|
في ذكرى محرقة غزة بالرصاص المسكوب
فتحي الحبوبي
الحوار المتمدن-العدد: 3586 - 2011 / 12 / 24 - 23:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ذكرى محرقة غزة الصمود
فَهَذَا الغَرْبُ مَسْكُونٌ بِـحِقْدٍ مَدَى الأَحْقَابِ لَمْ يَخْفُتْ أَذَاهُ عَرَفْنَـا مِنْهُ آلاَفَ المَـآسِي وَمَـازِلْنَا نُقَاسِي مَا جَنَــــــاهُ يُخَادِعُنَـا وَنَحْسَبُهُ صَدِـيقـًا وَيَأْكُلُنَـا وَنَبْذُلُ مـَا اشْتَهــــَاهُ الشاعرجعفر ماجد فتحي الحبوبي تمر اليوم ثلاث سنوات على الهجوم الوحشي الشرس على غزة فيما سمي من قبل الكيان الصهيوني، في حينه بعملية الرصاص المسكوب ومن قبل المقاومة الفلسطينية ب بقعة الزيت اللاهب او معركة الفرقان . وبعيدا عن لغة الحرب وما أسفرت عنه من ضحايا وجرحى ومعاقين، يعدون بالآلاف، وأغلبهم من بين النساء والأطفال، فإن ما لفت انتباهي-في حينه- وأثار استغرابي الشديد، هو صدور فتوى عن المؤسسة الدينية الوهابية ، تتسم لا بالغرابة وحسب بل وبالشذوذ أيضا عما أجمعت عليه الأمة، وهي لا تجمع على ضلال كما ورد في الحديث الشريف، وكما هو مصطلح عليه عند الفقهاء. ففي الوقت الذي تحتاج فيه الأمة إلى كل كلمة خير تصب في خانة شحذ الهمم ونصرة الحق وإلهاب حماس الجماهير الملتاعة والدفاع عن ضحايا غزة والتبرع بسخاء للثكالى واليتامى والجوعى والمشردين بمثل ما كان التبرع المهين، لعمدة نيويورك الرافض لذلك، إثر وقوع أحداث 11 سبتمبر2001، يخرج علينا أحد الشيوخ ، ممن يسمونهم تجاوزا بعلماء الأمة- وما هم كذلك- بفتوى تدين وتصف مظاهرات التنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بـ"الفساد في الأرض"، باعتبارها "تصد عن ذكر الله، حتى وإن لم يحصل فيها تخريب". هكذا والله أصبحت المظاهرات عائقا عن ذكر الله؛ وهو ما ينطبق عليه "فإذا كان رب الدار بالدف ضاربا…"؛ هل نسي هذا المفتي أن الإجماع هو ثالث مصادر التشريع، وما كان الإجماع مصدرا من مصادر الدين إلا للعصمة التي أكرم الله بها هذه الأمة- أمة البلاغ أو أمة الإجابة- وقد أجمعت الأمة على التعبير عن غضبها بالمظاهرات بمعية أمم أخرى، فكيف يخالفها هذا الشيخ ويستكثر على غزة المذبوحة من الوريد إلى الوريد أن تنظم من أجلها المظاهرات الصاخبة بجماهير تغلي كالمرجل؟... لذلك، فإني أسأل بإستنكار، أين الأمانة العلمية والصدق مع النفس ومخافة عذاب النار والتقرب إلى الله الجبار؟! تصدر هذه الفتوى، والحرب على غزة على أشدها، في أسبوعها الثالث مخلفة 1285شهيد بينهم 900 مدني، عدا4850 من الجرحى. وكانت في الإثناء، لا تكاد تخلو عاصمة أو مدينة في العالم من مسيرة عفوية حاشدة، منددة بالجرائم الوحشية الفظيعة المرتكبة في حق المدنيين الفلسطينيين أثناء المحرقة البربرية الصهيونية النازية الفاشية التي استهدفت سكان غزة العزل، الذين أبدعوا ملحمة بطولية رائعة بصمودهم أمام المحرقة بما يتماهى مع الصمود الأسطوري لرجال حزب الله أثناء حرب صيف 2006 ورفعت بذلك عاليا وبشموخ قل نظيره، رؤوس العرب والمسلمين جميعا، رغم أنوف المشككين، المتسكعين أبدا بين العواصم الغربية، والذين قالوها صراحة– ومنذ البداية- إن تلك الحرب ما هي إلا مغامرة غير محسوبة العواقب. نسأل الله وبإلحاح أن يزيدنا مغامرات غير محسوبة العواقب تكون خواتيمها انتصارات مدوية. وبالتوازي مع هذا الصمود النادر لأهالي غزة الجبارين الذين لا تهزهم ريح كما كان يقول زعيم "سلام الشجعان" الشهيد ياسر عرفات، كانت الهبة الشعبية الهادرة المزلزلة التي ترجمتها المظاهرات العاصفة التي انتظمت في كل مكان وفاقت في حشودها كل توقعات الأصدقاء قبل الأعداء، من بني صهيون ومن لف لفهم من بني جلدتنا المتأمركين، أو من المسيحيين المتصهينين، وحتى من بعض المسلمين الذين يدعون في العلم فلسفة– وما أبعدهم عن ذلك- مما أربك العدو الصهيوني الغاشم وفضح ممارساته التي يتستر عليها، وجلب له سخط المجتمع الدولي... قطعا، إن هذه الفتوى المشبوهة، تشكل دعوة صريحة للإستسلام والركوع والخنوع إلى جبروت آلة العدو العسكرية والتفريط نهائيا في القضية الفلسطينية؛ وهي طعنة غدر بخنجر مسموم في ظهر وخاصرة المقاومين الذين هم في حاجة لمن يفتي بالدعوة إلى استنهاض الهمم وإيقاظ مشاعر التضامن بين المسلمين، بعيدا عن التوظيف السياسي المبطن، والفتاوى السلطانية التي لا ترضي سوى الطغم الحاكمة فوق أكوام جماجم الشهداء الشرفاء. لا بل إنهم أشرف الشرفاء وقدوة كل مقاوم أصيل بالفعل لا بالقول فحسب، كما هو الشأن بالنسبة للسواد الأعظم للمناضلين السياسيين التونسيين داخل الأطر الحزبية المتعددة المرجعيات الفكرية، التي طلعت علينا كالفقاقيع فيما بعد14 جانفي. وهي التي صدّعت رؤوسنا بالخطابات الرنانة العصماء بما يشبه الأسطوانة المشروخة عن النضال والنضالية. إلا أن الغربال الشعبي، الشبيه بغربال ميخائيل نعيمة في النقد الأدبي- وهو المحرار الانتخابي المعتمد ديمقراطيا- أسقطها من بين ثقوبه في أول امتحان شعبي لها، لتقف مذهولة على مدى حجمها النضالي الحقيقي لا المزعوم. فتحي الحبوبي/مهندس
#فتحي_الحبوبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن سرية دفن فولتير والقذافي
-
البداوة الفكرية لمحترفي الإفتاء وفق الأهواء
-
ممارسات سياسية بين فلسفة القوة والنظرية الداروينية للخلق
-
لا لحوارالأديان في ظل إنحباز بابا الفتيكان
-
الشيوعية والإسلام والفشل في ممارسة الحكم
المزيد.....
-
إسرائيل تجري مشاورة أمنية لاستئناف الحرب على غزة وترامب واثق
...
-
هجوم أوكراني بـ49 مسيرة على روسيا يشعل النار في مصفاة نفط فو
...
-
-نفعل الكثير من أجلهم وسيفعلون ذلك-.. ترامب أكيد من قبول عما
...
-
إتمام ثالث عملية تبادل بين حماس وإسرائيل في إطار الهدنة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب
...
-
بعد تهديد ترامب.. الصين تؤكد تمسكها بشراكة -بريكس-
-
وزير الخارجية المصري يتوجه إلى لبنان
-
الرئيس اللبناني يوجه قائد الجيش بتفقد الجنوب
-
ترامب يهاجم صحفية بعد -سؤال غير ذكي- عن تحطم طائرة واشنطن (ف
...
-
زاخاروفا: 90% من وسائل الإعلام الأوكرانية تعيش على المنح الأ
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|