محمود فنون
الحوار المتمدن-العدد: 3581 - 2011 / 12 / 19 - 23:52
المحور:
أوراق كتبت في وعن السجن
سمعت خطوات خفيفة تقترب مني ,فانا لم اكن نائما ,كيف انام في شهر كانون الثاني في المسكوبية وانا اجلس على كرسي خشبي قديم ومجلسه شديد الصلابة ,كيف ينام امثالي بجسد اكبر قليلا من الكرسي ,ويدي اليسرى مشدودة خلفي من تحت مسند الكرسي ويدي اليمنى مشدودة الى الخلف من فوق مسند الكرسي ومربوطة مع اليد الاخرى بقيد قصير يشد اليدين الى بعضهما البعض وهو قد كرز اسنانه في لحم يدي الاثنتين ويدميان في البرد القارص.
اخذ يقترب قليلا قليلا ثم شعرت بيديه تشدان حلقة القيد من اليمين ويضغطها ثم يشد الاخرى من جهة اليسار ويشدها
-"اضغط كمان شوية ربما اعترف.. اضغط مرة اخرى ولا تهب ربما بعد ضغطة اخرى اصرخ عليك مناديا لتفك قيدي مقابل الاعتراف"
انسحب كما اتى وقد تركني وحلقات قيدي وكانهما مسننات تنغرس في لحمي بل في روحي
ووجدتني اتنفس واحاول الاسترخاء قدر المستطاع وقد تقلصت كل عضلات وجهي الممتليء قليلا وكيف يسترخي جسمي المشدود حول الكرسي ومجلسي المتصلب ويمر الزمن ثانية اثنتان عشرة دقيقة اثنتان عشرة وكل ساعة تمر ويحيط بروحي كل جزء من كل ثانية فيها الى ان جاء موعد استدعائي للتحقيق ربما بعد خمس ساعات سبعة عشرة لا ادري
جاء السجان وتأكد من سلامة وضع كيس الشادر على رأسي وانه يغطي رقبتي وتأكد انني لا استطيع ان ارى ,فاقتادني الى غرفة التحقيق طلب منه المحقق ان يفك قيدي وشاهد نتائج تعليماته وتظاهر انه لا يقبل القسوة بهذه الدرجة وصرخ فيه ليخرج
-لماذا تبقي يديك هكذا الى الخلف ؟
-لا جواب هما مشدودتان ومتصلبتان من استمرار الشبح بلا رحمة
بعد قليل
ادر يديك واجلس على الكرسي ,ان جسدك يرتعش من البرد
كتب شيئا وتشاغل واتصل بالهاتف متجاهلا وجودي فترة من الزمن ,وفجأة
-انظر الى وجهك! حرام ان تظل في هذا الوضع لم يبق منك شيء
توجهت الى المرآه قبالتي وقد شعرت ان دمي يحمى في عروقي وقفت قليلا
-والله انك حلو ولا ينقصك غير العروس(لم اكن متزوجا)
طيب طيب اجلس لنتحدث وتناول علبة سجائر عن الرف كان كما فهمت قد صادرها مع كمية اخرى من احد المعتقلين اعتقل من المطار قادما من امريكا ....
....."
#محمود_فنون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟