|
اليسار والديموقراطية
محمد ماجد ديُوب
الحوار المتمدن-العدد: 3586 - 2011 / 12 / 24 - 18:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لاشيء يثير سخريتي أكثر من سماع يساري يتحدث عن الديموقراطية ليس بسبب كرهي لهذه الديموقراطية وليس بسبب رفضي لليسار بل على العكس فأنا أحلم بالديموقراطية وأفتخر بكوني يساري
موقفي الإستهزائي هذا سببه سببه رؤيتي العلمية لليسار ومعرفتي الحقيقية بوهم الديموقراطية والأهم من الأمرين معاً هو أن هذا اليساري إنما لا يعرف أن دعوته للديموقراطية قبل بناء مجتمع الطبقة العاملة المنتجة هو دعوة مفتوحة لقيام مجتمع الرأسمالية بكل صفاته السيئة
إن الرأسملية هي في المحصلة مجتمع من يملك يحكم ومن لايملك ليس عليه إلا أن ينصاع لمن يملك
إن الديموقراطية في مجتمع متعدد الطبقات أو في مجتمع الإنتاج الريعي هي الطريق الواسعة لوصول الأغنياء وأياً كان مصدر غناهم إلى السلطة وإمتلاك زمامها وهذا مانراه في المجتمعات الغربية التي تدعي الديموقراطية وهي ليست إلا يموقراطية طبقة الأغنياء في الدول هل نستطيع أن نرى في سدة الحكم من هو معادٍ لطبقة الأغنياء هذه ؟
قد يقول المدافعون عن هذه الديموقراطية هذه هي طبيعة الأشياء إن الأقوى على الصعيد الإجتماعي هو من يتصدى لكرسي الحكم ويحكم بتفويض من الجماهير
لكن السؤال هل هذه الجماهير حرة فعلاً بإختياراتها ؟
يعرف المتابعون لمجتمعات الرأسمال أن من يمتلك وسائل الإنتاج هو من يحدد الحاكم القادم وليس من يمتلك قوى الإنتاج فرب العمل المالك لوسيلة الإنتاج هو صاحب القوة الفعلية على الأرض وليس من يمتلك فقط قوة عمله والذي هو عرضة للطرد من العمل إذا ما خالف صاحب وسيلة العمل الذي هو المصنع والآلة
من هنا نستطيع القول وبكل ثقة أن الديموقراطية في هذه البلدان ليست ديموقراطية وإنما ديكتاتورية رأس المال بغلاف تزينه صناديق الإقتراع
إن الديموقراطية ما لم تكن في مجتمع بدون طبقات هي وهم وحلم بعيد المنال وكلنا يعرف أن أكبر دليل على ما نقول هو الكيفية التي إستغل بها الغرب الرأسمالي مفهوم الديموقراطية كوسيلة لإختراق المجتمعات الإشتراكية التي لم تتمكن من إتمام عملية بناء مجتمع الطبقة الواحدة والقيام بإدخال أموالها إلى هذه المجتمعات لبدء عمليات الإستثمار التي هي في المحصلة إستنزاف لخيرات هذه البلدان وتحويلها إلى دولارات تحول إلى البنوك التي تمول عمليات الإستثمار من الخارج
ربما يجد البعض في تجربة اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها أمثلة كافية للرد على هذا الطرح ولكنا نرد وببساطة أليس من شروط الديموقراطية شرط الحرية الهام والهام جداً فهل هذه البلدان وشعوبها فعلاً حرة سواءاً في خياراتها الإجتماعية أو السياسية أم أنها توابع في فلك السيد الرأسمالي العالمي المسيطر على مراكز التمويل وأسواق الإستهلاك ؟
إن اليساري الذي الذي يدعو إلى قيام الديموقراطية في مجتمعه وأياً كانت الأسباب التي تدعوه لذلك هو في واقع الحال واحد من إثنين إما غير مدرك لما يطرح وإما هو خائن ليساريته
إن الدعوة إلى تبني النظام الديموقراطي في أي بلد من البلدان التي تفتقدها هو في واقع الحال دعوة مبطنة إلى قيام مجتمع رأسمالي لأن شرط الديموقراطية هو الحرية أي أن يكون من يقترع حراً في خياراته وليس مقيدأ وهذه الحرية لن تكون له إلا في مجتمع الطبقة الواحدة
إن إنساناً ما أياً يكن لن يكون حراً في خياراته وهو رهين حاجياته المادية التي يملكها عليه رب العمل وعليه فإن الدول الغربية والتي تدعي الدموقراطية هي أبعد ما تكون عنها لأنها مجتمعات ليس فيها عدالة إجتماعية مضمونة تحمي خيارات الإنسان المقترع فيها والغريب أنه حتى في المجتمعات التي تكون أقرب ما يكون إلى تحقيق العدالة الإجتماعية كالدول الإسكندنافية لايستطيع أي حزب يساري حقيقي فيها الوصول إلى السلطة لأن مجرد وصوله إلى السطة وقيامه بتحقق عدالة إجتماعية حقيقية سينبري أصحاب وسائل الإنتاج إلى محاصرته والتضييق عليه إلى أن يسقط
إن العدالة الإجتماعية في هذه الدول هي أقرب إلى العمل الخيري الذي يميز عوالم الأغنياء أكثر منه عدالة إجتماعية حقيقية تؤمن للفرد حريته وحرية خياراته وإلا فكيف نفسر قيام أصحاب السلطة في هذه المجتمعات وبكل وقاحة بالقتال من أجل مصالحهم في أي بقعة من بقاع الأرض ولو على حساب الشعوب الأخرى ودمائها بما فيها أرضها ودماء شعبها
إن اليساري الذي لايدرك أن الديموقراطية بدون بناء قاعدة العدالة الإجتماعية المتينة أولاً هو خيانة لمعنى اليسار وخيانة لمن يدعي أنه يمثلهم
إن مسألة القوميات والأقليات في رأيي لايمكن حلها في إطار الدولة الديموقراطية ما لم يتحقق أحد الأمرين التاليين
الأمر الأول هو بناء دولة العدالة الإجتماعية أي دولة الطبقة الواحدة
الأمر الثاني هو إلتحاق هذه الدولة بالمنظومة الرأسمالية العالمية .....هل الأمر الثاني هو ما نريده كيساريين ؟ سؤال مجرد سؤال
#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ولدي وإنفجارا دمشق
-
تباً لأحلامي فقد أرهقتني
-
عندما يهرب العقل
-
بعيداً عن الشعارات هذا ما يجري في الشرق الأوسط
-
التدين عبادة صادقة لله أم خوف من المجهول ؟
-
اليسار وغياب القائد التاريخي
-
الخوف من عري الجسد
-
أنسنة الله والقائد التاريخي
-
عفواً توماس فريدمان : السوريون يكتبون تاريخ القرن الواحد وال
...
-
متى ساعة الصفر ليوم القيامة في الشرق الأوسط ؟
-
زوجُكِ هو إبنك زوجتُكَ هي أمُك
-
الإنسان عارياً
-
جاذبية المرأة وجاذبية الأرض
-
ربيع أمريكا السوري وخيارات بشٌار الأسد
-
الإنسان يصنع قيده
-
إيٌاك أن تعرف الحقيقة
-
إلهكم جزٌار بَشَر
-
الإنسان مشروع وجود
-
ثلاثية الوهم : الله -الخلود -الحرية
-
المطلق المُدَمِر في عالمي السياسة والدين
المزيد.....
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسي
...
-
وسائل إعلام: ترودو يعقد اجتماعا طارئا بشأن رسوم ترامب
-
ترامب يوقع أمراً بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من كند
...
-
فنزويلا تفرج عن 6 مواطنين أمريكيين بعد لقاء مبعوث ترامب بالر
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماع هام مع ترامب
...
-
مسؤول مصري: لا أحد يستطيع الاقتراب من الحدود.. حدودنا مؤمنة
...
-
إيلون ماسك يحصل على الحق في الوصول إلى نظام الدفع الفيدرالي
...
-
الحدث البركاني الأقوى في النظام الشمسي!
-
محاذير تناول المكسرات
-
أنباء عن تأجيل مفاوضات صفقة التبادل إلى ما بعد اجتماع نتنياه
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|