أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - عبقرية صناعة الأعداء















المزيد.....

عبقرية صناعة الأعداء


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 19:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لم يكن بمقدور أي ممن استمعوا إلى هتافات المصريين يوم الثامن والعشرين من يناير "الجيش والشعب إيد واحدة"، أن يتخيل ما آل إليه الأمر! ولكن، لم تمر شهور قليلة، إلا وشاهد المصرين نفس القادة الذين أعلنوا رفضهم ضرب الثوار بالنار، ينفون تلقيهم أصلا أوامر إطلاق النار على المتظاهرين! ثم شاهدوا اللواء الذي أدى التحية للشهداء، وهو يلوح بإصبعه متوعدا المواطنين بالويل والثبور وعظائم الأمور. لتبدأ وساوس الشك ترعى في أذهان البعض. وتثور التساؤلات عن المماطلة في محاكمة المخلوع ونظامه، ودلالة اختصار جرائمه في قبول بضع فيلات، أو فيما حدث يوم 28 يناير، كما لو أن ما اقترفه خلال ثلاثة عقود ليس موضع محاسبة! وتتزايد تدريجيا، علامات الاستفهام بشأن المماطلة في محاكمة قتلة الثوار.
وتتصاعد الأحداث، من كشوف عذرية انتهكت أعراض بناتنا، إلى موقعة العباسية، حيث سقط شهيد وعدة مصابين بأيدي البلطجية، ولم تستطع قوات الجيش إلقاء القبض على بلطجي واحد، بينما نجحت في إلقاء القبض على عدد من النشطاء السياسيين! وصولاً إلى موقعة ما سبيرو، وعلى شاشات التليفزيون، مدرعة عسكرية تدهس شبابا يهتف باسم الوطن والحرية، في حماية البلطجية أيضا. وبدلا من إلقاء القبض على القتلة والبلطجية المساندين لهم، يحاكم نشطاء عبروا عن سخطهم لمقتل زملائهم أمام أعينهم. وتمر الأيام لنتابع فلذات أكباد المصريين يفقدون أعينهم واحدا وراء الآخر، وشهداء يتساقطون في شارع محمد محمود، تحت سمع وبصر قوات الجيش والشرطة العسكرية. وما من إدانة لمجرم امتدت يده بالغدر لتزهق روحًا حرة خرج صاحبها باحثا عن حربة الوطن، أو تفقأ عينا غالية آمن صاحبها أن حياته كفيفا أفضل من أن يرى "بعين مكسورة" على حد قول الرائع أحمد حرارة!
ولم يكن باستطاعة أعدى أعداء الجيش المصري، أن ينفذ مخططا أكثر قدرة على زرع الغضب في قلوب المواطنين والوقيعة بين الشعب وجيشه.. ولا أدري من هو العبقري، الذي نصح قيادات المجلس العسكري، بتجاهل أنات الثكالى والمصابين، والتعامل بهذه الغطرسة مع آلام شعب لم تجف دماء أبنائه؟ ومن العبقري الذي أقنعهم أن مواصلة سياسة الودن من طين والأخرى من العجين سوف تفت ـ بمرور الوقت ـ في عضد الساخطين، وتدفعهم لليأس والتخلي عن حق الدم المهدور؟ ولا ذلك العبقري الذي يزين لهم أن وحشية التعامل مع الغاضبين، كفيلة بإرهابهم، ودفعهم للتوقف عن المطالبة بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية!
وقبل أيام، صدمت العالم صور بلطجية يقذفون المتظاهرين بالحجارة والأثاث والمولوتوف من فوق مبنى مجلس الوزراء. وقال شهود عيان أنهم شاهدوا رجال الأمن يفتحون الباب الرئيسي لمجلس الشعب، كي يدخل منه أفراد الشرطة العسكرية يرتدون ملابس مدنية، ويصعدون إلى سطح المبنى لمهاجمة المتظاهرين.. وبعد أن انتشرت في جميع مواقع الانترنت والفضائيات صور المجرمين يقذفون بالحجارة من فوق مبنى الحكومي، لم يعد المهاجمون يبالون بأهمية التخفي بالزي المدني؛ فنقلت الفضائيات صور ضباط بالزي العسكري، يسجلون مهارة في قذف الشباب بكميات من الطوب والرخام، لا يعرف أحد كيفية وصولها إلى سطح المبنى! كما شاهدنا الضباط يحرقون خيام المعتصمين بإلقاء المولوتوف عليها وعليهم. وتداولت صفحات الإنترنت، عبر أنحاء العالم، صورة تظهر أكثر من خمسة ضباط وجنود ينهالون على فتاة بهراواتهم، وصورة أخرى ينهال فيها عدد من الجنود على سيدة مسنة ومعها أخرى في منتصف العمر.. ويالها من رجولة! وأي بطولة يواجه بها الجنود شبابا قاد ثورة أذهلت العالم ورفعت رأس المصريين عاليًا. ناهيك عن صورة عبقرية، لجندي وقف فوق سطح مجلس الشعب، يبول على ابناء الشعب! فهل فكر هذا الجندي، أو قادته، في أثر مثل هذه الصورة على نظرة العالم للشرف العسكري المصري أمام أنظار العالم، فضلا عن نظرة المصريين لمن يبول على رؤوس أبنائهم، بينما يضحك قادته؟
كنت ـ ضمن كثيرين ـ لاحظوا كيف اختفى الانفلات الأمني فجأة، مع اليوم الأول لانتخابات مجلس الشعب. بعدما ظللنا شهورا نسمع الأهوال، عن جيوش البلطجية التي أعيت المؤسسة العسكرية وجهاز الداخلية، معا. ورأى البعض أن المجلس العسكري، بعدما أخفق في إدارة الفترة الانتقالية، يراهن على نجاح العملية الانتخابية، كي يسجل ـ للتاريخ ـ نجاحه في تنظيم أول انتخابات برلمانية حرة في البلاد، لا تشهد تزويرا منهجيًا بإدارة جهاز الدولة. غير أن تداعيات الأحداث، أظهرت تهاونًا بالغًا في الحد من الانتهاكات الانتخابية. حتى سمعنا عن ضرب القضاة في الزقازيق بالعصي الكهربائية! ثم حادث تسمم للمعتصمين، وبعدها انقضاض لتفريقهم بالقوة، رغم قلة أعدادهم، وعدم عرقلتهم للمرور، ورغم إعلان رئيس الوزراء تعهده بعدم التعرض لهم. بل أن أجهزة الدولة بقيادة رئيس الوزراء الذي يزعم أن لديه كافة الصلاحيات، عجزت عن إنزال عدد قليل من البلطجية من فوق مجلس الوزراء، لتنهي دوامة العنف؛ فلم يكن متوقعًا أن يبادر المعتصمين ـ مع قلة عددهم ـ بمهاجمة المباني الخالية بالحجارة، إلا ردا على من يهاجمونهم من فوق المبنى.
أكتب هذا المقال بعدما وصل عدد شهداء موقعة مجلس الوزراء إلى أربعة من خيرة شباب الثورة، حرمت منهم أسرهم، كما حرم الوطن من جهودهم في بنائه، فضلا عن إصابة أكثر من مائتي مصاب؛ منهم الشاب محمد تيمور الملواني ـ ابن المرحوم المهندس تيمور الملواني المناضل البارز في الحركة الطلابية منذ انتفاضة 1968ـ الذي حرمته يد أثيمة من نور عينه اليمنى في شارع القصر العيني. كما تعرض نائب برلماني للضرب المبرح والإهانة، على يد ضابط مظلات ـ ولا أستطيع فهم الصلة بين سلاح المظلات وسحل المواطنين، ناهيك عن نواب الشعب ـ بل أن هذا الضابط لم يتورع عن إهانة البرلمان، مؤكدا على المساواة بين المواطن والنائب تحت بيادة الجيش!
الخلاصة، أن المجلس العسكري لم يسجل طوال الشهور الماضية نجاحًا إلا في خلق مزيد من الأعداء، في صفوف شعب عرف عنه تعلقه بقواته المسلحة. ورغم إصرار النشطاء المعارضين لسياسات المجلس على الفصل بينه ـ كقيادة سياسية قابلة للنقد ـ وبين القوات المسلحة، كحصن للوطن تحوطه هالة من القداسة.. يصر المجلس وأنصاره، على الربط بينه وبين المؤسسة العسكرية بكاملها، على نحو يحملها ذنوب فشله في إدارة البلاد، ويصب عليها غضب المواطنين من سلوكيات وحشية تقترفها شرطته العسكرية. وصار على المجلس ـ والشرفاء في الجيش ـ إدراك أن تجاهل مطالب الجماهير لن يدفعها لليأس، وأن القمع لا يولد إلا إصرارا على استكمال الثورة! وأن الشعب الذي دفع ثمن الحرية من دماء أبنائه، لن يبخل بالمزيد من الدماء حتى ينتزع حريته غير منقوصة.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد.. بشارة الفجر
- ذكاء هنا.. وأخطاء هناك
- جدع يا باشا!
- إلا شباب الثورة!
- مشاركة القوى اليسارية في الربيع العربي
- أي علاء!.. وأي أم علاء!
- ضابط ابن ناس
- للصبر حدود
- احذروا غضب الشعوب
- متى ترتوون من دمائنا؟
- غضب آخر سوف يجيء!
- علموا أبناءنا في إيطاليا!
- الدبة.. وصاحبها!
- بوادر جولة ثانية
- عصام وحسن ..ورأب الصدع
- حتى الرمق الأخير
- شعب واحد
- خطاب مفتوح إلى السيد المشير
- ثورة عالمية في الأفق
- وانهمرت دموعي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - عبقرية صناعة الأعداء