أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - 2011 سنة البوعزيزي_ نحن نتبادل الكلام















المزيد.....



2011 سنة البوعزيزي_ نحن نتبادل الكلام


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 3593 - 2011 / 12 / 31 - 11:55
المحور: الادب والفن
    


في أي يوم نحن....في أي ساعة! شهر! من بمقدوره معرفة شيء!
*
_ أنت في يوم 3 كانون 2011 وهذه سوريا تعيش أول ثورة في تاريخها الطويل, والاحتمالات كلها متلاصقة بل متشابكة.... تتداخل بشكل يثير القلق والحيرة
ا كانون1مضى, 2, ....وصلنا إلى السكون الأبدي_ لا حركة ولا صوت ولا أخطاء
اليوم؟
تنقذني الشاعرة الكويتية دلال جازي أحدث الأصدقاء_ تشريح الأرنب الأبيض هدية سوزان
كما يحدث أحيانا عندما أشعر أنني لا أعيش زمني,
الأزمان التي تركها الأموات لا يمكن أن تصلح
إلا للانتظار والتلويح والأحاديث العابرة
*
4كانون
أحلام طبيعية. أحلام غريبة! وقائع لا رابط بينها.
رأيت سوريا من خارجها وها أعاود لأراها من الداخل مرات ومرات.
.....مع أنه الصباح, والشهر يقترب من نهايته, وأعرف اليوم والساعة والتاريخ بدقة.
_هاجسي أن أنام نومي الأبدي. وأموت. ولن أفيق من رقدتي مهما حاولوا صفعي وإنعاشي.
ورشفت من القهوة.
_ فكرة مرعبة أن يصفع المرء وهو فاقد الوعي.
وضعت الفنجان وراحت تعبث بغلاف قطعة السكر وقالت بجدية:
_ غباء, لن يحاول إنعاشي أحد.
كان الشاب ينظر في يدها.
قبل أن أتابع القراءة أفكّر: هذا المقطع من الرواية غير عادي, في وضعي النفسي الحالي. لكن هذا حلّ رديء وغير مبرر فنيا ونصيا_ ربما أخلاقيا أيضا
....قريبا تنتهي السنة ومعها هذا الشهر وأيامه وأحداثه
_ تشعر أننا لسنا بخير؟
يطول الليل ويقصر النهار, بسرعة يصير أحدنا آخر, ولا يعود يفهم من كلامنا أي شيء
*
5
كانت الأشجار عالية وكنت أمتلك كل شيء
كانت الأشجار عالية وكنت أعرف أنني موجود
_ آه, لا تنسى! هذه الحديقة كانت مسحورة
*
5 كانون في بيت ياشوط استيقظ قبل الفجر_ أرى الخوف العاري
من الأيام القادمة, خوف التغيير. أحاديث النهار والمساء تهدف إلى تغيير قناعات المستمع, لا عرض معلومات وخبرات_ الخوف في بيت ياشوط يغلّف الهواء والعيون والعقول.... استيقظ في غرابة الأحلام ومعها.
أرى أنني صرت أعرف مشتقات جديدة للخوف, وربما أنواع وأشكال_ هل يمكن التصالح معها؟ معايشتها.....
_ ترى الاعتقاد عكس الرغبة!
*
ذات المعرفة. ذات المحبة. قلق يدور حول نفسه وفي عودته إلى الفراغ. ذات الكلام. ذات.
ليس يخرج من النهاية, لا اسم ولا فعل ولا صفة, ما بعد يبقى_ ثقب أسود لكنه قابل للعودة والاستدراك. ما بعد النهاية...
*
6 كانون
هذا صباح بارد أكثر من العادة. أدخل السخان ومع الكمبيوتر والغرفة الصغيرة يومنا اللذيذ.
أرقب الشروق. ومتنبه للكلمات وشكل التعبير....
" اللغة دائما علم والخطاب دائما معرفة بالنسبة لمن يتلفظ بالكلام أو ينصت له داخل السلسلة التواصلية, وبما أن المعرفة الأدبية تتموقع هي أيضا داخل حلقة: القول_ السماع, وتستمد منها هدفها وقصديتها, فإنها تحدد موضوعها (النص) ككلام....هكذا المعرفة الأدبية....كبنية لسانية مغلقة. وتكملة الفقرة التالية من هذا الاقتباس المطول عن اسطمبول ناصر والمراجع تتنوع بين أبو حيان التوحيدي والجاحظ والمعري وتودوروف وكريستيفا....وآخرون
"الكلام يرتهن دائما إلى مجال الآنية المفتوحة" حاضر المستقبل" واللحظة التي لم تسننها الكتابة, فهو دائما "قيد التحقق" الدائم بحيث لا يلتزم قطعا ب (قداسة) مرجعية الزمن حيث يظل على الدوام رهن التوالد الحاضر....والحقيقة المنسوبة إلى الملفوظ لا مصدر لها سوى اعتقاد المتحدث: إنه مرجعية الثابت أقرب إلى شبح الحقيقة....الكلام من حيث البناء قد يكون شائعا أو أجنبيا أو معارا أو مجازيا أو زخرفيا أو مبتدع المعنى أو مطولا....أو منقوصا أو معدلا...والشائع يعني ذلك الذي يستعمله الناس"

*

المشكلة في الإثارة. تبدأ بشغف الجديد, عند نقطة, الكل يدركها بمفرده_ وبتواطؤ جمعي. لا يعود الجديد والكم كافيا لوحده, بعدها تبدأ نقطة الانعطاف نحو الغرابة_ خوف, شفقة, قرف. بعدها مرحلة التفكك الداخلي.....ما بعد النهاية

ماذا بعد النهاية. ما بعد النهاية. سدرة المنتهى. دوخة العقل خارج الحواسّ. ماذا بعد...
*
7 كانون
عادت الغيوم, وتشكلت ما يشبه الظلال الكثيفة. تراخت قسوة الهواء, والبرودة خفتت.
*
القمر على يميني, شبه مكتمل. فوق الزيتون والبرودة, فوق الحماقات الوطنية والقومية, فوق الأحلام الجميلة والألوان. قرص ضوء يرافق البؤس البشري ملايين السنين.
فجأة أنتبه. صرت أكبر من أصدقائي. بيسوا وتشيخوف أكبر من المتنبي و بوشكين وطرفة ومن رياض الصالح الحسين ومن كافكا وأسامة الدناصوري_ وما يزال القمر يبعث ببعض المواساة, قمر بسنادا.
_ ولا صديقة! أي ثورة لا تؤنث, وبالأفعال والآمال!
تشعر بالضياع؟
لم أكن أريد أن أصف أي شيء, ولطالما شعرت بالنفور من صراعات السيطرة والمال, لكنه الضعف
_ هل تبرر أفعالك بالحاجة, أم تتهرب من مسؤولياتك؟
أشعر بالحالات الإنسانية التي تعاش وتدور في محيطي, مرات العجز, مرات اليأس, وربما الخوف بأشكال جديدة لم أتميزها بعد بوضوح
_ أنت جناية اللغة والكلام, القليل!
*
بينما يقترب الشهر الأخير من النهاية, ويقترب معه هذا الكتاب_ الرحلة في تفصيلات اليوم.
وكما تظهر لشخص ميتافيزيقي يحضر عبر لحظة التدوين فقط. يتغير الطقس بشكل سريع ومعه المناخ الشامل,....
اليوم وحدة الوجود الأساسية. الفرد وحدة الوجود الأساسية. الوجود. وحدة. فرد. يوم
" القضية نسيان الوجود"
*
8 كانون
صوت رعد من بعيد. بقايا مطر البارحة. أرض مغسولة ورطبة, يا لها من صباح..
وأنت عزيزي القارئ....ألا تفتقد معي لصوت الديك, وتتساءل عن غيابه!
_ في الأيام السعيدة....., تتذكّر, تحاول, تتعثر, تنهض من جديد وتخرج إلى حياتك
*
قوس قزح.....أول مرة أراه من هذا البيت. هذه بشرى. هدية
_ هل تستطيع أن تؤمن بإشارات (اعتباطية من الخارج) وذات معنى....
مع قوس قزح وألوانه المبعثرة في الهواء, والحب, والطفولة, والشغف , والأخيلة
_ تلاشى قوس قزح ومعه رجل حياته في الكتابة
_ القراءة مثل المراهقة, فجأة حاجات جديدة تولد وتنطفئ

*
9كانون
" يجب أن نفكر بطريقة مختلفة. لا نجد شيئا إذا ما فكرنا بالطريقة العادية"
تتكرر العبارة في رواية (النمل). وهذا اليوم 345 من السنة" الجديدة" أبدأه مع العبارة.
_ تستطيع ضبط التنفس والاسترخاء أكثر, تستطيع أن تفكر وترى بطريقة جديدة.

نسيان الخوف بالمزيد من الخوف, طريق الإثارة ينحدر مع النهاية
*
أتذكر الصباحات الشتوية الباردة, المدرسة, الجامعة, النفخ في اليدين للتدفأة, أتذكر...
_ هل أنت راض عن حياتك؟
كم تضع نسبة الرضا والقبول من عشرة؟
_ هل تستطيع تحديد أين أخطأت_ لو كان الزمن يستعاد؟
كم تكرر من حياتك_ بوعي ورغبة.....
" العالم مكان قاس لا يمكن تحمله من دون كذب "
شريط الذكريات يعبر, وليس أمامك سوى يوم فارغ تواجهه كل صباح
_ من أنت!
*


اليوم جمعة أيضا ولا أعرف تسميتها بعد.
سوريا: الثورة والسلطة والمعارضات والأفراد, قبل 21 يوما من نهاية السنة, في حالة غموض. ثورة ينقصها غطاء وطني وتعبير سياسي صريح. سلطة فقدت الكثير من شرعيتها ومرتكزاتها وما تزال تمسك بالدولة فعليا. ولا إشارة لحل توافقي بين طرفين تعادلت قواهما.
_ هل تقول أن الثورة خسرت تفوقها الأخلاقي في مقابل خسارة النظام الكثير من شرعيته الشعبية والدولية؟
_ فريق "إصلاح النظام, بناء الدولة وتغيير الدستور" في مقابل فريق" إسقاط النظام"....
" إطلاق الأحكام مهنة الحمقى" لطالما رددت العبارة, وقلبتها على أكثر من وجه.
رغبتي وتوقعي وفهمي, لا حلّ في سوريا بغير التوافق. حلّ لا يخرج منه طرف مهزوم
_ ليس لديك سوى استعارة الأواني المستطرقة, كتمثيل للقوى السياسية_ الاجتماعية, تضعف قوة على الفور تبرز قوى واتجاهات جديدة
*
العمر واسع بما فيه الكفاية_ جمعة الكرامة كانت تسميتها جمعة إضراب الكرامة
*
10 كانون
_هل تحتمل الخسارة؟ بسهولة ويسر أم على مضض, على عشرة كم تضع النسبة؟
تجربتي في المقامرة, الاستمرار سببه استعادة الخسارة. وفي البداية رغبة الربح ثم الإصرار على استعادة الخسارة, وتلك المشاعر_ الإثارة والتوتر,.....أي صباح هذا!
برودة. ماء قريب من درجة التجمد. يتبع جرعة البرودة شعور بالنشاط العالي, جميل.
سوريا وأنا نشبه بعض لدرجة التطابق
الفراغ لا ينقص, لا يغضب, لا ينفعل_ كن الفراغ
الجوهر إناء فارغ, يكرر أحمد جان عثمان ويعيد: الفراغ
*
نكون أغبياء منذ الولادة, أم نصبح أغبياء فيما بعد؟
سؤال رواية النمل_ بؤرة الرواية كما أقرأها
*
11 كانون
صباح الخير يا شتاء الغرفة الباردة.
في نومي وجدت حل اللغز التي تطرحه الرواية ( تشكيل أربع مثلثات متساوية الزوايا بواسطة ستة أعواد كبريت). الانتقال من المستوي إلى الفراغ أو العودة لاستخدام الأحرف والأرقام في منظومة واحدة_ والحل بسيط في الحالتين (القانون الأول : البساطة)
_ تحلم لو كانت الحياة بسهولة الألعاب, تخطئ فتعود من البداية....
*
12
البرودة والأيام_ كلمتان تلتقيان في الصمت, كما تنبعث الصور والأصوات, وتدور
"لا شيء: أي شيء هو أكثر إمتاعا من التوقف عن التفكير؟ إيقاف هذا السيل الجياش بالأفكار المفيدة إلى هذا الحد أو ذاك, أو المهمة إلى هذا الحد أو ذاك. إيقاف التفكير! كما ولو أننا أموات مع قدرتنا على ~أن نعود إلى الحياة. كينونة الفراغ والعودة إلى الأصول العليا والوصول إلى حد ألا نكون أناسا لا نفكر في شيء. ذلكم طموح رفيع"_ من رواية النمل
*
تدخل البلاد أكثر في العدمية: كل شيء أو لا شيء.
وتتزايد رغبتي أكثر في الانسحاب إلى المخيلة والحلم, الابتعاد قدر ما أستطيع عن عنف المشهد. أصدق ولا أصدق,...
_ تعرف أكثر ما يمكنك قبوله أو تحمله!
_ مرات تكون الصورة هي الأصل

*
_ نهاية الطريق, نهاية اللعبة
_ لا ينتهي الشقاء أبدا, أبدا
_ تنظر ولا ترى تصغي ولا تسمع ترغب ولا تفعل.....هي الفراغ
كل شيء يبدأ فكرة, القتل, الإبداع, ومختلف أنماط السلوك.
*
13كانون
المنصف المرزوقي أول رئيس تونسي منتخب_ أول رئيس عربي, عدا الاستثناء اللبناني.
مشهد جديد تعرضه الشاشات ويراه البشر حكاما ومحكومين. العين أداة التغيير وقوته. التغيير يحدث في النفوس والعقول, وفي الأدوات وأنماط العيش.....بعدها, لا عودة
*
صباح جديد.
مبادرة الجامعة العربية تنتقل إدارتها من قطر إلى العراق, وتسمية الفرصة الأخيرة!
_ تفكّر كيف تحوّل الصياد إلى فريسة, سوريا والعراق والأدوار المتبادلة
_ هل يمكن استنتاج دروس, فعلية ومباشرة وتصلح للواقع الحالي,... من التاريخ؟
ثلاثية المصير: الموقع والموقف والدور
استثناء نادر, أن يخالف الموقف الشخصي, توجّه الموقع والدور المحددين من الخارج بداية.
لكنها حالة جديرة بالإعجاب دوما_ خروج فرد عن مداره المتوقع
_ أليس الإبداع سلوك ( تفكير وممارسة) غير متوقع....البدعة والإبداع
صباح جديد. صوت ديك جديد. السنة الجديدة تقترب من ختامها
*

14 كانون
مع الصباح استيقظ. أحلام غريبة. أنتفض وأنا أتذكر..., وتعود نتف من الصور والرؤى البارحة. هل هو الخوف يا حسين؟ سؤال من أعمق الأعماق....يعود الصدى والشجن

معرفتك الخاصة نادرا ما تعني سواك
_ حدود ما لا تعرفه, تصل بين المعنى والقراءة
*
15 كانون
أرغب بالغناء
_ أنت تغنين وأنا أصغي
أرغب بالغناء
_ أحكي لك بالصوت حياتي
أرغب بالغناء
_ الشمعة تحترق, الشمعة تضيء
كانت حياتي رغبة ناقصة
_ وأنت؟
الفشل مر وثقيل ويتعذر احتماله
_ وأنت!
هذا اليوم أيضا أرغب بالغناء
*
التوقف عن التفكير. التوقف عن التنفس. ضبط الجسم_ أعماله وحركاته
_ أول مرة تفهم, كيف أن الجسد له حياته الخاصة. تستنتج له تعبيراته المستقلة
الحياة البرّانية في مقابل الرؤيا والإدراك الذاتي. سباق الفئران إلى قطعة الجبن
_ تنجح في التوقف عن التنفس لمدة دقيقة و14 ثانية, تشعر بالبهجة والنصر
فكرة الامتناع تحتوي سلوك الاستهلاك, بالإضافة إلى جزء جديد تماما_ فضاء...
قد يكون غاندي أكبر مستثمر لهذه القوة
.... هذا الصباح الأجمل في حياتك
_ وأنا أيضا
*
لو كان الزمن في الثمانينات لكتبتها: موعد مع التاريخ
ولو كان في التسعينات: حتى الموتى يكذبون مرات
وأما في هذا القرن الجديد, وفي عقده الثاني....وتتلعثم, وتعترف أنك لست بخير
_ وأنا أيضا
صوت وصداه, في منتصف نهار منتصف كانون
لاشيء, و الريح تصفر بين الحفر
*
16 كانون
في اللحظة التالية_بعدما يصل الغد, ما الذي يجدر قوله أو فعله....
_ أنت تسأل وأنت تجيب
في هذا الليل البهيم, الدقائق الأولى لليوم أستيقظ فزعا_ خوف يخالطه سرور عودة الإحساس الطبيعي بالأشياء والخطر, و (كادت تسقط دمعة)
_ لا يوجد شخص واحد مر على هذي الأرض, إلا واختبر القهر ومشاعر العجز, ورغب بالبكاء في اليقظة والمنام
*
فجر الجمعة_ أتذكّر عبارة" الشعر فجر الكلام" لصديقي باشلار
في الحقيقة قبل الفجر وبعد منتصف الليل, لحظة سهاد_ حالة أرق بالأصحّ, هل كلمة سهاد صحيحة؟ أتذكّر ليالي الشعر والسهر الطويلة الممتعة_ التفكير بالصيغ الأنسب والتعبير والإحساسات والتماهي والتنافس, توارد الخواطر والأفكار, ووقع الحافر على الحافر
_ هكذا تجيد تسلية نفسك في ليلة أرق, ما المعيب!
لم أصل بعد إلى الحدّ, الذي أتقبل برضا مستوي القلق الاعتيادي, في بلاد تغيرها انتفاضة شاملة تهزّ جذور الدولة والمجتمع والفرد....إعصار! ربما تسمية ووصف مطابقين
_ أتذكّر أنني حيّ وأشعر بالسعادة, آخذ أعمق نفس ممكن
كل ما رغبته يوما حدث, صحيح متأخرا:
أكثر الأشياء حزنا
أن تصل إلى ما كنت تريد
*
....ثم وصل الفجر, اليوم جمعة _ جمعة , أتمنى لو تكون التسمية:الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو جمعة دولة القانون والحريات, أتمنى
ما هي السلطة! اللاواعي, المهمل والهامشي والمنبوذ,المسكوت عنه وغير المفكر فيه
_ كيف ترى الحياة والأحداث من خارجها! حكمة الأمس....
لا أسهل من الحكم (الملائم) على أعمال الأمس.
وأما بالنسبة لليوم يلتبس الأمر_ اختلاطات الرغبة والمخاوف
أما المستقبل (ما لم يصل بعد) الأمر في غاية التعقيد...
_ يجدر التذكّر : ليس الخصم (العدو) شيطانا, وليس الرفيق(الحبيب) ملاكا.
غالبا نحن نجهل ما اختبرناه بأنفسنا ونستمر في النسيان
_ الأهداف الثانوية, والبعيدة....
من لا تشغله (تماما) وتشغلها_ الرغبات المباشرة؟
_ تفكر بلحظة الفراغ ( التفريغ والانفراغ) _ عشوائية التشكل للجديد....
*
في اللحظة التالية, يصل الغد وأعرف أنني غير موجود
_تمتلئ عيناك بالسماء, وتعود إلى الحكاية
وكانت تسميتها جمعة الجامعة العربية تقتلنا...
*
17 كانون
استيقظت عدة مرات على صوت المطر الناعم. وبقيت في الفراش. أخيرا نهضت, نظرت إلى الساعة إنها الرابعة والنصف صباحا_ حسبتها بسرعة من الثامنة يعني ثماني ساعات ونصف نوم, تكفي, قمت برضا. تذكرت حلمي....غريبة هي الأحلام ومضحكة, رأيت ليف تولستوي في منامي وليس تشيخوف. فكرت قليلا في الحلم, ثم تذكرت أنها الذكرى السنوية الأولى لبائع الخضر التونسي محمد بو عزيزي.
بعدما أنجزت أعمال الصباح الأساسية, وجلست أمام الكمبيوتر, ثم كتبت هذه الفقرة العاطفية:
في مثل هذا اليوم والتاريخ سنة 2010
شاب اسمه محمد وعمره26 سنة ويحمل الشهادة الثانوية_ عاطل عن العمل_ وهو موجود في جميع المدن والقرى العربية, يتعرض للمهانة العلنية في مدينة سيدي بوزيد التونسية, فيشعل النار في نفسه, في ساحة البلدة, ويحترق مثل شمعة في ليل العرب الطويل....
_ كنت في الخمسين من عمري وممنوعا من السفر, ولا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي تمنيت فيها الموت_ وتخيلت انتحاري بأكثر من طريقة, لكنني كنت أضعف وأقلّ من الفعل..
أفهم تماما حالة التماهي مع الشاب التونسي محمد بو عزيزي والذي صار مسيح العصور الحديثة, بالنسبة لملايين الشباب من العرب وغيرهم:
وأعاد لنا الكرامة _ولأول مرة من المحيط إلى الخليج
قبل البو عزيزي كانت ماهية الحكم العربي( الطريقة والأداة) القوة البدائية والخوف
الأمل..... أن تستبدل القوة البدائية بقوة المنطق والخوف بالإقناع والانتخابات
*
عادة ترغب بتركها وصفة ترغب باكتسابها؟
_ كل يوم هو الأخير بالقوة.....
*
عن ستيفن ر كوفي عن فيكتور فرانكل عن,...., وبتصرف:
لتتخيلّ قارئي الآن:
لو تم سحب الهواء من المكان الذي تجلس فيه وتقرأ , ولتتخيّل أكثر( الهواء وخصوصا الأوكسجين حالة نادرة في الكون), ولسبب ما فرغ تماما من الغرفة أو المكتب الذي تجلس فيه الآن_ ماذا ستفعل؟
ببساطة سوف ترمي الأوراق, وخلال ثواني معدودة تصاب بحالة هلع وجنون: تريد هواء, فقط هواء. ثم أعيد الهواء_ ماذا ستفعل؟
ببساطة سوف تشعر بانشراح غريب وأعمق من خبرتك السابقة, لكنك أيضا سوف تنسى بعد فترة قيمة الهواء وأهميته_ لماذا؟
لأن الحاجات المشبعة لا تتحول إلى دوافع.
_ لكن يمكنها( الحاجات) أن تكون مولدات طاقة وقوى نفسية بلا حدود: الهواء والماء والطعام
*
أتخيّل وأتذكّر....
في الحقيقة لم تكن حياتي قبل 2010 رائعة, كنت رجلا حزينا وربما كنت يائسا
ولأنني أنظر من مكان مختلف وأعيش مشاعر جديدة, أستطيع أن أرى وبوضح كيف تغيرت حياتي, وبفضل محمد بوعزيزي وبشكل شخصي_ وأشعر بالجحود إن لم أكتب ذلك وأؤكد عليه. الواحد صار مئة. والمائة تضاعفت, ألوف الشابات والشبان أعطوا لحياتنا معنى.
نحن نتبادل الكلام
*
18كانون
محزن هذا الذي يحدث معنا. الذي يدور بيننا.
ما أن نتعرف ونحب حتى يتغير شيء ما.
نقترب خطوة وتبقى المسافة الفاصلة نفسها, نبتعد, نتردد ثم نغير الاتجاهات كلها_ وتبقى المسافة على حالها.
هكذا اقرأ النصوص... الأدبية
مرة بتركيز على الكاتب وحياته الشخصية, ثانية على الأسلوب والصياغة, ومرات على قراءتي وفجواتي النفسية_ وما تفتحه من ذكريات وتداعيات, كأنها تحدث لأول مرة.
*
في اللحظة يصير الكنز_ ولا يمكن استعادته
الواقعي الذي حدث, ومضى, ثم فقدناه تماما
*
_الحبل بلا دنس!
مع نسمة وورقة عشب, تعود الذكريات كلها
_ ممارسة الحب من خلال ضحكة وخط يكتب في الهواء
_ ليس الموت حدّ أول؟
وهذه الرسالة الموجهة لك:
وحده الزمن ما يلزم الفكرة لكي تتحول إلى حياة
أو إلى جدران
*
19 كانون
هذا الصباح أيضا
على الطرف الشمالي الشرقي من اللاذقية, امتداد وادي الأحمر إلى الغرب ساقية موسي. تمت تغطيتها حديثا, ولم تعد السيول تندفع خارج المجرى بقوة الأيام الماضية. الحارة الجديدة_ حارة الساقية, والتي يسميها بعضنا" حارة السود" تندرا, حيث ترمي بعض سيارات الزبالة حمولتها, ليتقاسموا سرقة تعبئتها من المازوت لاحقا....المهم, أول بناية من جهة الشرق, أول طابق أول شقة أول باب_ افتح ولا تتردد:
لن تجد رسالة اعتذار من عزرائيل وضعها على الطاولة. لن تجد أربعة مثلثات من أعواد الكبريت على شكل هرم. لن تجد ديوان شعر" نحن نتبادل الكلام". سوف تجد جهاز كمبيوتر آلي يدوّن يوميات سنة 2011_ السنة الفاصلة في التاريخ العربي والسوري أيضا.
وثمة كيان ميتافيزيقي _مثلي ومثلك تماما_ يتنفس ويشرب ويأكل, ويخاف ويحب ويكره ,...
لكنه اليوم لم ينهض من نومه هذا الصباح, ولن ينهض بعد اليوم
*
كل صباح أحتاج لفترة من الوقت, لتجميع أجزائي المبعثرة
من أنا؟ ماذا أريد؟ إلى أين أتجه؟ من هم أعدائي؟ حلفائي؟ مالذي بوسعي عمله اليوم؟
أسئلة تمتد وتتناسل, تتناقض وتتجاور....وكلها ,غالبا, ما تبقى بدون أجوبة
وعندما أنظر إلى المرآة أخيرا, يكون الوقت قد تأخر بالفعل
_ حتى الأسئلة الأساسية أتأخر عنها اليوم
ككل صباح زهرة الموتى تحرق ذاتها
*
مرة كنت ما أخافه أنا
مرة كنت ما أحبه أنا
مرة كنت ما أقرأه أنا
"في تلك اللحظة...لم أكن أمتلك الكلمات, أدركت أن العالم لم يوجد بمقتضى عقلي, بل على العكس, حيث هو وأنا وجميعنا...تبتلعنا دوامة كبيرة لا نعرف نهايتها, ولا تستطيع أحاسيسنا بالمتعة أو المعاناة, ولا أفكارنا أن توقف حركتها.
للمرة الأولى أشعر بإمكانية القفز بعيدا عن مكاني المتخيّل كمركز للكون, وارى نفسي جزءا من شيء أكبر"
أيضا أنا الآن لست سعيدا ولست حزينا, وأدرك مشاعر الكاتبة اليابانية_ نفسها بانانا يوشيموتو ومترجمتها غادة جاويش.
وهذا الصباح وكل يوم يصلح للبداية...
*
20 كانون
_المجلس الوطني السوري ينعقد في تونس, والإعلان عن توحيد المعارضة
_ الحكومة السورية توقع على مبادرة الجامعة العربية, بعد تعديل بعض البنود
_ موسكو تقدم مشروعا في الأمم المتحدة يدين استخدام العنف في سوريا, يراه البعض تحولا نوعيا في الموقف الروسي, ويراه آخرون امتدادا للموقف المطالب بحل وسطي
_ يستمر نقصان النهار وتمدد الليل, في هذه البلاد المنكوبة بحكامها ومعارضتها
_صحو مع برودة تلسع, ولا صوت لديك أو عصفور أو عاشق ة
*
مضى النهار, متعثرا
أشعر بقلق شديد_ أفكّر بزيارة الطبيب, حالتي النفسية والعقلية قريبة من 2005 وبدء الثرثرة.
أفكر من جهة ثانية, السبب أبعد من شخصي_ وربما ليس حال الطبيب النفسي السوري أفضل من سواه بهذه الظروف. أتذكّر: كنت قد وضعت سنة 2010 كحدّ أخير في بداية الثرثرة. ويوم 1/6/2010 بالتحديد.....وما الذي حدث!
_ اغرب من الخيال, أن تمنح لي الغرين غارد الأمريكية, ثم يتم منعي من السفر ويصبح عندي قضية أعيش لأجلها.
بعد ذلك تندلع الثورة السورية, وتنكشف أحشاء المجتمع من مختلف الجهات الفكرية والنفسية.
وتدور الخيبات في حلقة مفرغة_ هكذا سلطة تنتج هكذا معارضة.....
_كرة الثلج تدور والإثارة تتضاعف مع الإعلام, تدور وتلتهم المنطق والواقع,... تكبر وتدور
_ أفكّر بكتابة رسالة إلى السوريين, أشرح فيها مبررات ركاكتي وقلقي
وأخصّهم السوريون الجدد ومن لم يولدوا بعد
_ أليست يوميات هذه السنة كلها رسالة!
يا سوريا السعيدة كمدفأة في كانون
يا سوريا التعيسة كعظمة بين أسنان كلب
ونحن أبناؤك الطيبون الذين.....
*
21 كانون
جميل لدرجة لا يمكنه أن يكون واقعيا_ حلم ليلة أمس
أحاول النوم زيادة وأنجح, لكنه الحلم الجميل لا يعود
الصحو! لا بد من مواجهة الواقع بصخوره وأوحاله بناسه الصغار قبل الكبار, صيفه وشتاه.
_ ما هذا الصباح! تذكّر: لا أحد يسبح في مياه النهر مرتين
سوف أتذكر وأعود إلى الضحك
*
تسعة أيام فقط وتنتهي السنة, وسوريا في وضعية النواس بين فريق بقاء النظام وفريق الشعب يريد إسقاط النظام . في معركة_ لعبة بطلها الإعلام وميزتها نقص المعلومات, نقص خطير. المعرفة التي تتحصل عن طريق الإعلام , تقتصر على العناوين والشعارات.
22 كانون
هذا يوم يتصل بسابقه. عيد الشتاء والذروة الصغرى لليل, وهذا يوم يصل متأخرا
_ لا أعرف كيف أتلافى نقص المعلومات, وأستبدل التورط العاطفي بالفضول المعرفي, ويكون دليلي وأفق رؤيتي الحياد العلمي, البارد والمتوازن.....
*

سحر الكتابة:
الكل يعرف سحر القراءة _ وقبل الانتباه
أما الكتابة, ربما ليس الجميع. تكتب في رثاء شخص عزيز, وتبقى قريبا من نفسك وما تحبه أنت أكثر من الميت. تكتب رسالة حبّ_ وأنت في جمر الشوق وتأجج المشاعر, بين التعابير والجمل ترتد إلى نفسك....وأنت أقرب منها بما لا يقاس من غاية الرسالة. حدث الأمر في الماضي ويتكرر حدوثه. كل الأشياء تنتهي.
23 كانون
انتهت الأخبار الواردة من اليمن (السعيد) وكأن المبادرة الخليجية نجحت؟
كما ترى قارئي_ وهكذا صارت حياتنا مثل قفاز مقلوب_ الخارج داخل والداخل خارجا...
وبدل أن يبدأ صباحي ويومي كله, بتأمل مطر البارحة والأيام الأخيرة لهذه السنة المباركة, يغمر تفكيري مسار الربيع العربي_ وتتزايد نسبة الخوف والقلق يوما بعد آخر.
لجان المراقبة العربية وصلت البارحة لسوريا, حسبما تتناقل الأخبار_ الأخبار القليلة

يوم شتوي حقيقي, بقايا أعواد الأعشاب والورق الأصفر, الأرض الرطبة, صوت بعيد لا أتمكن من تبيّن جنسه.....وأنا_ لا أعرف ما أنا عليه لا اليوم ولا غدا
*
أخطئ وأقول كان الحق معي
_ من يكون الحق معه,....كيف يخسر!
*
في سوريا: توجد ثورة. توجد مؤامرة. توجد عصابات مسلحة. يوجد شبيحة. يوجد قمع وحشي. توجد مظاهرات سلمية. يوجد متهافتون على السلطة_ ومن مختلف الجهات.
_في سوريا لا يوجد ملائكة ولا شياطين.
*
العنيد هو شخص محدود لا يرى سوى رغباته (مخاوفه).
_ كـأنك تمتدح التذبذب, اللاموقف, الخفّة, اللامبالاة, العدمية....مهلا_ الرؤيا أفق الرؤية
_ كل تعصّب, أو تعلّق, أو تشبّث.....أثر جرح نرجسي لم يتعافى بعد
*
تسميتها "جمعة بروتوكول الموت"....
مع الأحداث المرعبة في مصر, وبروز التعصّب والتوحّش أيضا, يعود التفكير إلى السوية الحضارية في بلادي نا, ....متى؟ كيف؟ لماذا
_ هل من دلالة لتكرار كلمة "موت" في أيام الجمع السورية, أم مصادفة سيئة فقط!
*
بين الطريق السهل_ قانون الجهد الأدنى أو اقتحام المخاطر_ الأكثر إثارة للخوف...لتفكّر.
*
ماذا تعني القاعدة النفسية_ الواسعة أو الضيقة؟
شخص لا يستطيع أن يتخيل نفسه مخطئا وعكسه شخص لا يستطيع أن يتخيل نفسه على صواب. هل قلت شيئا_ هل تريد أن تقول شيئا؟
عزيزي القارئ أرجو أن تمسك ورقة وقلما وتكتب:

بلا هواء وماء وطعام لا أحد يستطيع العيش.
لكن أكثرنا يعيش بلا كرامة وحرية( أغلب الأوقات). لحظة الفن تكشف( الجوهري_ الأعمق) _ تلك الرغبة الخالدة بالتوهّج المجاني. أشعر بالامتنان لما قرأته_ لما أقرأه الآن,... لولاه لما استطعت الاحتفاظ بعقلي ومقدرتي على التفكير والحلم باليوم الأجمل
عزيز القارئ شكرا لما كتبته_ وللاك لما كانت حياتي لتتمدد وتنبسط إلى هنا:
الآن _هنا ونحن نتبادل الكلام
*
سنعلم أننا الأصل:
عندما يخرج تمثال حسنا أو مجموعة من التماثيل, لا أحد يهتم بالموديل, بل فقط بالعمل. العمل هو الذي يبقى. لا يهم, سنعلم أننا الأصل
دون كازمورو_ ماشادوه أسيس . ترجمة خليل كلفت
*
24 كانون
ديك جديد. صباح جديد. عالم جديد
غيوم كثيرة وملونة أمامي وعلى جانبي الأيمن, رائحة المطر والحياة, صباح يتنفس.
تطرأ على بالي أغنية فيروز: القمر بيضوي عالناس والناس بيتقاتلوا...الصراع
الصراع خيط أساسي في نسيج الحياة, عرفت ذلك وبشكل مبالغ فيه أيام اليسار. لكن خيوط أخرى أجمل : الحب, المعرفة, العمل, التسامح, التخلي مع بيسوا

*
ضحى. الضحى. تقدم النهار في اليوم. استمع لموسيقى هادئة (يمكن تخيل حالتي للتو)...
رجل خمسيني , يفتح شباكه مع الصباح وينظر. يطيل النظر إلى الماضي والمستقبل. يستمع لأخبار اليوم. يخاف, يشمئز, يكتئب. بعدها يقرأ أراء وتحليلات حول الوضع السوري. يتعب. يشرب القهوة, ويستمع لموسيقى....فجأة الحياة جميلة, رائعة
الآن: يتمطى على كرسيّه, ويأخذ نفسا_ أعمق نفس
_نعم, الحياة ولا شيء آخر
أتخيّل تلك الهبة من العظماء: الموسيقيون والمؤلفون, مرورا بأعمال الكهرباء وتثبيت الاكتشاف وتطويره, وصولا إلى الكمبيوتر....كيف أشكرهم!
_ تشعر بالسعادة؟
الشعور بالسعادة عمل إبداعي متكامل
_ تفكر باسم ضحى, وكلمة ضحى
تنفتح الذاكرة إلى ألوانها وأصواتها....كما الوردة تتفتح والفراشات تطير
_ استمع, وأطيل النظر إلى الوردة المشتهاة
كل يوم يصلك لك
*
الظهيرة مشوار طويل على بحر اللاذقية_ مكسر بحر اللاذقية. وقفت أنظر إلى تكسر الأمواج والحركة الدءوبة قبل البعث والإسلام, قبل الرومان والفينيقيين....عشاق, كلنا عشاق
ينتهي اليوم والسنة والعمر, ليبقى في ذاكرة الغد فقط ما يستحق البقاء
صخور اللاذقية تكسر بحرها كل يوم وكل لحظة, أليست علاقة حبّ؟ جنس! أم حوار؟
تخففت من انفعالاتي الذائدة جدا هذه الأيام, تكلمنا أنا وبحر اللاذقية وشاطئها اللطيف
(...) محوت العبارات المنحازة, خفت أن تظهر عقدي الكثيرة عبر القراءة, وأبدو منفرا
_ أليست رسالة كل كتابة طلب الحبّ_ المحبّة ولو...... بعد الموت
_ أليست العلاقة: قراءة_ كتابة, أكثر أشكال التواصل نبلا وحنانا....
لا أعرف.
شعرت بالحزن وأنا أدور في أحياء اللاذقية المقطّعة: لغتان. شعبان. لاذقيتان. زمنان. حكايتان.
_ ربما تكون حالة فصام عارضة....
_ نحن محكومون بالأمل, نعم
لوردة يحملها الطير عاليا في الهواء
*
25عيد الميلاد
أعياد الميلاد. تكاد السنة الجديدة تصل غايتها.
_ هل تقول جديدة! كل سنة هي قديمة وجديدة بنفس الدرجة
من أين تنظر تجد المشهد _الآخر, ويبقى الزمن الحيرة والخلاص
أمس تفجيرات دامية في دمشق وتهم متبادلة
وقديما قالوا" إذا ضاقت فرجت"
ثمة كلام يدور عن "الحالة اليمنية" , وإمكانية صلاحيتها سوريا, ما يزال كلاما
_ المهم وصل عيد الميلاد, وتكاد السنة (الجديدة) تلد سنة جديدة, وأنت تصير آخر بالفعل
*
26(.....)
27 كانون
أقرأ كتاب" اللغة المنسية" اريك فروم
أعاداني الكاتب والكتاب إلى عالم النوم ومنطقه وحياته الغريبة
وهذا الفجر الجميل أحاول تذكر أحلام الأمس_ الصبا وبداية الشباب, كلنا نهرم بسرعة
_ ماذا؟ هل تسمع صوتا ومن عالمك الداخلي...
*
28كانون
الحال من بعضها_ الحال من بعضها أقول لنفسي وأنا استيقظ بين الأحلام والكوابيس وما أراه وأسمعه ويتعذر تصديقه. الحال من بعضها يا حسين وأنهض بين ليلتين وتلفونين وأحلام مختلطة بين الموت والأصدقاء وأحاديث الأمس واليوم...." فقراء يقتلون فقراء" مقالة ياسين الأسبوعية مؤلمة, بل مفجعة وتعود بالذاكرة إلى شباب اليسار وحلم العدالة والحقوق والحريات...حيث مضى الشباب والوطن

لكن. لماذا لا تفكر بالصيغة الايجابية؟ ولتفرد الاحتمالات لسنة قادمة كلها:
_ الأسوأ: أن تعيش مشاعر السوء ويتحقق الواقعي الأسوأ أيضا_ حرب أهلية وعودة الطغيان
_الأفضل: أن تعيش مشاعر الفرح ويتحقق الواقعي الحلم_ سوريا بلد القانون والحريات, ولا يرغب شبابها بالهجرة سرا أو علانية, تكافؤ فرص ومجتمع الحرية والعدالة
_ وبين الحدّين يهدر الحاضر الدائم, كما نهر اقليدس...بين ضفتيه مزيج العدم والولادة والموت, لا توقف ولا لحظة هدوء
*
_ أعرف أكثر من مقدرتي على الاحتمال
_ ما الذي تعرفه أنت؟
ورقة صفراء, وسرب عصافير دوري تنقر بين قبرين, والهواء يدور فوق الحجارة والتراب.
_ كيف اختبرت تجربة الجنون....
*
استيقظت على صوت التلفون ليلة أمس, قبل 5 دقائق بالضبط على وصول الغد_ الذي أتكلم عبره الآن, أتكلم....أم أكتب
_ كما تذكر, كنت خائفا في الحلم وأنت تمسك بيد رجل يحتضر, احد معارفك القدامى والبعيدين, ويتزامن مع رنين التلفون
طبعا لا أردّ, انقطع الخط قبل وصولي, فكرت في العودة إلى النوم. وتذكرت أنني نائم منذ السابعة مساء....تذكرت ليالي السهر في المدينة الجامعية ثمانينات القرن 20
_ تدور في ذهنك عبارة بودلير" البطل الحقيقي يلهو وحيدا", تفكر: كيف تنزع الخوف والحذر من حياتك_ مرة وإلى الأبد
مع كأس وإبريق متّي وذكريات, أحاول تجميع المشهد (المنطقي), لكيفية مرور ليلة سورية قبل حوالي 72 ساعة من نهاية السنة العظيمة 2011
_ تحاول تخيّل نهاية السنة القادمة (سوريا), وتدرك حجم المؤثرات ودرجة تشتتها. مع وجود فريق المراقبين من الجامعة العربية, وقرب تدويل القضية السورية...
وأعرف أنني غير موجود
*
كيف تفهم سلوكا (تفكير أو ممارسة) وأنت تقف على : شبهه؟ نقيضه؟ فضاء آخر خارجه؟
_ هل يمكن الجمع بين التورّط العاطفي والفهم!
_ أثر المعلومة على الرأي
كيف توجد (حالة) يخرج منها (الجميع) منتصرين وضاحكين.....
يصيح الديك, يصلني صوته ورسالته
صح أيها الديك المنتوف....., لن يطلع الصباح ما لن تصيح
*
ملامح مبهمة, مائية. ثم تنكسر نظاراتي, ولا أعود قادرا على تبيّن شيء_ والمفارقة شعور عارم بالسعادة.
_ كيف تفسّر ذلك الحلم, وتربطه بحلم العري النمطي و,...بقية الرغبات اللاعقلانية؟
بؤرة المشهد السوري, بعد عشرة أشهر, من الغليان _ القتلة والقتلى
أما القتلى فقد انطفأ ذلك الجانب من المشهد واختفى معهم
_ وأما القتلة, خارج أحكام القيم, كيف سيعودون إلى الجسد الاجتماعي مؤقتا, ولاحقا بشكل دائم. بؤرة المعركة_ اللعبة: قتلة وقتلى, وخارج الحلبة مشاهدون وقضاة وفرق تشجيع...
وصل النهار. جفت الأقلام ورفعت الصحف
*
في الحرب_ تبحث عن الملامح المشتركة بين الأعداء
في الحب _ فتش عن جوانب التنافس
*
29 كانون
حلم السنة القادمة فوق شخصي, بين شخصي, تحت شخصي
_أن تتحول ساحة الصراعات السياسية إلى صناديق الانتخابات بشكل نهائي, وأن تستبدل الخطابات والمظاهر الإعلانية بالمشاريع والبرامج الصريحة والشفافة
_ونحن نتبادل الكلام, والخبرات, ونتشارك الاحتفال السوري ....
_ أن أكتسب مهارة الصبر والتسامح, وأن يتحقق كتاب" مائة يوم في أمريكا"
*
سوريا استثناء الربيع العربي, لا الثورة نجحت ولا الثورة المضادة أعادت التاريخ للماضي.
*
30 كانون..... اليوم قبل الأخير
أستيقظ قبل الصباح. أتذكر نتف من أحلام الأمس.
ما الذي يصلح للتدوين في هذا اليوم من السنة؟ ما الذي لا يصلح_ ويمكن إهماله بدون أن يتغير الإيقاع الفعلي لليوم!
أسئلة وغيرها كثير تواجهني كل صباح, وتكون استجابتي: آخذ نفسا_ أعمق نفس
ثم أتخيل هذه البلاد_ أو جزء من العالم يركز عليه الإعلام, ثم أحاول أن أتخيل يومي الشخصي وكيفية عيشه (متع؟فائدة؟ أثر؟ أو عشوائيا ومن خارج التدبير ) ومع فترة التدوين هذه أفتح شبكة الإنترنيت( إن فتحت) وأتخيّل... كيف ليكون العالم بعد سنة, خمسة, مئة...وأزفر بحسرة.
*
لو أننا تعلمنا جيدا من تجاربنا, ومن بعض.
لو أننا أحسنّا الاستماع وركزنا أكثر في الرؤية.
لو أنها( حياتي) حدثت في زمان ومكان مختلفين_ هل لأكون الآن مع نفس القيم والمعتقدات ونمط العيش وطريقة الحكم!
تسميتها اليوم جمعة الزحف.....الزحف إلى ساحات الحرية
الجمعة الأخيرة في هذه السنة
الجمعة الأولى بحضور مراقبين من الجامعة العربية
_ كنت تلعب في الوقت ومعه يمينا وشمالا ومن أعلى لأسفل
مرة تتخيل نفسك القاتل وأخرى الضحية, وأكثر ما أردته:
رؤية المشهد من أكثر من جانب وبأكبر قدر من السعة/ على حساب العدالة؟
_ لا أعرف كيف أشرح الأمر_ أشعر بالمسؤولية عن الدم النازف وما سيحدث لاحقا, .... أشعر بالتوتر الشديد
*
كيف يمكن معرفة ما يحمله الغد_ ما يناسب الغد
*
أكثرنا يستمر في العيش بعد دخول المأساة في حياته
تتغير القيم والاتجاهات, بعدها لا شك. لكن الحياة تستمر من دونك كما كانت من قبل أن توجد.
_ تتساءل عن المشترك وتعيد التساؤل نفسه مرات ومرات ؟
أيضا في سوريا لا يوجد ملائكة ولا شياطين
*
31كانون
اليوم الأخير في السنة. اليوم الأخير للنظم الديكتاتورية على هذه الأرض. اليوم المرحلة
وأكرر مع نيتشة: يحلم العبيد دائما بالرقص فوق قبر سيدهم
*
أستيقظ قبل الفجر وأتذكّر....سنة, اثنتان, ألف يوم, منذ 52 سنة
لم يكن في سوريا سوى موقعين: سجان وسجين.
وكان الخوف هوى سوريا وهوايتها وهويتها وهاويتها الموحدة
*
هذه سنة محمد بو عزيزي ورسالته
أفرغوا بيوتكم من الخوف
أفرغوا قلوبكم من الخوف
أفرغوا عقولكم من الخوف
*
ثم تضاء سنة جديدة, فالتي بعدها وبعد بعدها...
" ما يرغب الجميع معرفته, ولا يتغيّر في حال تنقل السؤال بين أشخاص مختلفين ومتباعدين في الأمكنة أو الأزمنة/ يرغب الجميع بمعرفته باستمرار وفي كل لحظة؟
*
ونحن نتبادل الكلام



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 2011 سنة البوعزيزي11
- تكملة الشهر 10_ 2011 سنة البوعزيزي
- 2011 سنة البوعزيزي_2
- 2011 سنة البوعزيزي_3
- 2011سنة البوعزيزي_4
- 2011سنة البوعزيزي_5
- 2011سنة البوعزيزي_6
- 2011سنة البوعزيزي_7
- 2011سنة البوعزيزي_8
- 2011سنة البوعزيزي_9
- 2011سنة البوعزيزي_10
- 2011سنة البوعزيزي
- سوريا الصغرى 21_22
- سوريا الصغرى19
- سوريا الصغرى 20
- سوريا الصغرى18
- سوريا الصغرى17
- سوريا الصغرى16
- سوريا الصغرى15
- سوريا الصغرى 14


المزيد.....




- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - 2011 سنة البوعزيزي_ نحن نتبادل الكلام