|
مصر الجديدة بنت القديمة
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 3589 - 2011 / 12 / 27 - 20:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مصر الجديدة التى بدأت ملامحها المخطط لها سابقاً تتضح أكثر، هى مصر الخارجة من الأنتخابات التى شوهها الأستغلال الدينى للجهل الشعبى، مصر الجديدة ليست بنت الثورة ولا الثوار لأن الجميع تسلق أكتاف الثورة ليحقق أحلامه فى السيطرة على مستقبل الشعب المصرى، مصر الجديدة هى نفسها أبنة مصر القديمة التى حكمها السادات ومبارك مع تغيير فى الأشخاص لكن الفلسفة واحدة وهى تحطيم قدرات ومكانة مصر وأستعباد عقول أبناءها بأسم الإنتماء الدينى بدلاً من الإنتماء الوطنى.
نفس الأفعال نجدها عند الأخوة العرب أصحاب المصالح فى تقزيم مصر ودورها فى المنطقة، ولا ننسى موقف الدول العربية من مصر عندما وقعت معاهدة كامب ديفيد وأقاموا جبهة الرفض ضد مصر، وينتظرون الفرصة ليقوموا بعزلها حتى يأخذوا مكانتها ودورها الذى تقوم به فى المنطقة والعالم، لذلك يعملون على تخريب الثورة لتعود مصر إلى النظام الفاسد فى عهد مبارك الذى أستفاد منه الجميع مصريين وعرب ودول غربية، كل واحد أخذ قطعته المناسبة من الكعكة المصرية. عندما تقول الإدارة الأمريكية أنها تريد أن ترى مسيرة ديموقراطية فى مصر، لا يعنى ذلك أنها بالفعل تنحاز إلى الديموقراطية وإنما تريد أستمرار تلك المسيرة الديموقراطية حتى تصل التيارات الإسلامية إلى الحكم، وهذا هو الهدف من مسيرة الديموقراطية التى تتفق فيها الإدارة الأمريكية مع الإدارة السعودية والقطرية ويعملون سوياً لتحقيقها على أرض مصر والجانب المادى الغير معلن تقوم به السعودية وقطر على أكمل وجه.
الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر للمجلس العسكرى بخصوص سياساته تجاه التيارات الإسلامية التى تنتظر أمريكا وصولها للحكم ليتحقق لها إفساد العقلية المصرية والعمل على تخلفها أكثر وتراجعها عن دورها الحضارى، هذه هى أمريكا التى تعطى لتأخذ أضعاف ماأعطته وبصور عديدة ، أمريكا تؤسس لأنظمة جديدة تتوافق مع سياساتها ومصالحها فى الهيمنة على أكبر دولة عربية شرق أوسطية، وكما رأينا لم تبذل أمريكا كثيراً من الجهد فى دولة مثل تونس الصغيرة، لأنها واثقة من أن الوضع هناك يعمل وفقاً لمصالحها لكن فى مصر الوضع مختلف وأصبحت علاقاتها علنية مع كل التيارات الدينية وتستقبلهم فى أمريكا أو فى مصر حرصاُ على مكانتها ومصالحها العالمية. إذن والحال هكذا هل تحتاج مصر إلى تصحيح المسار أم إلى ثورة إنقاذ وطنى؟ هل شباب الثورة سيحصلون على الحرية التى من أجلها يقدمون التضحيات؟ هل ستنهى الأنتخابات البرلمانية مسيرات ماسبيرو والتحرير وغيرها من ميادين وشوارع مصر بالتخلص من الحرية ليحل محلها التطرف والتشدد فى الحكم؟ هل ستكون مصر دولة رجعية تسير جنباً إلى جنب مع السودان والصومال وأفغانستان؟ ما يأتى به المستقبل من ممارسات برلمانية وحكومية جديدة، كيف سيستجيب لها الشارع؟ هل بالثورة من جديد أم باللامبالاة وتحجيب العقول؟ مصر الجديدة يمكن لها أن تكون جديدة وتفصل نفسها عن القديم فى حالة أقنعت الناس بكافة طوائفه بأنهم قادرون على تطبيق القيم الإنسانية من حرية وحقوق عدالة ومساواة، من خلال تطبيق تلك القيم على أرض الواقع وقتها يمكن القول بأن مصر أنتصرت على مصر القديمة وأصبحت مصر الجديدة التى تتعايش مع التقدم والحضارة بروح إنسانية فاعلة. هل ستكون الديموقراطية بعد الأنتخابات عملاً من رجس الشيطان كما جاء على لسان أحد خريجى السجون من الجماعات الإسلامية؟
منذ بداية الثورة وحتى الآن، وجدنا التسيب والتراخى فى تطبيق القوانين وأنتشار أعمال العنف ولصقها بفئة أطفال الشوارع والبلطجية والمجرمين، ومع ذلك لم تلقى السلطات العسكرية القبض على هؤلاء وإنما ألقت القبض على الشباب الثورى ووضعتهم فى سجون عسكرية وأقامت لهم محاكمات عسكرية بأتهامات باطلة، لكن المجرمين الحقيقيين تركوهم أحرار يعبثون من جيد بأوامر من السلطات العسكرية ومن يتحالف معهم . كل شئ بالنسبة للمجلس العسكرى خطوط حمراء كبيرة ومقدسة، لكن الإنسان المصرى بالنسبة للمجلس العسكرى لم يعد خطاً أحمراً أو بنفسجياً بل أصبح خطاً أعوج ثائر ينبغى تصحيح إعوجاجه بقتله وضربه بالغازات السامة وتعرية بناته وسحلهن فى الميادين وتعذيب أطفالهم، وإذا أنكشف خطأ الجنود يسارعون بأنهم سيقدمونهم للتحقيق السريع لينتهى فى طى النسيان السريع. هل ستكون مصر الجديدة أسوأ من مصر القديمة ؟
منذ قيام الثورة وحتى اليوم أستمرت الفتن الطائفية بل وتزايدت، وبالتعبير المصرى تفرعن أصحاب التيار الإسلامى وأخذوا حريتهم فى الكلام وأعلنوا صراحة أن الأقباط أو المسيحيين هم كفار، هذا الخطاب العدائى الذى كان يجب أن يتقلص فى زمن الثورة المصرية وأن يدينه كافة التيارات السياسية والدينية والثقافية، نجده يتزايد بكل حرية تحت سمع وبصر المجلس العسكرى والمسئولين فى الحكومة المصرية مما يعنى أن مبادئ الخراب بدأ تأسيسها فى مصر. مصر الجديدة هى مصر المحكومة بالمجلس العسكرى الذى لم يخجل على مرأى من الوسائل التكنولوجية الحديثة والأقمار الصناعية فى العالم كله، حيث قدم العالم الغربى وعلى رأسهم أمريكا المساعدة الذهبية بالصمت عن قول الحقيقة وكأنهم يتفقون مع سياسات المجلس العسكرى ولسان حالهم يقول نحن معكم يا مشير طنطاوى، وحاولوا إخفاء الحقائق رغم وضوح صور الجنود الذين أرتكبوا جرائم القتل والسحل والضرب للرجال والنساء، وهذا ليس تحليلى أو رؤيتى للأحداث وإنما ما روته مفوضة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة نافى بيلاى على موقع الأمم المتحدة الإخبارى. معنى ذلك أن هناك خطأ كبير يقع فيه أعضاء المجلس العسكرى، وهو أنهم يغتالون ثورة مصر والمصريين معاً بأستخدامهم مصطلحات مثل القتل الخطأ والدهس الخطأ الغير متعمد نتيجة الأرتباك وهى كلها مصطلحات تبرر وتعطى مشروعية لنزيف الدم المصرى الذى يرتكبه المجلس العسكرى حتى يبرأ ساحة جنود وضباط الجيش والشرطة العسكرية، وأن تستمر الجرائم التى أرتكبوها بلا متهمين رغم سهولة تحديد هوية الفاعلين سواء كانوا جنود أو بلطجية أو متظاهرين. بعد كل هذا من الذى يدمر أقتصاد مصر؟ من الذى يدمر ثورة شباب مصر؟ من الذى يتستر على البلطجية والجنود والشرطة الذين يرتكبون جرائم شاهدها العالم وينكرها المجلس العسكرى؟
أسئلة كثيرة إجاباتها ننتظرها من أعضاء المجلس العسكرى الحاكم وأعوانه قبل أن نقول: وداعاً يا ثورة!!
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإجرام الرسمى فى حق المرأة
-
عيد ميلاد الحوار المتمدن
-
الأنتخابات الدينية فى مصر
-
غيبوبة صاحب القرار
-
القمع الدموى للشعوب
-
عورة الرجل وعورة المرأة
-
النظام العسكرى المصرى
-
الإعلام والقانون فى مصر
-
مصرع الطغاة
-
ماسبيرو وأسوان أين مصر
-
شكراً ستيف جوبز
-
فوز إسرائيل على مصر تسعة صفر
-
الفرعون الحبيس
-
سقوط المليونية فى مصيدة الدينية
-
موسيقى الثورة الصاخبة
-
النرويج وأيديولوجية الإرهاب
-
الشياطين بين الجنة والسلطان
-
الشرطة المصرية ومنهجية التعذيب
-
الحكومة المصرية وخروجها على الثورة
-
سقوط الشرعية للضمير العربى
المزيد.....
-
-لا مؤشرات على وجود حياة-.. مشاهد صادمة تلاحق الفلسطينيين مع
...
-
كيف تضغط العقوبات النفطية الأمريكية على أساطيل الظل لروسيا و
...
-
رؤساء سوريا عبر التاريخ: رئيس ليوم واحد وآخر لأكثر من عقدين
...
-
السودان.. حميدتي يقر بخسائر قواته ويتعهد بطرد الجيش من الخرط
...
-
الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي تم رصده م
...
-
برلماني مصري من أمام معبر رفح: الجمعة القادمة سنصلي في تل أب
...
-
السودان.. قوات الدعم السريع تتوعد بـ-طرد- الجيش من الخرطوم
-
السلطات النرويجية تبلغ السفارة الروسية بعدم احتجاز طاقم السف
...
-
الخارجية الأمريكية: إدارة ترامب تعتبر قناة بنما أصولا استرات
...
-
قوات كييف تهاجم مدينة إنيرغودار مجددا حيث تقع محطة زابوروجيه
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|