هل نجح النظام السوري في دفع الجامعة العربية الى المكان الخطأ ؟؟

لؤي الخليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 15:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

رغم المخاض العسير لجامعة الدول العربية الا انها ومع شديد الاسف لم تستطع حتى من ولادة الفأر حيا , بل جاء مشوها ناقصا من غير اطراف وعيون ... فبدلا من ان تمارس هذه الجامعة ظغوطا على النظام ورموزه لردعهم عن جرائمهم اليومية جاءت قراراتها ضد مصالح الشعب السوري وتطلعاته ولتفرض عليه حصارا جديدا اضافة الى الحصار الامني والعسكري وعمايات القتل التي تتواصل منذ ما يزيد عن الثمانية اشهر ... اذ ما جدوى واهمية قرارها بمنع كبار المسؤولين من السفر الى الدول العربية وتجميد ارصدتهم فيها او وقف رحلات الطيران من والى سوريا ... وما اهمية القرارات الاخرى للجامعة طالما ظلت حبرا على ورق ولن تجد من يطبقها الا اللهم من قبل الدول الخليجية لا لدافع وطني او حماية الشعب السوري بل لانها باتت تشعر بمدى الخطر الذي بات يشكله هذا النظام في حال استمراره على انظمتها .
فمثل هذه القرارات وغيرها , على ذات المقاس , سوف لن تؤتي ثمارها طالما استهدفت الشعب السوري وربما العكس فأنها ستعطي زخما جديدا وقوة اضافية للنظام , وليست ببعيدة تلك الايام التي كان فيها الشعب العراقي يأن تحت وطأة الحصار الظالم الذي وضعته وفرضته الامم المتحدة عليه والجميع يتذكر ان من مات وجاع هو السعب ومن احتاج الى الدواء والغذاء هم الاطفال والشيوخ ولم تزل الذاكرة مليئة بتلك المشاهد المؤلمة حينما استغل النظام البائد اطفالنا الموتى لدعم ماكنته الدعائية , اذ كان يجمع العشرات من جثثهم ويحفظها في برادات عملاقة ليقوم بين فترة واخرى بتشييع جماعي لهم محمولين فوق سيارات تطوف بهم شوارع العاصمة يغداد ... ولن ينسى الشعب العراقي ما كان يدور خلف الكواليس من حديث عن البذخ الذي كان النظام واركانه يمارسونه مقارنة مع راتب الموظف الذي لم يكن كافيا لشراء طبقة بيض واحدة ... وقد تمكن صدام حسين وبكل صلافة ان يجسد هذا الواقع المر بكل تفاصيله , حينما دعا وفدا زائرا الى مأدبة عشاء , وقد كانت دهشة الوفد كبيرة عند مشاهدته مأدبتين قد اعدتا له , واحدة عامرة بما لذ وطاب من مأكل وشراب والثانية لا تحوي سوى خبزا يابسا وفضلات اكل وبقايا عظام ... وكعادته لم يدع صدام ان تدوم حيرة الوفد طويلا , موضحا لهم ... هذه المائدة التي امامكم والتي فيها ما تشتهون تعد يوميا لي ولعائلتي واقربائي وحاشيتي والمقربين مني ... واما تلك فهي المائدة التي يأكل منها الشعب العراقي ... فشكرا للحصار الذي ساعدنا ومكننا من من ترويض واذلال العراقيين .
ان الجامعة العربية حسبما يبدو لا تستطيع ان تنسى او تتجاوز ماضيها وسبب تأسيسها حيث كانت بريطانيا بحاجة الى حليف عربي في حربها ضد الالمان , وما انهت مهمتها بنجاح منقطع النظير مع الانجليز حتى صارت بوقا داعما وراعيا للنظم الديكتاتورية العربية فأين كانت عن جرائم صدام حسين وحافظ الاسد والقذافي وغيرهم , ان دورها اليوم لا يختلف كثيرا عن سابقه وما تقوم به ليس بصحوة , بل مؤامرة تقودها السعودية وقطر وبدعم جهات دولية مشبوهة هدفها زعزعة الامن والاوضاع في بعض الدول العربية بغية تقسيمها الى دويلات وامارات شبيهة بتلك الموجودة في الخليج العربي بغية السيطرة عليها ولعدم فسح المجال لبروز قيادات عربية قوية قد تكون مصدر ازعاج لهم , كما حصل مع جمال عبد الناصر وصدام حسين وحتى القذافي , خصوصا وان الدول الخليجية لم تعد ببعيدة عما يجري في البلاد العربية وبالذات تلك الاحداث التي تشهدها اليمن والبحرين وقبلها عمان وكذلك الجزء الجنوبي من السعودية , هذه الاحداث التي قد تشعل شرارة ربيع لن يستطيع الخريف الذي فرضته الانظمة الخليجية منذ سنين من احتوائه , كونها نظم فاسدة غير مؤهلة لقيادة المرحلة الحالية وهي اولى بالتغيير من غيرها ... فكيف يرتجى من جامعة تسيدتها دول مستمدة مصالحها من الصهيونية العالمية والمخابرات المركزية الامريكية اصلاحا ؟؟ , ان ما يجري في اروقة الجامعة عملية محاولة سرقة الثورات العربية من شبابها وشعوبها لصالح قوى خارجية تترصد بالمنطقة .
ما كان يجدر بالجامعة ان تقطع شعرة معاوية مع النظام السوري , بل كان يفترض بها ان تواصل الطرق فوق رأسه وممارسة الظغوط عليه بشتى الطرق والوسائل لانقاذ السوريين من المعاناة والجرائم التي ترتكب ضده بشكل يومي , لا ان توصد المنافذ والاتيان بقرارات بائسة تضر اكثر مما تنفع , بل ان ضررها وتأثيرها السلبي يتعدى الوطن السوري ليمتد الى بلدان عربية اخرى ... فها هو مصدر مصري يقول ان سلبياتها ستشمل مئات الاسر المصرية التي تعمل في خدمة الطائرات ومكاتب الخطوط الجوية السورية بالقاهرة ... انها قرارات يراد بها خصخصة الربيع العربي وفق اجندات خارجية ومن ثم تدويل القضية السورية كما فعلوها من قبل مع ليبيا حينما دفعوا بقوات الناتو للعبث بمقدرات الشعب والوطن الليبي .

#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات