المؤتمر السنوى لجمعية المحافظة على التراث المصرى دعوة للنهضة ب -تراث الواحات-

إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة
(Ereiny Samir Hakim)

الحوار المتمدن-العدد: 3582 - 2011 / 12 / 20 - 13:42
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

جاء المؤتمر السنوى لجمعية المحافظة على التراث المصرى هذا العام، بإجابة وإفادة تخص منطقة الواحات تاريخيا وتراثيا ونمويا، وقد شملت الأبحاث نواحى متعددة فى هذا التراث الخصب، ملقية الضوء عليه بتركيز يجذب كل من ينتبه إليه، وجاء ذلك استكمالا لمسيرة أهداف وأعمال الجمعية فى الحفاظ على التراث المصرى والعمل على تنميته و توصيل معرفته للجميع، وسنعرض أهداف المؤتمر وبعض من الأبحاث التى قدمها.

أهداف المؤتمر

يذكر المهندس ماجد الراهب رئيس مجلس إدارة جمعية المحافظة على التراث المصرى، أن هدف المؤتمر هو نفس الهدف من باقى مؤتمرات الجمعية، حيث يشير إلى أهمية التراث المصرى وكيفية تفعيله واستغلاله، وإعطاء حلول لكيفية استخدام التراث وتنميته، والتأكيد على انه ليس مجرد مبنى، والتركيز على التوعية بأهمية التراث وذلك لمردود معنوى واقتصادى.

ويذكر المهندس عادل فريد منسق عام المؤتمر وعضو مجلس إدارة جمعية المحافظة على التراث المصرى، أن هذا المؤتمر عقد ليؤكد على أن الواحات بمصر ليست أماكن قاحلة، ولكنها فى انتظار تنمية بطريقة مباشرة، ومنطقة وادى النيل ينتشر فيها تراث خاص على مدار تاريخ الواحات، والصحراء المصرية جزء كبير منها من المحميات الطبيعية الذى يحتاج إلى نوع جديد من الاستثمار والذى يعد ضمن السياحة البيئية.

ويستكمل أن المؤتمر جاء لتوضيح أهمية التراث المعمارى والادبى والفنى والزراعى، وكيف استطاع سكان هذه المنطقة أن يتغلبوا على المشاكل المناخية فى حياة الصحراء، وحافظوا على التوازن البيولوجى بها، من حيث كميات المياه المناسبة التى يستخدموها فى الزراعة، وكيف تعرفوا جيدا على الخامات الموجودة بالصحراء وعلى مميزاتها، وكيف استطاعوا ان يكيفوها لمعالجة المشاكل المناخية من حرارة وبرودة، وكانت لهم طرق وأساليب خاصة فى مواد وأسلوب البناء، وتزخر هذه المناطق بالاثار المختلفة، فنجد مدن وآثار وثقافة مسيحية منتشرة فى أديرة وادى النطرون، وفى واحات الداخلة والخارجة وفى منطقة الحيز، ومدن إسلامية قديمة مثل منطقة "موت"، وآثار فرعونية كثيرة منتشرة بالواحات.

توصيات المؤتمر

يشير عادل إلى أن ما يتمناه هو تقدير قيمة هذه الصحراء وانه لابد من دراسة المعطيات بدقة للتوصل لتعامل معها لا يتسبب فى اى نوع من أنواع التدمير للتراث الانسانى أو التوازن الطبيعى للمكان، حتى نكون أصدقاء لها لنستفيد منها ولتحقيق تنمية مضافة للصحراء بالإيجاب وليس بالسلب، وأكد أن الهدف الاساسى لتكملة مسيرة الاهتمام بمثل هذه المناطق، هو أنه يوجد مناطق كثيرة فى مصر بها تراث طبيعى وانسانى وآثار معمارية وتاريخية، ذات قيمة كبيرة والعالم يعرضها ويظهرها، ولا تجد الاهتمام اللائق بها هنا وبعضها مهمل تماما، لذا فقد آن الأوان ليتعرف المصريون عليها لأنها جزء هام من تاريخنا.

وأضاف أن من أهم اقتراحات المشاركين، كانت أن تقام رحلات للطلبة فى مختلف الصفوف الدراسية لزيارة الواحات المصرية، لتنال نفس قدر الاهتمام كزيارة الأقصر وأسوان، وان تضاف دراستها إلى المناهج الدراسية أيضا.

واستكمل ماجد أن التوصيات وجهت إلى أماكن تتعرض للتدمير، وأيضا الآثار المعرضة لذلك بسبب الفكر المتطرف الذى يعتبرها أنها أوثان، ويدعو إلى تغطية التماثيل بالشمع مثل حادثة المنصورة، لذا كانوا يدقون ناقوس الخطر، لإنقاذ الآثار من هذا الفكر الذى بدا يجتاح المجتمع المصرى، وأشار إلى الاهتمام بالتعليم مع عمل حملات فى المدارس وتقديم التراث بشكل مختلف، والاهتمام بالأكثر على نشر الوعى بالأماكن الشعبية والتى وجد فيها نتائج ايجابية حين وجد أهلها إلى اى مدى تفيدهم الحرف التراثية.

ويؤكد على مسئولية وسائل الإعلام المتعددة فى نشر الفكر وتحفيز الشباب على الاتجاه للصحراء، حتى يبحث عن فرص عمل بالواحات، والتى بها تجمعات سكنية تساعد على تواجد فرص عمل، كما أن محافظة الوادى الجديد فيها كل مقومات الحياة من أثار ومناظر طبيعية واستشفاء عيون، وهى محافظة مترامية الأطراف وليس لديها مشكلة فى توفر الاراضى وبها كل أنواع السياحة، لذا فهى فرصة جيدة للشباب والمستثمرين للاستفادة منها.

عرض لأبحاث المؤتمر

قد تضمن المؤتمر 19 بحثا، وقد نشرت الأبحاث بكتاب قام بنشره المجلس الأعلى للثقافة والجمعية نظمت المؤتمر بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة وقام بإعداد الكتاب المهندس ماجد الراهب، وسنستعرض موضوعات بعض من أهم الأبحاث:

• بحث "الأغنية الشعبية فى واحات الوادى الجديد" (واحتى الخارجة والداخلة)، مقدم من الدكتورة أمل الطيب، وقدم عينة مختارة من الاغانى الشعبية بواحتىّ الخارجة والداخلة، كنماذج للتراث الغنائى الثرى فى منطقة حيوية وهامة فى مصر لها خصائصها وموروثها الغنائى المتميز، والذى تم تحليل عناصره الموسيقية بجمعه وتوثيقه موسيقيا حفاظا عليه من الاندثار والتشوه، وجاءت توصيات الباحثة بالاهتمام الهيئات التنفيذية فى محافظة الوادى الجديد بالعمل على إقامة المؤتمرات المحلية وتعريف الشباب بقيمة تراثهم.

كما شمل البحث الاستماع أيضا إلى تلك الموسيقى، حيث لم تقتصر مناقشة البحث على عرض المعلومات والصور فقط، إنما شملت أيضا الاستماع إلى كل طرق الغناء فى الحج والأفراح والميلاد، والاحتفالات الدينية المتعددة مثل الأعياد الصوفية المنتشرة فى تراث الصحراء، وقد أثبتت أن الغناء مرتبط بالشعر والنثر.

•بحث "أهم المعالم الأثرية فى الصحراء الغربية" للدكتور حجاجى إبراهيم، وقد عرض أنواع السياحة واهم الملامح الأثرية والمزارات بمنطقة الواحات الخمسة، واختتمه الباحث بتوصيات لحماية البيئة الصحراوية فى الواحات الخمسة من أهمها:

1- إنشاء متاحف إقليمية ونوعية بالصحراء الغربية.
2- منع اهالى الواحات من استخدام أطلال مدينة "أمهدة" كسماد ومنع الزراعة فى المناطق الأثرية.
3- ترميم المعابد التى سطا على أحجارها المنقوشة لصوص الآثار.
4- ضرورة تطهير الصحراء الغربية من الألغام التى خلفتها الحرب العالمية الثانية.

• بحث "أنماط العمارة فى الصحراء الغربية" إعداد رامز إبراهيم، وقد عرض الباحث الطرز المعمارية التى استخدمت فى منطقة الصحراء الغربية، أيضا الإشارة إلى تأثير المناخ على العمارة، مع إعطاء نموذج للعمارة من مدينة "شالى" التى تقع فى قلب مدينة سيوة الحالية، حيث تمثلت عمارة سيوة فى ما تبقى فيها من أطلال، من منشات دينية تتمثل فى الجامع العتيق، والمنشات الدفاعية التى تتمثل فى ما تبقى من الباب "إنشال" وبوابة "اغورمى" الباقية.

• بحث "فكرة إنشاء تجمعات سياحية إنسانية مرتبطة بالتجمعات السكنية حول المناطق التى لها بعد تراثى فى الصحراء المصرية" إعداد المهندس عادل فريد، وتعتمد فكرة البحث على خلق أفكار جديدة للتنمية السياحية تعتمد على التراث الانسانى الفريد الذى تتمتع به مصر، كما انه يعمل على مشاركة المجتمعات المحلية التى تمثل عنصرا هاما ورائعا فى إبراز مثل هذا النوع من السياحة، وذلك بعد تدريبهم وإعدادهم، حيث سيعمل هذا النمط من التنمية على تفجير الطاقات الكامنة فى داخلهم، مع تواجد أماكن لتجمعات سكنية بفكر جديد يحقق أعلى معدلات التنمية المستدامة، ويتداخل فيه عديد من الأنشطة الإنسانية، التى تعكس التراث الطبيعى والانسانى والمعمارى لقرى مصر، كما أنها تتخلص من عديد من المشكلات البيئية والإنسانية التى تحيط بتلك القرى فى وضعها الحالى، على أن تكون تلك القرية فى النهاية تقدم نموذجا رائعا للتنمية المستدامة كمان أنها ستكون مراكز سياحية لا مثيل لها.

• بحث "الحياة النباتية والتراث المصرى" إعداد لطفى بولس، وقد عرض البحث اهتمام المصريين القدماء بالنباتات سواء فى زراعتها أو بتسجيلها على معابدهم، واستخدامه فى الصناعة، مع ذكر نماذج لأنواع الصناعات التى استخدم فيها النباتات المصرية وتأثيرها فى تراثنا.

• بحث "التأثيرات البيئية للمبانى الدينية القبطية الصحراوية كنيسة مارجرجس بالحيز بالواحات البحرية" إعداد دكتورة مرفت ثابت صليب، وقد عرض دراسة لحالة كنيسة مارجرجس بالحيز بالواحات البحرية وتأثير البيئة على المبنى بما اثر فى طابع وشكل المكان واثر فيه وتأثر به، وتضمن البحث نبذة عن الآثار القبطية بالواحات، ووصف للكنيسة "موضوع البحث" وعرض للمشاكل التى تعرضت لها الآثار بها، مع عرض نتائج البحث.

• بحث عادات الدفن وعمارة الجبانات القبطية (البجوات) إعداد المهندس ماجد الراهب وقد تناول البحث أهمية العادات والتقاليد عند المصريين، والإشارة إلى أن القبطى هو وريث الحضارة المصرية القديمة، وشرح كل من فلسفة الموت عند الأقباط، وأهم عادات الدفن والتكفين عند الأقباط ، مع دارسة تحليلية لعشرة نماذج من عمارة المقابر مقدمة من مقابر البجوات.

• بحث الرهبنة القبطية فى الواحات إعداد القس يسطس الاورشليمى، ويعرض البحث أديرة الواحات، ودورها النشط فى أعمال النسخ والترجمة والأعمال اليدوية التى اشتغلها الرهبان ونبذة عن أسباب انتشار الرهبنة بالواحات، مع عرض لأشهر أديرة ومغارات المتوحدين وأماكن وجودها.

آخر نشاطات جمعية المحافظة على التراث المصرى

يذكر ماجد بأنه تم تجديد مشروع لإحياء الحرف التراثية التى قاربت على الاندثار، وقد تم تفعيل خطوات فيه بالتعاون مع رئيس حى روض الفرج ونائب المحافظ بالمنطقة الشمالية، وذلك بتخصيص بعض الغرف فى نواحى الحى لتطبيق المشروع.

أما بالنسبة لحملات التوعية فى المدارس التى قد بدأت الجمعية فى القيام بها فى عام 2010م وتوقفت فى 2011م بسبب ظروف البلد، فأكد إنها ستعاد وبكثافة، والتى تتمثل فى رحلات للاماكن الأثرية مع الشرح، وطبقا للنتائج والانطباعات عن خطوات المرحلة السابقة، فقد كانت الاستجابة قوية، حيث وجدها الطلبة أنها توعية لعرض التاريخ مقدمه بطريقة جديدة عن التى اعتادوا عليها.

وصرح بأنه قد تم تحديد موضوع المؤتمر القادم، والذى محوره الرئيسى هو تراث النوبة، حيث أن النوبة هى إحدى المناطق المحتاجة لإلقاء الضوء عليها، وسيكون ضمن نشاطات المؤتمر عرض لفرقة النوبة للفنون الشعبية، وإقامة معرض للفن التشكيلى لفنون مستوحاة من فن النوبة، وسيتم المؤتمر بالتعاون بين الجمعية والمجلس الأعلى للثقافة وصندوق ثقافة النوبة.

وأخيرا تحدث ماجد بخصوص تكريم الدكتور أسامة أبو زيد أمين صندوق النوبة فى اليوم الأول للمؤتمر، لما له من دور كبير فى الحفاظ على التراث المصرى، وأشار إلى أن هذا ضمن تقليد الجمعية الذى يتضمن تكريم احد الشخصيات التى لها دور بارز فى الحفاظ على التراث المصرى.

وأضاف أن التغطية الإعلامية كانت ناجحة، فيرى أن البلد كانت فى حاجة إلى نشاط مختلف عن الأحداث المؤلمة التى تمر بها، وأشاد بالتعاون بين الجمعية والمجلس الأعلى للثقافة، وأكد على انه أمر جدير بالشكر والتقدير، فقد بذلت جهود كبيرة لتنفيذ المؤتمر وإخراجه بهذا المستوى العالى والوجه المشرف.

#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات