|
إذا كان رب البيت بالدف ضارباً .... فما شيمة أهل البيت سوى الرقص والطربُ
غادة عماد الدين
الحوار المتمدن-العدد: 3587 - 2011 / 12 / 25 - 18:26
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
يُغيِّب البعض دور البيت في عملية التربية ويضعون اللوم على المدرسة والإعلام والمُجتمع فهل أنصف هؤلاء؟ هل سبق أن شاهدت الأطفال يلعبون لعبة "بَرّ – بحر"؟ في هذه اللعبة يقف أحد الأطفال أمام مجموعة منهم فإذا قال لهم بر فعليهم أن يقفوا وإن قال بحر فعليهم أن يجلسوا والفائز هو من لا يُخطئ. فيقوم هذا الطفل بلخبطة باقي الأطفال بحيث يجلس إذا قال بر ويقف إذا قال بحر أي عكس ما عليهم أي يفعلوا. فتجد أن الأطفال يعملون ما يعمل وليس ما يقول فيقعون في الخطأ. لعبة جميلة و تحمل معانٍ كبيرة. تُشير الدراسات إلى أنه خلال أي اتصال بين الناس فإن 55 في المائة من الاتصال يكون بلغة الجسد و38 في المائة من لحن الخطاب و7 في المائة من الكلمات المُستخدمة. فكيف يمكن أن نستفيد من هذه المعرفة في تربية أبنائنا؟ إن من أجمل ما يُمكن أن يعمله الوالدان لأبنائهما هو حسن العشرة فيما بينهم فالأبناء يُكتسبون من أفعال آبائهم أكثر مما يكتسبون من أقوالهم ونصائحهم وتوجيهاتهم. عزيزي الأب, كي تغرس المبادئ السامية في أبنائك كُن أنت أول المتمسكين بتلك المبادئ واعلم أن حبك واحترامك وإكرامك لأُمهم له أكبر الأثر على تنشئتهم. عزيزتي الأم, إن مُعاملتك الحسنة لزوجك والرفع من مكانته في البيت وأمام الأبناء له من الآثار الإيجابية على أبنائك وبناتك ما قد لا تُدركين فهلا أعطيتِ هذا الأمر اهتماما أكثر كي تسعدين وتقر عينك بفلذات كبدك؟ يقال قدوة وقدوة لما يقتدي به ويقال فلان قدوة يقتدى به .من يتأسى به في جميع أحواله قال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وعلى هذا فالأسوة هي القدوة وتكمن أهمية القدوة في أسباب أوجزها في نقاط هي: 1) إن مستوى الفهم لدى الأطفال أدنى بكثير منه عند الكبار فتبقى الرؤية بالعين المجردة لواقع حي أهم من الكتاب، وأهم من أن تلقى دروس ومن غيرها من كثير من الوسائل. 2) إن القدوة الحسنة تعطي الطفل القناعة بأن هذه الفضائل ليست مجرد مبادئ مثالية نطمح إلى تحقيقها بل هي في متناول القدوة وشاهد الحال أصح دليل على ذلك القدوة . 3) إن الطفل أو الشاب عندما يرى سلوكاً أو عملاً حسناً يحمد عليه الإنسان فإن ذلك يثير في نفسه الاستحسان والإعجاب والتقدير لهذا العمل وهذا يدفعه إلى التقليد. أن الطفل والشاب مدفوع برغبة خفيه لا يشعر بها نحو محاكاة من يعجب به دون أن يقصد وهذا التقليد غير المقصود لا يقتصر على السلوكيات الحسنة بل يتعداها إلى غيرها، ولذلك فإن من الخطورة بمكان ظهور المساوئ في سلوك القدوة لأنه يحمل بذلك أوزاره وأوزار من يقلده . "لا تنهَ عن خُلُق وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ" تَمثَّل الحكمة القائلة: "الولد سر أبيه"، فأي ولدٍ تُحب؟ وأي أولاد نحب أن يمثلوا أمتنا في المستقبل؟ ولا تظن أن الأبناء لا يقتدون، فهم يتتبعون سلوك الآباء بدقة لا نشعر بها، ويجعلون منهم مثالاً وأنموذجاً يحتدون به في حياتهم، وهم لا يقبلون منهم القول بلا فعل، والشعار بلا ممارسة، وإن لم نفعل فإننا سننشئ منهم جيلا متكلما من غير عمل، بطَّالاً سبَهْللاً، وتلك هي الكارثة. "وينشــــأ ناشــــئ الفتـــــيان مــــنا على ما كـــــان عـــــــوده أبــــوه" ونرى كثيراً من الآباء يصطحبون أبنائهم الصغار معهم إلى المساجد وإلى أماكن المحاضرات وفعل الخيرات ليزرعوا في نفوس أبنائهم حب الخير والعمل به. إلا أن كثيراً من الناس نراهم ينهون أبنائهم عن فعل السيئات وهم يعملونها، ويضربون على أيديهم لو سمعوا منهم كلاماً فاحشاً وهم (الآباء) أهل الفحش وتخرج من أفواههم ألفاظاً لو مزجت بماء البحر لمزجته وغيرته وفي نفس الوقت يريدون أن يكون أبناءهم من الصالحين. وفي المقابل نرى كثيرٌاً من الآباء نحسبهم من الصالحين ومن أئمة المساجد بينما أبنائهم في خبر كان مع الشلل في الشوارع وفي المقاهي ضائعون لا يفهمون من الدنيا إلا ملذاتها. وقد ذكر لي أحد المُتخصصين أن 90 في المائة من المشاكل السلوكية والنفسية التي عالجها لدى الأطفال لم يكن هناك حاجة فيها لرؤية الطفل، حيث تم علاج الأطفال من خلال تخليص الوالدين من تلك المشاكل. فهل يعني لكم هذا شيئاً عزيزي الأب وعزيزتي الأم؟ إن سلوك الشباب يُمكن أن يُقوَّم إذا استطعنا كآباء وكمربين كسب ثقتهم وتفهم وضعهم والإنصات لهمومهم ومشاركتهم أفكارهم دون انتقاد. والتوجيه بشكل لبق وبأقل قدر ممكن وليس الانتقاد وفصل سلوكهم عن ذاتهم، فلا نحكم عليهم من خلال سلوك معين مع الحرص على إيجاد رابط الحب والحنان بينكم، ففقدان الحُب في البيت يدفع الشاب والشابة للبحث عنه خارج البيت والشاب غير المُتوازن عاطفياً ونفسياً يكون صيداً سهلاً للمُنحرفين من مروجين وإرهابيين، فالشاب غير المُستقيم يُمثِّل حملاً أمنيا على الدولة ويستنزف طاقاتها. إن ما نحصده بسبب عدم إعطاء الجوانب التربوية للأبناء حقها من الاهتمام في الوقت المناسب يُترجم على شكل سلوك نراه في بيوتنا وشوارعنا ومدارسنا. فهل من العدل أن نضع اللوم كله على شبابنا؟
#غادة_عماد_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوصايا العشر لزواج ناجح ... عشرة على عشرة
-
الرومانسية ... هي الحل
-
تربية المراهقين ... المشكلات والحلول
-
الكلمة الطيبة للزوجة ... أجمل هدية بدون أي تكلفة
-
جمال المرأة ... نعمة أم نقمة !!
-
تغزل في امرأتك
-
أكلة لحوم البشر!!... مرض يحتاج لعلاج
-
عشوائيات الثقافة ... وثقافة العشوائيات
-
فن إدارة المشاحنات بين أولادك
-
إدارة الغضب والتحكم في المشاعر
-
من أجل حوار جيد ومثمر بين الزوجين
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|