راما سالم
الحوار المتمدن-العدد: 3570 - 2011 / 12 / 8 - 15:39
المحور:
الادب والفن
في قريتي الصغيرة
الضيقة جداً
أهلي يؤمنون بالزوجات الأربعة
والعنقاء والخل الوفي
في قريتي الصغيرة
تؤمن عشيرتي
بأن الزواج عقد بين المتعاقدين
وأن الدين كفن لصيق
وأن الحرية دفعٌ للجزية
في قريتي تتلخص كل المشاعر الإنسانية
في رغيف خبز جاف
وجرعة ماء ملوث
في قريتي نحيا دون أن نتنفس
ونتحدث دون حروف
ونبكي دون دموع
في قريتي الصغيرة
كل الأوجاع تُلخص في
عصفور مسحوق الجناحين
وعش مفضوض
في قريتي لا تنبض القلوب
وإنما تنزف فقط
نعيش تحت التراب
لنعتاد رائحة الموت
في قريتي الضيقة
أهلي يعبدون الليل
ويعشقون الظلام
يصعدون الجبال
وينتظرون الهلال
ويتعاطون الكسل
في قريتي نحيا جميعاً معاً .. منعزلين
تفصلنا جدران الجهل
والظلم و برودة العوز
نحيا وطن الغربة
وغربة الوطن
في قريتي الصغيرة
نشهد أنه لا إله إلا الألم
في قريتي نبوح بكل أسرار القهر
ونخشى عفاريت الفكر
وأشباح الأحلام
"نُبخر" بيوتنا وحكوماتنا وعقولنا
حتى لا "يلبسها" الإبداع
في قريتي الضيقة
نلتقي ونفترق دون وداع
نتفق ونختلف ونتقاتل دون داع
في قريتي الصغيرة البسيطة
قد تقتلك فكرة
قد تهدم بيتك وحياتك
بل ومماتك .. "غنوة"
في قريتي
البعض جياعٌ عطشى
والبعض الآخر مرضى
البعض يخاف الليل ويخشى النور
والبعض .. البعض يثور
في قريتي
نتمتع بحقوق عدة
من حقك أن تصمت
وهذا حق مكفول دون قيود
حتى يأكلك الدود
من حقك أيضاً يا عزيزي
أن تعتنق دين أبائك والأجداد
من حقك أن تُدفن في قبر بارد
وتُغشى بتراب أو تُحفظ في صندوق
من حقك أن ترفع أعلام وفائك للسلطان
أياً من كان
من حقك أن تختار
من حقك أن تختار اسم صغيرك
( من بين أحمد ومحمد وصفاء)
وما أجمل هذه الأسماء!!
في قريتي الضيقة
لا يلعب الأطفال
لا يبكون ولا يصرخون
أطفالنا مهذبون
لا يتحدثون
ولا يبتكرون ولا يفكرون
أطفالنا أيضاً –بالمناسبة-
لا يحلمون
فالحلم عار
والعار يدوم
في قريتي الضيقة
أطفالنا مهذبون
وكبارنا .. مُدربون
في قريتي الصغيرة
الكل ينام حتى يفيق من الأحلام
الكل ينفض عنه بريق الغد
ويعدَ الأيام
في قريتي الصغيرة
نعبد الليل ونخشى النور
وختاماً : نحن جميعاً بخير
ولا ينقصنا سوى أن نثور !!
#راما_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟