|
طفولة الانسان جدل مستمر
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 3578 - 2011 / 12 / 16 - 11:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
وانت ربما جاوزت العشرين او الثلاثين وربما الاربعين وقد تكون امتدت قدماك الى الستين ولكنك ما زلت واقعا ً تحت تأثير الابوة او الامومة التي لم تغادرك وانت في هذا العمر فهي صاغت ملامح شخصيتك وانت في الخامسة او السادسة من العمر او قبلها باعوام حتى تشكلت خيوط هشه في شخصيتك ، تشعر ان والدك حاضرا في كل لحظة والوالدة تظل بدفئها علينا ونحن كبار، انه شريط ملئ بالاحداث يسير معنا ربما في مسراتنا او ألامنا ، افراحنا ونجاحاتنا وهفواتنا ، انها الوالدية التي لم تغادرنا ونحن كبار فتصرفاتنا تحكمها قيمنا التي اكتسبناها منذ تلك السنوات وتعلمناها منهم بطريقة التعلم الاجتماعي او توحدنا فيمن نحب حتى تقمصنا شخصيته لاشعوريا او حاكى او قلد بعضنا سلوك من صادفه في تنشئته الاجتماعية الاولى مما اضاف لتأثير الوالديه صورا جديدة جعلته يتكيف مع بيئته الاجتماعية ويتعايش معها ،يؤثر ويتأثر فيها انه يحاول ان يخلق تكيفات جديدة في تعامله مع الاخرين . ان الانسان السوي يعيد لعبة اعادة توظيف القيم التي اكتسبها في طفولته وهو كبير لكي يحقق التكيف الناجح مع الجميع ويحدث ذلك في اغلب الاحيان لا اراديا حتى وان خبر تلك المعلومات في طفولته فهي عادت بشكل محور مقبول اجتماعيا ومتوافق مع الذات ، إنه يتعلم التمييز بين الذاتي والموضوعي (بين ما له وما لغيره) وهو طفل ويجد صدى هذا التعلم مرهون بأكتشاف التواجد مع الآخر وهوبالغ – كبير، انه ادرك وهو كبير القدرة على التفكير الواضح وهذه السمة تنمو لديه من طفولته ، انها ابعدته عن الانانية اذا وحب الذات وان تفاوتت لدى البعض ،إنه لم يقطع الرباط بين الذات والغير فَكون الشخصية المميزة بذاته معتمدا على سنوات الطفولة بكل احوالها . ونحن نقلب مواقف الحياة بسلبياتها وايجابياتها نواجهها ونتعامل معها نتغلب عليها واحيانا تقهرنا ولن نركع لها او نستسلم لها كل تلك مواقف المواجهة نستمدها مما اختزناه من خبرات في تلك الطفولة حتى يبدو لنا تأثير الوالدين في تكوين الشخصية تأثير حاسم ، فمثلا تلك الشخصية التي يتميز سلوكها بالانتقاد المستمر للاخرين ..مثل هذا الشخص يتصرف بصفة عامة وكأن ميله المفضل ان يستعمل الدائرة الاولى وكأنه شخصية والديه انتقاديه دائما ً، هذا الشخص له تفضيل اختاره منذ أمد بعيد بأن يحبس الطاقة النفسية في ذات الوالدية ويتعامل بصفة غالبة من هذه الدائرة كما عبر "د.عادل صادق" عن ذلك ، حقا ً انه جدل مستمر تم تثبيته في تلك المرحلة من الطفولة لاشعوريا حتى إنه يذكرنا ويلج في ذلك في افعالنا او حتى افكارنا وتصرفاتنا ، يفطن لها من يرصد البلوغ ليعود سلوكا منفصلا ذو مظاهر واضحة ، انه سلوكنا حتى وان كانت تلك الافعال تلقائية ، بتلقائيتنا نعبر عن كل مكنونات شخصيتنا وان اصطنعنا المواقف في التعامل مع الاخرين. جدل الطفولة وما رسمته في شخصياتنا ينير لبعضنا كما لو كان البرق يبرق خاطف جزءا من الواقع ونحن كبار، فإذا كانت خبرة مؤلمة حملت معها هموما جديدة وزادت الواقع هموما اخرى ،اما اذا كانت هذه الخبرة سارة حملت معها الذكريات العطرة الدافعة نحو النجاح والتفوق . تعد الطفولة جدل دائم في حياتنا ونحن كبار ونجد ملامح ذلك في انماط شخصياتنا فالبعض منا يتصرف معظم الوقت بناءا على مشاعره وانفعالاته الفطرية ، نجدهم ينفجرون في ضحك بشكل مفاجئ او ينسحبون في شعور بالذنب بصورة سريعه او ينتابهم الغضب بشكل عفوي وربما يجادلون باستماته ولايقبلون الرأي الآخر ويمتعضون في عبوس او ربما يذعنون في طاعة عمياء ، مثل هؤلاء من المحتمل ان تضعف قدرتهم على تحمل المسؤلية ويمكن ان يكونوا في طفولة دائمة، لم تغادرهم تلك المراحل الاولى من الطفولة وهم بذلك يعيشون اختلاط الحاضر بالماضي وهو انطماس للحدود الفاصلة بين الواقع المعاش والماضي في الطفولة ويقول"مصطفى زيور"ان للمعرفة سيرة تبدأ من الطفولة وتنموكما ينمو كل ما يتصل بالكائن الحي . ان حياتنا ونحن كبار بها من السلبيات ما لا نهاية لها وبها من الايجابيات الكثير التي لا تعد ولاتحصى، وهي بعضها ذات الطفولة ويمكن ربطها لبعض الشخصيات غير الطبيعية والاحوال الانفعالية او غير الصحية ويمكن للواعي منا او مدركا ً وربما مراقبا لنفسه ان يتجنب تلك الخبرات لكي لا تصبح سلبيات ذات الطفولة مجسمة بذاته وهو بالغ كبير مما تفسد علاقاته مع الاخرين وربما مع الزوجة او الابناء او المحيطين به من المقربين . ان الانسان وهوبالغ يعي ويدرك تماما ما يريد ان يفعله او يقوله ويعرف الطريق الصحيح في التعامل وله القدرة في التحليل والتوجيه ويعرف الطريق المؤدي للراحة والاستقرار النفسي الذي يقود للاتزان وبالتالي يمكنه ان يعيش بأقل قدر من المعاناة والصراعات الطفليه حتى وان وجدت ولا يستطيع اي منا نحن البشر الاسوياء ان نخنق الطفولة في دواخلنا حتى الموت ونحن كبار لاننا بحاجة اليها وربما نستعيد بعضها الجميل مع ابنائنا فكل منا في حاجة الى الطفل الذي في دواخلنا وفي حاجة الى الوالد بعد ان اصبحنا بالغين.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثوار انتفاضة العراق 1991 من هم ْ؟
-
الشخصية المغتربة
-
لاتجعل طفلك بين الحيرة والتشتت!!
-
أبناؤنا في تطرفهم واعتدالهم
-
الانسان والحرية والطريق الشاق لهما
-
العقل والهذيان !!
-
تعليم بلا فشل او رسوب دراسي!!
-
العراقيون .. والبناء النفسي
-
طفلي في مفترق طرق ..كيف الحل؟
-
هل الانسان يُعرَف ْ بلغة رغبته؟
-
النكتة والفكاهة ونمط الشخصية !!
-
البناء النفسي ..متى يهتز عند الانسان؟
-
تحوير الكلمات ..من الهزل الى الهذيان الجماعي
-
هل يعود الماضي ؟ رؤية نفسية
-
وساوسنا .. هل تعيق سلوكنا ؟
-
الانتخابات العراقية وكواشف الذات
-
الاحباط في الطفولة ..صراع في البلوغ
-
الغيرة والجنون !!
-
الاغتراب .. هل هو أزمة الإحساس بالوجود؟
-
العراقيون وفريضة التساؤل ..عن التدهور في كل شئ!!
المزيد.....
-
أكره مرؤوسته على أعمال جنسية مقابل امتيازات.. استقالة مسؤول
...
-
ضمن -كمائن الصمود والتحدي-.. -القسام- تعرض مشاهد لعدد من عمل
...
-
قوات الدعم السريع تعلن استعادة السيطرة على قاعدة -الزُرُق- ا
...
-
الاتحاد الأوروبي يضع لمسات أخيرة على اتفاقيات هجرة مع دول عر
...
-
-بعبوة العمل الفدائي وبأخرى شديدة الانفجار وقذيفة-..-القسام-
...
-
تبادل رسائل حادّة اللهجة بين غانتس ومكتب نتنياهو
-
اسم يتردد مجددا.. ما هو دور فاروق الشرع في سوريا الجديدة؟
-
الرئيس الروسي يجري محادثات مع رئيس وزراء سلوفاكيا في الكرملي
...
-
-واقع مرير-.. صحفي إيرلندي يوصّف التعبئة القسرية بأوكرانيا
-
انقطاع الكهرباء عن مستشفى كمال عدوان عقب قصف إسرائيلي للمولد
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|