أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - تساؤلات لا يحتملها -الاستبداد-














المزيد.....

تساؤلات لا يحتملها -الاستبداد-


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 3596 - 2012 / 1 / 3 - 00:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع نهاية الولاية الأولى للأسد عام 2007 والتحضير للولاية الثانية دُعيت إلى إلقاء محاضرة في مدينة الرقة، وقد تُرك لي أن أختار عنوان المحاضرة، ففعلت، وكان عنوانها "سوريا في عيون مثقفيها". وقد حضر المحاضرة ثلاثة رجال هم الذين يشغلون أعلى الهرم من المرجعيات الثلاث في المدينة: رئيس المخابرات، ورئيس الحزب الحاكم، والمحافظ، والتأم الحضور. أما السؤال الأول الذي طرحته فكان التالي: ما الذي أنجزه الرئيس في الولاية الأولى؟ وما إن انتهيت من ذلك، لاحظت أن المسؤولين الثلاثة - وقد جلسوا في الصف الأول - اتفقوا بالأعين على أمر ما اتضح حالاً أنه الخروج من قاعة المركز الثقافي، بحركة تستبطن احتجاجاً أو بعض الاحتجاج.

كان ما شاهده وأحس به الجمهور أمراً يختزل نصف قرن تقريباً من عمر سلطة راحت شيئاً فشيئاً تختزل الوطن والشعب، بحيث انتهى الأمر إلى أن صاحب هذه المقالة ربما تمكن من الكشف عن القانونية العمومية، التي ضبطت المجتمع السوري على امتداد ما يقترب من نصف قرن. أما هذه القانونية، فلعلها أن تكون ما صُنفته بقانون الاستبداد الرباعي: الاستئثار بالسلطة - وبالثروة وبالإعلام وبالمرجعية المجتمعية (القول بأن الحزب الحاكم هو الذي يقود الدولة والمجتمع). ومن ثم جاء الخروج من قاعة المحاضرات بمثابة استنكار للسؤالين المعنيين بمثابتهما "تعدياً" على حقوق الرئاسة في ألا يُعترض على ما يصدر عنها: البقاء في الحكم إلى الأبد أولاً، والتصرف بكل شؤون الجمهورية دون مساءلة أو اعتراض ثانياً، حتى لو حدث من كوارث الفساد والإفساد والاستبداد ما يعرّض الوطن ومَن فيه إلى التفكك والتصدع من الداخل والخارج، وكأنما نحن أمام نموذج تاريخي برز في فرنسا قبل الثورة الفرنسية الكبرى، وذلك حين أعلن ملك فرنسا عملية التماهي بينه وبين القانون، فقال:"أنا القانون، والقانون أنا، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام أكثر من حكم (ملكي) وراثي، فلقد تحول الوطن إلى ملكية خاصة فاقدة حتى للضوابط القانونية (المكتوبة والمقر بها).

في تلك الحالة الهائلة الدلالة، اتضح أن "الخارج" لم يبق صامتاً ودون حراك أمام "داخل منهك ومستباح" ينادي أن تعالوا خذوني، مشيراً بذلك إلى المثل الشعبي الدقيق والحازم والذي يقول: المال الداشر يعلّم الناس على السرقة، إزاء ذلك كله، نجد أنفسنا أمام طرفة تقارب الكوميديا السوداء، وتتلخص في أن ذلك الحُطام الذي انتجه "صُناع الاستبداد والفساد" يأتي هؤلاء ليقدموه إلى الناس على أنه "تعبير عن مؤامرة خارجية من قِبل الأعداء" يسوّقها أهل البلد "المرتبطون بهؤلاء"، وبفعل خيانتهم الوطنية وحقدهم الإجرامي على صانعي "الرخاء والحداثة والعدالة"، وكذلك الواقفين كالطود "في وجه" العدو التاريخي للعرب.

هكذا نعلم أين موقع كل ما يأسس للخراب الاقتصادي والتفكك الاجتماعي والتحلل من قيم الكرامة والحرية والسير عمقاً وسطحاً في تيار الفقر والإفقار، ومن ثم فإن إحالة المسألة إلى "مؤامرة خارجية"، إنما هي نفسها جزء من مؤامرة مرجعيتها الداخل نفسه أولاً، مع التأكيد أن الخارج وجد نفسه، والحال كذلك، أمام حالة داخلية مفتوحة، ما عليه إلا أن يقتحمها.

بل ينبغي هنا التساؤل المر عن المحاولات الحثيثة، لرفض الاعتراف، بضرورة قصوى، بأن داخلاً من الدواخل العربية ليس جديراً بأن يمنحه أهله جهداً عظيماً لإصلاحه، بعد مرور أربعة عقود ونيف، إذ هل الإصلاح الحقيقي تعبير عن حقد أهل البلد على رؤسائه، أم هو فضيلة كبيرة لكل الطبقات والفئات والمجموعات الاجتماعية، خصوصاً منها فئة الشباب، التي أفقدت كل شيء، عدا العار، لقد غابت الحكمة الوطنية وعيبت في أوساط من بأيديهم القرار، إذن ليس امتهاناً لقواعد الحكم أن تطرح أسئلة على من يقفون في رأس الهرم، بل إنه من الجهل والاستبداد والإجرام السياسي والوطني أن يعتقد أن فلاناً أو آخر هو خارج التاريخ والمساءلة، وإذا غاب ذلك فإن الوطن يكون الضحية والتباكي خوفاً من "تدخل الأجنبي يصبح غطاء لأكثر المسالك خطراً".



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معضلة النظام الأمني
- من التخلف إلى الاستبداد
- الحرب الطائفية والنظام الأمني
- الاستقواء بالخارج!
- -الربيع العربي- والمسار الفلسطيني
- موقف أوباما: هذا ما يغضبنا
- الطبقة الوسطى والانتفاضات
- الأيديولوجيا : المواقف والمعارف
- الحروب والمنظومات الأخلاقية
- الدولة المدنية والإسلاميون
- المسار التاريخي العربي
- الإصلاح والسلاح
- الاستبداد والوعي التاريخي
- كلمات في عمل جدير بالقراءة


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - تساؤلات لا يحتملها -الاستبداد-