أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الكسندر كوكبيرن - وكالة الاستخبارات المركزية والصحافة الأمريكية















المزيد.....


وكالة الاستخبارات المركزية والصحافة الأمريكية


الكسندر كوكبيرن

الحوار المتمدن-العدد: 1061 - 2004 / 12 / 28 - 09:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"أسراب من المأجورين"
وكالة الاستخبارات المركزية والصحافة الأمريكية
قلة من المشاهد في الصحافة الامريكية في أواسط تسعينات القرن الماضي، كانت أشد إثارة للاشمئزاز من الحملة الضارية التي شنت على "غاري ويب" (صحافي أمريكي انتحر في أواخر الاسبوع الماضي ـ المحرر)، في صحف "نيويورك تايمز"،"واشنطن بوست" و"لوس انجلوس تايمز". فقد راحت أسراب من المأجورين الذين تربط بعضهم علاقات مع وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي. إيه) طيلة حياتهم العملية، تصب جام كلماتها الخبيثة الجارحة على غاري ويب، وعلى صحيفته "سان خوسيه ميركوري نيوز"، بسبب "تلويثه إسم الوكالة الناصع"(!) باتهامها بالمشاركة في جريمة استيراد الكوكايين إلى الولايات المتحدة في ثمانينات القرن الماضي.

هنالك أمور معينة لا ينبغي لك أن تقولها علناً في الولايات المتحدة. فقد اعتادت رعاية الدولة المنظمة للتعذيب من قبل الولايات المتحدة ان تكون من المحرمات الرئيسية التي لا يجوز التطرق إليها. ولكن ذلك ذهب أدراج الرياح هذه السنة (رغم ان الصحافي المعروف سيمور هيرش عامل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بلطف ليس في محله، في كتابه عن فضائح التعذيب في وقت مبكر من هذا العام، الذي يحمل عنوان "الطريق إلى أبو غريب"). ومن المحرمات الرئيسية الممنوع تناولها في النقاش العلني المهذب هنا في الصحافة، القول إن حكومة الولايات المتحدة ظلت تستخدم الاغتيال عبر السنوات أداةً لتنفيذ السياسة القومية، وكذلك القول إن تواطؤ وكالة الاستخبارات المركزية مع العصابات الاجرامية التي تتاجر بالمخدرات، يمتد من أفغانستان الحالية في هذه الأيام، رجوعاً في الزمن إلى الوراء حتى وقت تأسيس الوكالة سنة 1947. وذلك المحظور الأخير هو الخط الذي تجاوزه غاري ويب، ودفع ثمن جرأته بأن تعرض لواحدة من أعتى وأظلم الحملات في تاريخ الصحافة الأمريكية، حتى أنقلبت عليه صحيفته ذاتها!
وقد مات ويب يوم الجمعة 10 كانون الأول في شقته في سكرامانتو (عاصمة ولاية كاليفورنيا)، جراء ما يبدو أنه عيار ناري أطلقه على رأسه بيده. وكانت الملاحظات التي نشرت عن موته في العديد من الصحف مقرفة، كما هو العهد دائماً. فقد حرصت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" على ان تذكر انه حتى بعد الضجة التي أثارها ما نشره ويب في صحيفة "سان خوسيه ميركوري نيوز"، بعنوان "الحلف الأسود"، كانت وظيفة ويب قد أصبحت "محفوفة بالمتاعب"! وقد طرحت الصحيفة، دليلاً على ذلك، حقيقة أنه "بينما كان ويب يعمل لدى لجنة تشريعية أخرى في سكرامانتو، كتب تقريراً يتهم فيه دوريات الطرق الخارجية في سكرامانتو بالتغاضي بصورة غير رسمية، بل وبتشجيع العنصرية في كتابة سجلات الأفراد، ضمن برنامجها لحظر المخدرات"! يا لوقاحة الرجل!
ويتابع الخبر قائلاً، بخشوع وورع: "نشر المسؤولون التشريعيون التقرير سنة 1999 ولكنهم حذروا من أنه قائم أساساً على افتراضات وحكايات ونوادر". ويعني ذلك من دون شك أن ويب لم يكن لديه عشرات من ضباط الدوريات المذكورة الذين ذكروا تحت القسم، في السجلات الرسمية، إنهم كانوا يضايقون السود والهسبانيين (الامريكيين من أصل إسباني).
وكانت هنالك نوافير غضب أخرى مماثلة، ثارت سنة 1996 لأن وكالة الاستخبارات المركزية لم يُتح لها الحيز الكافي في سلسلة مقالات وتحقيقات غاري ويب لكي تُقْسم بوقار أنه "لم يمر أبداً غرام واحد من الكوكايين بمعرفتها من دون أن تستولي عليه وتحوله إلى دائرة تطبيق قوانين المخدرات التابعة لوزارة العدل، أو إلى هيئة الجمارك الأمريكية"!!
في سنة 1998 نشرت، بالاشتراك مع جيفري سانت كلير، كتاباً بعنوان "وايت أوت" (الغبش) عن العلاقة بين وكالة الاستخبارات المركزية والمخدرات والصحافة، منذ تأسيس الوكالة. كما تناولنا بالتفحص تفاصيل حكاية ويب. وقد أثار الكتاب، على نطاق أضيق وبدرجة أقل، النوع ذاته من سوء المعاملة الذي واجهه ويب. وكان الكتاب طويلاً محشواً بالحقائق الموثقة على نحو جيد، والتي هب المنتقدون لنا بشأنها إلى اتهامنا بـ"الطيش"، مثلما فعلوا مع ويب بـ"المتاجرة بالمؤامرة"، رغم انهم كانوا في بعض الاحيان يتهموننا في الحكم ذاته بـ"إعادة انتاج الأخبار القديمة".
إن أحد الأساليب المفضلة لدى وكالة الاستخبارات المركزية لحماية الذات، هو أسلوب "الكشف عن الأمور". فالوكالة في البداية تنكر وتنفي بانفعال، ثم تعترف فيما بعد وتسلم بنبرة مكتومة، بالاتهامات الموجهة ضدها. وكان من بين تلك الاتهامات تجنيد الوكالة علماء نازيين وضباطاً في قوة الشرطة الخاصة النازية، وإجراء تجارب على مواطنين أمريكيين من دون علمهم، ومحاولات اغتيال فيدل كاسترو، والتحالفات مع أرباب الأفيون في بورما وتايلاند ولاوس، وإعداد برنامج اغتيالات في فيتنام، والتواطؤ في الإطاحة بسلفادور اللندي في تشيلي، وتسليح مهربي الأفيون والمتعصبين دينياً في أفغانستان، وتدريب الشرطة القاتلة في غواتيمالا والسلفادور، والتورط في تنقل المخدرات والأسلحة بين أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة.
وكما هو متوقع، بعد أن أثارت سلسلة مقالات ويب عاصفة، وبخاصة في محطات الاذاعة الموجهة للأمريكيين السود، أصدرت وكالة الاستخبارات المركزية إنكارات حازمة، ثم جاءت التعهدات الوقورة بـ"إجراء تحقيقات مكثفة وشاملة" من قبل المفتش العام في الوكالة، فريد هيتز. وفي 18 كانون الأول 1997 ظهرت الأخبار في وقت واحد في صحيفة "واشنطن بوست" بقلم والتر بنكوس، وفي صحيفة "نيويورك تايمز"، بقلم تيم واينر، حيث قال كلاهما الشيء ذاته، وهو: إن المفتش العام هيتز قد فرغ من تحقيقاته، ولم يجد "أية علاقة مباشرة أو غير مباشرة" بين وكالة الاستخبارات المركزية وبين مهربي الكوكايين! وكما اعترف كل من بنكوس وواينر في مقالاتهما، لم يطلع أي منهما على التقرير فعلاً. ولم يحظ التقرير الفعلي ذاته، الذي أُعلن عن صدوره بصوت عالٍ جداً، بأي تفحص تقريباً. ولكن الذين أتيح لهم الوقت لتفحص هذه الوثيقة المكونة من 149 صفحة، والتي تشكل المجلد الأول من اثنين، وجدوا ان المفتش العام هيتز يدلي باعترافات دامغة متتالية، من بينها رواية عن اجتماع بين طيار كان يقوم بجولات لنقل المخدرات والأسلحة بين سان فرانسيسكو وكوستاريكا مع اثنين من زعماء الكونترا، كانا شريكين أيضاً لمهرب مخدرات الكونترا نوروين مينيسيس، المقيم في سان فرانسيسكو.
وكان حاضراً في ذلك الاجتماع في كوستاريكا رجل أجعد الشعر قال إن اسمه هو إيفان جوميز، عرفه أحد رجال الكونترا بأنه "رجل وكالة الاستخبارات المركزية في كوستاريكا". وقال الطيار لهيتز ان جوميز قال إنه موجود هناك من أجل "ضمان ذهاب أرباح الكوكايين إلى رجال الكونترا، لا إلى جيوب احدٍ ما"! وقد دعم المجلد الثاني من تقرير تحقيقات المفتش العام في وكالة الاستخبارات فريد هيتز، والذي نُشر سنة 1998، قضية ويب حتى على نحو أشد، كما اعترف بذلك جيمس رايزن ضمن قصة إخبارية نشرها في صحيفة "نيويورك تايمز" في 12 تشرين الأول من ذلك العام.
إذن، لماذا ضغطت الجهات العليا بوحشية على ويب، ورددت كالببغاء إنكارات وكالة الاستخبارات المركزية؟ لقد سئل صحافي آخر يعمل في صحيفة "نيويورك تايمز"، هو كيث شنايدر، من قبل مجلة "إن ذيس تايمز" سنة 1987، لماذا خصص سلسلة من ثلاث حلقات في صحيفة "نيويورك تايمز" لشن الهجوم على جلسات استماع قضية الكونترا التي ترأسها السناتور جون كيري، فقال شنايدر ان مثل تلك القصة الاخبارية "يمكن ان تحطم الجمهورية، واعتقد انها مدمرة للغاية، ولذا فإن نشرنا إياها ينبغي ان يستند إلى أصلب الأدلة التي يمكننا جمعها"! وقد كشف كيري جبالاً من الأدلة، وكذلك فعل ويب. ولكن أياً منهما لم يحصل على الشيء الوحيد الذي كان من شأنه إقناع شنايدر، أو بنكوس، وكل المنتقدين الآخرين: وهو اعتراف موقع عليه من قبل رئيس الدولة ذاته بتواطؤ وكالة الاستخبارات المركزية. وفي غياب ذلك، أخشى ان نُتْرك مع "التلميح والتعريض" و"المتاجرة بالمؤامرة" و"الأخبار القديمة". ونُتْرك كذلك مع ذكرى عمل عظيم، قام به صحافي عظيم، كان يستحق مصيراً خيراً من المصير الذي آل إليه.

*صحافي أمريكي مستقل



#الكسندر_كوكبيرن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الكسندر كوكبيرن - وكالة الاستخبارات المركزية والصحافة الأمريكية