أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جعفر المظفر - الانتخابات المصرية.. بين المطلبي والسياسي















المزيد.....

الانتخابات المصرية.. بين المطلبي والسياسي


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3572 - 2011 / 12 / 10 - 18:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ماذا يعني فوز التيار الإسلامي في مصر بهذا العدد الكاسح من الأصوات. إن نتيجة كهذه لا بد وأن تأتي تتويجا لمنجزات كبيرة كان حققها الطرف الفائز حتى يأتي فوزه الضخم متفقا وحجم المنجزات التي حققها. في تركيا مثلا كان فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي بنصف أصوات المقترعين, تاركا لسبعة أحزاب مقابلة بقية الأصوات, تتويجا لإنجازات سياسية واقتصادية مادية وملموسة كان حققها الإسلاميون فعلا مثلما يعني أيضا أن هذا التيار كان قد أفلح في تطوير خطاب وسطي مرن من شأنه أن يتناغم مع خطاب الدولة الأتاتوركية العلمانية.
على صعيد مصري نجد أنفسنا أمام فوز اكتساحي بحاجة إلى تفسيرات تتجاوز ما يمكن أن تقدمه لنا اللعبة الانتخابية ذاتها. لقد كان يمكن استيعاب هذه النتيجة الكبيرة لو أن الشعب المصري كان جرب الأخوان المسلمين ( حزب الحرية والعدالة ) والتيار السلفي ( حزب النور ) على صعيد المنجز السياسي والاقتصادي والثقافي ولمس قدرة هذا المنجز على استيعاب الطموح والتطلع نحو مستقبل أفضل, أو لو أن النسبة لم تأتي بهذا التفوق وكان هناك فرق معقول في الأصوات من شأنه أن يدلنا على وجود تنافس حقيقي بين تيارات مختلفة قائمة على الأرض. لكن كل ذلك لم يحدث وبدت النتيجة في أفضل حالاتها وكأنها مباريات من جانب واحد رغم وجود عدد كامل من لاعبي الفرق المتقابلة.

لم تكن هناك معركة برامج ضمن حالة واحدة وإنما كانت هناك معركة حالات متخاصمة ومتناقضة إلى حد الطلاق, وبينما يبدو تيار الإخوان المسلمين وكأنه تيار سياسي وبمرونة تكفل له القدرة على التحدث بخطاب توفيقي فإن خطاب السلفيين المتشدد والنسبة الكبيرة من الأصوات التي حصلوا عليها تؤكد من جانب آخر أن المعركة الانتخابية, في عمقها, كانت جرت للتصويت على هوية وانتماء وتاريخ وشكل دولة أكثر مما جرت للتصويت على برامج وطموحات إنمائية أو على لقمة الخبز وضمانات العمل. ونتيجة كهذه من شأنها أن تعرض التاريخ المصري برمته إلى مراجعة جديدة على ضوء ثقافة نقيضة لتلك التي اعتاد عليها شعب مصر طيلة العديد من القرون السابقة حيث يتوقع أن تأتي تلك المراجعة منسجمة مع رؤيا وثقافة التيار السلفي.

وإذا ما نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى فلسوف نجد أن الثورة التي أطاحت بنظام مبارك. وعلى العكس من قوانين السياسة, لم تحصد ثمار تضحياتها ولم تجني ثمن دماء أبنائها التي سالت في ساحة التحرير, وربما هي أسرع ثورة في التاريخ تجد نفسها في هذا المأزق ولا تكون سوى جسر لعبور الآخرين.
لقد ظهر واضحا إن ثورات الإنترنيت, وإن هي أفلحت في الإطاحة بالسلطة الغاشمة لكنها تترك الدولة في اليوم التالي عرضة لأن تلتهمها القوى المنظمة فعليا والتي تملك عمقا فكريا وتماسكا تنظيميا وتمويلا وعلاقات دولية وإقليمية متشعبة تؤهلها للوقوف بجدية أمام قوى الثورة الشبحية الإنترنيتية.

لقد قال الشعب المصري –لا- وبيقين واضح للناس من خارج التيار الإسلامي ولم يقل في الحقيقة نعم بنفس اليقين للتيار الإسلامي. قد يبدو الأمر لأول وهلة وكأنه تلاعب بالألفاظ لأن المعنى سيبقى بالنتيجة واحد وإن اختلفت طريقة القراءة, لكن ذلك ليس صحيحا البتة, فالناخب المصري كان جرب جبهة الخاسرين لأكثر من ستين عام ولكنه لم يجرب جبهة الرابحين , وقد يكون الأمر بالتالي تعبير عن خيبة أمل في تيار أكثر مما هو تجسيد مراهنة على أمل لدى تيار آخر.

أما النَعَم التي قالها الشعب المصري فهي باعتقادي - نَعَم غفلة - عن إدراك أن الانتخابات كانت بإتجاه حسم هوية مصر الثقافية وانتمائها الحضاري ولم تكن في حقيقتها من أجل لقمة الخبز والحرية, لأن الشعب المصري كان قد خاض معركة بعناوين مخفية هي غير تلك التي قرأ من خلالها حقيقة الانتخابات. هذا الشعب كان قد أفقر إفقارا كبيرا بحيث باتت ملايين كثيرة منه تسكن في المقابر وتعيش على الكفاف حيث تعطل فيها الأمل وأمتهنت كرامتها وإنسانيتها وسرقت ثرواتها, وقد أوصلها ذلك إلى حالة فاقة وجوع ومرض وصارت بحاجة إلى خطاب يتعامل مع غرائزها لا مع عقلها وطموحاتها.
وكان التيار الإسلامي قادرا على أن يؤسس خطاب الغرائز ذاك على عكس التيارات العلمانية التي كانت تتحدث بخطابات فكرية وسياسية ومناهج فلسفية وثقافية ذات أفق لم يعد الناخب المصري مؤهلا للنظر إليه أو من خلاله.. لقد كان ذلك أشبه بالطلب من رجل أمي للدخول على الفيسبوك بدلا من الذهاب إلى الجامع حيث انتظره الإسلاميون, أو بالطلب من رجل ضرير شرح ما يعنيه رسم لبيكاسو.
لقد أدت سياسات العهود المصرية السابقة إلى أن يصل الشعب المصري إلى حالة إفقار وخواء مما جعله مهيأ للقبول بخطابات تتعامل مع الحد الأدنى من حقوقه المطلبية, وبينما كانت الحركات السياسية تدبلج خطاباتها السياسية والفكرية وتلمع ثقافاتها فإن التيار الإسلامي السياسي توجه للتعامل مع خطاب الفاقة والحاجة فأنشئوا الجمعيات الخيرية والأسواق المخفضة الأسعار والأفران والمخابز بأسعار الكلف والمراكز الصحية التي توفر العلاج والدواء المجاني.
صحيح أن هذا التيار كان يغذي تلك المشاريع بأموال تدفقت عليه من السعودية, الأقرب إلى الإخوان المسلمين من كل بلدان العالم, ومن قطر عاصمة الربيع العربي !, لكن الصحيح أيضا أن الإخوان حاربوا بسلاح الدين الذي غالبا ما يصبح في فترات الفاقة والجوع وفقدان الهوية والانتماء ملجأ يتجه إليه الناس للحصول على خير الآخرة الآجل, بعد أن عجزوا عن الحصول على خير الدنيا العاجل, ويمكن أن يقال أن التيار الإسلامي قد حارب بسيوف من خشب لكن المؤكد أن الجانب الآخر لم تكن لديه حتى تلك السيوف.
إن الأرقام في الانتخابات المصرية الأخيرة وخاصة بالحجوم التي جاءت عليها والأهداف الحقيقة التي أتت من أجلها هي بحاجة إلى قراءات مفتوحة وغير تقليدية أبدا, قراءات من شأنها أن تحفز القوى الديمقراطية الحقيقية على أن تجد طريقها نحو المستقبل بدلا من أن تلقي بعجزها وأخطائها على الآخرين من دول وحركات سياسية.
ومنذ مطلع التاريخ ونشوء الدول لا توجد دولة معزولة عن تأثير وتدخل جيرانها بمستويات مختلفة وسيكون لأهلها قدرة القرار الوطني المستقل فيما لو تبينوا الطريق إليه, ومنذ أن نشأت الديمقراطيات فإن المقترعين لا يتوجهون لإنتخاب سياسات وعقائد وإنما لإنتخاب حاجات ومطالب, أما القوى السياسية فهي التي يجب أن تتفنن لإستعمال ما هو مطلبي من أجل ما هو سياسي.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتيال المالكي.. قصة الكيس وفئرانه الخمسين
- العلمانية.. إنقاذ الدين من ساسته ومن كهنته
- إلى اخوتنا في صلاح الدين.. (3)
- إلى إخوتنا في صلاح الدين... 2
- لا يا إخوتنا في صلاح الدين.. حوار لا بد منه.. (1)
- رسالة إلى المحترمين خبراء النفط العراقي*
- التحفظ العراقي.. كم كان صعبا عليك يا هوشيار تفسيره
- علاقة البعثيين بفدرالية صلاح الدين*
- ليس بالفدرالية وحدها يتجزأ العراق
- ماذا قالت كونديليزا رايس عن الحرب مع العراق
- حينما صار أعداء الفدرالية أنصارا لها
- من سايكس بيكو إلى محمد حسنين هيكل.. قراءة جديدة للتاريخ
- ثقافات سياسية تائهة
- سوريا, العراق, البحرين.. رايح جاي
- سوريا.. استأثر حاكمها فأساء الأثرة وجزع شعبها فهل سيسيء الجز ...
- التسامح وصِلاته الدينية
- ستلد الطائفية نهضة حينما تلد القرود أسودا
- المشي مع السلاحف أم الركض كما الغزلان
- حسن العلوي والدولة الكردية.. بين قوة الضعف وضعف القوة
- النجفيان الدمشقيان.. الجواهري وجمال الدين


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جعفر المظفر - الانتخابات المصرية.. بين المطلبي والسياسي