|
ملحق الثورة الثقافي أو عالم اللا معقول!!ـ
لقمان ديركي
الحوار المتمدن-العدد: 1057 - 2004 / 12 / 24 - 08:33
المحور:
الادب والفن
ملحق الثورة الثقافي أو عالم اللا معقول!! اغفر لهم يا أبتي فإنهم لا يعلمون لقمان ديركي
بعد فضيحة ترجمة قصيدة محمود درويش من الإنجليزية إلى العربية على يد السيد أنيس مهنا ونشرها في ملحق الثورة الثقافي على يد السيد حسين عبد الكريم المشرف على الملحق ، والتي اكتشفها الناقد السوري المقيم في باريس صبحي حديدي ، بادرت صحيفة الثورة إلى ترقية المشرف على الملحق إلى مرتبة " مدير التحرير " كأول عقوبة يتم إنزالها بالمغدور عبد الكريم بعد ارتكابه لتلك الفضيحة ـ التي باعتقادي أنها تسيء إلى كل الشعب السوري بدون مبالغة ـ فبالنتيجة جريدة الثورة سورية وأنا سوري بالضرورة مقيم في دمشق وصبحي حديدي سوري بالضرورة أيضاً ولكنه غير مقيم في دمشق ، وأيضاً فأنا وباقي المواطنين السوريين ندفع رواتب السادة الموظفين في الجرائد الحكومية عندنا ولكن دون أن يكون لنا الحق في الاعتراض على هؤلاء الذين يقبضون من جيوبنا أولاً ومن أرواحنا ثانياً عندما نقرأ لهم ، لذا عليّ أن أقول للأخ الناقد صبحي حديدي أن الترجمة المذكورة مرّت على السوريين ـ المقيمين ـ مرور الكرام وذلك بسبب عدم قراءة أي كائن سوري لملحق الثورة الثقافي فلا داعي للاستغراب .
وفي العدد 441 ـ بتاريخ 21/12/2004 من ملحق الثورة الثقافي يتحفنا الملحق بصفحة شفافة وديموقراطية ورأياً ورأياً آخر ألا وهي الصفحة الرابعة التي يعيد فيها حسين عبد الكريم (مدير التحرير) نشر مقالة صبحي حديدي "ترجمة محمود درويش إلى العربية !" علماً أن اسم صبحي حديدي محجوب في الصحف السورية بسبب معارضته للنظام السوري ، وقد أخذت المقالة عن موقع (كلنا شركاء) السوري المحجوب أيضاً والموقع بدوره كان قد أخذ المقالة عن جريدة " القدس العربي " المحجوبة في سورية ولبنان (الشقيق) ، فهل هناك نقلة ديموقراطية في الإعلام السوري أكثر مما حدث على الصفحة الرابعة من الملحق ؟! .على الرغم من ذلك تم حذف وتعديل بعض الفقرات مع المحافظة على شتيمة محتملة " يا أبناء الـ ..." وذلك كي يتم استخدامها للرد على الحديدي ، إذ يقول حسين عبد الكريم في تعقيبه المنشور في نفس الصفحة :" والخطأ في الصحافة الأدبية ..ضرورة حوارية لا غنى عنها .. لكن الشتيمة بكل أحوالها وأشكالها قد تكون ضرراً وفعلاً بشعاً " ، فما رأيكم بهذه الحكمة ؟!
أما المترجم وهو شخص أسمع به لأول مرة ولو أنه أصبح مشهوراً الآن بفضل ترجمته الفريدة لقصيدة درويش صاحب قصيدة (سجّل أنا عربي) عن الإنجليزية! فيقول : ( حقيقة القصة " الزلزال " التي اكتشفها الزميل الحديدي ).
أولاً : مازال المترجم يعتقد أن هذا الخطأ عادي وبسيط بل ويسخر من استنكار الحديدي فيقول ساخراً " الزلزال " ! ، ثانياً : هذا الشخص المجهول يعتقد أيضاً أن صبحي حديدي زميله ، ولو عرف أن صبحي حديدي ينتمي إلى المعارضة لما تجرأ على ذكر اسمه حتى ، فالرجاء من الإخوة المخابرات عدم التعرض للمترجم المسكين واستجوابه كي يدلي بمعلومات عن " زميله " المعارض ، على مبدأ " اغفر لهم يا أبتي فإنهم لا يعلمون " وهي جملة معروفة للـزميل " سعد الله ونوس " !!!!!
ويعلّل ترجمته للقصيدة بـ ( لكن الأقدار جعلت شاعرنا الكبير يحصل على جائزة الأمير كلاوس الهولندية في نفس الفترة فتوقعت عن طيب قصد وليس عن براءة أن تكون القصيدة جديدة ، ولم ينشرها بعد المبدع محمود درويش في أحد دواوينه ويدل على ذلك أن الشاعر نشرها في مجلته الفصلية " الكرمل " بعد أن نشرت في ملحق الثورة بأيام ) .
إذاً المترجم (زميل صبحي حديدي) يوحي لنا بأن محمود درويش نشر قصيدته إياها في الكرمل نقلاً عن ملحق الثورة !!!!وأنا أعتقد أنه يقصد النسخة العربية من القصيدة والتي تصرّف فيها محمود درويش وأدخل بعض التعديلات على النص الأصلي الذي ترجمه " أنيس مهنا " !!
والمشكلة أن المترجم يتابع النقاش ويقول : ( وقد غاب عن ذهن الحديدي ) وقد رفع الكلفة هنا للمرة الأولى في رده عندما لم ينعت الحديدي بالزميل ! مكملاً ( أن بعض الأخطاء التي وردت في ترجمتي قد تكون بسبب النص الإنكليزي نفسه ) أي أن المترجم ما زال مقتنعاً بإمكانية ترجمة نص عربي عن الإنجليزية إلى العربية أو أنه ما زال حتى الآن لا يعرف أن محمود درويش شاعر عربي ، أما مدير التحرير فيشكر الكاتب صبحي حديدي ويشكر كل الذين نشروا في الملحق قبل ثلاثين عاماً من الكتاب الكبار ، وهو يؤكد أن الملحق ما زال ينشر للكتاب الكبار مثل محمد الماغوط وحنا مينا وفايز خضور ...إلخ .
ثم يقول بعد ذلك ( أما فيما يتعلق بقصيدة الشاعر الكبير محمود درويش فالملحق لم ينشرها بحثاً عن الزهو أو الفخر ، إنما الغرض من نشرها هو الإمساك بدهشة شعرية جديرة بالتذوق واللذة الجمالية والخطأ الذي وقع به الكاتب أنيس مهنا مردّه التعجل في فهم الأمور وهذا التعجل كيف يكون فهو عيب وخلل في تجربته الصحفية والكتابية ) .
هنا أصاب المدير ، فالقصيدة أمسكت بالدهشة فعلاً بل أمسكت ألسنتنا من الدهشة ونفهم من كلامه أن المترجم كاتب أيضاً بل وله تجربة ، و يتابع ( ملحق الثورة الثقافي معني أولاً وأخيراً بكتابات الكتاب الكبار والتجارب الجديدة ومعني ...بتعزيز القيم الجمالية ... وملحق الثورة الثقافي ضمن التوجهات الإعلامية والثقافية الرامية إلى فعل إعلامي وثقافي متجدد سيزداد تواصلاً مع الهموم الكتابية بكل صنوفها وتجلياتها ) إذا هيا بنا لنتصفح هذا العدد تحديداُ من الملحق المعني بكتابات الكتاب الكبار والتجارب الجديدة .
ونبدأ من افتتاحية حسين عبد الكريم وعنوانها ( صياح الديك ...طفولة الصباح ) التي يقول في مطلعها : (صياح الديك قد يكون من أقدم المنبهات الطبيعية التي يألفها الإنسان بكل سرور ، بل هو قصيدة الفجر الخاصة ، موسيقاها من وحي الضوء ومعناها مستمد من دلالات الأرض والزمن وتبدلات الفصول . الأم توقظ الأولاد : صياح الديك ملأ الكون فاستيقظ !!
الجار يخبر جاره : نبدأ السفر عند صياح الديك !! .............إلخ
الديك صديق الفجر وشاعر الطبيعة المبكر ولا يمكن للنقاد أن يتهموه بعدم التجديد أو بالنشاز ، أو بالتقاعس عن أداء دوره الغنائي الخاص ) هنا تنتهي الفقرة الأولى والكلام هنا عن الديك وليس عن المطرب علي الديك فيرجى الانتباه عزيزي القارئ ، كما يرجى الانتباه لقوة هذه الافتتاحية وعلاقتها بالحراك الثقافي السوري !!!!.
أما زاوية الشاعر فايز خضور فتبدأ بـ ( المحب الحقيقي هو الذي ينفق بسخاء من صميم ذاته لأنه يصدر في أفعاله عن شخصية غنية الأعماق وهنا تتجلى عظمة الحب . فالمحب لا يحب نظيره فحسب ، بل هو يتجه بمحبته نحو سائر إخوته في الإنسانية وفي مقدمتهم الضعيف والغريب والمسكين ....والمحب يؤمن في قرارة نفسه بأنه إذا أحب لحمه ودمه فإنما يحب نفسه . أليس الحيوان أيضاً يحب صغاره ويعطف عليهم ويعتني بهم ؟! ) ألا تلاحظ معي عزيزي القارئ أهمية هذه الزاوية ثقافياً ومعرفياً خاصة وأن الأستاذ خضور أعطانا معلومة مهمة وهي أن الحيوان يحب صغاره أيضاً ، وبذلك نكون قد عدنا إلى زاوية الديك الأولى بسلاسة ودون أن يشعرنا مخرج الملحق بالملل أو بالمفاجأة .
ولننتقل إلى النصوص الإبداعية المنشورة في هذا العدد فهاهو شخص عرّف عنه باسم حبيب الراعي( ياحبيب) وبأنه فنان تشكيلي وشاعر سوري مقيم في تونس ( الحمدلله) يقول في قصيدته ليلة رأس السنة :
( أعيدي تشخيص الأمس
أشعلي اللحظات الحائرة
ليتألق الشوق
ويتقد الحنين
لمشاعر تاهت
عن أصحابها
ولا تبكي عند الغروب
فلا وقت لدينا )
وجملة لا وقت لدينا تحيلنا إلى تعقيب حسين عبد الكريم على مقالة الحديدي عندما يقول :
( وأنا كأديب وصحفي رغم تكريس أغلب وقتي للقراءة وشؤونها والكتابة وشجونها ، لا أدعي أنني قادر على متابعة وقراءة كل الصحف والكتابات والمطبوعات ) ! أي أنه لم يكن لديه الوقت لمعرفة أن محمود درويش لا يكتب باللغة الإنجليزية .ثم ننتقل بكم إلى شاعر آخر يدعى (سليمان السلمان) وكنت أتمنى إرفاق صورته المنشورة مع القصيدة وهو يضحك بسعادة ولم لا والجرائد تنشر له ! يقول الشاعر :
(مركع الأغنياتْ
شفة من حرير ْ
ونداء الحياةْ
بسمةُ
لحنها وردةُ
طلعت في سريرْ
والمنى نغمةُ
ترتدي ثوب عطر يموجْ
والمنى زمنُ
عابر بيننا في شعور بهيجْ ) !!!!!
ويقول شاعر آخر يدعى (تيسير بكسراوي) :
( أفق تتدلى بالنجوم الغارباتْ
أفق تعالى بكل الملمّاتْ
أفق ذاهبُ
ليعود بالأماني الطالعاتْ
بهذا الصباح الندي
تفك أوحالها كلّ المعطياتْ ) ويبدو أن هذا الشاعر متأثر بالمعلق الرياضي وجيه شويكي الذي يستخدم كلمة معطيات كثيراً .
والآن إليكم هذه الرسالة المنشورة على شكل شعر أو قصيدة لكاتبها ( إسماعيل جرادات ) :
( أحبك
إسماعيل جرادات
اسمك يتردد في مسامعي
صورتك لا تفارقني
وتريدين أن أرحل؟!
أن أختفي من هذا الكون ؟!
وأرحل ؟!
إلى العالم المجهول ؟!
عالم اللامعقول ؟!) أولاً عزيزي الشاعر بناء على مستوى قصيدتك فأنا أعتقد أنها فعلاً تريدك أن ترحل .ثانياً أنت تتساءل إذا كانت تريدك أن ترحل إلى عالم اللا معقول بينما أنت في عالم اللامعقول فعلاً في ملحق الثورة الثقافي .ثم ننتقل إلى الجنس اللطيف ونختتم به عددنا هذا فتقول الشاعرة سمر علوش في تعريف الدمعة :
(الدمعة يا أغلى من هزّ غصون الشعر ...
يا أغلى حبات اللؤلؤ في روحي )
بينما تعرفنا آنسة أخرى تدعى عبير مصطفى مرفقة صورتها بنصها فنشاهد شعراً مميّشاً وابتسامة رومانسية :
( في حضرة غيابك تنساب الكلمات من أعماق بحر روحي زورقاً يسافر في أزقة العمر المسيج بأروقة الذكريات المتناثرة على ضفاف نهر عشقي الذي يبحث عن بحر يمتزج فيه ، رياض حبك لن يجتث من أرض وجداني ، وفي كل يوم ياسمينك يعرّش على حيطان قلبي ، لتسفح قوارير عطرك في مفازاته ...أضوع عطراً وتتنناثر عبراتي حبات لؤلؤ في كل مكان ) وهنا نلاحظ في نصوص الجنس اللطيف الانتقال من عالم الحيوان إلى عالم البحار حيث اللؤلؤ والمحار !! كما نلاحظ في جملة ( نهر عشقي الذي يبحث عن بحر يمتزج فيه ) الفعل الإعلامي والثقافي الذي تحدث حسين عبد الكريم .
هذا هو ملحق الثورة الثقافي الذي ندفع من جيوبنا لكتابه وصحفييه ومديريه فهل أستطيع الحصول على حق اللجوء الإنساني في أي دولة تحترم نفسها بسبب اضطراري كمواطن سوري إلى قراءة هذا الملحق كل أسبوع ؟! أليس هذا الملحق صنف من أصناف التعذيب الحقيقي للبشر غير الأميين ؟! ...لو قررت السفر خارج سوريا والإقامة هناك سآخذ معي أعداداً من الملحق الثقافي لجريدة الثورة كدليل دامغ على عذابي وآلامي أنا وزميلي فارتر .
#لقمان_ديركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|