أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - اجزاء مفقودة














المزيد.....

اجزاء مفقودة


ايناس البدران

الحوار المتمدن-العدد: 3588 - 2011 / 12 / 26 - 00:14
المحور: الادب والفن
    


للماضي عادة سيئة هي انه يمكن ان يعود في أي وقت ليمارس ساديته .. ولو بهيئة وخز ضمير . يأتي كجحافل مظفّرة تطوق قلعة تعسة آيلة للسقوط . يهاجم في أكثر اللحظات ضعفا وحاجة للإسناد والعطف ! ..
هو لم يشأ ان يقضي العمر مثل ابيه الذي كانت حياته يبابا كمسافر أرهقه طول الطريق فعمد الى التخفّف من القليل الباقي بمعيته متدثرا بكنز القناعة الذي لا يفنى و بأشواك الصبر ، هو عرف شروط اللعبة " ما تغلب به .. العب به " هكذا وجد نفسه يدوس على كل العقبات وأولها ضميره ، كان الفوز حينها يملأ رأسه بنشوة تعجز عنها أغلى الخمور التي كانت تعينه فيما مضى على ... النسيان . كفر بأشياء عنت لغيره اجمل ما في الحياة كالصداقة والحب والزواج .. عدّها علامات ضعف ، اهدارا للوقت والجهد ما لم تعتمد كوسائل تبلغه الغايات .
والحق انه لم يفعل ما فعل ألا لرغبة جامحة في الحياة منساقا بطموح مكابر مجنون لعقل المعي قل نظيره .. كان يريد الأفضل من كل شيء بل كان يريد كل شيء ، تناسى حكمة والده " من اراد كل شيء خسر كل شيء" .. الدنيا ابتدأت بجريمة ارتكبها أخ ضد اخيه ، ويا للعجب نسي مع الوقت اسم المغدور ليظل متداولا اسم من ابتدع الباطل ، وما بني على باطل ...
يقهقه بصوت طمسه الخمر وهو يمعن النظر في مرآة المطعم الفاخر الى جسده المتضخم الذي بات يمارس كل نشاطاته بتؤدة تصيبه بالذعر حينا وبالقنوط احيانا ، فيما يؤكد الحكماء خلوه من العلل . لعل العطب في مكان آخر كامن في النفس او الروح مثلا . قرأ مرة ان راحة الروح في قلّة الآثام لعل لدى قائل هذه الحكمة بعض الحق فهناك دوما عذاب في مكان ما يصعب تحديده .. شيء كشوكة جهنمية يخز الروح سمّاه الألم الشبحي ذلك انه يأتي من جهة مجهولة ليصيب في كل مرة منطقة مجهولة بعينها .
- ماذا الآن ؟ يسائل نفسه ذات السؤال كلما دهمته الأزمة وشلّ فكره الالتباس .. يطرد الافكار البائسة بهزّات ثقيلة من رأسه .
اذا كان مآلنا الى موت فهذا يعني ان هناك حياة يجب ان تعاش ، الحياة لعبة الكبار لا مكان فيها لضعيف .. وإذا لم يكن من اللعب بد فمن العار القبول بالخسارة .. العب بما يضمن لك الغلبة هكذا كان دوما يحدّث نفسه وهو يتقافز فوق مناكب الآخرين يرتقي فوق حطامهم .. أ ليس الصعود ارتقاء ؟ ليكتشف نهاية المطاف انه انما كان يلفّ حبله حول عنقه او يحفر قبره بيده . ترتفع عقيرته بالغناء :
- يا حافر البير ..
آه الأرض تدور حول الشمس ، والشمس تدور حول نفسها لتقلب في النهاية طاولة الأشياء فوق رأسه فيدوخ . لن يجد السكينة حتى يعثر على كل الأجزاء المفقودة ، الأجزاء التي ضاعت منه .. تساقطت على طول الطريق وهو في زحمة انشغالاته برغباته الجهنمية ونزواته المجنونة .. هوّة بين ما نود ان نفعل وما يجب ان نفعل تجعل اغلبنا رافضا او شقيّا .
رطوبة الخريف تغلّف روحه ، يتنهد بعمق اذ يستشعر النهاية ، ظل والده يرمقه بصمت ، يرقب أناه وهي تتضخم تنتفخ كبالون ، وأحلامه وهي تتورم لتنشطر سرطانيا و ..
كان هاديء الطباع طيّب النفس ، ظل ماثلا في خاطره كغيمة عطشى .. كالبعير يشق الصحراء ظمآنا وظهره مثقلا بالطعام والماء ، اجل نحن لا نذكرهم الا لماما ولعلنا نقضي العمر في اجتناب الوقوع في افخاخ مصائرهم او استنساخ أقدارهم .. وعجبا كيف تزداد سطوتهم علينا كلما وهنوا . حتى لتبلغ ذروتها بعد الموت . الكل يختار قدره بشكل او آخر ، اما هو فكان يهرب من قدره ظل يحرق كل شيء وراءه .. المسافات ، الورق الأخضر تحت اقدام الغانيات ، الذكريات ، ليجد نفسه مقرفصا في وحل واقع ارتضاه مكبّلا بنظرات العجوز المعاتبة ، يتساءل :
- هل ثمة أمل لاكتشاف صباحات تزيل فجوات اليأس ، رائحة القيء ، وحشة الطريق .. قلبه هرم اهترأ تحت سياط الغدر .. من كان يصدّق .. ما نفع اتساع الأرض اذا ما ضاقت الروح بسجن الجسد ؟ ..
ينتفض كالملسوع بهذياناته :
- أبي .. الخوف يغلّف روحي يخنق رئتي بهوائه الثقيل . فإنسلّ منّي اليك وأنت تشير اليّ من خلف الضباب بمسبحتك .
النيران تحرق كل شيء .. الأدلّة ، الأدران تستدرج النهايات والأحزان .. انه اللهب الذي ظل يلتهم بغضب كل ما بنيت من خرافة الكذب .
ينشج بعواءات مسخ جريح يطلقها في جوف الليل فتخلع لها أعماقه زاعقا بكلمة واحدة كمن ينادي على بضاعة بائرة :
- - عاهرة ..
لم يعرف احد ممن قضّ مضجعهم صراخه في سواد الليل وهجيعه الأخير من كان يقصد .. أ هي امرأة عرفها في سالف أيامه ، أم الدنيا .. أم نفسه ؟!



#ايناس_البدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابهام
- خداع نظر
- المشكلات الاجتماعية للمرأة العراقية بعد عام 2003
- طريق قابيل
- لافتة
- القصة القصيرة جدا وغواية الومضة
- حديقة الاقنعة
- حديقة الأقنعة
- غيبوبة
- في الادب والنقد الادبي النسوي
- شمعة العسل
- الصدع
- شعاع الشمس في بحيرة باردة
- في ذكرى رحيل الشاعرة الرائدة نازك الملائكة
- قنطرة الشوك
- لازوردي
- ألق الثريات جمر تحت الرماد
- دوريس لسنغ مناضلة بلا شعار
- وجها القمر
- الليلة الاولى بعد الالف


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - اجزاء مفقودة