أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - مشكلة الدجاجة .. وإشكاليات الديك














المزيد.....


مشكلة الدجاجة .. وإشكاليات الديك


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 3571 - 2011 / 12 / 9 - 19:50
المحور: كتابات ساخرة
    


فقسْتُ قبل قرون , من بيضة بلا ملامح . حاملا جينات الخضوع . يغطيني زغب ُ الوجَع . وكما هي الحال دائما , كنتُ ثمرة محرمّة للقاء عنيف , بين دجاجة مُغتصَبة .. وديك مجنون .
كان " القنّ ُ " كبيرا , حيثُ فقستْ . والطعام وفير . وثمة الكثير من الدفء .. والقليل من الحزن المعلن , الذي كان يهبط احيانا على القلب .. من ريش أمي .
وفي " القن ّ " دجاجات عدّة ٌ .. وديك ٌ واحد ٌ .
الديك ينفشُ ريشه ُ , ويقرع ُ طبول الحرب , دون ديوك ٍ عدوّة ٍ , ويغتصب ُ الدجاجات .. دجاجاته هو .
ومع انه الديك الوحيد في " مجتمع الدجاج " , الا انه لم يتمكن من اقامة علاقة طبيعية مع أية دجاجة . كان يركل من تصادفه بقدميه وجناحيه , ويغرس منقاره في رقبتها , ويبول ُ عليها .. كتجسيد وحيد لشغف لا حدود له , باللذة والسلطة .
كان البيضُ وفيرا . وجميعه ُ مخصّبْ . وكانت أمّي – الدجاجة تبيض ُ فوقي وهي ترتجف .. مع أنني لا أزال ُ في " طور الحضانة " , ومع أنها لم تغادر " مرحلة النفاس " بعد .
لم أكن ْ أدرك حينها , كيف يمكن للخصوبة أن تتزامن مع الخوف , داخل هذا " القن " العجيب . وكيف تتوافق ُ استمرارية " الوفرة " .. مع بيض ٍ يصادره ُ رجل ٌ يأتي من خارج " القن " , ويأخذ " الناتج " كله .. فلا يفقس ُ بعدها أحد ٌ غيري .
أخبرتني خالاتي الدجاجات فيما بعد , أن أمّي قررت , في لحظة طيش ٍ , أن تحضن إحدى بيضاتها في مكان سريّ من " القن " , وأن تجعل هذه البيضة تفقس عن " شيء ما " , مهما كلفهّا ذلك من " تضحيات جسام " .
وأخبرتني أمي – الدجاجة , فيما بعد , أن "عملية تفريخي " تمت بتواطؤ مع الديك , الذي كثفّ غاراته على الدجاجات الأخريات طيلة مدة الحضانة .
وعندما بلغت ُ " سن ّ الرشد " , إتضح لجميع " القوى الفاعلة " في مجتمع الدجاج , وبأكثر من دليل قاطع , بأنني لم أكن ديكا ً , بل كنت ُ دجاجة .
استشاط أبي – الديك غضبا ً . وترك جميع الدجاجات يمرحن . وأنهال على أمي إغتصابا ً .
دفعني هذا " العنفُ الأسريّ " إلى الأنزواء .
ومما زاد الأمر سوءا ً هو أن أبي – الديك , بات يرمقني بنظرات ٍ شبقة ٍ , لا تبعثُ على الأرتياح أبدا ً .
كنت ُُ وحيدة ًً داخل " القن " , ميالة ً إلى العزلة . أفكّر ُ في مشكلة الوجود والتواجد داخل مجتمع الدجاج , تارة ً , وفي إشكاليّة الكون خارجه , تارة أخرى .
وقبل ذبحها بأيام , أهدَتْ لي إحدى خالاتي النبيلات- العاقرات كتابا ً عن " فلسفة الأديان " .
ومن خلال هذا الكتاب تبيّن لي , بما لايدع ُ مجالا ً للشك , بأنني لم أكن في الماضي السحيق,
لا بيضة ً داخل دجاجة ,ولا دجاجة خارج بيضة .
لقد كنت ُ إنسانا – ذكَرا ً في " حياة سابقة " .
وحين قام " إخوتي " بقتلي , دون سبب , ورموا جثتي في البرية , ظلت ْ روحي هائمة في أرجاء الكون الفسيحة , باحثة عن جسد راغب بالتبني . فلم تجد أفضل من ذلك " القن " ,
وذلك السر , وتلك البيضة .. وتلك الدجاجة .
وفاقم هذا " الأدراك المتأخر " من عذاباتي .. ذكَر ٌ سابق ٌ , ودجاجة ٌ حاليّة ٌ , وديك ٌ مجنون .
حاولتْ أمّي – الدجاجة ُ طمأنتي . قالت أن عليّ أن لا أكشف عن مخاوفي من غزوات الديك الجنسية , وعن تفاصيل هتكه ِ للمحارم , أمام مجتمع الدجاج : إياك ِ يافرّوجتي العزيزة .. إن هذا الأمر جلل .. وان العواقب ستكون وخيمة .
وزيادة في " التحوط " .. ورفع درجة " اليقين " فأنها ستعملُ , مع خالاتي المبجلات , على فرض " مظلة حماية " ستكون قادرة على تفريغ أعتى موجات الشبق , وذلك من خلال " التوافق " على تقبل المزيد من صولات الأغتصاب الجماعي .. حتى لو تكالبت ْ عليهن ّ ديوك العالم بأسره .
غير أن " المشكلة " لم تكن في " إدراك " الدجاجات لمعضلتي " الفينومينولوجية " هذه .
ولا في " إدراكي " , أنا بذاتي , لأبعاد محنتي البايولوجية والوجودية .
كانت المشكلة تتجسد أساسا ً في " إدراك " الديك ذاته " لوضعه الجديد " .
لقد أصبح هذا الديك يواجه ُ " إشكاليات سلوكيّة " , لم تتمكن " منظومات القيم السائدة " في مجتمع الدجاج من ايجاد تفسير واضح ومحدد لها .
ان هذا الديك لم يعد يأكل بشراهة .. كما كان .
ولم يعد يصيح , بمناسبة ودون مناسبة .. كما كان .
ولم يعد قادرا ً على امتطاء دجاجاته السمينات , عنوة ً , .. كما كان .
ان هذا الديك – الشيخ لا يكاد يمارس أي شيء غير شرود الذهن , وإختلاس النظر إلى جسدي الناحل بعيون حمراء نصف مغمضة , وانتظار الفرصة السانحة للأنقضاض علي ْ .
وليس هناك ثمة مخرج من هذه المحنة عدا إقناع الديك بأنني إنسان ٌ- ذكرٌ , ولست ُ دجاجة .
ترى .. من يتمكن من إقناع الديك بذلك قبل فوات الأوان ؟؟؟؟
وماذا لو كانت هناك دجاجات أخريات , , يعشن ّ أوضاعا ً تتشابه مع وضعي , في مجتمعات دجاج أخرى .. وفي بيوت دجاج أخرى .. وفي مواجهة ديوك أخرى , أقل تعقلا ً وصبرا ً , وأكثر شراسة ً من هذا الديك بكثير ؟؟؟؟



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدور الأقتصادي للدولة في العراق : اشكاليات ومحددات التأسيس ...
- طغاة .. وكرنفالات .. وقبائل
- جنود أيلول .. قطارات سبتمبر
- تأبين ٌ متأخر ْ .. للمقهى البرازيليّة
- بغداد .. سينما
- الكتابة في درجة خمسين مئوي
- بين بغداد .. وضحاها
- توصيف النظام الاقتصادي في دساتير الدولة العراقية 1925-2005
- البيان الأخير لحوت العنبر
- الأداء الأقتصادي للقطاع الخاص في العراق :(الخصائص والمحددات ...
- العراق والكويت والولايات المتحدة الأمريكية : مأزق الملفات ال ...
- القراءة الخلدونية ( حكايات جديدة لأطفال ٍ في الستين من العمر ...
- قلب ٌ وحيد ُ الخليّة
- مملكة العراق السعيدة
- الأمل ْ .. أوّل ُ من يموت
- تفاحة ُ الأسى
- القطاع الخاص وأنماط التشغيل في العراق ( أبعاد المشكلة وإشكال ...
- الحزن هنا .. فوق قلبي
- - فوضى هوبس - : الفرد الخائف .. والدولة التنين .
- أحزان مستلة .. من الفرح القديم


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - مشكلة الدجاجة .. وإشكاليات الديك