|
دعوة التمرد الفاليرشتانية في حظيرة قرد يتمرد على خالقه
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1056 - 2004 / 12 / 23 - 11:49
المحور:
القضية الفلسطينية
لم نفاجأ ابدا من العواء الجديد الذي انطلق من الوكر الاستيطاني داعيا سوائب المستوطنين الى التمرد والعصيان المدني ومقاومة تنفيذ اخلاء المستوطنين عندما يبدأ تجسيد خطة الفصل مع قطاع غزة الشارونية التي اقرتها الحكومة والكنيست باصوات الليكود "والعمل" و "ياحد – ميرتس" والقائمة العربية الموحدة. لم نفاجأ لاننا منذ اليوم الاول لارتكاب حكومات اسرائيل، "العمل" و "الليكود" جريمة اقامة المستوطنات على الاراضي الفلسطينية المحتلة وبشكل مناف للقانون الدولي ووثيقة جنيف الرابعة، اكدنا بان هذه المستوطنات لن تكون اكثر من مستنقع آسن تترعرع وتنمو وتنتعش في اوحاله جراثيم الفاشية العنصرية التي تهدد انيابها الصفراء المفترسة ليس فقط حياة ومعيشة الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال، بل كذلك الحياة الدمقراطية المعمول بها في اسرائيل. فقرد الفاشية لا مفر من تمرده على صانعه، ولنا وللبشرية العبر والدروس من التاريخ غير البعيد والقريب، ان كان بين فاشيي المستوطنين في الجزائر قبل الاستقلال او حركة "الطالبان" في افغانستان التي غذتها الامبريالية الامريكية وانظمة رجعية عربية وعالمية ثم انقلبت عليها. واليوم على ماذا تهب العاصفة؟ ما هي دوافعها ومدلولاتها السياسية؟ من اشعل الفتيل من جديد هو رئيس مستوطنة "ماتي بنيامين" الكولونيالية، بنحاس فاليريشتاين، ويعتبر من قادة مجلس المستوطنات في الضفة والقطاع المحتلين. ففي رسالة وجهها الى قطعان المستوطنين ناشدهم من خلالها بالتمرد على قانون الفصل والاخلاء وعصيانه ومواجهة الاخلاء باجسادهم. كتب في سياق رسالته "ادعو الى خرق هذا القانون غير الاخلاقي الذي يدوس على حقوق الانسان. لا اخشى دخول السجن وآمل ان يدرك الآخرون مثلي ان هذا هو الثمن الذي علينا دفعه. فقانون اخلاء تعويض هو قانون ستاليني!! والحكومة (حكومة الليكود والعمل – أ.س) هي حكومة غير شرعية عندها شهية واحدة: قلع مستوطنات وطرد يهود من بيوتهم!!!! وبعد ذلك يدعو صراحة بما يلي "انا ادعو الى اختراق حواجز الجيش، عدم الانصياع لامر منطقة عسكرية مغلقة والى التمترس في البيوت اذا اقتضت الحاجة الى ذلك. انا ادرك ان الذين سينهجون حسب هذا المكتوب، سيدفعون ثمنا باهظا، ولكنني شخصيا مستعد للموت حتى امنع الاخلاء"!! ان كل جملة من جمل هذه الدعوة تعبر بشكل صارخ عن الديماغوغية اليمينية الفاشية التي تختفي وراء اثارة الغرائز "الانسانية" وحقوق الانسان لتبرير التمرد والدوس على القوانين وهتك عرض الدمقراطية. فعن أي حقوق انسان تتحدثون يا اوباش المستوطنين وانتم من تدوسون وتدنسون حقوق الانسان الفلسطيني باغتصابكم لارضه ونهب خيراتها خلال عشرات السنين ومنذ احتلالكم الغاشم للمناطق الفلسطينية. لقد دعا الى العصيان والتمرد والدوس على القوانين والدمقراطية كثيرون قبل فاليريشتاين، دعا الى ذلك، العديد من الربانيم اليمينيين الفاشيين من اوكار المستوطنات الكولونيالية، كما دعا الى ذلك اوباش وحركة كهانا الفاشية وحركة "زو ارتسينو" الفاشية وغيرهم، ولكن دعوة فاليرشتاين تعتبر اخطر من حيث مدلولها السياسي من جميع الدعوات الفاشية السابقة. ففاليرشتاين شخصية سياسية رسمية، رئيس مجلس مستوطنة، وليس مجرد راب او مأفون فاشي وبصفته شخصية رسمية فانه لا يصرخ لوحده في واد، فدوره كان انه اطلق نيابة عن الآخرين الرصاصة الاولى داعيا الى العصيان والتمرد. فرأسا بعد اطلاق رصاصته اعلن رؤساء مجالس المستوطنات الكولونيالية الوقوف الى جانب دعوته. كما اعلنت مختلف تيارات الاستيطان والفاشية دعمه وتأييده، هذا اضافة الى احزاب الترانسفير والفاشية العنصرية واليمين المتطرف امثال "موليدت" و "يسرائيل بيتينو" التي سريعا ما احتضنت دعوته الى العصيان والتمرد. ولا يخرج من دائرة التأييد والتعاطف مع دعوة فاليرشتاين، ولو بشكل غير مباشر وبنصف موقف جميع معارضي خطة الفصل من داخل الليكود و "المفدال" وغيرهم. لقد جاءت دعوة فاليرشتاين في وقت تجري فيه بلورة اللمسات الاخيرة لاقامة حكومة الكوارث الجديدة من الليكود والعمل واغودات يسرائيل برئاسة ارئيل شارون. وقد تكون دعوة التمرد اطلاق الرصاصة الاولى ايذانا بتصعيد الهجوم الاستيطاني الفاشي لايتام "ارض اسرائيل الكبرى" لافشال اية محاولة او أي جهد قد يقود الى تهدئة الاوضاع والتقدم نحو استئناف المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية. ونحن نحذر من مغبة لجوء جنرال المجازر والاستيطان، ارئيل شارون وحكومته الى استثمار حالة هيجان الثور الفاشي الاستيطاني لابتزاز تنازلات سياسية من القيادة الفلسطينية حتى في اطار خطة الفصل الكارثية مع قطاع غزة. او استغلال "صعوبة الاخلاء" لارضاء المستوطنين ومعارضي خطة شارون بتكثيف عمليات الاستيطان والتهويد في القدس الشرقية العربية المحتلة وباقي مناطق الضفة الغربية. كما لا نستبعد ان يكون من اهداف دعوة التمرد الجديدة محاولة الابتزاز لرفع سقف وحجم التعويضات عن الاخلاء لاوباش سوائب المستوطنين. ما نود تأكيده ان دعوة فاليرشتاين تنطوي على مخاطر جدية تستدعي اشعال اكثر من ضوء احمر في ساحة دار جميع القوى السياسية اليهودية والعربية التي تعز عليها المحافظة على الدمقراطية وصيانتها من انياب الفاشية المفترسة. حركة "السلام الآن" علقت على دعوة التمرد "بان مجلس المستوطنات في يهودا والسامرة (المناطق المحتلة – أ.س) قد كشفت عن وجهها الحقيقي كتنظيم يعادي القانون. الآن يمتشق المستوطنون سلاح التحريض". عضو الكنيست، افرايم سنيه، من "العمل" يصرح "ان مجلس المستوطنات يعلن التمرد على الدولة. هذا يمكن ان يقود الى خراب البيت الثالث"، أي الى حرب اهلية. ران كوهين (ياحد – ميرتس) يعلق "رؤساء المستوطنات يخلقون اجواء تهيئ المناخ للاغتيال السياسي القادم على ايدي مجموعات ارهابية يهودية"!! ما نود قوله لكل هؤلاء الذين يحذرون اليوم من مغبة المخاطر والانفلات الاستيطاني الفاشي، والذين شارك قسم منهم، عندما كان في السلطة، في زرع الدرن السرطاني الاستيطاني في المناطق المحتلة، ان الاحتلال كان ولا يزال الدفيئة التي يعيش وينمو ويحتمي تحت ظلالها ذئب الفاشية المفترس. واذا كنتم صادقين في موقفكم وتحذيراتكم ولدرء هذه المخاطر، فلا خيار سوى العمل لانهاء الاحتلال الاستيطاني من جميع المناطق المحتلة والاقرار بحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال الوطني في اطار دولة سيادية. ولا ننتظر من حزب "العمل" الذي زحف قادته على بطونهم لدخول حظيرة الائتلاف الشاروني، وعلى اساس برنامج تخليد الاحتلال على اجزاء واسعة من الارض الفلسطينية المحتلة ان يكون مخلصا في المعركة ضد الفاشية ومن اجل صيانة الدمقراطية. ولهذا، فاننا نتجه لجميع قوى السلام والدمقراطية اليهودية والعربية، لجميع انصار حقوق الانسان في بلادنا الى تصعيد المعركة الكفاحية، السياسية الجماهيرية، وعلى مختلف الصعد لوقف الزحف الفاشي وتكسير انيابه المفترسة.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صباح الخير يرحم ابو رتيب!
-
على ضوء عمليات الهدم والمصادرة في دير الاسد والنقب:ألم يحن ا
...
-
هل تجري تهيئة المناخ لـ -باكس امريكانا- في المنطقة؟
-
ما هي خلفيّة وآفاق الصراع في اوكرانيا؟
-
لتبقَ ذكرى سعدون العراقي خالدة
-
هل يولّد مؤتمر شرم الشيخ غير الفأر الامريكي؟
-
إعادة انتخاب بوش دالة شؤم وخطر على الامن المنطقي والعالمي
-
ميزانية العام 2005: الانياب مشحوذة لزيادة الفقر والبطالة وال
...
-
شعب ذاق مآسي النكبة -لن يُلدغ من جحر مرتين-
-
وتبقى الراية مرفوعة
-
في الذكرى الـ-48 لمجزرة كفرقاسم: لا مفر من استخلاص العبر لمو
...
-
مدلول التصويت على خطة شارون: على أية مساحة تكون أرض اسرائيل
...
-
هل يمكن التصويت دعما لخطة دفن الحق الفلسطيني المشروع؟
-
التفجيرات في منتجعات طابا: ديناميت الشياطين في خدمة استراتيج
...
-
ماذا وراء هذا التزامن؟!
-
هل تستهدف مجازر حكومة شارون تحويل شمال القطاع الى منطقة عازل
...
-
عبد رضا الشيوعي الذي كان بيننا
-
لمواجهة مخطط الاستيطان والتصفية الاسرا–امريكي
-
صباح الخير صباحك منوّر يا أبا حنظلة
-
المعيار الاجتماعي لسياسة تُعيد انتاج المآسي
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|