أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - فليحاكم الهاشمي سريعا.. أصل الحكاية 3















المزيد.....

فليحاكم الهاشمي سريعا.. أصل الحكاية 3


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3596 - 2012 / 1 / 3 - 20:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ليس المالكي بالبساطة التي قد يتصورها البعض وخاصة أنصاره الذين حاولوا أن يقدموه كرجل قضاء صارم وليس كسياسي حصيف من خلال تأكيدهم على أنه, وخاصة في قضية الهاشمي, لم يكن يسعى سوى إلى تنفيذ القانون وكأنه رجل شرطة وليس قائدا لدولة تحت التكوين, بكل ما يفترضه ذلك الوصف من حكمة تعينه على العمل بميزان دقيق يحذر أن تكون هناك خصومة بين ما هو قانوني وما هو سياسي.
في الواقع أن المالكي كان يخطط بكثير من العناد, لكن بقليل من الصبر, لجعل الساحة السياسية قليلة الخصوم ومعدومة المنافسين, منذ أن تقبل حلا لأزمة تشكيل الوزارة أن يكون رئيسا لوزارة عاطلة عن العمل. ويشك أن خطوة إقالته للمطلك وملاحقته القضائية للهاشمي هي جزء من سياق هدفه تمشيط الساحة العراقية بما يتناغم ومعطيات مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي, وهي خطوات قد لا يصيب فيها المالكي النجاح لكنها ستنقله حقا من خانة السياسي المتواضع الخبرة والمحدود الرؤيا إلى آخر لا تنقصه الحيلة ولا يعوزه القرار.

إن هناك من راح يؤكد على أن تصريحات المطلك حول دكتاتورية المالكي لم تأتي بمعزل عن قراءته لهذا المخطط. وسيسهل أيضا تفسير الأمر من خلال معرفة أن المطلك, الذي أسس مكانته السياسية من خلال شخصيته الصعبة والمتمردة, كان مهمشا بالفعل, وقد حوله المالكي إلى خيال مآتة منذ أن اشترط أن تكون عودته إلى الحياة السياسية من جديد مرتبطة باعتذاره عن تصريحات كان أطلقها بشأن البعث قبل الانتخابات النيابية الأخيرة, واعتبرت حينها خروجا على العملية السياسية. ولنتذكر أن المالكي لم يكتفي بذلك وإنما أصر أيضا أن تكون تلك العودة مرافقة لإعلان المطلك براءة خطية من أية روابط مع البعثيين. وبينما شكلت هذه التنازلات المطلكية ثغرات يسهل طعنه منها, فإنها كانت أيضا رحما لاحتضان احتقانات شديدة بتواريخ مؤجلة بات يختصر الوصول إليها العزم الأمريكي على الانسحاب وتحتم انفجارها قراءة سريعة لمعطيات المرحلة القادمة.

شعور المطلك بحالة الإمحاء كانت كفيلة بتفجير حنقه وغضبه المؤجل, ففي الفترة السابقة ربما كان اقتنع بأنه يعيش حالة هدنة وافق مرغما عليها, وإن العودة إلى إطلاق النار كانت مؤجلة إلى ظرف أفضل. لكن ربما شعر أن الوقت قد حان لكي يتخذ الخطوة السياسية الكفيلة بأن تمنع محو اسمه من ذاكرة الرأي العام, وخاصة في المناطق السنية, التي كان متوقعا أن تتجه للبحث عن زعماء سياسيين جدد بإمكانهم أن يجسدوا خطابات المرحلة الجديدة التي بدأت إرهاصاتها واضحة جدا, وكان من أشكالها خطاب الفدراليات ذاتها, والذي هو تعبير حقيقي عن مدى وشكل القناعات المرحلية الجديدة المتأسسة على شعور بالتهميش كان عمقته بعض ممارسات الحكومة في بغداد وفجرتها في النهاية خطوة وزير التعليم العالي بإقصاء مائة وخمسين موظفا وتدريسيا من جامعة صلاح الدين بدعوى الصلة بأجهزة مخابرات صدام وبالبعث.
ومع ما سبق هذه الخطوة, وما لحقها من مطاردات واتهامات وأوامر لإلقاء القبض رأى البعض أنها جاءت لتؤكد تصاعد هيمنة سلطة المالكي بإتجاه تصفية هذه الساحات نهائيا للخضوع إلى سلطته المركزية, ومع خطوات إجرائية وسياسية أخرى اعتبرت سلبية حينها, كان متوقعا أن تشعر هذه المناطق بأنها متهمة حتى إشعار آخر بالانتماء للنظام السابق, بما جعل اشتراكها في العملية السياسية الجديدة تفضلا يحسب عليها لا عملا يحسب لها. والأزمة في حقيقتها هي أزمة دولة كانت تأسست على خطاب متأزم بالأصل. فالطائفية الدينية المسيسة لأغراض السلطة ونوع الديمقراطية المرتبة لها والمصممة لخدمتها لن يكن بقدورها إلا أن تكون مفرخا حقيقيا لأزمات متكررة.

إن الرجلين, المالكي والمطلك, كانا يبتسمان لبعضهما البعض بنصف فم, ويتهيأن للعض بالنصف الآخر, وكانت معركة هذا النصف الآخر مؤجلة لحتى تبان نتائج المحاولات التي تبذلها العراقية من أجل حسم مسألة المشاركة في الحكم, والتي كانت أقرتها ونظمتها اتفاقية أربيل, تلك التي جرى توقيعها برعاية مسعود البارزاني. وكانت الأزمة قد تفاقمت بالاتجاه الذي صار ينذر بانفجارها في أية لحظة. فالمالكي من جانبه كان يشعر أن هذه المشاركة بالمعنى الذي تطرحه العراقية تحد من حركته وتقيد قراره وتجعل الوزارة مخلوقا برأسين. ولا بد انه حسب أن تنازل علاوي عن رئاسته لمجلس السياسات الإستراتيجية هي خطوة على طريق تنازلات أخرى كان عمل جهده من أجل الحصول عليها, بينما كانت العراقية تعتقد أن الولايات المتحدة مسئولة إلى حد كبير عن تراجع مكانتها بعد أن كانت وعدت بحلول متوازنة لقضية الاختلاف حول حق تشكيل الوزارة.
وفي فترة ما قبل زيارة المالكي إلى واشنطن كان علاوي صريحا في اتهام أمريكا بأنها تخلت عن دورها المتوازن بين الطرفين بزاوية ميلان نحو المالكي آملا أن تكون هذه الاتهامات مثيرة لمراجعة, إن لم تكن لتراجع أمريكي, بإتجاه العودة إلى الوسطية المرغوبة على الأقل, والتي تكفل الوصول إلى حلول متوازنة كانت العراقية تسعى إليها في أجواء باتت محملة بقناعات تفيد أن المالكي ليس في نيته التراجع عن تنفيذ مخططه الرامي لحسم الساحة لصالحه. وقبل ذلك فإن النجيفي والهاشمي لم يبخلا على المالكي بكل ما يجعله متوجسا من أن هناك محاولات جادة لعزله عن مناطق السنة والوقوف في وجه زعامته وإضعافها حتى لو تكلف ذلك التشجيع قيام الفدراليات.

خلاصة الأمر أن المالكي ذهب إلى واشنطن وقد ترك خلفه معارك ملتهبة وغير محسومة, وكان ممكنا أن لا ينفجر الوضع لو أن الأمريكان تصرفوا بطريقة أفضل, لكن أوباما تطوع, ربما دون أن يدري, للعمل كحطاب لتلك الأزمات بدلا من رجل إطفاء. وما أن رحب بضيفه العراقي مؤكدا على أنه الرئيس المنتخب ذا الشرعية الديمقراطية حتى شعر زعماء العراقية أن المالكي قد نال أكثر مما هومتوقع, وأن الترحيب الأمريكي به هذه المرة جاء وكأنه حسم نهائي لموضوعة الخلاف لصالحه وعلى حساب العراقية.
وبما أن العراقية كانت تعقد الآمال على العراب الأمريكي, الذي كان وعدها من خلال بايدن بحلول لم تنفذ, فقد تصورت أن أوباما قد حسم انحيازه إلى المالكي على حسابها, أو انه كان قرر أن يترك الساحة العراقية بنواقصها والتهاباتها عرضة لأن تكون تحت هيمنة الطرف الأقوى الذي استطاع أن يبني منظومة أمنية وعسكرية تأتمر بأوامره. ولذلك فإن تصريحات المطلك لا يمكن فهمها بشكل ينقطع عن كونها محاولة لإلقاء الكرة في مرمي الصديق الأمريكي لإعادة تشغيل دوره المحايد والوسيط.

لكن الظروف التي عجلت تفجير الصراع لم تكن كلها محلية,إذ لا يمكن مطلقا عزل ما ستؤسس له متغيرات الساحة السورية من تأثيرات على الوضع الإقليمي والعراقي. ولما كانت الساحة العراقية مقسمة الطوائف وموزعة الإرادات وتابعة القرار, فإن الخوف مما يمكن أن تؤدي إليه نتائج الأحداث السورية من تأثيرات سلبية على إيران أولا, وانعكاسية تراتبية وتلقائية على وضع حلفائها في الداخل العراقي, كان من جهته مدعاة أيضا لتفجير الصراع بالشكل الذي تم عليه.

لكن هل يمكن أن يصب هذا التحليل لصالح تبرئة الهاشمي من ذنب اتهامه بالوقوف خلف جرائم إرهابية.. كلا بطبيعة الحال, فالقضاء وحده بإمكانه أن يجيب على هذا التساؤل, والهاشمي نفسه أظهر استعدادا للوقوف أمام القضاء لكنه اشترط أن يجري التحقيق والمحاكمة داخل أراضي كردستان ومن ثم طلب أن تتم في كركوك وخانقين. لذلك لم يعد هناك خلاف حقيقي يتطلب الإبقاء على جذوة هذه القضية شغالة لإثارة الصراع والفتنة. ونحن إذ ندعو إلى التنبه إلى ذلك, والإسراع إلى عقد المحاكمة المنشودة فإنما يهمنا أن يأخذ القانون مسراه وأن تعلو مكانة القضاء ورايته, لكننا سنكون ساذجين إن لم نحرص على تشجيع أن يتم الأمر بإحتراسات تحول دون أن تأتي هذه القضية لتصفية خصومات سياسية قد يجير القضاء العراقي لخدمتها, مما سيجعل منه ومنها ميدانا للفتنة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصنيم القضاء أم توظيفه.. أصل الحكاية.. 2
- بين المطلك وأوباما والمالكي.. أصل الحكاية / القسم الأول
- مثال الآلوسي.. وقانون التسي تسي
- قضية الهاشمي والقضاء العراقي المستقل
- من يتآمر على سوريا.... نظامها, أم قطر والسعودية.. ؟!
- الانتخابات المصرية.. بين المطلبي والسياسي
- اغتيال المالكي.. قصة الكيس وفئرانه الخمسين
- العلمانية.. إنقاذ الدين من ساسته ومن كهنته
- إلى اخوتنا في صلاح الدين.. (3)
- إلى إخوتنا في صلاح الدين... 2
- لا يا إخوتنا في صلاح الدين.. حوار لا بد منه.. (1)
- رسالة إلى المحترمين خبراء النفط العراقي*
- التحفظ العراقي.. كم كان صعبا عليك يا هوشيار تفسيره
- علاقة البعثيين بفدرالية صلاح الدين*
- ليس بالفدرالية وحدها يتجزأ العراق
- ماذا قالت كونديليزا رايس عن الحرب مع العراق
- حينما صار أعداء الفدرالية أنصارا لها
- من سايكس بيكو إلى محمد حسنين هيكل.. قراءة جديدة للتاريخ
- ثقافات سياسية تائهة
- سوريا, العراق, البحرين.. رايح جاي


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - فليحاكم الهاشمي سريعا.. أصل الحكاية 3