|
الانتفاضة الشعبية السورية
معزز اسكندر الحديثي
الحوار المتمدن-العدد: 3573 - 2011 / 12 / 11 - 15:51
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
وصلت حمى الثورة الى سوريا أو ما سميَ لاحقاً بالربيع العربي ولكنه في سوريا كان ربيعاً دموياً بكل المقايس، فمنذ انطلاق الثورة في اذار/مارس 2011 والشعب يطالب بحريته ويجابه بالقوة المفرطة والحديد والنار من قبل الحكومة وقواتها المسلحة والمليشات المساندة لها، والشعب يريد الديمقراطية والتعددية والحريات والحقوق المدنية، والاسد وحزبه يريد نظاماً شمولياً استبدادياً .. نظام الحزب الواحد نظام السجون والمعتقلات والقتل والاغتصاب. وقد ادانت تلك الاجراءات التعسفية ضد الشعب الكثير من منظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني التي تتبنى الحرية طريقاً لها، فاصدرت احدى وعشرون منظمة من منظمات المجتمع المدني العربية والدولية بياناً جاء فيه : " اننا نحن الموقعون على هذا البيان من منظمات المجتمع المدني المشاركة في منتدى المستقبل الثامن المنعقد في مراكش يومي 17/18 أيلول ـ سبتمبر2011 ندين باشد العبارات الجرائم ضد الانسانية المرتكبة في سوريا من قبل النظام السوري ضد شعب اعزل يطالب بحريته وندعو المجتمع العربي والدولي لتحمل مسؤولياته فوراً تجاه الشعب السوري والسعي الى ايقاف المجازر". القوى السياسية المؤيدة للنظام السوري: الاحرار في كل انحاء العالم لا يمكن ان يكونوا الا مع الشعوب ومطالبها المشروعة الا في العراق فالمسألة مختلفة وقد تباينت مواقف الاحزاب والكتل السياسية من الانتفاضة الشعبية في سوريا، فعندما علقت الجامعة العربية عضوية سوريا فيها وتحفظت الحكومة العراقية على القرار اثار ذلك جدلاً واسعاً بين الاحزاب والقوى السياسية فجميع الكتل المنضوية في الائتلاف الوطني وقفت مع الاسد وحزبه ضد تطلعات الشعب السوري في نيل حريته، فقد اعلن السيد خالد الاسدي القيادي في حزب الدعوة الاسلامية وعضو ائتلاف دولة القانون : بان معظم ما يجري في سوريا مفتعل وليس شيئاً جذرياً أو اساسياً أو شعبياً مائة بالمائة ونعتقد ان تدخلاً أو تحريضاً طائفياً أو عنصرياً في الوضع سيمس القضايا العربية الاساسية ويؤثر علينا بالعراق بشكل مباشر. وذكر السيد باقر جبر الزبيدي القيادي في المجلس الاسلامي الاعلى في برنامج بين قوسين الذي بثته قناة السومرية الفضائية في 19/10/2011 : " ان وصول السلفيين الى السلطة سيؤثر على العملية السياسية الجارية في العراق". ونقلت لنا وكالة انباء براثا في 2/12/2011 ان الشيخ جلال الدين الصغير القيادي في المجلس الاسلامي الاعلى اعلن عن معارضته للتغيير في سوريا خشية وصول السلفيين الى السلطة والذي سيجعل المشكلة الطائفية تتعاظم وبالتالي سيكون العراق اكبر المتضررين من عدم استقرار الاوضاع في سوريا، واضاف الشيخ : ما اقدمت عليه امريكا وفرنسا من ضغوط على اعراب الجامعة العربية (( حسب وصفه)) لاتخاذ قرار بشأن فرض عقوبات على سوريا ، واضاف ايضاً : " ان ما حصل يمثل انموذجاً لطبيعة السياسة التي يتبعها هؤلاء فالقضية ليست قضية شعوب فهذه اليمن اذ نسمع يومياً ان قوات الرئيس اليمني تقتل وبشكل رسمي بالطائرات والمدفعية ابناء الشعب العزل ولا يتكلم عليهم احد ولا يتم فرض عقوبات". ولو استعرضنا مواقف الحكومة العراقية في السابق من النظام السوري فقد كانت سوريا في مقدمة الدول الداعمة للارهاب والجماعات المسلحة في العراق والبوابة المفتوحة لتدفق الارهابيين والانتحاريين الى العراق ولطالما وجهت اليها الحكومة العراقية الكثير من الانتقادات والادانات بتهمة التدخل في الشؤون الداخلية للعراق كان من ابرزها تصريحات السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي اثر موجة التفجيرات التي ضربت بغداد في عام 2009 حيث قال : " ان العراق يملك ادلة دامغة على تورط سوريا في تفجيرات في العراق وفي تسهيل تدفق جهاديين الى اراضيه". ولا يخفى على احد ان ما قصده السيد الزبيدي والشيخ جلال الدين من وصول السلفيين الى السلطة هو وصول السنة ولكنهما استعملا اسلوب التورية الذي اعتاد عليه سياسيو العراق الجديد ، فالنظام السوري يسبح في الفلك الايراني كما هو معروف للجميع والاحزاب والقوى السياسية الشيعية تسبح في نفس الفلك ولها مصلحة مستقبلية ومصالح اخرى مبنية على اساس طائفي تجعلها لا تخرج عن هذا الفلك وبالتالي فهناك رابط مشترك ترتب عليه جميع مواقف تلك القوى . لذلك نرى ان الزيارة الاولى للسيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري بعد الانتفاضة الشعبية كانت الى العراق في 13/ مايوـ ايار/2011 حيث أكد له السد المالكي حرص الحكومة العراقية على امن واستقرار سوريا. وبذلك نفهم اسرار هذا التحول الخطير في موقف الحكومة العراقية من النظام السوري مع ان الكثير من اراء الشارع العراقي مع تطلعات الشعب السوري بما في ذلك الشارع الكردستاني حيث اصدرت احدى عشرة منظمة من منظمات المجتمع المدني في اقليم كردستان فضلاً عن وسائل اعلام وشخصيات سياسية رفضها لتجاوزات النظام السوري ضد الشعب وادانتها لسلوكه المشين وطالبت الحكومة العراقية باتخاذ مواقف واضحة وصريحة في مساندت الشعب السوري ضد الممارسات الوحشية والجرائم اللاانسانية التي ترتكب بحقه. وبعد تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وتحفظ الحكومة العراقية على القرار وما اثاره من ضجة في الاوساط السياسية جاء تصريح السيد لبيد عباوي وكيل وزير الخارجية العراقي متوازناً نوعما حيث قال : ان موقف العراق تجاه الاحداث التي تجري في سوريا يتسم بالوضوح ويتلخص بدعوة حكومة دمشق الى اجراء اصلاحات تتناسب مع تطلعات الشعب السوري رافضاً استخدام العنف سواء من قبل القوات الحكومية أو من قبل الجماعات المسلحة. القوى السياسية المعارضة للنظام السوري: اما القوى السياسية المؤيدة للانتفاضة الشعبية في سوريا فكثيرة ومن ابرزها الكتلة العراقية ( 97 مقعد) بزعامة الدكتور اياد علاوي، فقد استغربت السيدة ميسون الدملوجي الناطق الرسمي للكتلة في تصريح لجريدة الشرق الاوسط فــــــي 14 /11/2011 من موقف الحكومة العراقية من قضية سوريا وقالت : " مواقف العراق الرسمية فيما يتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية للاسف اصبحت رهينة اشارة من خارج العراق"، مشيرة الى ان :" هناك ازدواجية في موقف رئيس الحكومة العراقية والموقف الرسمي العراقي من موضوع سوريا فيما يتم اجتثاث العراقيين واعتقالهم بتهمة انتمائهم لحزب البعث تدعم الحكومة العراقية البعث في سوريا الذي يبيد الشعب السوري""، واضافت ان :" القائمة العراقية تقف مع الشعوب العربية وحقها في تقرير مصيرها واي حكومة تبيد شعبها مثلما يحدث اليوم في سوريا فهي فاقدة للشرعية وقد كنا ضد نظام صدام حسين عندما اباد شعبنا العراقي في عام 1991 أو عندما قصف شعبنا الكردي بالاسلحة الكيماوية"، وفي بيان للقائمة العراقية منشور على موقع القائمة الرسمي قالت السيدة الدملوجي : ان العراقية تراقب بقلق شديد مستجدات الاوضاع في سوريا وتداعياتها على المنطقة بشكل عام ، وبينت ان الكتلة العراقية كانت تأمل من الحكومة السورية ان تستجيب بجدية لقرارات الجامعة العربية وان تلجأ الى الحوار مع القوى الشعبية المعارضة بما يكفل سلامة سوريا وشعبها الكريم واعادتها الى وضعها الطبيعي بين دول المنطقة ولكن للاسف ذلك لم يحدث . وفي تصريح صحفي للحزب الاسلامي العراقي منشور على موقعه الرسمي في 14/11/2011 " تلقى الحزب الاسلامي العراقي ببالغ الاستغراب تحفظ العراق التصويت على قرار الجامعة العربية بتعليق نشاطات الوفود السورية في الجامعة وموضع الاستغراب ان العراق نفسه قد تعرض للظلم بشكل كبير على يد النظام السابق الذي حكم شعب العراق بالحديد والنار فكيف يمكن لمن تعرض للظلم ان يمتنع عن ادانة الظلم انها بالتأكيد سياسة الكيل بمكيالين"، ثم اكد الحزب وقوفه التام مع مطالب الشعب السوري المظلوم في استعادة حريته الكاملة. وفي تصريح للسيد مثال الالوسي رئيس حزب الامة العراقية للسومرية نيوز في 16/11/2011 ان موقف الحكومة العراقية في الجامعة العربية تجاه سوريا لم يكن يمثل العراق بل هو موقف الحكومة الضعيف التي فقدت السيادة امام الخطط والرغبات الايرانية (حسب وصفه) مؤكداً ان هذا الموقف الغريب سيدفع العراق الى عزلة اقليمية ودولية اضافة الى انه سيمنع الشركات الدولية من تسليح الجيش العراقي لانها تخشى ان يذهب هذا السلاح الى حزب الله او سوريا . وأكد السيد مؤيد الطيب الناطق الرسمي لتحالف الكتل الكردستانية للجزيرة نت في 19/11/2011 ان اصلاح النظام السوري امر ميؤس منه مشيراً الى ان قرار الحكومة العراقية بالتحفظ على تجميد عضوية سوريا لا يمثل رأي التحالف الكردستاني وقال الطيب : " القرارات في مجلس الوزراء تؤخذ بالاغلبية والقرار الاخير يمثل الرأي الرسمي للحكومة"، مشيراً في تصريحات اخرى الى ان :" التحالف الكردستاني مع الشعب السوري ويطالب بتغيير النظام "، وعلل ذلك بممارسته القمعية خلال فترة حكمه الطويلة"، وقال السيد سيروان احمد قادر عضو مجلس النواب عن التحالف الكردستاني للجزيرة نت في 19/11/2011 : ان تحفظ العراق على قرار الجامعة العربية يعد امراً فاضحاً فعلاً ذلك بان الحكومة السورية حكومة استبدادية تستخدم العنف مع شعبها وتقتل العشرات منهم يومياً فيما يطالبون بالحرية والديمقراطية. القوى السياسية التي تتخذ من دمشق مقراً لها: اما القوى السياسية التي تتخذ من دمشق مقراً لها فقد اختلفت الى موقفين الاول آثر الصمت والثاني وهو الكثير فقد ساندت نظام الاسد وحزبه ولم تؤثر حتى الصمت وذلك اضعف الايمان ، فقد قال السيد عاصم ابو هلالة الامين العام للتحالف الوطني لعشائر العراق الذي يتخذ من دمشق مقراً له للجزيرة نت في 28/4/2011 ان مايحصل في سوريا عبارة عن مطالب شعبية لكن تخللتها بعض الاحداث المؤسفة مشيراً الى ان موقف القوى السياسية والعشائرية العراقية يتسم بالقلق من وجود مخطط لتقسيم المنطقة لدويلات طائفية وعرقية، وقال الشيخ جواد الخالصي الامين العام للمؤتمر التأسيسي ان ما يحدث في سوريا يتعلق بامرين الاول يتعلق بمطالب مشروعة استجابت لها القيادة السورية ( كما يقول) اما الثاني فيرتبط بوجود جهات تريد استغلال هذه الاحداث لتحقيق اغراض سياسية ولا سيما الكيان الصهيوني يهدف زعزعة الاستقرار والاضرار بسوريا تشاركها في ذلك قنوات وجهات بقصد أو عن غير قصد. وقال السيد خالد المعيني مدير مركز الاستقلال للدراسات ان ما يجري في سوريا بانه استهداف خارجي لاستقرار وامن هذه البلد عقاباً له على وقوفه في وجه المشاريع الامريكية والصهيونية. وهذه القوى انجرفت بعيداً وعدت النظام السوري النظام المقاوم لاسرائيل ولا ادري اي مقاومة يقصدون وهو لم يطلق منذ اربعين سنة رصاصة واحدة في سبيل استعادة الجولان ارضه المغتصبة ولكن رصاصه ومدفعيته وجهها الى ابناء شعبه ، ورحم الله شاعرنا امل دنقل حين يقول : ان المدافع التي تصطف على الحدود في الصحارى== لاتطلق النيران == الا حين تستدير للوراء == ان الرصاصة التي ندفع فيها ثمن الخبزة والدواء == لا تقتل الاعداء= = لكنها تقتلنا .. اذا رفعنا صوتنا جهارا == تقتلنا وتقتل الصغارا.
#معزز_اسكندر_الحديثي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق والربيع العربي
-
اقليم صلاح الدين
-
التسعير في النهج الاقتصادي الاسلامي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|