|
العولمة والهوية .... علاقة متبادلة
صلاح الصادق الجهاني
الحوار المتمدن-العدد: 3593 - 2011 / 12 / 31 - 10:19
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
عندما يتكلم الدارسين عن العولمة والهوية والفرق بينهم ، تعرف الاولي بانها تنزع في وجود قيم عالمية متداوله، تنحدر في اغلب الاحيان لتكون علي النمط الامريكي المعتاد ، اما اذا اشير الي الثانية، فانها يقصد بها الخصوصية للجماعة بعينها وتميز عن الاخرين، في كل المستويات تبداء من الموروث الثقافي والحضاري والاجتماعية والدينية ، تجربة تراكمية تاريخية في نطاق جغرافي محدد كما يشير الكثير، العولمة قائمة علي عبور الهويات باعتبارها أسواقا اقتصادية واتصالات، تمتزج عبر شبكات من الاعتماد المتبادل ، والتي تذوب فيه الشخصية ويتلاشي فيها التميز . انه يعني ذوبان الاناء تجاه الاخر، والثانية التي هي الهوية، والتي من اهم ركائزها الحفاظ علي التميز، الحفاظ علي المسافات، بين هذا وتلك، وكإن العلاقة طردية كلما ابتعدت المسافة تأصلت الهوية وازدهرت، وعبرت عن ذاتيتها ، هذه المقارنة جعلت من العولمة امتداد الموضوعي للإمبريالية ، وتعبير عن الوافد القادم من الخارج ،او الغرب تجاه مجتمع تقليدي شبة مغلق ،وخاصة في قضية الهوية، وارتباطها بالدين والتاريخ التي تعتبر محور متماسك يمتاز بالقدسية، ويمكن ان تقلب الواقع كما يحلو لك من نقد ودراسة بدون الاقتراب من هذا المحوار ،والذي تعتبر الهوية هي احد مكونات هذا المحور ذو الهاله المقدسة . الا اننا في صدد ملاحظة العلاقة بين كل من العولمة والهوية، بعيد عن تلك المقارنة والتعريف، فنجد من خلال التامل ان كلما ازدادت كثافةالاولي، وجدت الثانية سبلا للتجذر والانتشار، وهنا تتنافي تلك العلاقة المتضاده التي يتم فيها اقصاء الواحده للاخري، والسر في ذلك ان العولمة تمد الهوية بادوات جديدة، والتي تعتبر قنوات تستعملها الهوية، للعبور لقيامها وارثها الثقافي والتاريخي ، مثلما تستعملها العولمة في عبور القيم اجديدة ، ونجدعلي سبيل المثال ان تلك الادوات التكنولوجية ،اعطت الدين مالم يتوفر له في يوم من الايام، او في عصر من العصور، من انتشار الفكر الديني والمتمثل في الارث الفقهي ، الذي كان حكر علي نخبة من علماء الدين والمتخصصين. بفضل هذه التكنولوجية، المتمثلة الاشرطة وخدمات النت ،وغيرها من وسائل معرفة وتواصل وانتشار. نأتي في مثال اخري لتأكيد علي هذه العلاقة واثارها ، بين العولمة والهوية ، في التضاد والتلازم، فنجد ان مايسمي " ذاكرة الامة " ، التي تعد من اهم ابعاد الهوية، فلا يمكن ان توجد هوية بدون تاريخ ، فالحفريات والاكتشافات الاثارية من استعمال تصوير اشعاعي واقمار صناعية، ومسح جوي وتحليل كربوني ونووي وغيرها من وسائل تكنولوجية، ساهمت العولمة في تقديمها، وكذلك يمكننا ان نضرب كثير من الامثله في استخدمات التكنولوجية، مثل الكيمياء وحفاظها علي المخطوطات ، التي ساعدت علي اكتشاف الذكرة التاريخية لكل امة والحفاظ عليها . فلقد اعاد اكتشاف حجر رشيد وفك شامبليون عقدة اللغة الهيروغليفية الذاكرة لتاريخ مصر المفقود مايقارب عن ثلاثة الف ومائتي عام من التاريخ المكتوب والمدون علي البردي والحجر وجعل المسلات العظيمة تحكي انجازات ملوك الفراعنة وجاءت قائمة طويلة لايمكننا انكرها اضافةالمعرفة الكثيرة عن تلك الحضارة من معرفة لفنونها وصناعتها وهذا جعل الهوية المصرية تكتسب ابعاد وأعماقا لم يكن من الممكن اكتسابها لولا التكنولوجيا التي هي احدي ادوات العولمة ان تلك العلاقة المتبادلة بين الهوية والعولمة يمكن تشبيهه مثل بحيرتين احدهم متجدده والاخري راكدة يتم لتواصل بينهم يحدد هذه العلاقة الوقت والقدره الاستيعابية لكل بحيرة فمهما كان المستوي لكل بحير يكون الوقت عامل في تساوي سطح كل منهم هذا لا شك فيه يجعل كل من مياه البحيرتين تؤثر في الاخري وتتمازج المياة فيهما وهنا يشكل الوعي المستوي في تدفق المياة وذلك لكون الانسان هو العنصر المستهدف بشكل رئيسي والوعي في كل الطرفين متنوع وغير محدد بشكل عام فنجد ان مواطن امريكي ينتمي الي القاعدة ومتطرف في معقل العولمة ونجد مواطن افغاني مساند لحقوق الانسان وقيم الحرية والتسامح انها فعلا علاقة عجيبة تتوحد فيها الوسائل الي تخلقها التكنولوجيا وتختلف فيها الحاجة والطلب للسلع حسب الوعي والثقافة انها علاقة تستحق الدراسة والبحث لما لها من اثار متبادله وتنوع محدداتها تتمازج فية الثقافات ربما يتوحد فيه الإرث الحضاري ليكون ارث انساني متنوع ربما يترك جانب بسيط من الخصوصية ولكن بشكل عام تخلق تواصل وتوحد علي الاقل في القيم والكثير من الاهداف وسعي للعيش المشترك بين الفرقاء بغض النظر عن العلاقة بين القوي والضعيف ولعل تواصل الشباب في شمال افريقيا وفهمهم لمشاعر بعضهم من ماليزيا والبرازيل اكثرمن تفاهمهم مع ابائهم عبر شبكات النت يوكد بشل ظاهر دور هذا التمازج وتوحد الروية والقدرة علي التواصل التي خلقتها هذه الوسائل المتاحة التي لم تكن متاحة سابقا .
#صلاح_الصادق_الجهاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نبعاث القومية الاندلسية
-
أول ثمار الربيع العربي
-
اشكالية اعتراف الصين بالمجلس الانتقالي
-
البعد الاقتصادي للأزمة المالية العالمية وانعكاساتها علي النظ
...
-
ملخص دراسة للحصول علي درجة مجستير بعنوان ظاهرة الاسلام السيا
...
-
االامازيغ الأرث العظيم
-
الموقف التركي من الثورة في ليبيا
-
سر الثورات العربية
-
الجماعات المتميزة والاقليات في ليبيا ( من مظور الامن القومي
...
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|