أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين أحمد - تفكيك...التفكيكية















المزيد.....

تفكيك...التفكيكية


أمين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3576 - 2011 / 12 / 14 - 16:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تفكيك... التفكيكية :

" إن التفكيكية و النزعة المحافظة تشكلان نوعا من التكافل حيث تتغذى
إحداهما من الأخرى، وهكذا إستمر في الحياة أفكار تستحق الزوال" أيليس
لقد تحصلت التفكيكية على اعتراف واسع كإحدى أهم الحركات الفكرية في فرنسا
و أمريكا و هي في الأساس حركة مابعد بنيوية ، و يعتبر جاك دريدا الشخصية
الرائدة في تاريخ التفكيكية المعاصرة حيث نشر ثلاثة كتب هامة سنة 1967م
وهي أن " علم النحو" و " الكلام و الظواهر" و " الكتابة والاختلاف " و
تحتوي هذه الكتب على البحوث نقدية في الظواهرية " هوسرل" و الالسنية" دو
سوسير" و التحليل النفسي " لاكان" و البنيوية" ليفي ستراوس".
سنحاول في هذه المحاولة تفكيك التفكيكية، و تفكيك ما يصعب تفكيكه ، لأن
التفكيكية تعشق الترحال بين الدلالات من غير ما توقف ولانهاية، إنها حركة
متمردة و ساخرة تؤمن بالنقد و التهديم ، لا تعترف باليقين و لا
بالحقيقة،تحطم كل أصنام المعرفة الإنسانية و بديهياتها، تبعث دائما الشك
و الظن و تكشف كل ماهو مستور، إنها تتخطى كل الخطوط الحمراء و و حتى
البيضاء، لأنها فقط و ببساطة لا تؤمن بالحدود أصلا و التي حسب نظرتها
ماهي إلا مجرد أوهام تعارفت عليها الإنسانية .
لكن رغم هذه الصعوبة سنحاول أن نستنطق دريدا و نناقشه في أفكاره
وتحليلاته ، ونرفق هذه الأفكار و التحليلات بالنقد و التمحيص و تبيان
المأخذ التي وقعت فيها التفكيكية مستأنسين بأقوال الفلاسفة الذين ناقضوا
طرحه أو ربما ردوا على انتقادات قد مستهم على لسان دريدا نفسه.
أولا:معنى التفكيكية:
في رسالة لصديقه الياباني ، إعترف دريدا بأن التفكيك كلمة عصية على
التحديد و التعريف و يتطلب على الأقل الشك و الظن في الكلمات و المفاهيم
التي صيغت بها تلك الكلمات التي ألفتها و التي تسكن فيها أي لغة كانت،
خاصة إذا علمنا أنه لا وجود للغة بريئة ، فكل لغة مشكلة من قرارات ومن
أشكال للإقصاء التي يجب العمل على أدركها و فهمهما.
لكن الى حد الأن لم يحدد دريدا معنى واضح لتفكيكية و لكن دريدا حاول
الإجابة على السؤال عن معنى التفكيك في كتابه مذكرات من أجل بل دي مان
حيث قال " التفكيك باختصار شديد،سأقول ذلك من دون جملة،إنه أكثر من لغة"
لكن الإشكال هنا لماذا الاختصار؟ ولماذا حاول تعريفها من دون جملة و
اضحة؟ ليقف في الشطر الاخير من القول ليصرح بأنها أكثر من لغة ، و إذا
أردنا تفكيك هذا المقطع الاخير بتعبير التفكيكية سنقف حقيقتا عند المعنى
الاصعب و هو اللغة؟ و لكنها ليست لغة واحدة أنها أكثر من لغة، لكن أي لغة
أو لغات يتكلم عليها دريدا؟
لا نخفي أن الدارسين قد حاولوا أن يجدوا تفسير للغة التي أرادها دريدا
لكن : لماذا التكتم و عدم التوضيح و التصريح من دريدا لمفهوم اللغة التي
كان يعنيها؟
ولن نجد إلا جواب واحد لعدم التصريح إلا أن نضعه ضمن السياق العام
لفلسفة دريدا ، لأن التحديد في حد ذاته هو خروج عن معنى التفكيك ، وقد
كان تحديد دريدا لمعنى التفكيك مفاجأة كبرى لقرأه و متابعي فكره، وذلك
أنه ظل طوال حياته يلمع لفكرة التفكيك من دون أن يحددها، و إن حددها فأنه
ينفي جميع الصفات من دون أن يثبت صفة معينة، محاولا الحفاظ على عنصر
التشويق داخل فلسفته، كالقصة التي تنتظر النهاية و إذ النهاية مفتوحة
تفتح العديد من التفسيرات و التأويلات أمام المفكرين والدارسين و معشر
القراء المهتمين.
ثانيا:منهج التفكيكية:
إن التفكيكية ليست نظرية و اضحة المعالم ،فهي لاتقوم على الكشف عن البنى
الخفية للأشياء، وإنما هي ممارسة و نشاط و عملية انتباه يقضه و حذر دائم
، التفكيك ليس نظاما فلسفيا و لا منهج يقوم على قواعد و خطوات معلومة ، و
إنما هو عبارة عن توجه فلسفي في قراءة النصوص وطرح القضايا ، فالتفكيك
يعد بمثابة فلسفة قائمة على القراءة النقدية للنصوص ، قراءة تجمع مابين
التحليل النفسي و الماركسية و فلسفة هايدغر و مقاربة لتاريخ الفلسفة و
الأدب و الفن بقصد الكشف عن الأليات و المنطلقات الثانوية وراء النصوص
والآثار وبالتالي المساهمة في فهم المجتمعات و الثقافات.
ولكن: هل يستطيع المهتم بالتفكيكية أن يمتلك هذا الرصيد الفلسفي تحليل
نفسي و ماركسية ولا يكفي هذا فقط بل أن يكون واعيا بالمنطلقات و
الأليات؟
هذا هو الاشكال الذي جعل التفكيكية لا تتعدى شخص دريدا ؟ وحتى و أن تعدته
فأنها بقت عرجاء ليست بالمعنى الذي سعى مؤلفه أن يوصلها الى قراءه.
وهنا نورد قول "لدافييد هيمان" يتسأل فيه حول الأثار التي يمكن أن تنتجه
قراءة التفكيكية لكتاب كفاحي لأدولف هتلر: ألا يمكننا بقراءة تفكيكية أن
نشدد على أن هتلر ينبذ اللاسامية الدينية؟ و يمكن تنويع نقد لهيمان عبر
الإلحاح على طابع كتاب كفاحي المتعدد المعنى و المتناقض و على واقع أن
قراءة التفكيكية لهذا النص تخاطر في كشف الى أي حد يقول الكاتب سرا عكس
ماينوي قوله علانية، مثلا: هل ينبغي تخيل هتلر محبالسامية؟
إذن مانلاحظه أن التفكيكية تنفي شيأ تثبته،فهي تحاول أن تكشق أيديولوجية
النص رغم أنها تقرأ النص بأيديولوجية أخرى مخالفة ، فهي دائما تؤكد على
أن" كل كلام يلغم سرا ما يؤكده" و لنفترض أن كلامي في هذا المقال يحمل
لغما لم أبح به، فإذ حاولنا أن نكشف هذا السر الذي قد أوكده؟ فإن
التفكيكك قد لا يضفي الى نتيجة واضحة و حتى و أن وصل الى نتيجة فربما لا
تتطابق مع مسعى الكتابة لدي ،لكن التفكيكية وجدت حلا لذلك إذ لا تأبه أن
كان التأويل يتطابق أم لا بل تقوم بأرجاء المعنى و تعرضه للإزاحة أو
الاحتمال ، لكن يبقى التفكيك ليس صحيحا أو حتى قريبا من الصحة لأن معنى
كلمة كشف تتضمن كشف ماهو قد لا يترأى لنا من حقائق مبهمة و ليست أوهام
ونوايا مبطنة .
المفاهيم الكبرى في التفكيكية :
ثالثا: الأثر: لقد دشن دريدا داخل حقل التفكير الفلسفي مجالا سماه" علم
الكتابة" ولا يقصد بالكتابة هنا الحرف بل الخط و الحرف، أي ماهو مسجل
مقابل مهو منطوق ، فهو يركز على ماهو مكتوب أي النص على الكلام، على
الأثر لا على الصوت و لذلك يقول دريدا" لا شئ يو جد خارج النص" و قد كانت
الفلسفة الغربية عموما تركز على الصوت أي أنها تركز على الكلام و مرتابة
من الكتابة وهذا أيظا لا ينفي إعتقادها بفكرة مركزية الكلام و إعتقادها
بوجود"كلمة" قصوى ونهائية تعطى صفة "الدال الأسمى" و تشمل من هذه
العلمات: الله، الفكرة،الروح، الكونية، الأنا ، المادة....ألخ،غير أن
دريدا يرى أن مثل هذا الدال الأسمى لا يعدوا إلا أن يكون مجرد وهم أخر ،
ويطلق بذلك دريدا إسم " ميتافزيقا" على كل نظام فكري يعتمد على قاعدة أو
ركيزة لا يمكن مهاجمتها.
لكن هذا التسبيق للكتابة على الكلام ، كان محل نقد الكثير من الفلاسفة ،
إذ لا يمكن تبرير ذلك منطقيا و لا حتى و اقعيا و في ذلك يقول أيليس"حتى
إذا سلمنا بأن الكلام لا يمكن أن يوجد قبل إمكانية الكتابة، فإن دريدا
يسلم بأولوية الكلام المنطقية، لأن وجود الكلام هو الذي يجعل الكتابة
ممكنة" حتى أن تعريف أرسطو للأنسان هو " أنه حيوان ناطق" و النطق يقصد به
الكلمة logos” “و التي هي أسمى من الكتابة.
هنا نطرح التساؤل: مامحل الخطابات السياسية الجريئة من غير نص من
التفكيك؟و ذلك بأعتبار أن التفكيكية تركز كثير على خطاب المؤسسات ، ثم
أين يكمن الاختلاف فيما بين الكلام و الكتابة؟ بأعتبار أن مانكتبة هو
كلام يطرح في العقل قبل أن يكون كتابة ، و حتى أن تناولنا مشكلة الأسبقية
من الناحية الزمنية سنجد أن الكلام سابق على الكتابة بإعتبار أننا لا
نحتاج فيه الى وسائط أو الى تقنية في الكتابة، ، و في الأخير : أليس
الكلام جزء من الموروث الحضاري الإنساني؟ أم أننا نتبع منطق التفكيكية
التي تسقط الكلام في مقابل الكتابة؟.
رابعا:الإرجاء: أما المفهوم الثاني الذي يشكل منطق التفكيكية، فهو أنه لا
تطابق بين المعنى و العلامة، أوبين المنقول والمكتوب أو بين المفهوم و
الموجود، مما يجعل من المتعذر القبض على حقيقة الشيء و كتناه ماهية
الحديث ، فالمعنى يستعصى على الحصر، فهو يقبل غير تفسير أو تأويل ، ثم أن
الأرجاء يقوم على استحالة القطع والجزم في الحكم على الأشياء، مادام النص
متعدد المعنى و الأثر ملتبس الدلالة ومزدوج الإحالة، ولذلك لا وجود لقول
فصل أو لكلمة نهائية في موضوع معين أو أمر أو شأن و يورد هنا الدكتور
"علي حرب"تشبيها لهذا الأجراء عند الفرقة الإسلامية المعروفة باسم
المرجئة التي أمتنع أهلها عن اتخاذ موقف الصراع بين علي ومعاوية، مرجئين
الحكم الى الله، وهكذا فالمعنى مؤجل أو مرجأ عند التفكيكية.
لكن إذا كانت المرجئة قد قامت بإرجاء القول الفصل و الحكم إلى الله؟
فالتفكيكية لمن ترجأ قولها؟ ألا يعد هذا تهربا؟ لماذا نقرأ النصوص إذا
كنا لا نقف على حقيقتها؟ أم أننا نقرأها من أجل أن نغذيها بهرطقتنا و
أيديولوجياتنا وننسبها للمؤلف و نقول في الأخير وبكل بساطة: هذا مالم
يقله المؤلف أو كان يمتنع عن قوله؟ ألا يعد هذا تلفيقا؟
خامسا:التناص أو مقولة النص: يقول دريدا" لاشئ يوجد خارج النص" ويعني
بذلك دريدا أن للنص أثره ووقائعيته بمعزل عن مؤلفه، لأن النص يعني أنه
أقل أو أكثر أو غير مايقوله مؤلفه، مما يجعل المعنى رهن قارئه الذي يقرأ
في النص مالا يريد على ذهن مؤلفه،وهكذا كل قراءة تنتج معناها و تخلق
حقيقتها وتقوم بصرف اللفظ ونسخ المعنى وتحويل المفهوم على سبيل الزحزحة و
الإحالة ، مما يضعف النص عبر القراءات المتباينة و المتلاحقة وبصورة تتسع
معها دوائر تأثيره وتتعاظم مفاعيله.
إذن يقوم دريدا على إسقاط المؤلف أثناء قرأت النص،لأنه لايوجد معنى
متطابق مع نفسه و ذلك عبر تأكيده أنه لاشئ يقع خارج النص و أن المعنى
يخون نفسه بأستمرار.
لكن فلسفة دريدا نفسه وجدت تطابق كبير بين المؤلف ونصوصه و أقصد المؤلف
الكيان الشخصي في شقه النفسي و الاجتماعي، إذ توصف حياة دريدا بأنها
مفككة وهذا التفكك انطبع على فلسفته بشكل عام، و قد كتب دريدا واصفا
نفسه"أني أملك وعيا حادا بحدود الهوية" لقد كان دريدا يعي تماما أنه
يهودي من الجزائر، و أنه مقطوع من جذوره اليهودية العربية،وأنه بحسب
بعبارة الفيلسوف الألماني مارتن هايدغرلم يستطع أن يسكن في لغة أجداده
العربية و العبرية،وإنما يسكن فيها دون أن يشعر بأنه في بيته من هنا
يقول"ليس لي إلا لغة واحدة،ولكنها ليست لغتي"
كما أشار دريدا الى أن الطائفة اليهودية في الجزائر، والتي ينتمي أليها،
على نحو غامض و ملتبس،تم تفكيكها، أو بعثرتها،ثلاث مرات على الأقل : أولا
عبر فصلها في البداية عن اللغة أو الثقافة العربية أو البربرية، وثانيا:
عبر فصلها عن اللغة و عن الثقافة الفرنسية، إن لم نقل الثقافة الأوربية
برمتها،وثالثا: عبر انقطاعها عن الذاكرة اليهودية ذاتها دينيا وتاريخيا.
إن إبعاد المؤلف من النص الذي كتبه هو إنما إقصاء تام لروح النص، و قد
لاحظنا أن دريدا نفسه كمؤلف أول لتفكيكية ،إنما كانت إنتاجاته إنما هي
ترجمة للأغتراب و التفكك و أزمة الهوية التي كان يعيشها،فلا يمكن أن نفكك
نص دريدا دونما أن نعرف دريدا نفسه .
إن الفلسفة هي أزمة حياة فردية يعيشها الفيلسوف ،ومحاولة لإيجاد حلول للأ
شكاليات تعتريه و تعتري المجتمع الذي يعيش فيه فنحن لا نستطيع دراسة
فلسفة كيكغارد الوجودية دونما أن تكون لنا خلفية على حياة كيكغارد نفسه
،أو أن نقرأ فلسفة شوبنهاور المتشائمة بعيدا عن ماعاشه من مآسي في حياته
و أمثال الفلاسفة الذين إنطبعت حياتهم على مؤلفاتهم كثر، نذكرهم على سبيل
المثال لا على سبيل الحصر:نيتشه، جون بول سارتر،جون ستورت ميل وغيرهم، و
حتى و إن حاولنا إبعاد المؤلف على سبيل الافتراض فهو لا يبرح إلا و أن
يقول لنا أنا هنا معكم .
سادسا: دريدا الأفكار و المواقف :(1930م-2004م)
ديريدا فيلسوف فرنسي معاصر تمحورت جل كتاباته حول مفهوم التفكيك أي تفكيك
المعنى في النص الفلسفي، بدأ ديريدا عمله الفلسفي بترجمة وتقديم مؤلف
هوسرل"أصل الهندسة"ثم عمد مباشرة الى أصدار" الصوت والظاهرة في النحوية"
و " الكتابة والاختلاف " حيث صاغ إشكالية انتشار المعنى في النص الفلسفي،
وتجدر الإشارة هنا إلى مهمة التفكيك التي يتابعها دريدا في كل أعماله
إنما هي في واقع الأمر مواصلة لمشروع هايدجر المتمثل في هدم
الميتافيزيقا.
ينتمي دريدا إلى الطائفة اليهودية المولودة في الجزائر و قد أعتبر أن
هناك علاقة معقدة تربطه مع موطنه الأصلي الجزائر، التي كانت محتلة من طرف
فرنسا، وقد فرض هذا الاستعمار لغته وثقافته وقوانينه على السكان
الأصليين، حيث رسم حدود يستحيل خرقها، لينتهي به غريبا و أجنبيا، لا يجرؤ
على اقتحام الممنوع، مقيما على تخوم العربية دون العبور الى مركزها
المحرم، فيقول في واقع حاله مع العربية :"أما بالنسبة لي فأن العربية
كانت لغة الجار، جاري أنا ،فقد كنت أقطن على تخوم حي عربي،على حدود
اللامرئي ، و المتعذر عبوره في الوقت ذاته "،لكن دريدا تنكر لجاره وبقى
متكتم لحقيقة هذا الجار في الاستقلال و التحرر من قيود المستعمر و من
المفارقات العجيبة أيضا أن يغادر ديريدا الجزائر في سفينة تسمى " مدينة
الجزائر" وقد غادر موطنه الأصلي على حد قوله و هو يصاوره حلم جميل وهو "
أن لا بيقي في كتاباته على أي أثر لفرنسيته الجزائرية".
نحن لا ننكر فضل فرنسا عليه والتي رعته و كونته في مدارسها والتي بها
أصبح أستاذ وكاتب وفيلسوف إن صح القول فرنسيا، ولكن كل هذا لا يشفع
لمفكر ولد في الجزائر وتربى و درس على ترابها و عايش كل الأ حداث التي
مست جاره في تلك الفترة ،و تجد في المقابل فلاسفة لم يسمعوا على الجزائر
سوى بأنها مستعمرة و هم أنفسهم فرنسيين أصلا و لغتا وتجدهم يهرعون من
دونما خوف إلى التصريح بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره و يأتي في
طليعة هؤلاء الفلاسفة و الأدباء جون بول سارترو فرانز فانون .
أننا لا نجد دريدا متناقضا بين أفكاره التي يدعوا اليها وبين مواقفه فهو
الذي طرح قضايا إنسانية عدة كالصداقة و الضيافة و الحق و هو نفسه الذي
تكتم و أعتذر على أن يصرح بحق الجزائري في أن يكون حرا هذا ما قد نسميه
بالالتزام الفلسفي المفقود في مواقف دريدا .
سابعا:نقد عام لتفكيكية:
يقول إيجلتن "إن المواضيع التي تفتخر بها التفكيكية كمواضيع جديدة
لاتعدوا أن تكون في الحقيقة إلا تكرار لبعض أكثر المواضيع ورودا في
الليبرالية البرجوازية: الإنكار المتواضع للنظرية و المنهج و النظام،
الاشمئزاز من الهيمنة و الكليانة و المعنى المستقر ، تبجيل التعددية و
اللا تجانس، و الإيماءات المتكررة صوب التردد واللامحدودية،والولوع
بالقراءة السريعة العملية و الانزلاق والحركة، النفور من الأحكام
النهائية،فمن السهل جدا أن نفهم لماذا يمتص هذا التعبير من طرف المؤسسات
الأنجلو ساكسونية" إذا التفكيكية تلقى هذا الرواج في الدول الأنجلو
ساكسونية نتيجة لتطابق أفكارها مع المناخ الفكري العام لهذه الدول ، لكن
أن تجد صدى لدى الدول العربية التي مازالت قابعة لا تبرح مكانها و لم
تمر بعد على جسر الحداثة ، فذلك مالا يمكن فهمه ؟
إن التفكيكية يصعب الأمساك بها، فكلما أردت أن تمسك بها تهرب منك الى
مكان أخر قد تعرفه و قد تجهد نفسك في معرفته ، إنها و أن صح الأخذ و
أسقطنا هذا المفهوم الراسلي الذي يصف فيه الميتافزيقا "إنها أشبه بعجوز
شنطاء تبحث عن قطة سوداء في غرفة ظلماء" .



#أمين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أمين أحمد - تفكيك...التفكيكية