|
صفاتنا الحُسنى وغير الحُسنى
فرح نادر
الحوار المتمدن-العدد: 3578 - 2011 / 12 / 16 - 02:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نحن البشر، نوعين، بعضنا يتمتع بصفات حسنى، والبعض الآخر تطغى عليه صفات غير حسنى، والفرق شاسع بين الاثنين، فإن توفّرت الصفات الحسنى في جميع البشر، ستختفي الحروب والصراعات الناتجة عن التعصّب، وكل ما ليس في صالح الحياة، وإن توفّرت بنا الصفات الحسنى فقط، فتخيّلوا كيف ستصبح الحياة جميلة ومتناغمة.
ما هي صفاتنا الحسنى؟
الرحمة: قلوبنا رحيمة، لا تتحمّل رؤية من يتعذّب، إن كان المعذّب حيوانًا، طفلاً، إنسانًا بالغًا، أو حتى حشرة، أو نبات لم يرتوِ، فإننا لا نتأخرّ في تقديم المساعدة أو تخفيف ألم من يحتاج للرحمة في تلك اللحظة.
الغفران: إن قلوبنا رحيمة، نغفر لمن أخطأ في حقنا ونتنازل عن بعض حقوقنا من أجل السلام والمحبة التي تربطنا كبشر، لا نقوى الجفاء والبُعد، فالعفو عند المقدرة، وفي غالب الأحيان، نبادر بالصلح، لكي لا نترك أثرً سيئًا في نفوس الآخرين.
الحلم: نعم، الحلم سيّد الأخلاق، إننا نتمتّع بهذه الصفة، ورغم صعوبتها إلا أنها ليست مستحيلة، إننا نتمالك أعصابنا من الانفلات ونحتفظ برباطة جأشنا في أشد المواقف صعوبةً، لا نفعل ذلك عجزًا ولا كتمًا لمشاعرنا، بل لأننا لا نحمل مشاعر سلبية لمن يُخطئ بحقنا، فبالحلم، تسمو أخلاقنا وتعاملنا مع الآخرين.
الحكمة: الحكمة لا علاقة لها بالعمر، فهناك من هو حكيم حتى في بداية حياته، وهناك من يفتقر للحكمة وهو في نهاية العقد الثامن من عمره، فمن الحكمة التروّي والتأنّي وعدم إصدار الأحكام ضد الآخرين، والحكمة لا تقتصر على ذلك، فهي تظهر في نواحٍ كثيرة تدل على رجاحة عقلنا، والمواقف التي نمر بها، هي التي تثبت حكمتنا من عدمها.
الكرم: يظهر كرمنا في جوانب كثيرة، فهذه الصفة المحبّبة لا تقتصر على الكرم المادي فقط، بل كرم مشاعرنا، على أن تكون في الاتجاه الصحيح، ولا نبخل على من يطلب أمرًا منا، وذلك الأمر متوفّر منه الكثير لدينا، فلن نتردّد بمشاركته ولو بقليل مما لدينا.
الصبر: في كثير من المواقف نحتاج للصبر، فمن لم يعتد على الصبر في المواقف الصعبة، فإنه من السهولة خسران ما كان يمتلكه في ثوانٍ بسبب فقدانه للصبر، فالصبور لا يغضبه ازدحام الطرقات ولا انتظار الطوابير الطويلة، ولا حرمانه من تلبية حاجة غرائزه اللحوحة، البعض يعتبر الصبر صفة المساكين والفقراء ومن لا حول لهم ولا قوة، بينما الصبر مرتبط بالحكمة برباط قوي.
الحق والعدل: إنه صاحب حق، ويعرف الفرق بين الظالم وصاحب الحق، وإن توفّرت له الفرص، لن يتردّد في قول الحق وإن كان جارحًا، كونه ينظر للأمور بموضوعية، عادلاً في أحكامه، فلا يُخفى عنه ما يبطن الآخرون، رغم تجنّبه إشعارهم بذلك.
النفع: يسعى لمنفعة الآخرين بما لديه، أثناء عمله وحتى في أوقات فراغه، دون أن يُشعر الآخرين بما يقدّمه لهم، ولا يتأخّر في تأدية ما يُطلب منه، مستجيبًا لكل من يلجأ إليه.
فالصفات الحُسنى كثيرة، لا مجال لحصرها، ونكتفي بالصفات التي ذُكرت، لنأتي الآن لبعض الصفات غير المرغوبة، وهي سلبية ومرفوضة من قِبل الجميع، لنذكر بعضها:
التكبّر والتعالي: من أكثر الصفات المنفرة، التي يلجأ إليها الشخص السلبي، بهدف تصغير من حوله، لاعتبار نفسه أعلى مكانة واستحقاقًا للاهتمام، دون أن يبدي أي اهتمام بمشاعر الآخرين.
الهيمنة: من صفاته التسلّط والإكراه، سواء بقناعة أم إجبار، لا يهمه سوى تنفيذ ما أمر به، صفة لا تليق بعصرنا وبعيدة كل البعد عن الديمقراطية والسماحة والشفافية، وهناك غاية من وراء الهيمنة، لكسر أنوف المستضعفين ليكونوا خامة جيدة لإتباع التعليمات والأوامر دون حوار ونقاش أو جدال، لسيادة نوع واحد من التفكير، ليتحقق الهدف المرجو.
الضرر: وهذه الصفة أشد فتكًا من أية صفة أخرى، وكيف لعقل هذا الشخص إلحاق الضرر بالآخرين؟ حتى وإن أخطئوا في حقه، فلا يحق له ضررهم، فليكتفي بمنع الضرر إن لم يكن نافعًا.
الإذلال والإهانة: عندما يفشل المرء من التواصل وإقامة علاقة سويّة تسودها المحبة مع الآخرين، تجده لمجرّد أي خلاف أو عدم استجابة لطلبه، يلجأ لإذلالهم إن كان صاحب نفوذ، أو إهانتهم بوصفهم صفات غير لائقة، لعجزه عن حفظ احترامه لنفسه ومن ثم احترام المختلفين معه له.
الانتقام: إنه لا يكتفي بالإذلال والإهانة، بل ينتهز الفرص للانتقام ممن يعتبرهم أعدائه، فيهدم ويدمّر كل ما يقف في طريقه للانتقام، ولا يهدأ وينتشي إلا بعد أخذ حقه وهو ليس صاحب حق، بل ظالم ومستبد.
الإماتة والقتل: إن اشتد به الغضب، فإنه لن يتوانى في إماتة وإراقة دماء الأبرياء، من أجل اختلافه مع عدد من المختلفين معه، لعدم تنفيذ أوامره، فالإبادة والفناء والحرق من شيم ملوك العصر القديم، لمَ لا ومصير الأمم بيده؟
بعد سرد الصفات الحسنى وغير الحسنى في البشر، هل يُعقل أن تجتمع كل الصفات التي ذُكرت من إيجابية وسلبية بشخص واحد؟ هل هناك مصداقية في شخصيّته أو يؤتمن له؟ هل هو محل ثقة أو يستحق الوثوق به؟
#فرح_نادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحب والرغبة
-
ملاحظات حول بعض الكتّاب والمعلّقين والمشرفين بالحوار المتمدّ
...
-
الرجل العاهر
-
حرب وسلام
-
أسباب الشك والإيمان
-
كلمات قلتها في الرجل وعلاقته بالمرأة (1)
-
حاجة المرأة لأكثر من رجل
-
حق الرجل في تعدّد النساء
-
ثورة دمية
-
كيف أخلص منكِ؟
-
كلمات قلتها في الدين والأخلاق
-
ما أخفيه عنك
-
التحرّر الفكري
-
كن بيتي
-
لا أدرية أنا
-
الملحد المتناقض
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|