أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - تذمّر قصة قصيرة















المزيد.....

تذمّر قصة قصيرة


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3595 - 2012 / 1 / 2 - 17:36
المحور: الادب والفن
    


تذمّر

حين وصل بنا الحديث إلى تنامي العنصريّة النرويجية، اندفع الصومالي نور عبدي يوسف، يحدّثني بحسرة لا تخفى:
" لم تنفكّ والدتي المنقبة، زليخة جامع نور، أمدّ الله في أنفاسها و نفع بها، و بارك فيها تسعى محتسبة في مدّ جسور التّواصل بينهما و بين جارتنا النرويجية الجحودة آنّا ماريت بيارنسن التي قطعت بها السّبل، و هجرها الأهل و مات عنها البعل.. قلت لك أخي الكريم لم تزل والدتي تتواصل مع جارنا النرويجية المذكورة عبر تردّدها المكّوكي ــ و المأجور إن شاء الله تعالى ــ على شقتها المجاورة لنا خلال اليومين الأوّلين من حلولها ضيفة عليّ بأوسلو، كلّ ذلك لأسباب إنسانية متنوّعة و مبرّرات نبيلة و عديدة منها:
ـــ التقرّب إلى الله تعالى بطرد الوحشة عن حرمة نكبت حديثا بفقدان زوجها، بعد فجيعتها بهجران ولديها.
ـــ التأسّي بالمصطفى عليه الصلاة و السلام الذي أوصى خيرا بسابع جار.
ـــ و جوب ردّ جميل تطوّع الحرمة النرويجيّة ــ رغم كبر سنها و غياب عقلها، و وهن جسمها و ضعف حركتها ــ بمساعدة والدتي في إيقاف عمل جهاز إنذار الحرائق.
ـــ قياما منها بواجب إنساني نبيل و مأجور ان شاء الله تعالى، يقتضي عدم ترك عجوز ذات رائحة لا تطاق، دون حملها على الإستحمام.
ـــ إخلاء ثلاّجة جارتنا من سمك فاسد و مواد غذائية أخرى علتها العفونة.
ـــ التطوّع بإبدال أغطية سرير و أغلفة مخدّات، و شفط ما تراكم من غبار، و تنظيف شقتها عموما.
ـــ استغلال الوالدة قيامي الليلي و مبيتي في مسجد التوفيق، لقضاء ليلة في فراش الحرمة المسكينة بقصد التخفيف من وحدتها.
ـــ حمل الجارة على تذوّق ـــ و كأضعف حقّ لها علينا ــ من كلّ طبيخ نمّت عنه رائحته.
ــ خدمة المرأة و ــ إن تمّ ذلك بطريقة مؤلمة ــ فالوسيلة القاسية تبرر الغاية النبيلة، بالتخلّص من شعر شارب و ذقن منفّرين.
ــــ تمسيد كامل جسد الحرمة النرويجية المهجورة بدهن النعام الحرّ و المفيد لروماتيزم عطّل حركتها.
ــــ تعهد شقة تعاظمت رطوبتها (بسبب نقصان التهوئة) بالتبخير المركّز.
ـــ محاولة التأثير عل حرمة وحدانية قليلة المصاريف و ذات دخل شهري يفوق دخل خمسين عاملا صوماليا، بالتطوّع بمائة كرونة للمساهمة في مساعدة منكوبي أمة محمد عليه الصلاة و السلام.
ـــ دعوتها لله تعالى عبر تذكيرها بتكريم الإسلام للمرأة عبر حجبها في البيت و سترها عن أعين الناس ـ زيّ الوالدة الشرعي مثلاــ
ـــ إفادتها ــ عن طريق الإشارة و بتوفيق من الله ــ بمزايا ختان الأنثى ــ و دفع شبهات أعداء الإسلام التي تحوم حوله ثم نصحها بالمسارعة و كطريقة إستباقية لتجنّب سرطان الرّحم، بتشذيب زوائد فرجها!
ـــ النفث مرّة واحدة (من جملة ثلاث مفروضات) في فم الحرمة للبركة ــ حدث ذلك استجابة من والدتي لوصية جارتنا الأثيوبية بأنها الوسيلة الأنفع لإجلاء الشياطين عن شقة الحرمة ــ.
ـــ التأكّد من لزوم كلب الجارة مكانا حدّدته الوالدة الكريمة ( الحمّام).
ـــ إستعارة آلة يدويّة لرحي الجبن و في مناسبة أخرى استعارة هاتف الجارة الثابت.
ـــ استغلال غسّالة ملابس الجارة لمرتين متتاليتين بعد التعطل المفاجئ لغسالتنا.

بعد انشغالي عنه بمكالمة هاتفية خاطفة، استمرّ الصومالي نور عبدي يوسف متذمّرا:
ـــ قلت لك اخي الكريم.. لم تنفكّ الحاجّة أطال الله بقاءها و بارك فيها، تسعى محتسبة في مدّ جسور التواصل الإنساني بينها و بين جارتنا النرويجية الجحودة آنّا ماريت بيارنسن عبر تردّدها المكثف و المأجور إنشاء الله تعالى على شقتها خلال اليومين الأولين من حلولها ضيفة عليّ بأوسلو، حتى صعقنا جميعا ..أنا و و الدتى و جاري أحمد شريف فرح، و في اليوم الثالث و الأخير من زيارة الوالدة، بإستلام دعوة عاجلة من شرطة بلديّة أوسلو فرع جرينلاند، تدعوني لتقديم الوالدة الكريمة مصحوبة بمترجم صومالي محلّف و مدفوع الأجر و من قبيلة غير معادية لقبيلتنا... للمثول أمام لجنة تحقيق بالتهم التالية:
ـــ إستغلال علاقة الجوار و طيبة المتضررة آنّا ماريت بيارنسن و سلبيتها الفطرية، لإقتحام محلّها.
ـــ إستغلال حالة زهايمر تفيق منه المتضررة تارة و تنتكس فيه أخرى لفرض إرادة الغير عليها.
ـــ تكرار ترويع المتضرّرة آنا ماريت بيارنسن بالدخول عليها بقناع وثوب أسودين باعثين على الخوف و الإكتئاب.
( يقصدون الزيّ الشرعيّ... قاتلهم الله!) .
ـــ الإعتداء المنهجيّ المنظم على الحريّة الشخصية للمتضرّرة من ذلك إجبارها على إستحمام أضرّ بجلدها الحسّاس و منعها من متابعة برامج تلفزيونية بعينها ( قبل أن يتمّ إغلاق الجهاز بصفة نهائيّة).
ـــ إلإزعاج المستمرّ بقطع فترات نوم المتضرّرة، عبر التردّد عليها دون مراعاة أوقات إخلادها إلى النوم.
ـــ إحراج المتضرّرة و حملها عن إهمال تناول بعض المهدئات و المشروبات الكحولية والإستعاضة عنهما بشرب ماء مقدس ــ جلب من مكة ــ و دهون حيوانية المصدر.
ـــ إستغلال الحياء المرضيّ للمتضرّرة لإكراهها، و لمدّة ثلاث أيام متتابعة على تناول أطعمة غريبة الطعم و التركيب، أظهرت الفحوصات المخبريّة تسبّبها في ظهور بوادر تسمّم داخلي و إلتهاب على سطح الجلد.
ــ الضغط المعنويّ على المتضرّرة آنّا ماريت بيارنسن بقصد إبتزاز أموالها بحجّة التضامن الإنسانيّ مع ضحايا المجاعات و الحروب القبلية و الأهلية في القرن الإفريقي و الشيشان..
ـــ تخويف المتضرّرة بالنار وعذاب القبر و بأشياء رهيبة أخرى، بسبب إصرار الأخيرة على التمسّك بقناعاتها الدينيّة ممّا عرّض المتضررة الى كوابيس حاضرة و أخرى متوقّعة.
ـــ اللّجوء الى وسيلة بدائية فظة في حق المتضرّرة لنزع شعر وجهها، مع اعتماد النتف لإزالة شعر إبطيها.
ــ إتلاف مملكات خاصة للمتضرّرة بدعوى عدم صلوحيتها( تماثيل، صور، صلبان زجاجات نبيذ معتّق و باهظ الثمن)
ــ مشاركة المتضررة فراشها و احتضانها و تقبيلها مع القيام و لمرة واحدة بتحسّس الجانية لكامل جسد المتضررة مع إصدار همهمات.
( يقصدون الرقية الشرعيّة قصمهم الله!)
ــ حبس حيوان تابع للمتضررة نتج عنه إصابته باكتئاب حادّ مصحوب بامتناع عن الأكل.

بعد إطالة تعجّب صديقي الصومالي نور عبدي يوسف طويلا من" عضّ الجارة النرويجية آنّا ماريت بيارنسن لليد الممتدّة نحوها" استمر متعجبا:
ـــ لكن أشدّ و أقبح ما أذهلني من التهم الموجهة للوالدة الكريمة (التي هرّبتها في فجر اليوم الرابع الى السّويد، حيث تقيم شقيقتي) كان و لست أدري ما محلّ ذلك من الإعراب " التحرّش الجنسيّ بالمتضرّرة".
ـــ ....!؟
ـــ فهل يعقل ان تجازى الوالدة الكريمة بمثل هذا؟

رغم الفظائع و الانتهاكات التي أقدمت عليها الأخت الصومالية الكريمة الحاجة زليخة جامع نورفي حق جارتها النرويجية آنّا ماريت بيارنسن، لم أملك سوى مشاركة الصومالي نور عبدي يوسف تذمّره و إستياءه من" المظلمة النرويجية" التي حاقت بوالدته، كل ذلك لأسباب أهمّها:
ـــ سأمي من خطاب من لا يفهم.
ـــ غناي عن عداوة جديدة.
ــ خشيتي من رفع شقيق نور عبدي يوسف( جار سوء )، و نكاية بي، من منسوب البخور الصومالي المزعج الذي تطلقه زوجته (رغم تذمّر الجيران)، مثيرة غضبي و حساسية زوجتي، إن أنـــا أثرت غضب نور عبدي يوسف بمواجهته " بمظلمة تونسية"! أشدّ مضاضة عليه من وقع الحسام المهنّد!
ـ أن نور عبدي يوسف هو المقدّم في مسجد التوفيق، آخر المساجد التي يمكني التردّد عليها رغم ثقل ظل إمامه و خطبه الأسبوعية التي شابهت الليالي النرويجية في البرودة و الطول، و ذلك بعد صدامي مع مسجد الرابطة الإسلامية ــ إتجاه إخواني ــ و مسجد الرحمة ــ إتجاه تبليغي ــ و مسجد الهدى ــ إتجاه صوفي ــ و مسجد الإيمان ـ اتجاه سلفي مرتبط بسفارة بلده، أفتى إمامه الليبي في جلسة خاصة، بأنني قد انسلخت عن الدين "إنسلاخ البيض عن الدجاج، و الجلد عن النعاج" و أنّ دمي أحلّ من ماء زمزم، لأنني كتبت ذات مرّة، بأن النقاب الوهابيّ لا صلة له بدين محمد، و أنّ ظهور منقبة يمثل إهانة للمرأة المسلمة، هذا ان حدث ذلك في بلاد المسلمين،أما ظهورها في أروبّا فيمثّل إهانة بقدر ما يمثل وصمة عار للمرأة و للرجل معا.

ما لم أواجه به الصومالي نوري عبدي يوسف القادم من صومال أكثر من نصف سكانه من البدو الرّحل، و الجاهل كليّا بالعقلية الغربية المتحفظة، ما لم أواجهه به، أنه كان سعيد الحظ لأن النرويج تمثل صومال أروبّا و فلاتها،( و دليل ذلك تسمية الفرنسيين النرويجيين ببرابرة الشمال، و تسمية عاصمتهم أوسلو بأكبر قرية في العالم و أن أغلبية النرويجيين يتحلّون كسائر البدو برحابة صدر و إحترام للضيف) لأجــل ذلك، و جب عليه حمد الله كثيرا على رحابة صدر آنّا ماريت بيارنسن، و تحمّلها القياسيّ لفضول الحاجة زليخة "أمدّ الله في أنفاسها و نفع بها، و بارك فيها"، لأنّ جارة فرنسيّة (" جحودة" هي أيضا) قد أقدمت ذات مرّة على إستدعاء البوليس لسحب زوجة عمّ لي كانت أعرى من فرنسية، وأبيض من شمعة، قد أقدمت مرّتين على دقّ جرس تلك الجارة الفرنسية خلال يوم واحد، ثم الوقوف في مدخل بيتها و مبادلتها أحاديث وديّة، دون دعوة تلقتها منها. مما أعتبرته جريمة إستدعت إحضار البوليس لجرّ عمّتي إلى الخارج، ثم تغريمها بتهمة إقلاق راحة الغير! و لو أن تلك الفرنسية، قد تعرّضت إلى معشار ما تعرّضت إليه المتضررة النرويجية، دون تلقّى إغاثة بوليسية، لما تردّدت في توجيه طلقة ناريّة، نحو زليخا الصوماليّة!

أوسلو 13 أكتوبر 2011



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غلمة ! قصة قصيرة
- تطيٍّر قصة قصيرة
- من مظاهر الإستهانة بانسان عالمنا العربيّ قصة بالمناسبة
- خروج قصة
- راشد الغنّوشي و الشيطان، حدث ذات مرّة
- يا متخلف يا حمار كن من أهل اليسار!
- حركة النهضة تحتفل قريبا بأربعينيّة غنّوشي.
- لوبي قصة قصيرة
- من صور التديّن السلفيّ السّخيف قصة
- خالد مشعل يتاجر بكرامة الفلسطينيين
- عبور قصة قصيرة
- إلحاد ادونيس أنفع من -إيمان- مفتي سورية
- موت قصة قصيرة
- رأي جدّي في نوبل 2011 للسّلام! قصّة بالمناسبة .
- من سخافات الغنوشي و القرضاوي قصة بالمناسبة
- يساريو تونس: اغتراب بلا حدود عن الثقافة المحلية قصة طريفة ب ...
- عنصر المفاجأة في الثورات العربية قصة بالمناسبة
- حول التمييز العنصري.. قصة بالمناسبة
- إسماعيل هنيّة، وقاحة قلّ نظيرها
- ذخر قصة قصيرة


المزيد.....




- الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم ...
- “عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا ...
- وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
- ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
- -بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز ...
- كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل ...
- هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
- -بوشكين-.. كلمة العام 2024
- ممثلة سورية تروي قصة اعتداء عليها في مطار بيروت (فيديو)
- RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز تريندز الإماراتي للبحوث و ...


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - تذمّر قصة قصيرة