أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم أغا - يعود غدا أبو مائدة














المزيد.....

يعود غدا أبو مائدة


سمير عبد الرحيم أغا

الحوار المتمدن-العدد: 3588 - 2011 / 12 / 26 - 20:49
المحور: الادب والفن
    



هل تظن أننا سنصبح أدباء ؟
يرد أبو مائدة
تصوروا حالكم أدباء ألان..
نقول له مرة أخرى
الوقت لا يزال مبكرا
تتدفق إلى روحنا روح النشوة والانتعاش ، رغم أننا نجد الزمن طويلا ، يمتد ضوئه إلى كل ركن دافئ والى كل البيوت حتى يصل إلى قلوبنا ، في مساء الأربعاء من كل أسبوع ، نلتقي في بيت أبي مائدة ، أو في حقل البرتقال أو المدرسة ، يجمعنا الشعر والأدب , نحتسي الشاي بطريقة الشعر ، نقول له : هات نحن نحمل عنك أقداح الشاي ، نفكر في حال الشعر.. في حال الغد ، ويطل منظرنا جديدا على السطح .. هناك من يضحك و هناك من يغضب، ونرفع أسم ( جماعة الأربعاء ) لهذا الملتقى.. ويجري ذكرنا في القرية من كل المحبين المتذوقين و العيون الأليفة ، نكتب أدبا يحمل نكهة الطفولة وأماني الحصاد , نسمع منه (إسرار الجرجاني ) ، وأحزان ( بويب ..) وبقايا الغيم الأبيض (لجنكيز ايتماتوف ) نعدو خطوة ...خطوة ، بفضله ، معلم في الأربعين من عمره ، ونحن لا زلنا في الثانوية ، يعلمنا نسج الشعر في مختبر الأدب ، نجلس قرب موقده ويدعونا الى فنجان قهوة ، و لا نغيب عنه حتى يتصاعد ضوء القمر في ليالي الصيف،
والنهر يجري من تحتنا كأنه أفعى مقدسة من أفاعي الأساطير ، بيد انه زاد بلدنا جمالا استجابت له أفئدة الناس .. قلت ذات مرة له
هل تظن ان لقاءاتنا ستنقطع يوما ؟
نظر إلي مليا وكأنه يريد إن ينقل إلي من خلال عيونه ما يقوله
نعم وانأ لا شك راحل عنكم
كيف ...؟
أنتم تكملون مسيرتي
لم يخطر ببالي أن ذلك قد يحدث يوما، نعم سأكمل ما بدأت.. استحضر أيام الحب ،جاء الصفصاف يواسيني ، كان الموسم جفاف ...و تهب ريح الحرب القذرة على الأرض ،تهب لتخبر الأشجار أننا متنا وان الماضي عيون مترفة ،يدخل حزن النهار في كل مكان نفترق برغم كل الحب ... بعد أن كنا جماعة، ولا نلتقي ألا من خلال النار والدخان، نقول له : ترانا مساء على نشرة الساعة الثامنة . حين تستمع لبيان الموت ولا تعلق شيئا على موتنا، تحولت حديقة الأدب إلى حديقة جرداء، ولم يبق فيها طائر واحد، وتذبل الأزهار في الأواني.
يقول : كيف تتركون الأدب طفلا .... وتسافرون ..
نرد عليه
ربما نعود .....
، بقي أبو مائدة ينتظرنا وننظره في لقاءات غير معلومة , نقول له
: أين سحر الإماسي كل أربعاء ؟ فيرد
أين العيون الأليفة ؟
أوصانا أن نكثر من الصمت حتى لا نبرد..أن نوقد شموع الصبر عشية المطر، تمضي أشهر وأيام ونحن لا نرى أبا مائدة.... يقضي وقت غيابنا في المقهى منتظرا أن نأتي.. ولا نأتي . ثم يقرأ .. للنهر و للعيون الأليفة أشعار (حسب الشيخ جعفر ) ويطول الغياب البعيد ويقول:
من يخبرني عن خمسة أدباء يأتون ؟
ويبقى .. في المقهى منتظرا ... حتى آخر النهار ، : وقبل أن أرنو إلى الغد والى نوافذ الخريف جاء تيمور إلى البيت .. تطالعني من ثناياه نذر الفراق ووجه الحزن في الأفق ليقول لي: أبو مائدة مات..دهسته سيارة في طريق بغداد، فتحت عيني نحوه وقلت: الأستاذ أبو مائدة مات ..... كيف يموت ونحن نلملم عن عيونه ألوف السنابل ؟ يغمرني حزن عميق كأنه زلزال ، وغدا الكون في ثانية واحة سوداء تتجمع أمارات الذهول في القرية ، يا حسرة .. الحائط الذي كنا نستند عليه قد هدمه الموت... من يحمل ألان عبء القصيدة عنا ، ماذا أقول للعيون الأليفة ؟ ، ماذا أقول للسنابل التي مالت ؟ كيف أخفي عشرة أعوام مضت ؟ ينادي تيمور كل مساء : ربما يأتي الليلة هونا دون وعيد ، أعدوا الشاي . اعدوا القهوة ربما يأتي بعد قليل "
ونشيع أبا مائدة وسط دموع المحبين , هدير المئات يرج جدران قريتنا ، يلقون عليه نظرة سريعة ، سعى الجميع وراء النعش المكلل بالحب ، حيته النساء من النوافذ والأسطح وعند الظهيرة دفناه في مقبرة ( المحسن) حيث تجمعت السحب القاتمة في الأفق بكثافة متصاعدة ، وتوارى الضوء المنير ، وقلت : هذه مشيئة الأقدار ..عاد الناس إلى بيوتهم ، وبقيت مع تيمور حتى الصباح نكتب سيرة أبي مائدة.



#سمير_عبد_الرحيم_أغا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت مع الشيخ غازي
- المعلم يشوع
- نهر يعد الى السماء
- يوميات مدينة في منتهى الأحتلال
- الثورة التعليمية في الانترنيت مدارس مفتوحة وجامعات بلا ابواب
- عتبات النص الروائي


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم أغا - يعود غدا أبو مائدة