أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم النبريص - 4 نصوص














المزيد.....

4 نصوص


باسم النبريص

الحوار المتمدن-العدد: 3565 - 2011 / 12 / 3 - 22:44
المحور: الادب والفن
    


(شبح)

أنا رجلٌ يتحوّلُ إلى شبحٍ بمرور الأيام. لا أصدقاءَ لي غير الكُتب والنافذة. أقرأُ داروين في السرير, وأينشتاين في الصالة. وأكتئبُ كلما تأمّلتُ مدّةً تزيد عن ربع ساعة. لا شغلَ لي ولا طموح. أقبض راتباً على وظيفة قديمة. وأُشاغل وقتي باجترار الذكريات ومعاقرة النّت. في السنة الأخيرة, أدمنتُ النّت, فانهارت صحتي بشكل فظيع. حتى أنّ من يعرفونني _ وهم أربعة من كلاب الحيّ _ ما كانوا ليُصدّقوا. "ماذا جرالك"؟ وينبحون .. "تكاد تتحوّل قرداً" .. "يا رجل!". أنا رجل يتحوّل إلى شبحٍ بمرور الأيام. ماتت أمي قبل سنتين. وأبي لا أعرفه. أنام نهاراً, وأزدري الله في الليل. أفكّر أحياناً بالسفر, لكنني لم أسافر قطّ. أستبدل السفر بكُتب الرحلات. وأغبطهم أولئك المؤلّفين, حتى لو كذبوا على رجل مثلي. أنا رجل يتحوّل إلى شبح بمرور الأيام. أصدقائي الحقيقيّون هاجروا أو ماتوا. أمي دفنتها منذ سنتين ولم أزرها. أفكّر منذ شهور, بأنني قائمٌ وحيّ. قائم لأنّ جاذبية الأرض لم تزُل بعد. وحيّ لأنني لم أمت بعد. هذه هي كلّ القصّة. وهذا أمرٌ نسبيّ لا بأسَ به لرجلٍ مثلي. أنا رجلٌ يتحوّل إلى شبح بمرور الأيام. بيتُ العائلة بعته لتاجر دُخّان وصرفت ثمنه في مهبّ الريح. جذوري تقطّعت في أربع جهات الأرض. وإخوتي يموتون تباعاً هناك. قديماً كنت مثلثاً متساوي الساقين, وكان لي أضلاع قوية وقاعدة وبناطيل جينز. الآن بتّ دائرةً. إنه نوع من تطوّرٍ هندسيّ محصور برجال عائلتي (وبمنطقتي, ربما). أنا رجل يتحوّل إلى شبح بمرور الأيام: شبح في المرآة. شبح في الغرفة. إلى شبح في السرير. شبح في الصالة. شبح على الكرسي. شبح في الكتب. شبح في النافذة .. ويخجل أن يطلب النجدة.

(كي لا تطول القصة)

رئتاك حبّتا قرْع تضيقان في صدرك. كلما صعدت درجاً تسمع قرعَهما. وكلما دخلت صمتاً تسمعه أيضاً. ما الذي يحصل هناك في القرعتين إذاً؟ لو كانتا معطوبتين, لتوجّبت زيارة الطبيب. لو كانتا .. كانتا ماذا؟ ألا تكفّ عن استجلاب سردٍ سيوصلك للميلودراما في آخر القصة؟ القصة أنه الشتاء. إنه الشتاء: فبراير الكلب تحديداً. وفي مثل هذا الوقت من كل سنةٍ, يتضاعف استهلاك الشعراء من تبغ الغليون. يكون البرد كسلكِ كابلٍ معرّى. فتأوي إلى فراشك من المغرب. لا نت ولا مكتبة. العتمة فقط والتدخين. علّ الصقيع يخفّ. وهو يخفّ فعلاً. بل تكاد تنساه في دفء الفراش, وتوهّج الجمرة المقدّسة. رئتاك حبّتا قرْع في صدرك. قرعتان تضيقان بالدخان الآن. ولذا تقرعان كلما صعدتَ درجاً أو دخلتَ صمتاً. لكن "الآن" ليس هو "الأبد" يا عزيزي. إنه مجرد وقت ويمضي. وحينها سيتحسّن حال القرعتين, وستكونان على ما يرام. أُؤكّد لك. أُؤكّد لك. وعندي مزيدٌ من الأسباب, لكن لا داعي لسردها, كي لا تطول القصة.

(فرار)

أنتَ في يدك, والنهار على النافذة. تهمس: أصدقائي, فيأتي قاطنو ليل. بعضهم من غياب. بعضٌ من ورق الأسى. تشربون قهوة. وتضحكون من تطفل نورٍ, فكِهٍ, رغم كل شيء. لا. أنت لا تخشى النهار ولا تستثنيه. فهو نصف الوقت, وعامود أسرتك. فقط لا تستلطفه. فقط تستثقل نوره اللا خصوصيّ.
أنت في يدك, والنهار على النافذة. لقد أزف موعد النوم إذاً. موعد الحلم ربما. موعد الفرار من الأبيض الرديء. وداعاً أصدقائي. غداً ليلٌ آخَر. نلتقي في كتاب الأسى, ونشرب قهوتنا. هنا في غرفتي, أو هناك على كاونتر المطبخ.

(وحشة)

أخيراً, يشتركُ مع الله في نفي الجمْع. هو أيضاً يقول: "أنا هو أنا. وحدي لا شريك لي" في هذه الوحشة! وحشة. ومع ذلك, هو مبسوط. وحشة: لا كنز - يعني, ولا كرسي حُكم, مثل الرؤساء العرب. ومع ذلك مبسوط خالص! وحشة, ويريدها. وحشة, ويأمل أن تتراكم وتَ تَ فاقم, حتى تقتله (ويلحق حاله قبل مجيء الكوما, فيقوم عن الشاشة, ويتجاوز باب الغرفة, رغم زغللة العين, ويصل المطبخ, ويدقّق في الرفوف, حتى يتبيّن مرتبان السكّر, فيمدّ يده للفنجان في قعره, ويغطّه في الحبيبات البيضاء, ويرفعه للسانه هكذا مملوءاً, ثم يمتصّ ويمتصّ, دون مساعدةٍ من أحدٍ, باستثناء الله وتوفيقه, ويعود ليُكمل الترقين وقد تحسّن حاله مجدداً] آه ماذا كنا نقول؟ نعم: وحشة. كوحشة نيتشه التي دفعته ليقتل الله, في تلك اللحظة الألمانية الأشهر. وحشة. أربعة حروف فحسب. واو. حاء. (لو عاش نيتشه عمره كله, ما استطاع هو الخائي نطقها) شين. تاء مربوطة. فقط. لاغير. فقط لا غير. ويريد منها الليلة, أن تقتله هو الذي لا شريك له فيها, فقط. لاغير. فقط لا غير.



#باسم_النبريص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -خيانات اللغة والصمت- : كتاب يفضح النظام السوري
- خزعبلات سعدي يوسف: غليون ويزبك عملاء لساركوزي
- قصيدتان
- (جوّال)
- (نار)
- (قتل)
- اليوم, سُحقت جورية في درعا
- قصائد قصيرة (الأخيرة)
- قصائد قصيرة (7)
- قصائد قصيرة (5)
- قصائد قصيرة (6)
- قصائد قصيرة (4)
- قصائد قصيرة (3)
- نصوص
- قصائد قصيرة (2)
- قصائد قصيرة
- هل يمكن اعتبار أخناتون أول فاشي في التاريخ؟


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم النبريص - 4 نصوص