظهر نفسه ؟.. كيف يعود ؟ لماذا تأتي لحظات القلق ؟ أني أقترب من نهايتي .. ، أملا في تحقيق حلمه: لم أنا وحدي ؟ وكان الندى في السماء يلوح لي بالمغادرة, قطعت المرأة حكايتها، تعالى صوت اللقلق، قال وهو يغادر: ماذا نفعل باللقلق ؟ تورى عبر الطريق ,أحتاج امرأة تعلمني تفسير الحلم ، يلوح الصبيان إلى اللقلق.
يلقون بالجراد عليه ، بعد ساعات ، كان يودع البيت وعيون الجيران خلف النوافذ ، في طرف الدرب الذي أمتلئ بصورة اللقلق ، ولم يشعر أبدا انه يودع الحلم ... طار دورة واحدة، والفضاء يدنو منه وكانت هذه هي الدورة الأخيرة تطل بالحلم الحزين،



#سمير_عبد_الرحيم_أغا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسن وسوزان
- كنت مع السيد حراز
- مدخل بطعم البرتقال
- سر في قلب رجا
- أنا والمدير والمدرسة
- الغجرية
- يعود غدا أبو مائدة
- كنت مع الشيخ غازي
- المعلم يشوع
- نهر يعد الى السماء
- يوميات مدينة في منتهى الأحتلال
- الثورة التعليمية في الانترنيت مدارس مفتوحة وجامعات بلا ابواب
- عتبات النص الروائي


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم أغا - نشيد اللقلق