|
بذلة جنرال تركي فوقها عمامة أزهرية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3588 - 2011 / 12 / 26 - 19:18
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
تصور شخص يرتدي بذلة جنرال تركي ، و فوق رأسه عمامة أزهرية ، و لكنه لم ينس أن يعلق في عمامته علامة خضراء ليشير إلى إنه من نسل خاتم المرسلين ، صلى الله عليه و سلم ، و في يده مسبحة صوفية ، و يضع فوق بزته العسكرية التركية عباءة حمراء للدلالة على إنه ينتمي للطريقة الأحمدية ، و يطلق لحيته على الطريقة السلفية و لم ينس أن يحف شاربه ، و مع كل هذا فإنه يضع زر يحمل صورة كل من المطرقة و المنجل للإشارة ليساريته ، و في يده الأخرى يمسك بعصى المرشالية الساداتية التي على شكل زهرة اللوتس للدلالة على إنه قومي مصري ، و يؤكد يمنيته المتطرفة بإرتداء البوت النازي - الساداتي ، و لكنه يؤكد تسامحه الديني بتعليق شعار الهلال و الصليب على صدره ، و يرتدي في معصمه ساعة ثمينة للدلالة على رأسماليته . شخص بهذه الهيئة المختلطة ، لو رأيته في أي موقف بخلاف أن يكون في عرض فني ، مسرحي أو سينمائي أو غير ذلك ، فإنك و لا شك ستشك في سلامة قواه العقلية ، و ستأسف على حاله ، و ستزداد يقينا بإن هناك خلل ما في قواه العقلية ، و بالتالي ستزداد أسفاً ، عندما تعرف أن ذلك الشخص لا يمارس حياته اليومية بهذه الصورة فقط ، بل و أيضاً يتصور إنه عندما يتحدث إلى أي فئة في المجتمع ، فإن تلك الفئة لا ترى في زيه سوى ما يمثلها . ذلك الشخص يمثل النظام الحاكم في عهد مبارك ، و النظام الحاكم الحالي أيضاً ، و لهذا سأتحدث بإعتبار إنهما نظام واحد . منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، و إلى اليوم ، الإثنين السادس و العشرين من ديسمبر 2011 ، و النظام الحاكم يمشي على كل الحبال ، و يتقمص كل الأدوار ، و يلعب دور الحامي للجميع ، و كل هذا في نفس الوقت ، و يتصور إنه يستغفل الجميع طوال الوقت . رعى النظام الحاكم الإخوان ، و أطلق لهم العنان ، طوال أكثر من ثلاثين عاماً ، بشرط ألا يتطلعوا للحكم ، أو حتى لمنصب رئاسة الوزارء ، و أضعف في مقابل ذلك كل التيارات السياسية المدنية ، و لكنه صور نفسه ، و لازال ، على إنه حامي التيارات السياسية و الثقافية المدنية . أرسل النظام الحاكم ممثليه لحضور الإحتفالات الصوفية الهامة ، و لكنه قمع الصوفية . قمع النظام الحاكم الشيعة المصريين ، و لكنه يتعاون سراً مع النظام الحاكم الإيراني . إدعى إنه يحمي الأقباط ، و في نفس الوقت قمعهم ، بشكل مباشر و غير مباشر . و هناك أمثلة أخرى كثيرة من الداخل المصري ، لسياسة اللعب على كل الحبال ، يعرفها أي مصري واعي . حتى في ميدان السياسة الخارجية لعب على كل الحبال ، و تبنى كل الخطابات . صدر الغاز لإسرائيل بأقل من الأسعار العالمية ، و شارك في حصار غزة ، فمنع حركة البشر عبر الحدود ، حتى لأسباب إنسانية ، في أغلب الأوقات ، و منع حتى تصدير حليب الأطفال و الدواء لقطاع غزة ، و لكنه لم يوقف تصدير السلاح لفصائل معينة في القطاع و أسهم في قمع كل الأصوات الغزاوية الداعية لتبني سياسات الحوار و الإهتمام بالداخل الغزاوي ، مع إنه إعتبر نفسه وسيط السلام في الشرق الأوسط . إعتبر نفسه رجل الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ، و فتح في مصر كل الأبواب للولايات المتحدة ، و لكنه رعى بالتوازي مع ذلك الحملات العدائية الإعلامية الموجهة في مصر ضد الولايات المتحدة و الغرب ، و إحتفظ ، و لازال ، بعلاقات حميمة مع كوريا الشمالية و روسيا و الصين . هاجم النظام الإثيوبي علناً ، و هدد و أرعد بأن أي مساس بحصة مصر المائية في النيل هو إعلان حرب ، و لكنه سمح سراً للنظام الإثيوبي ببناء سدود على النيل ، و لكنه لم ينس أن يرعى بعض الفصائل المعارضة للنظام الإثيوبي . خطأ النظام الحاكم إنه تصور ، و لازال يتصور ، إنه قادر على خداع الجميع طوال الوقت . تصور أنه عندما يتحدث مع الغرب و العلمانيين المصريين فإنهم لا يرون فيه إلا بزة الجنرال التركي الأتاتوركي ، و إنه عندما يتحدث للصوفية لا يرون إلا عباءته الحمراء و مسبحتة ، و عندما يتحدث لليسار في داخل مصر و خارجها فإنه - أي اليسار - لا يرى إلا زر المطرقة و المنجل ، و مع رجال المال و الأعمال فإنهم لا يلحظون سوى ساعته السويسرية الثمينة ، و أن الإخوان لا يرون فيه إلا عمامته الأزهرية ، و أن الشيعة لا يلحظون فيه إلا الشارة الخضراء ، و أن السلفية لا يرون فيه سوى اللحية الكبيرة و الشارب المحفوف ، و أن اليمنيين لا يرون إلا عصى المرشالية و البوت النازي - الساداتي . إنه خطأ قاتل ، أسهم في سقوط نظام مبارك ، و سيسهم بالتأكيد في سرعة سقوط النظام الحاكم الحالي الذي يعد إمتداد له حتى في الأشخاص ، فالسياسات واحدة ، و في هذا قرينة على أن من خططوا سياسات نظام مبارك هم من يخططون الآن للنظام الحاكم . لقد كان مبارك هو أسرع حاكم في السقوط ، بالحساب الزمني ، لأن منافق مثله لا يمكن أن يكون له قواعد جماهيرية تحميه ، و تدافع عنه ، فقط مرتزقة ، و بعض المنتفعين ، و هؤلاء لا يمكن الإعتماد عليهم . إستمرار نفس المخططين في مناصبهم هو ضمانة - غير مباشرة - إلى أن مصر ستصل إلى بر الديمقراطية ، و ستحترم فيها حقوق الإنسان . رجاء للنظام الحاكم الحالي : حافظ عليهم ، و تمسك بهم . رسالة لكل من يعتبر نفسه عضو بحزب كل مصر - حكم ، و لكل مؤيد لحزب كل مصر - حكم : لازلنا نلتزم بسياسة الهدوء الإيجابي المذكورة في مقال : الهدوء الإيجابي من أجل فك التحالف القائم بين القيادة الإخوانية و السلطة ، و الذي كُتب و نشر في الثالث عشر من نوفمبر 2011 ، فرجاء عدم المشاركة في أي تظاهرات أو إعتصامات ، و إلتزام الهدوء التام ، نريد أن تنجح الإنتخابات .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شباب السادس من إبريل كانوا من أجل التغطية على عمال المحلة ال
...
-
ديمقراطية فيها الإخوان أفضل من إستبداد فيه الإخوان أيضاً
-
الإعتذار غير مقبول ، و القصاص سيكون بالقانون و في العهد الدي
...
-
لا للبرادعي ، و نعم للإنتخابات
-
شباب العمالة و الخيانة و الفشل
-
الهدوء الإيجابي من أجل فك التحالف القائم بين القيادة الإخوان
...
-
لنعمل جميعاً ، مسلمين و مسيحيين ، من أجل الوصول إلى النيل
-
كل ما يتعلق بالجيش يجب أن تقرره سلطة منتخبة بطريق ديمقراطي س
...
-
إيران ستتبنى هوية شيعية - فارسية
-
خمسون في المائة ميدان واسع في البداية
-
أولها كذبة ، و أوسطها مهزلة ، و نهايتها فضيحة
-
خطأ الأقباط هو إنهم صدقوا أن الثورة إكتملت
-
خطأ النشطاء الأقباط هو تصديقهم أن الثورة إكتملت
-
في التاسع من أكتوبر إنتهت مرحلة الخامس و العشرين من يناير
-
ليحمي الله مصر من حكامها الحاليين
-
إخلاصنا لشهدائنا يكون بتحقيق آمالهم لمصرنا
-
السجن أحب إلي من الموافقة على صفقة العار هذه
-
من إيه إلى زد مصريين
-
طنطاوي بدأ حملته الإنتخابية الرئاسية
-
ندين من الآن إعتداء السلطة على سفارتي إثيوبيا و الصين
المزيد.....
-
بعد تفاعل محمد بن سلمان.. -مات ليث من ليوث آل سعود- بقصيدة ع
...
-
تحديث.. انفجار طائرة سقطت في فيلاديلفيا بأمريكا قرب مركز تجا
...
-
انتشال جثتي طياري المروحية العسكرية المنكوبة بحادث اصطدام بط
...
-
ما هو تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على كندا والمكس
...
-
ما مستقبل الشراكة بين أميركا والجزائر بعد عودة ترامب؟
-
كارثة جديدة في أجواء أميركا.. كيف سقطت -طائرة الطفل المريض-؟
...
-
القوات الروسية تسيطر على بلدة جديدة شرقي أوكرانيا
-
ترامب يعلق على تحطم طائرة صغيرة في فيلادلفيا
-
سوريا.. فيديو ودلالة هدية أحمد الشرع إلى أمير قطر ورد فعل ال
...
-
السعودية.. فيديو ما فعله وافد يمني ومواطن بالشارع العام يشعل
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|