أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نضال نعيسة - بابا نويـــــل















المزيد.....

بابا نويـــــل


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1058 - 2004 / 12 / 25 - 05:16
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


بهرني وأدهشني ذاك التدفق الهائل والهادر من العواطف البريئة والجياشة المتدفقة بكل صدق وعفوية وبراءة من باقة من البراعم والأطفال تجمهرت حول شخصية" بابا نويل" في ميدان عام وكان يبتسم ويوزع لهم الهدايا. وكانت الأيادي والسواعد والأكف الجميلة الصغيرة تمتد إليه محاولة مصافحته أو الحصول على أي من هداياه الرمزية البسيطة,فيما كانت الرائعة الصغيرة رولا تعانقه في حالة ولع صوفية, وكان الجميع في حلم ومشاعر جياشة تكتنفها السعادة والفرح والسرور.وتساءلت في نفسي ماالذي يجعل هذه البراعم الحلوة والبريئة تتعلق بهكذا شخصية تصل الى حد الوله والهيام والقداسة والتعلق والعشق المطلق؟

وتمر في هذه الفترة من كل سنة مناسبة الإحتفال بأعياد الميلاد وراس السنة الميلادية حيث تتجلى بالكثير من الطقوس والنشاطات والإحتفالات .وهو يوم ينتظره الغربيون بشكل خاص بكل شوق وفرح ويجتمع الأحباب والأصحاب والخلان فيه ويتبادلون التهاني والتحيات والتبريكات و"الأنخاب" والتمنيات بعام جديد.ومع تقدم العولمة وانتشارها وتسللهاخلسة وببطء حتى إلى أعتى قلاع التحجر والظلام, أصبحت هذه المناسبة ظاهرة كونية عولمية شاملة,من شمال الكرة الارضية الى جنوبها برغم تحفظ "البعض" الشديد على هكذا بدع تنقض "الثوابت"السرمدية عند الجامعة العربنجية.وهناك بعض الدول الإسلاميةأصبحت تعتبرها عطلة رسمية مدفوعة الأجربالكامل.
وبرغم أن الكثيرين يقفون وبصرامة تصل الى حد التكفيروتغيير المنكر باليد ضد هكذا ظواهر "دخيلة"على "ثوابتنا"العابسة,فانها تتقدم وباطراد واضح خلال السنوات الماضية التي شهدت ذوبانا للحدود الثقافية والفكرية والجغرافية لبني البشر أجمعين وأصبح العالم يتفاعل معها بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ.
قصة بابا نويل, او سانتا كلوز, مستمدة من قصة أسطورية لقديس اسمه نيقولاوس وهو اسقف "ميرا" الذي عاش في القرن الرابع الميلادي حيث لم تكن أوروبا تنعم بما هي عليه الآن من رقي وحضارة وتقدم ومدنية .ويقال أن المطران نيقولاوس هذا كان يقوم ليلا بتوزيع الهدايا والمؤن للمحتاجين والفقراء وعائلاتهم دون أن تعلم هذه العائلات من هو الفاعل.وطبعا القصة برمتها خيال, وحلم للتعويض عن واقع معاش ,ومحاولة بالتالي لنسيانه وتجاوزه ولولساعات.

أما فيمايتعلق ببابا نويل وهي تعني بالفرنسية"أبو الميلاد" حيث يتخيل الناس بابا نويل شيخا حسنا مبتسما ذا لحية بيضاء ناصعة كالثلج, تعكس الفترة الزمنية من السنة التي يأتي فيهاهذا القديس المجهول بابا نويل, وهو يرتدي ملابس حمراء تعكس أيضا قوة الحياة,واندفاعها,ويصور على أنه صاحب جسم قوي, راكبا على عربة سحرية تجرها غزلان محملة بالهدايا ,أوأنواع الحلويات الأخرى التي يحبها الأطفال كثيرا, ليتم توزيعها على الأولاد أثناء هبوطه من المداخن أو دخوله من النوافذ,وشقوق الأبواب, وهم نائمون يحلمون بهذا اليوم وعطاياه الطفولية البريئة .وكثيرا ماكان الوالدان يعمدان إلى وضع هدية ,أو لعبة, أو حلوى من أي نوع عند رأس الأطفال وهم نيام ليشعورهم بأن هذا القديس الرائع الجميل لم ينسهم في ليلة العيد تلك, وزارهم برغم البرد ,وعواصف الثلج,وقسوة الطقس.وهذا مايشعر الطفل بأنه ذو قيمة خاصة وأن الآخرين يهتمون به ويسعون لإسعاده وبذلك تكتمل في عقله الباطن وشخصيته لوازم ضرورية لا بد منها للنمو السايكولوجي الصحي والطبيعي. ومع أنها حكاية أسطورية, غير أنها تسعد الأطفال دائما مع الأمل والفرح الذي تجلبه لهم.ويفضل الناس والأطفال عموما تصديق هذه الحكاية, رغم عدم واقعيتها, وجنوحها للخيال.ومهما تكن القصة عموما فهي في المآل نوع من المحاولة السايكولوجية البحتة لخق حالة من الأمل والرجاء والتفاؤل والتطلع بأن الغد سيحمل معه كثيرا من الأشياء الحلوة والجميلة, يحملها أناس طيبون لا أشرارنصابون وفجار.وما علينا سوى العيش بشكل طبيعي وترقب تلك اللحظات الحلوة القادمة بدل الجلوس والشكوى والنواح وانتظارعزرائيل ملك الموت المرعب الذي سيأخذنا الى مصير مجهول ويمعن في عذاب القبر وجر الويلات لوتجرأ أحد وحلم بأية أحلام لا تروق لأي كان. وهذا كلام ليس للمبالغة والتهويل وقد رأيت بأم عيني هذه التي أكلها الحزن ومظاهر البؤس والهوان, وبصدق, بعض الناس المحافظين والطالبانيين ومعهم اطفالهم يصطفون في ذلك المشهد الاحتفالي المهيب .إذن إنه الأمل وهو الإيحاء الواضح والقوةالدافعة(impetus), بأن الغد سيكون حتما أفضل وأجمل وما عليكم سوى انتظاره.,وهو أيضا ما عبر عنه أاحد شعراء الضاد الذي كان على مايبدو يعيش في واقع مظلم, وبائس, ومحبط أسود, ومن الممكن للجميع ولذوي الألباب المتواضعة, وببساطة ومن معرفتهم بالواقع "الناصع"لهذا المتعوس ان يتكهنوا بنوعية"الأمل" الذي كان يحلم به حين قال:
أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الامل

وحاولت جاهدا ان أفكر بكل "الباباوات النويلياتية" المنتجين محليا الذين اعرفهم و تكتنزهم ذاكرتي المنهكةوالمتعبة من صور البؤس, والظلام, والقهر,والدمار, ووأد الاحلام , و"العزا والشحار", كما تقول المثال الشعبية.ونبشت عن أي بابا ,أوماما, أوعم ,أو خال, أو حفيد, اوقريب,أوشبيه,أومشتبه به, أو صهر" نويل" لدى قبائل الدواحس والغبرائيات وحروب البسوسيات الأبديات المجنونات, وعاشقي ومزاولي العبوسيات والتجهميات والبكائيات .ولماذا لا يكون لدينا رمزيات وشخصيات باسمات وضاحكات كريمات تنشرظلال الخيرالوارفة والبسمات والضحكات فوق هذه الأصقاع الكئيبة الجرداء؟ وكل ما نتلقاه من هدايا وعطاءات وعلى مدار السنوات والأيام هو فرمانات صارمات, وقراقوشيات صادمات, وتهديدات صاعقات بالمصائب و"البلاوي" السوداوات والزرقاوات. وقصص عن الجن, والعفاريت,والقرود السود, والشياطين والأبالسة,حتى صارت النفسيات مضطربة و"خايسة". ولماذا لانرى إلا "السحنات" العابسات والكالحات والمكفهرات والمتجهمات والغاضبات, وحين يحاولون تصنع و"فبركة" الإبتسامات في المؤتمرات, والتجمعات, واللقاءات المنافقة إياها والمعروفات, تأتي صفراوات, ومصطنعات, وفاترات. ومفضوحات, وتخفي وراءها كل ألوان الحقد والغل الأسود والتربص والترصد والتآمر والمكر والخداع و"الزوغان"؟ولماذا كل" باباواتنا"المعروفين لا يثيرون إلا الرعب والخوف والهلع والقنوط والسخط والتشاؤم؟وكل الصور المختزنة في الذواكرمافيها إلا السيافين, وحملةالبلطات, وزهقةالأرواح , وقًًَََطَََعة الرقاب, وبترة الأطراف العابسين المتجهمين, والدجالين, المكفهرين,الغلوائيين, والكاظمين الغيظ ,الغاضبين,الحاقدين,الحردانين, والمافيوزيين, وكبار اللصوص, والمختلسين الخبراء؟ وأما الأعياد الدينية,التي باركتها السماء, فقد حولها الفقر,والقلة, والإملاق إلى أيام رماديات عاديات و باردات يعجز فيها أطفال الفقراء والبؤساء المنهوبين من شراء حتى الكعك و "القضامة"و"البوشار",أوالقيام بأية إحتفالات أومهرجانات أو غنائيات.وأما الأعياد والمناسبات الوطنية, والرسمية, فقد أصبحت ذكريات شؤم سوداء, ونكسات, وويلات جرت الويلات.ولمذا فشلنا وخلال هذا التاريخ الطويل والمديد من خلق شخصية يلتف حولها الجميع والكبار قبل الصغار, وتبعث فينا الأمل والتفاؤل والدفء والرجاء؟ولماذا يمر العمر كله تأبينات, وجنائزيات, وررثائيات, وحكايات عن الموت الزؤام, والفراقات, ودون ابتسامات ,أو ضحكات أو"بابا نويليات" يهبطون علينا ومن أية سماوات ؟ ولماذاوت؟............ولماذاوات؟..............ولماذاوات؟...................

بابا نويل............. Merry Xmas 2 U



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأوى العجـــزة
- أضغــاث أحـــلام
- البــدون
- الأمـــــوات
- -هرطقات عربنجية-
- صـــــــح النوم يامو
- يوم للذكرى
- المعصومون
- الحضاريون الجدد
- اللعب في الوقت الضائع
- الحوار المتمدن ........عفوا
- الثورة العالمية الثالثة
- سوق عكاظ .........الالكترونية
- اللعب مع الكبار
- الحلقة المفقودة في حلقة الاتجاه المعاكس
- الفرق الضالة..............سياسيا
- 2-2العلمانية والجهل
- شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة
- مثلثات الموت القادمة
- اوهام الاصلاح المستحيلة


المزيد.....




- من زاوية جديدة.. شاهد لحظة تحطم طائرة شحن في ليتوانيا وتحوله ...
- أنجلينا جولي توضح لماذا لا يحب بعض أولادها الأضواء
- مسؤول لبناني لـCNN: إعلان وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرا ...
- أحرزت -تقدمًا كبيرًا-.. بيان فرنسي حول وضع محادثات وقف إطلاق ...
- هجوم صاروخي روسي على خاركيف يوقع 23 جريحا على الأقل
- -يقعن ضحايا لأنهن نساء-.. أرقام صادمة للعنف المنزلي بألمانيا ...
- كيف فرض حزب الله معادلة ردع ضد إسرائيل؟
- محام دولي يكشف عن دور الموساد في اضطرابات أمستردام
- -توجه المحلّقة بشكل مباشر نحوها-.. حزب الله يعرض مشاهد من اس ...
- بعد -أوريشنيك-.. نظرة مختلفة إلى بوتين من الولايات المتحدة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نضال نعيسة - بابا نويـــــل