|
ديمقراطية فيها الإخوان أفضل من إستبداد فيه الإخوان أيضاً
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3571 - 2011 / 12 / 9 - 20:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لو طلبت من النشء في مصر و العالم أن يتعلموا خصلة طيبة من السلطة القائمة في مصر - و أعني بالسلطة هنا النظام الحاكم الذي أسسه مبارك و لازال يحكمنا لليوم - فإنني لا أجد شيء طيب يمكن أن يتعلمه النشء من السلطة سوى صفة ، أو خصلة ، الإصرار ، و عند الإصرار أقف ، لأن ما أتمناه من النشء هو أن يكون إصرارهم على الحق ، و على تحقيق طموحات طيبة تنفعهم و تنفع مجتمعاتهم ، لأن إصرار السلطة إنما هو إصرار على الباطل و الأخطاء و الكذب . مثال على ذلك : إصرار السلطة على تخويف جماهير الشعب المصري من فوز الإخوان بالإنتخابات التشريعية التي بدأت في الثامن و العشرين من نوفمبر 2011 ، و هي الحملة المستمرة حتى وقت بداية كتابة هذا المقال ، بعد ظهر الجمعة التاسع من ديسمبر 2011 ، و أنا أذكر تاريخ كتابة المقال في داخل المقال لأسباب عدة بعضها أمني ، و كذلك لضرورة إيضاح ظروف كتابة المقال . قبل الإسترسال في الحديث أجد إنه من الواجب علي أن أقف وقفة قصيرة أوضح فيها أمر هام للغاية ، و هو أنني شخصياً شخص مسلم مؤمن ، و حزب كل مصر ، الذي أنتمي إليه ، يعتبر أن الإسلام هو أحد الركائز التي ترتكز عليها سياسة الحزب ، و هذا واضح في الوثيقة الأساسية للحزب ، و التي خرجت من السر إلى العلن في العاشر من أكتوبر 2007 ، و نشرت رسمياً في اليوم التالي ، الحادي عشر من أكتوبر 2007 ، و توجد منشورة كذلك تحت عنوان : هذا هو حزب كل مصر ، و تاريخ النشر هو الحادي عشر من أكتوبر 2007 ، و أرجو العودة للوثيقة للإطلاع على موقف الحزب من الإسلام و الأديان الأخرى بتفصيل أكثر . ما نختلف فيه مع الإخوان هو فهمنا للإسلام ، بعيداً عما هو أساسي في الإسلام و يتفق عليه أي مسلم ؛ و كذلك نختلف مع الإخوان في الميادين السياسية و الإجتماعية و الثقافية و الإقتصادية ، و الإختلافات في هذه الميادين الأربعة - على وجه الخصوص - كثيرة ، و بعضها عميق للغاية . بعد هذا الإيضاح الذي أعتبره ضروري جداً لأنه يلغي فكرة إحتكار أي تيار سياسي أو ثقافي أو إجتماعي للإسلام ، أعود لتفنيد حملة السلطة ، التي إشتدت في هذه الآونة لتخويفنا من فوز الإخوان بالأغلبية في البرلمان القادم ، و هي الحملة التي تريد بها السلطة أن نتحالف معها ، و نصبح مثل الموسويين و البرادعيين ، و الذين هم في الحقيقة جزء من السلطة . علينا أن نسأل بعقلانية ، و بالتالي بحيادية باردة ، بعيدة عن العواطف : ما هو بديل الإستمرار في العملية الديمقراطية ، و التي من أهم أسسها الإنتخابات البرلمانية ؟؟؟ البديل هو إستمرار السلطة الحالية ، و التي هي إمتداد لنظام مبارك ، و كذلك تقويتها . فهل نحن حقاً راغبون في بقائها بأي شكل ؟ أو : هل نحن فعلاً نريد أن نعيش في ظل النظام الحاكم الحالي ، حتى لو رفع لافتة أخرى ؟؟؟ مشكلة النظام الحاكم الحالي إنه لم يفهم الآتي : النظام الحاكم الحالي يبدو إنه لا يعلم أن شعبيته قد تآكلت و وصلت إلى الحضيض ، بل إنتهت ، و أن الأغلبية الصامتة - التي يدعي تأييدها له - ذهبت للإنتخابات في تسع محافظات ، و لم تعره إهتمامها فالشعب ينظر له حالياً على إنه إمتداد لنظام مبارك ، و الذكريات الحالكة لحكم مبارك لازالت حية في الأذهان ، فسقوط مبارك لم يمر عليه بعد عام واحد . لقد كانت فترة الشهور التسعة التي مرت على سقوط مبارك ، و التي تقترب من إتمام العشرة ، كافية لإيضاح الحقيقة ، و إزالة الغشاوة عن عيون من لم يشاركوا كاتب هذا المقال رأيه و الذي ذكره مبكراً في مقال : هل قرروا البقاء لمدة غير محددة ؟ ، و كُتب و نشر في الخامس عشر من فبراير 2011 ، و في رسالة صوتية منشورة في يوتيوب بعنوان : تمثيلية المجلس العسكري لن تخدعنا ، و توجد في قناة حزب كل مصر في يوتيوب : allegyptparty . عشرة أشهر تقريباً رأي فيها الشعب إستمرار الحكم بقانون الطوارئ ، و التعذيب ، و هتك الأعراض ، و التقاعس عن محاكمة مبارك و أعوانه ، و عدم محاكمة قتلة حوالي خمسون و ثمانمائة شهيداً ، و إستمرار حملة تشويه الثورة ، و إتهامها بأنها مؤامرة ، و صناعة أجنبية ، مرة أمريكية و مرة إسرائيلية ، برغم الصداقة الحميمة التي تجمع مبارك و النظام الحالي بالدولتين المذكورتين . عشرة أشهر تقريباً سعى فيها النظام الحاكم الحالي لإشعال الفتنة الطائفية ، حتى قبل مرور شهر على توليه الحكم ، فأحرق مساجد ، و أحرق و هدم كنائس ، و قتل متظاهرين سلميين . عشرة أشهر تقريباً لم يتحرر فيها الإعلام ، و لم تطلق فيها حرية الكلمة . كيف للشعب أن يقبل إستمرار نظام لم يتورع عن إهراق دماء بعض أفراده في مؤامرة للسلطة مع بعض التنظيمات الشبابية العميلة لقتل إثنين و أربعين مواطن ، في محاولة من النظام الحاكم لعرقلة الإنتخابات ؟؟؟ و على المستوى الحزبي أسأل : كيف لحزب كل مصر أن يدعم نظام منع تأسيسه ، و منع مؤسسه - و أعني شخصي البسيط - من العودة إلى مصر و هدده بالإعتقال و التعذيب ، بل و بالإغتيال ، لو عاد إلى وطنه ، و تمادى فهدده بتلفيق تهمة له في الخارج ، برفض إنه لا توجد أسباب أخرى أهم بكثير من تلك الأسباب الحزبية المذكورة تمنعه من تأييد السلطة الحالية ؟؟؟ و على المستوى السياسي العام لنا أن نسأل : ما الذي جعل الإخوان يصلون إلى هذه الدرجة من القوة السياسية ؟؟؟ أليس ذلك بسبب الدعم ، و حرية الحركة ، اللذان حظوا بهما منذ أواخر عهد السادات ، و طوال عهد مبارك ؟؟؟ و ما الذي جعل كافة التيارات السياسية الأخرى ضعيفة ؟؟؟ أليس هو القهر الذي تعرضت له تلك التيارات طوال عهد مبارك الأثيم و لليوم ؟؟؟ ما أراه هو : أن السلطة تريد أن تستمر في ممارسة نفس اللعبة السياسية - الإجتماعية - الثقافية التي مارستها طوال عهد مبارك ، و هو دعم الإخوان ، مع منعهم من الوصول للحكم ، و إضاعف غير الإخوانيين مع الإدعاء بحمايتها لهم من الإخوان . أي أن المستقبل الذي تبشرنا به السلطة هو : حكم فاسد مستبد فيه يلعب الإخوان أكبر الأدوار خارج السلطة ، مع إبقاء غير الإخوان من خارج السلطة مهمشين ضعفاء . إنه إستبداد فيه الإخوان أيضاً يا من تخافون من الإخوان ، إذاً : أليس من الأفضل ديمقراطية فيها الإخوان ؟ إنني أرجو القارئ الكريم أن يراجع مقال لشخصي البسيط عنوانه : نعم للديمقراطية و لو فيها الإخوان ، و سحقاً للإستبداد أياً كان ، و كتبته و نشرته في السادس و العشرين من يوليو 2011 ، و أرجو الإلتفات لتاريخ المقال ليلاحظ القارئ الكريم أن حملة السلطة الحالية حملة قديمة ، عند المقارنة بعمر السلطة الحالية . إنها سلطة تتمتع بخصلة الإصرار ، و لكنه للأسف إصرار على الخطأ و الباطل و الأكاذيب . لا يوجد ما يجعلنا ندعم النظام الحاكم الحالي ، و لن نأسف على رحيله . نعم للديمقراطية الحقيقية الكاملة ، و لا بديل عنها أبداً ، و مرحباً بكل من يشارك فيها .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعتذار غير مقبول ، و القصاص سيكون بالقانون و في العهد الدي
...
-
لا للبرادعي ، و نعم للإنتخابات
-
شباب العمالة و الخيانة و الفشل
-
الهدوء الإيجابي من أجل فك التحالف القائم بين القيادة الإخوان
...
-
لنعمل جميعاً ، مسلمين و مسيحيين ، من أجل الوصول إلى النيل
-
كل ما يتعلق بالجيش يجب أن تقرره سلطة منتخبة بطريق ديمقراطي س
...
-
إيران ستتبنى هوية شيعية - فارسية
-
خمسون في المائة ميدان واسع في البداية
-
أولها كذبة ، و أوسطها مهزلة ، و نهايتها فضيحة
-
خطأ الأقباط هو إنهم صدقوا أن الثورة إكتملت
-
خطأ النشطاء الأقباط هو تصديقهم أن الثورة إكتملت
-
في التاسع من أكتوبر إنتهت مرحلة الخامس و العشرين من يناير
-
ليحمي الله مصر من حكامها الحاليين
-
إخلاصنا لشهدائنا يكون بتحقيق آمالهم لمصرنا
-
السجن أحب إلي من الموافقة على صفقة العار هذه
-
من إيه إلى زد مصريين
-
طنطاوي بدأ حملته الإنتخابية الرئاسية
-
ندين من الآن إعتداء السلطة على سفارتي إثيوبيا و الصين
-
الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يواكب في أهدافه و وظائفه ربيع
...
-
لا عودة للوراء ، مع ضعف مصري ، إذاً الكارثة آتية لا محالة
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|