أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تولام سيرف - قصة قصيرة: الساقية كل فرحي















المزيد.....

قصة قصيرة: الساقية كل فرحي


تولام سيرف

الحوار المتمدن-العدد: 3588 - 2011 / 12 / 26 - 11:25
المحور: الادب والفن
    


في ضواحي مدينة معصومة قوم ومن تلك الساقية تملأ مرجان جرتها
بالماء العذب القادم من شلال قريب و اشعة شمس الشتاء تسقط على
شعرها الناعم فتعكس ضوءاً رقيق اللمعان يعشق الناظر اليها كل شعرة فيها
و ينسى صلاة العصر والمغرب والعشاء بل و ينسى حتى اسم نبيه


اما بشرة وجهها الصافية الرقيقة الناعمة جدا حين تعكس أشعة الشمس
تختلط الامور على الناظر و يتساءل
هل جاء لمعان هذه البشرة من الشمس ام لمعان وجمال الشمس من هذه البشرة؟

تعدل مرجان خصل شعرها و تخفيها تحت حجابها و تغطي كل
ماتبقى من وجهها بالجادر اي العباءة الايرانية ثم تحمل الجرة و تتجه نحو البيت
بخطىً بطيئة لكي تتمتع بمناظر الطبيعة و اصوات الطيور وفي مكان ما
تسرع في خطواتها فمرجان هذه ذكية فهي تعلم بالضبط في اي مكان
تسرع لكي تصل البيت بالموعد المحدد
كانت مجموعة من الازهار في طريقها هي الاشارة لزيادة سرعتها حين تصل اليها تلقي التحية على هذه الازهار بكل رقة و تسير بعدها تحث الخطى

مرجان هي البنت الرابعة من 8 بنات وصلت السنة العاشرة من عمرها
قبل ايام, لاتجيد القراءة والكتابة لانه لامنفعة من ذلك حسب رأي ابيها
و الذي يردد لامها دائما جملة

- مرجان غبية لانها بنت كبقية بناتك و غدا ستفتح ساقيها لزوجها و لن نسمع عنها شيء بعد ذلك

لنرى غباء مرجان هذه
في سن الثامنة من عمرها كانت قد اتقنت التطريز بالحرير و هو اسلوب صعبٌ اتقانه, في نفس الوقت و منذ السنة السادسة كانت حياكة السجاد على الماكنة اليديوة هو اختصاصها و عملها الرئيسي في البيت, بالاضافة الى انها تجيد حياكة قبعات من النوع الخاص تعلمتها تلقائياً وبشكل جانبي.
ومرجان الغبية هذه تعشق الرسم او النحت الامر غير واضح لانها في كل مرة حين تذهب و تملأ الجرة من الساقية, تحفر على الصخور صورا رائعة و دقيقة جدا لما تراه من طيور و حيوانات اخرى و حتى الشلّال حفرته او رسمته عن طريق حنينها و خيالها و عشقها للطبيعة فهي لم ترَه في حياتها قط.
مرجان الغبية هذه تجيد الطبخ ببراعة مذهلة و تتفنن باصعب الطبخات التراثية

مقارنةٌ بسيطة مع ابيها
صاحب الذكاء الخارق.. يجب اعطاءه صفة الذكاء الخارق لانه يعتبر مرجان غبية
ابوها هذا درس في طفولته تسعة ايامٍ فقط عند شيخ جامع قريب يلقب بآية الله مصطفوي تعلم فيها كتابة اسمه الكامل وبدون خطأ
- سبحانه يهدي الذكاء لمن يشاء!!

حاول بعدها تعلم مهنة
لم يفلح
أخذه ابوه الى صديق يعمل في بيع مواد البناء
و لم يفلح بها ايضا
فبقيت المهنة الوحيدة لدى هذا الصديق هي ان يضعه فوق اول حمار
في قافلة الحمير التي تنقل مواد البناء كالأسمنت
و من المعروف ان ميزة هذا الحمار أنه يحفظ الطريق جيداً جداً و يعود بدون
اي صعوبة
بعد عامين توفى هذا الحمار و اخذ محله هذا الاب الذكي!!
و منذ ذلك الحين و هو يعمل حمار رقم واحد في نقل مواد البناء

دخلت مرجان غرفتها
- لنسميها غرفتها ..
تركت الباب مفتوحة لدخول الضوء لان الغرفة معتمة الظلام
و وضعت الجرة الى جانب ماكنة حياكة السجاد و اشعلت مصباح عبارة عن صحن صغير قليل العمق يُملأ بالكازولين تخرج من الجانب فتيلة

تبدأ مرجان الحياكة لمدة ساعات طويلة تأكل قليلاً ثم تعود الى الحياكة هكذا هو مسار يوم مرجان

الذهاب الى الساقية مسموح به مرتين في الاسبوع و ان لا يتعدى
الزمن الربع ساعة

مرجان تعمل في اليوم خمسة عشر ساعة و احيانا اكثر حين يقرب موعد تسليم السجادة


كان صباح يوم الخميس هو موعدها مع الساقية.. في هذا الصباح زار آية الله مصطفوي بيتهم لتذكير ابي مرجان بفضائله عليه, فهو الذي علمه القراءة و الكتابة
- أسمه الكامل بدون خطأ !!
و هو الذي قام بتدبير الوظيفة المرموقة له .. وظيفة العمر
- الحمار الاول في قافلة الحمير !!
في هذا اليوم طبعا لم تذهب مرجان الى الساقية بأمر من ابيها
قامت بعمل شاي الدارسين بالهيل و قدمته لهما
باركها آية الله المصطفوي
عادت الى مكانها تنتظر نداء ابيها
بدأ الرجل العجوز سرد سبب زيارته و تذكيره بحسناته عليه
حتى وصل الى صلب الموضوع و هو موضوع ابنه الثاني بهروز
فقد اكمل سنه الثلاثين قبل اسبوعين و حان الوقت لتزويجه الزوجة الثالثة ودخل الموضوع مباشرة سائلا

- فما رأيك بعقد قران مرجان في السبوع القادم قبل موسم الحج لكي يصح لك الذهاب اخيرا الى مكة؟

طبعا يقصد المصطفوي هنا بأنه سيتكلف بتكاليف الحج باكملها في حالة الموافقة
ومن فرحه ببيع ابنته مقابل أجر الحج لم يتردد الاب الذكي المحترم بالموافقة بل و فاجئه

- لم هذا التأخير؟ نقرأ الفاتحة الان و نرسل الى حضرة بهروز و نعقد القران

أجابه المصطفوي
- أجر الحج هذا سيكون عظيما لكم

ونِعْمَ أجرَ الحجّ هذا الذي تباع به طفلة لتغتصب

وبالفعل قد تم الزواج بسرعة هائلة برحمة الرحمن و خلال ساعتين تم جمع الكراسي من الجيران و تم ذبح الخروف و بدأت تحضيرات العرس كالطبخ و تجميل الدار

واين مرجان كل هذا الوقت؟
يظهر انها مازالت جالسة في زاوية النسيان تنتظر نداء ابيها لتحمل اقداح الشاي الفارغة

كانت تسمع حركات و اصوات غريبة و من بينها جاء نداء أبيها و بدل من ان تحمل الاقداح الفارغة
فوجئت بعقد القران على بهروز القبيح ذي الطبائع الحادة في كلامه و حركاته
في نفس هذا اليوم اي يوم الزفاف ليلة الدخلة عانت مرجان من الالم الشديد

صراخها و بكائها ملأ الدار والخوف في عينيها تحت الشبق الحيواني المتوحش
تركها بنظرات مرعبة و أمرها ان تسأل أمها

في اليوم الثاني
قامت مرجان بذلك و حصلت على بعض النصائح ك:

- تحملي ماقسمه الله لكِ من زوج مبارك ..

أخذت بالنصائح
لم ينفع شيئا
بل على العكس فقد أزداد الالم و البكاء والخوف

بعد نهاية موسم الحج و عودة الاب من الحج باربع ايام
جلب بهروز تلك الطفلة و اعادها الى اهلها موضحا بكل صراحة
معبرا عن ماكتب الله و أمر الرسول به

- لانفع لي منها

خرج بسرعة تاركا مرجان بين يدي الاب ليربيها
فقام الاب بتربيتها التي تستحقها طفلة تجرأت على عدم تلبية رغبات زوجها المؤمن ذو الشبق المتوحش
وكانت التربية هي عدة جلدات بسوط معلق لهذا الغرض
اي تربية المرأة على سنة الرسول كما في حديثه

علّقوا السوط حتى يراه أهل البيت فإنه أدب لهم

فرحت مرجان بالسوط لانها تعلم انها ستبقى عند ابيها الرحيم بعد ضرباته

ثلاثة ايام ومرجان تنام واقفة على قدميها سعيدة

وفي هذه الفترة قرر الاب الرحيم ان يعطيها لصاحب المخبز في اول الشارع كهدية لانه ساعده في مكة المظلمة في مراسيم تقديم الذبائح

و عادت الام و صرخات و بكاء مرجان من جديد و استمر الحال اسبوعين

لم تعد مرجان تفهم مايحدث في محيطها .. فقدت احساسها بالواقع

صنعت دمية صغيرة من القماش تتحدث معها عن احلامها و سعادتها مع الساقية

فالساقية هي كل ماتملكه من فرح وسعادة

تم أعادت مرجان مرة اخرى و حصلت على تربية السوط مرة أخرى

و لكن في هذه المرة لم تشعر مرجان بألم

بعد التربية أخذت دميتها ودخلت مرجان غرفتها
- لنسميها غرفتها !!
تركت الباب مفتوحة لدخول الضوء لان الغرفة معتمة الظلم
و اشعلت مصباح عبارة عن صحن صغير قليل العمق يملأ بالكازولين تخرج من الجانب فتيلة

تبدأ مرجان الحياكة لمدة ساعات طويلة تأكل قليل ثم تعود الى الحياكة
هكذا عاد مسار يوم مرجان
تضع دميتها الى جانب ماكنة الحياكة قريبة لنظرها تبتسم اليها لانها على موعد مع الساقية

بعد أيام كان هناك رسم او حفر على صخرة عبارة عن قضيب وحش يدخل قلب حمامة

تحياتي و مودتي

تولام



#تولام_سيرف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من كتاب قراءة ارامية سريانية للقرآن
- أيها المسلم كيف تؤمن بإله يكذب و يناقض نفسه و ليس صاحب كلمة؟
- المجرات
- قليل من داروين
- سليمان والهاجادا
- سليمان والنمل ونشوء اللغة و الهاجادا
- قصة قصيرة حول معانات المرأة
- ردود على بعض خرافات اعجاز القرآن
- عن: حوار مع صديقي الملحد
- ماهي مشارتك لحماية كوكبنا الارض من ارتفاع درجة الحرارة
- الكوارث
- عن الكون الحلقة الرابعة
- عن الكون الحلقة الثالثة
- عن الكون الحلقة الثانيه
- اربع حلقات حول الكون
- قصة قصيرة
- الحسين و ما أدراك ما عاشوراء
- حول القمر و ضيق الأفق و قلة المعرفة عند محمد
- الشمس
- لماذا انا ملحد


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تولام سيرف - قصة قصيرة: الساقية كل فرحي