|
نمنحك مُهلة ليُحصي كلابُك قتلاك!
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 3572 - 2011 / 12 / 10 - 16:45
المحور:
حقوق الانسان
تلتقي جزاراً فيـُقسم لك انه ليس مسؤولا عن الذبائح في دكانه! وإذا كان وقحاً كبشار الأسد حدَّق في عينيك أو في كاميرا للتلفزيون الفرنسي زاعماً أن الذبيحة أتته طواعية، ورَقَّ قلبـُه لها وهي تتأوى من الآلام، فطبيب العيون لا يتحمل مشهدَ الدماء!
جامعة الدول العربية ليس لديها في مقرها القاهري آلة حاسبة صغيرة تحتوي على جدول الضرب، لذا لم يعرف وزراء الخارجية العرب ومعهم نبيل العربي كيفية حساب عدد الشهداء في أسبوعين وهي المهلة المحددة قبل تجديدها مرة ثانية استعداداً لمنح الارهابي في دمشق مهلة ثالثة. أتفهم تماما صعوبة حساب عدد الشهداء في كل يوم، فالسادة في جامعة الدول العربية ينتظرون حتى تعلن وكالات الأنباء العدد الاجمالي مرة في كل شهرأو اثنين!
الغريب أن المتفرجين العرب والغربيين وروسيا والصين منشغلون ببيان يتم تجهيزه خلال الغارات الجوية القادمة على سوريا التي يعرف الجميع أن سماء دمشق تتفتح لها بمقاطــعة شركات الطيران العربية، فالستار سيـُرفع قريبا، وبيانات الشجب ستحتوي على فقرات متشابهة مع كل بيانات الادانة الجوفاء: إننا نحذر من المساس بالمدنيين! لماذا لا نتكاتف في عملية كبرى لازاحة النظــام السوري شريطــة أن لا تتدخل دولة مجاورة أو حلف الناتو أو مغامرون من دول أخرى سيخلطون الأوراق لتتحول المقاومة ضد الأسد إلى صراعات طــائفية؟ تحرير سوريا من الداخل، أي بواسطــة ابناء الشعب في خطــة مُحــْكــَمة، وموعد محدد، ونزع مشاعر الخوف من صدور الجنود وأبناء الشعب، خاصة في دمشق، الذين يخشون فشل المظاهرات في مواجهة أجهزة القمع، يمكن أن يكون مقدمة لسقوط النظام برمته، واكتشاف الخائفين والمترددين أنه ككل أنظمة القمع والبغي مصنوع من خيوط العنكبوت أو أوهن منه؟ ليس لديَّ أي ثقة أو أمل في جامعة الدول العربية، ولو قام نبيل العربي بتحويلها إلى سوبرماركت أو محل لبيه الهوت دوج فربما تكون أكثر فائدة، أو على الأقل لن تضر مصر أو العالم العربي.
الحل في قناعاتي الشخصية ليس وضع شعار لكل مليونية تتفرق بعد صلاة الجمعة، ثم يعيد الأمن قتل بعض مشيعي الشهداء، ليستعد الشعب السوري بعدها لتقديم ثلاثين شهيدا يوميا حتى الجمعة التالية. لابد من خروج كل السوريين، وأنا على يقين من أن مئات الآلاف الذين يخرجون إلى الساحات لتأييد بشار الأسد ليسوا أكثر من أناس تم جلبهم بالتهديد، والوعيد، والخروج الالزامي من المدارس والجامعات وأماكن العمل فضلا عن قوات الجيش والأمن بملابس مدنية، فالخوف يصنع ثورات مضادة توحي للساذجين أن الطاغية تحشد له القلوب مناصرين، وهل هناك جزار مستبد في التاريخ لم يخرج لتأييده نصف أفراد الشعب؟ ألم تكن الجماهير المهووسة بالهتاف لنيكولاي تشاوشيسكو هي نفس الجماهير التي لعنته في ذات اليوم .. والساعة، وربما دقائق بعد مظاهرات الحب في بوخارست؟
بشار الأسد وكلابه أضعف من فئران مريضة، وقوتهم في ساديتهم العنيفة، وخوف الناس ناتج عن المشهد المترسب في الخيال عن قسوة أجهزة العنف والدم، فكل رجل أمن وعسكري وضابط في سوريا، إلا القلة، هو دراكيولا مستقل بذاته. تأجيل، وارجاء، وتردد الجماهير السورية في الانتفاضة والعصيان وخروج الشعب كله يرجع أيضا إلى الخوف من الطــائفية، فسورية قوية بطوائفها المتسامحة، فإذا انصهر السني والعلوي والشيعي والدرزي والكردي والأرثوذكسي والماروني والانجيلي والجعفري واللاديني في بوتقة واحدة فالوطن بخير، أما سورية الضعيفة، التي تستبدل طاغية بمستبد، وسفاحاً بجزار، وشبيحة ببلطجية، ومتشددا بمتعصب فهي التي تـعلن طوائفها في الأزمات عن أيديولوجياتها بعد التحرير من الأسد وكلابه. هل ستستقطب إيران وحزب اللــه والسعودية والأردن وإسرائيل وتركيا والعراق و مسيحيو لبنان وأمريكا والغرب ومصر والإخوان المسلمون جماعات في سورية ما بعد الأسد لترى بعيونها المشهد السوري، وتــُحـَرِّك بعض قطـع الشطرنج كيفما شاءت لها مصالحها؟ هذا يتوقف على مدى تماسك السوريين في قالب واحد لا يستطيع أحد أن ينزع عنه فرقة أو جماعة مهما صغرت، ومهما كانت قوة الجماعة الأم في الخارج. سوريا تحتاج إلى يوم واحد فقط تتحدث عنه كل وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الغربية والعربية والاسلامية قبل موعده بوقت كاف. يوم واحد فقط يدعو السوريون أبناء الجيش وأجهزة الأمن للوقوف معهم، والانفصال عن النظام الدموي العفن، والوعد باذهبوا فأنتم الطلقاء شريطــة المشاركة في اليوم المذكور. يوم واحد فقط يراه كل سوري بمنظوره الخاص فلا يتصادم مع غيره، فهو مظاهرة، وانتفاضة، وعصيان، وثورة سلمية، ومحاصرة أقسام الشرطــة، والتوجه الملاييني لقصر الرئاسة. يوم واحد فقط يــُربك أجهزة الأمن، ويخيف الواثقين من سقوط الأسد أن حساب الشعب لهم عسير إذا لم يقفوا معه في هذا اليوم، وأن التسامح مع القتلة والمجرمين ومناصري الارهابي بشار الأسد محصور فقط في اليوم المذكور، وهي فرصة لا تتكرر تحت أي ظرف، فبشار الأسد سيسقط في مهلة لا تزيد عن ثلاثمئة شهيد آخرين، والشعب المسالم الأعزل الآن لن يعطــي للوطن شهداء بدون ثمن، وسيدفع الذين ظلموا الثمن غاليا عندما يبدأ السوريون في مرحلة الدفاع عن النفس خلال ثورتهم المباركة. ساديو النظام المتلذذون برؤية مشاهد الأطفال الممزقة أجسادهم وعيونهم، والذين يجوسون على الإنترنت مدافعين عن القاتل، وموجهين الاتهامات للضحية، هم في نفس الخندق مع أعداء سوريا، وربما كانوا مدفوعين من أجهزة الأمن الإسرائيلية. سوريا ستتهاوى إذا تهاون العرب والأحرار في التخلص من نظام الأسد، والمهلة المتجددة من جامعة الدول العربية ليست أكثر من التعاون مع حفاري القبور لايجاد مكان تحت الأرض لشهداء سوريا الأبرار. لعنة اللــه على كل من لا تتمزق شغاف قلبه حزنا وكمدا وأسفا على سوريين كل ذنبهم أنهم خرجوا بصدورهم يهتفون ضد مصاص الدماء البعثي .. جلاد الأبرياء. لم يعد هناك وقت للنقاش، والجدال، وضياع الوقت في اقناع شبيحة الانترنت أن الشعب هو الذي يثور، وليس جماعات ارهابية تقوم بتصفية السوريين قبل أن تأتي قوات بشار الأسد وتـُطـَّــهـِر المدن من الخارجين على القانون. الجيش السوري سيحمل عاره وسيورثه أبناءه لعشرات السنوات، وأجهزة الأمن سيعرف ضباطــها نهايات لم يتعلم منها الطــغاة وكلابهم. فكرتي تنحصر في تحديد يوم واحد، ومن الأفضل أن يكون يوم جمعة، ويتم التركيز على دمشق، فالنظام سيسقط في العاصمة وليس من أي مكان آخر، والقذافي لم يسقط في بنغازي أو طبرق، والجنرال التونسي لم تسقطــه الحمامات وسوسة وبنزرت، ومبارك خلعه قلب القاهرة .. ميدان التحرير. شعار اليوم المحدد لن يخرج عن ( اليوم الأخير لسفاح سوريا)، ولا يعود إلى بيته أي سوري قبل أن يهرب الديكتاتور، أو يقبض عليه أحرار، أو يخرج من جيش العار شرفاء ينقذون سوريا من أي تدخل خارجي أو مساعدات أجنبية أو متطوعين للدفاع عن طوائف معينة، أو فتح الحدود للمغامرين من دول الجوار. لقد تأخر كثيرا البيان رقم واحد، والثقة في جامعة الدول العربية كارثة أخلاقية، وسذاجة كأن أصحابها لا يفقهون ألف باء السياسة وتاريخ الجامعة من عصمت عبد المجيد إلى عمرو موسى ثم نبيل العربي. أيها السوريون الأبطال، ارحموا قلوبنا فهي تضعف، وتتفتت، وتمرض مع كل يوم نــُحصي فيه شهداءكم، ونلعن زمن الأسدين، الأب والشبل، فلا تجعلوا قاتل أولادكم يخرج آمنا، أو يجدد عهد الدماء بمراقبين من جامعة الدول العربية. الشيء الذي ربما لا تعرفونه هو أن بشار الأسد تطارده الكوابيس، ويرتعش في فراشه، ويتبلل سرواله، ويلعن يوم أورثه والده ومجلس الشعب حــُكم سوريا، فلا تخشوه، وتوكلوا على اللــه، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!
محمد عبد المجيد طائر الشمال أوسلو في 10 ديسمبر 2011 [email protected]
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار بين سلفي و .. قبطي!
-
سكوت، فالمشير سيتكلًم!
-
رسالة إلى الرئيس التونسي منصف المرزوقي
-
صندوق الانتخاب هو الثورة المضادة!
-
إسلامك ناقص بتحريمك الموسيقى على أذنيك!
-
الجنرالات لا يعتذرون .. الشباب لا يخافون!
-
رسالة من ثائر مصري إلى أُمِّه!
-
لماذا لا تنضم البحرين إلى دولة الإمارات؟
-
من يصنع ذاكرة الشعوب؟
-
لا تحاول أن تفهم المشهد المصري!
-
الثورة بين مصيدة المليونية و .. عبقرية الاعتصام!
-
رسالة مفتوحة إلى المشير طنطاوي!
-
الانتخابات التشريعية ثورة مضادة
-
محاولة لفهم وحشية الليبيين!
-
رسالة مفتوحة من الرئيس غير المخلوع
-
مقتل الأسد .. أقصد عبد الله صالح .. أعني القذافي!
-
الإصلاح يبدأ من نزع القداسة
-
لماذا لا نتخلص من الأقباط و .. نستريح؟
-
أفكار في استرجاع ثورة مسروقة
-
الحمد لله .. كان كابوساً!
المزيد.....
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|