يبدو أن السيد
نوري
المرادي مصاب بولع السباحة ضد التيار. فهو متعود على أن
يقول كلمته دائما حتى ولو كان الحديث يدور حول تحديد جنس الملائكة وهل هم ذكورا أم
إناثا !
وها هو " يتحفنا " مرة اخرى ببيان
ناري ( بتاريخ 6/9) بعنوان "
نتبرأ من البيان وندينه بشدة " ، محتجا في ايضاحه " الفريد " هذا على
البيان الصادر عن لقاء جرى في كردستان العراق وضم عدد من الأحزاب والقوى
الوطنية العراقية (حزب الدعوة الإسلامية، حركة الديمقراطيين، الحزب
الشيوعي العراقي، الحزب الطليعي الاشتراكي الناصري،المجلس الأعلى للثورة الإسلامية
في العراق
) ، والذين " ... تباحثوا في
مستجدات الأوضاع السياسية في العراق في ضوء التطورات الأخيرة
".
وهكذا، وبدلا من أن
يبارك السيد المرادي أي جهد صادق لتجنيب شعبنا كارثة حملة عسكرية أمريكية
مدمرة، نراه يقوم بقراءة مجتزئة للبيان المذكور، والإمساك بتلابيب فقرة واحدة منه
فقط وهي التي تتحدث عن الدعم الدولي المشروع لتجنيب شعبنا مخاطر تلك الكارثة، ويبني
عليها مجمل تحليله واتهاماته. ويبدو أن مصدر انزعاج السيد المرادي، والذي هو
أحد أقطاب " اللجنة الوطنية العراقية " ذات المواقف المعروفة هو أن البيان
يتحدث عن تمسك الأطراف
الموقعة عليه " بخيار الشعب العراقي المتمثل بإسقاط النظام الدكتاتوري، الذي الحق
افدح الأضرار بشعبنا ودول الجوار، و إقامة العراق التعددي الموحد، بما يؤمن حرية العمل السياسي والتداول السلمي
للسلطة الشعب ". فها هو السيد المرادي " يمسك بتلابيب الميت "، ولا يرى في دوره كـ
" مثقف " و " مناضل " إلا في الدفاع عن النظام الديكتاتوري بشكل
مباشر أو غير مباشر، إضافة الى عقدته المعروفة بشتم الحزب الشيوعي العراقي في كل
مناسبة ومحفل، وهو الذي يدعي بأنه أحد كوادره، وهو غير ذلك طبعا ويعرف جيدا حيثيات
علاقته وكيف انتهت.
يمتلئ إيضاح السيد
المرادي بالمغالطات، ويبدو أن المهمة الرئيسية لرده هو شتم الجميع وتزييف
الحقائق. لن نبالغ في هذا الكلام، ولكن إيضاحه" الفريد " يكشف ذلك دون عناء.
على سبيل المثال لا
الحصر، يقول السيد المرادي " أن مسؤول الملف العراقي في السفارة
الأمريكية في دمشق، أوعز إلى سكرتير منظمة حزبنا هناك بالتحرك لمواجهة الضغوط
العالمية ضد الغزو، وذلك بالدعوة إلى ندوات واجتماعات تشرح ظاهريا دموية النظام
وتنتهي بطلب المساعدة النزيهة (!) والشريفة(!) لإسقاطه، الخ. ". ولا شك أن أي مواطن بسيط يتمتع بأبسط قدر
من الوعي، ونأمل أن يكون السيد المرادي كذلك، سيعرف مدى هشاشة هذا الطرح،
ناهيك عن القدرة العجيبة في تلفيق التهم للناس بدون أن يرف للسيد المذكور أي جفن.
ويبدو أن السيد المرادي ينطبق عليه المثل السوداني المعروف ( الزول-أي الرجل
باللهجة السودانية – خياله خصب )!! . ومنذ متى كان الحزب الشيوعي العراقي، بتاريخه
النضالي الناصع، يتلقى أوامره من الآخرين ناهيك من الولايات المتحدة ذاتها ؟ لا
يمكن للمرء وهو يقرأ هذه الملاحظة سوى أن يدرك المدى الذي وصل إليه السيد المرادي
وجنوحه الدائم للهجوم على الحزب الشيوعي وتزييف مواقفه وتاريخه ونضالاته. ويبدو أنه
اختار هذه المهمة عن وعي وإصرار، فما علينا أن نقول له مبروك متمنين له " كل
الموفقية " !!، لكننا ندعوه لأن يعود الى قراءة التاريخ جيدا ليتأكد من
المآل الذي انتهى إليه من خاصموا الحزب وتطاولوا عليه، في حين ظل هو – أي
الحزب - نخلة باسقة ورقما صعبا في كل المعادلات السياسية، يحظى باحترام الجميع،
وقطبا موحدا لا منفرا.
ويبدو أن السيد المرادي متخصص في
شتم الجميع، وليس الحزب الشيوعي لوحده، وتزيف الحقائق حول الجميع. ففي إيضاحه
المشار إليه يكيل التهم للاتحاد الوطني الكردستاني، كما لم ينجو من لسانه
وهو " الكادر المتمرس " المجلس الإسلامي الأعلى حيث لا يكتفي بالكلام العام عنه، بل
يصل إلى اتهام قائده بـ "
الإجهار بالعمالة وتقديم الوثائق السرية إلى أمريكا ".
ولا يكتفي السيد المرادي بكل ذلك، بل يؤكد في مكان آخر من رده على
ما يلي " نحن لا ولن نكون قطعة
غيار في آلة الغزو الأمريكي لبلادنا. بل سنقاومه بكل ما استطعنا ". وقراءة هذا
النص " الباذخ " تتيح لنا أن استخلاص
الملاحظات التالية :
1.
إن
السيد المرادي لا يريد أن يكون " قطعة غيار في آلة الغزو الأمريكي " للعراق، ويعني
ذلك أنه لا يرفض الغزو من حيث المبدأ وإن ادعى ببذل كل الجهود لمقاومته، بل إنه
وعلى ما يبدو يريد مكانا محددا يتناسب وموقعه وحجم تنظيمه العتيد ! إذ ما مغزى
تأكيده على أنه لا يريد أن يكون " قطعة غيار " !!
2.
أنه
يدعي مقاومة الغزو الأمريكي القادم بكل ما استطاع من قوة، ولكنه لا يقول لنا
كيف وما هي الوسائل التي يمتلكها. وإذا قبلنا بكونه " شيوعي "، وليس فقط كذلك بل هو
" كادر محترف "، حسب ادعائه وما يدل عليه انشغاله بهذا الحجم الواسع من المهام،
وتخصصه الفريد في شتم الجميع، فإننا نعرف أن واحدة من أهم مبادئ عمل الشيوعيين هي
البحث عن حلفاء ثابتين أو مؤقتين لإنجاز مهام محددة. وتزداد هذه الأهمية
للتحالف والوحدة والعمل المشترك ، بالنسبة للشيوعيين، في اللحظات الصعبة والمصيرية
حيث مصائر الشعب والوطن على كف عفريت. ولكن جهود السيد المرادي وهجومه المتكرر على
معظم القوى والأحزاب المناهضة للديكتاتورية ومسعاه الدائب لتخريب أي جهد وطني
ومناهض للديكتاتورية والخيارات الأجنبية تجعلنا نستنتج بأنه لا يربطه أي
رابط بالشيوعية اليوم، بل أنه يقوم بوظيفة محددة وواضحة هي التشويش على كل
نشاطا يصب بهذا الاتجاه. ولا يسعنا في هذا المجال إلا أن نتمنى له " الموفقية " في
جهده " النبيل " هذا.
ومن جانب أخر يطالب السيد المرادي الحزب
الشيوعي أن يعلن موقفه من الحرب والخيار الأمريكي، متهما الحزب بعدم الوضوح، بل يصل
به الأمر الى الادعاء بأن الحزب يقول " في مكان نحن ضد الغزو وفي مكان آخر (
يدعو) إليه ". وهذا القول لا يستقيم أمام الواقع، فالجميع يعرف سياسات الحزب
ومواقفه التي تم التعبير عنها في مناسبات عديدة. فقد أكد الحزب بوضوح، وفي اكثر
من وثيقة من وثائقه المركزية، رفضه لخياري الحرب والديكتاتورية في أن. ولم يقف
الحزب موقفا تأمليا من الأحداث وتطوراتها بل دعي، في الوقت نفسه، الى بذل أقصى
الجهود للرهان على خيار وطني وديمقراطي في أن، خيار يرتكن الى قوى شعبنا وارادته
الحرة في الحرية والسلم والديمقراطية. ويبدو أن ما يزعج السيد المرادي هو
موقف الحزب الرافض للنظام الديكتاتوري القائم، ودعوته للرهان على الخيار الديمقراطي
وليس غيره. إن اتهام السيد المرادي للحزب الشيوعي العراقي بأنه يقف ضد الغزو في
مكان ويوافق عليه في مكان آخر هو كلام لا يعبر عن أي شيء سوى عن جهل السيد المذكور
بمواقف الحزب وعدم تكليف نفسه حتى قراءتها قراءة منصفة، علما بأنه يدعي أنه " كادر
حزبي " بل إنه هو " الحزب الشيوعي " ذاته، فما معنى توقيعه التوضيح المشار إليه
أعلاه وفقا لما يلي : الحزب الشيوعي العراقي - الكادر الحزبي
!!.
وأخيرا نعود الى الفقرة اليتيمة التي تضمنها رد
السيد المرادي والتي بنى عليها عمارته العالية من التهم، والذي لم يكلف نفسه و"
كادره العتيد " القيام بقراءة هادئة للبيان المذكور ورؤية جوانبه الأخرى التي تتحدث
عن تأكيد الأحزاب الموقعة على البيان على التزامها " .... بخيار
الشعب العراقي المتمثل بإسقاط النظام الدكتاتوري، الذي الحق افدح الأضرار بشعبنا
ودول الجوار، و إقامة العراق التعددي الموحد، بما يؤمن حرية العمل السياسي والتداول السلمي للسلطة، من خلال الاحتكام
الى الشعب وصناديق الاقتراع ، واحترام الحقوق المشروعة للشعب الكردي في الفدرالية
وحقوق كافة القوميات والاقليات الأخرى المكونة لشعبنا، ونبذ سياسة التمييز السياسي
والقومي والديني والمذهبي، والعمل من اجل سن دستور دائم للبلاد ينظم هذه الحقوق بما
يؤمن احترام المعتقدات الدينية لشعبنا، وحرية الفكر والرأي، ويضمن إجراء
انتخابات حرة نزيهة و إقامة افضل علاقات حسن الجوار مع الدول العربية والإسلامية
والإقليمية ". ولهذا نسأل السيد المرادي لماذا أهمل التأكيد على هذا
المقطع الهام الذي سبق الملاحظة التي أثارت انتباهه والتي أكدت على ما يلي : "
ومع الأخذ بنظر الاعتبار دور العامل الدولي في الظروف الراهنة، فأن الأحزاب
والقوى المجتمعة ترى أهمية الدعم الدولي الشرعي والنزيه لقضية شعبنا، مع التأكيد
على ضرورة تنسيق جهود المعارضة العراقية بكافة مكوناتها واتجاهاتها من اجل صياغة
خطاب سياسي جامع يمثل الخطوط الرئيسية والقواسم المشتركة الراهنة والمستقبلية
للمرجعية الوطنية العراقية الموحدة ". يبدو أن السيد المرادي قام بقراءة متعسفة
ومسبقة وليس قراءة صادقة. فالفقرة تتحدث عن " أهمية الدعم الدولي الشرعي والنزيه
لقضية شعبنا " وليس فيها ما يشير الى دعوة الأطراف الموقعة على البيان لقيام
الولايات المتحدة بغزو لبلادنا التي يرفضها كل سياسي حصيف ناهيك عن المواطن العادي
الذي يعرف موبقات الديكتاتورية وحروبها المجنونة، ويفهم الحرب على حقيقتها ومن دون
أية رتوش، ناهيك عن الرؤية المجتزئة للعامل الدولي وحصره في الولايات المتحدة حصرا
وتحديدا، مما يعبر عن قراءة خاطئة وفهم بسيط للوضع الدولي وقواه المكونة، بالرغم من
مسعى الولايات المتحدة للهيمنة على العالم وهذا موضوع يحتاج الى حديث
آخر.
لقد كان صحيحا تأكيد بيان الأحزاب الخمسة
على" أن المخاطر الجسيمة التي يتعرض لها وطننا جراء الممارسات الدكتاتورية
والتدخلات الدولية، جديرة بتعاون الجميع، وتضافر جهود كل القوى المخلصة لإنقاذ
شعبنا من المحنة". وكنا نتمنى على السيد المرادي أن يركز جهوده و " حيويته
اللامحدودة " للعمل في هذا المجال. ولكن يبدو أنه مصاب بلعنة السباحة ضد التيار
المناهض للديكتاتورية، ويعشق لعبة التواجد الدائم على كل الصفحات والمواقع
الإلكترونية، بمناسبة أو بدونها، وهي لعبة لا يجيدها الجميع على أية حال
!