بن جبار محمد
الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 09:09
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
مقولة الثورة تأكل أبناءهــا تكاد تتكرر مع كل ثورة , تتكــرر مع كل المحطــات التاريخية للجماعات و الدول .. غداة إستقلال الجزائر في عام 1962 و تشكل أول نخبة حــاكمة للبلاد , أول ماقامت به النخبة تحت مسميات ثورية و إيديولوجية بتصفية الأخــوة الإشقاء في السلاح و رفاق النضال و الكــفاح و إبعاد ما تقرر إبعاده و تهميش ما تقرر تهمشيه و اغتيال من رأوا أن حياته خطرا عليهم و نفي ما إذا رأوا مصلحة في نفيه . الثورة تأكل أبنائها عندمــا تنحــرف عن مســارهــا و تحيد عن الأهداف التي من أجــلهــا وجدت الثورة و لأجــلها استمرت , تاريخــنا مليء بأمثلة كثيرة عن النكران الثوري و الظلم الذي حــاق برفاق النضال , ارتكبت أكبر الفظاعات في حق المجاهدين و المناضلين و سلط عليهم كل أنواع التهميش و التشويش و الأرشفة و الوضع في طي النسيان لأسباب تتعلق بالاختلاف السياسي و الإيديولوجي أو أمــور تتعلق بالسلطة و الحــكــم و المصلحة القائمة أو المحتملــة . الكتب المدرسية علمتنا أن الثورة مقدسة و رجالها مقدسين و أن السلطة هي التي حــررت البلاد و العباد من براثن الاستعمار و هي فوق كــل مساءلة و نقــد ...لنكتشف أن رجالات السلطة – بعد تسعة و أربعين سنة – أكثرهــم دخلاء على الثورة . سرقوا الثورة لينسبونهــا لأنفسهم ! و قد شهـد الرعيل الأول أكبــر عملية تزييف و تزوير لحقائق التاريخ...
و الآن ما نشاهده في مـصـر بعد الجولات الأولى الانتخابية هو أسوء بكثير مما كنا نظــن , فالشباب الذين تقدمــوا بصدورهم العارية أمــام الآلة الجهنمية لنظام استبدادي مدجج بالسلاح و القوة و العدة و العدد و معتقلاته و مخابراته و مراكز تعذيبه ...و لم يخيفهم ذلك , أصــروا على إسقاط نظام و غيرهم الأكثر رومانسية لم يكن يحــلم بذلك .
شباب الثورة دفع الثمن بعدد القتلى و الجرحى و الأسرى و... الذين سقطوا إثر التعذيب و الاستنطاق المهين و الاعتقال الرهيب . و إذ بشرائح أخــرى سيئة السمعة تختفي خلف الحارات و الأســواق و المساجد .. كانت تنتظــر لتمتطــي مــوجة الثورة و تجني لنفسهــا ثمــارهــا و هي التي كانت في الأمس القريب تفتي بعدم جواز الخروج على الحاكم ! و كــانت تداهن السلطـة و لم يصدر منــها طيلة عشريات كاملة ما يسيء للسلطة أو خدش حياءهــا. . ما نــراه اليوم , خيــانة للثورة و للتاريخ ولمصــر و بداية مصــادرة للديمقراطية و رفس جثث شهداء الثورة , و ضرب لكل القيم النبيلة , ما يحز في قلبي , أن شباب الثورة فعلا طبخــوا و الآخــرين أكلوا !
#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟