أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم خوري - معضلة التدخل الخارجي














المزيد.....


معضلة التدخل الخارجي


هيثم خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 17:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن الأزمة السورية وصلت إلى مفترقٍ خطير، و أصبح التدخل الدولي لأسباب إنسانية حاجة ماسة لأن لا حلَّ من دونه، و المهم أيضاً أنه إبتدأ يتشكل نوع من الإجماع حول ضرورة هذا التدخل بالأخص على الصعيدين العربي و الدولي -و إن بدرجات رؤىً مختلفة- و بشكلٍ أساسي بعد فشل المبادرة العربية و تعنت النظام السوري الرافض حتى لدخول المراقبين.

و السؤالان المهمان اللذان يطرحان نفسيهما الآن هما: أولاً "ما هي طبيعة التدخل الخارجي الذي سيؤدي لحل القضية السورية بأقل الخسائر البشرية و المادية الممكنة و الذي سيؤدي لإستقرار الوضع في سوريا بأقصى سرعة ممكنة؟" و ثانياً "هل ستلقى هذه الصيغة قبولاً دولياً و خصوصاً من الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن؟". و الحال أن الجواب على السؤال الأول لن يكون سهلاً إذ إن له جوانب تقنية وقانونية و أخلاقية و سياسية عدة، و لا أظن أن أحداً يمتلك جواباً شافياً له في الوقت الحالي. ثمّ إن هناك ترابطاً وثيقاً بين إيجاد الصيغة الفضلى للتدخل و الإجماع الدولي عليه . فبدون الوصول إلى صيغة تراعي جوانبه المتعددة و بالأخص السياسية منها سيكون من الصعب الحصول على الإجماع الدولي و بالتالي تمرير أي قرار عبر مجلس الأمن بهذا الخصوص.

فمن الناحية التقنية هناك أسئلة كثيرة يجب الإجابة عليها، ليس أقلها صعوبة الوجود العسكري الروسي في سوريا، فإذا كان الروس يستطيعون سحب خبرائهم إذا أرادوا- مع أنه لن يكون بالموضوع السهل جداً -فماذا يفعلون بقاعدتهم البحرية في طرطوس؟ هل يمكن إيجاد طريقة للتدخل الخارجي في سوريا بشكل يتلاءم مع وجود هذه القاعدة و من دون المساس بها؟ و ماذا عن الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها النظام هل سيستخدمها إذا ما إنضغط كثيراً؟ هل سيعطي بعضاً منها إلى أعوانه كحزب الله؟ هل يستطيع الروس ضمان عدم حصول هذا؟ موضوع آخر مهم هو موضوع اللاجئين فأي تدخل سيزيد من تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة، فهل ستستطيع هذه الدول إستقبالهم؟ و كيف سيتم تأمين الأمور اللوجستية لهم؟
.
أما من الناحيتين الأخلاقية و القانونية فما زال هناك تباين في أراء الخبراء و خلافات بين الدول في الشرق و الغرب حول شرعية التدخل في شؤون دولة أخرى لدواعٍ إنسانية في حال عدم قبول سلطة تلك الدولة بهذا التدخل- حتى لو كانت هذه السلطة عاملاً مسبباً للأزمات و لإستمرارها. فبينما ينظر الغربيون على أن السلطة تفقد شرعيتها من اللحظة التي لم تعد فيه قادرة على تأمين الأمان لشعبها و بالتالي عليها الرحيل، فكيف إذا كانت هي السبب في فقدان هذا الأمان، يرى الشرقيون أن المشكلة بين السلطة و الشعب هي أمر داخلي بكل بلد و يجب على المساعي الحميدة عدم توفير أي جهدٍ للمصالحة بين الطرفين، بالإضافة لذلك يرى هؤلاء الأخيرون أن إستخدام القوة يعقّد الموضوع أكثر مما يحله، و إذا أستخدمت هذه القوة فينبغي عدم الإفراط بها إذ إن هذا الإفراط سيؤدي لمزيدٍ من الخسائر البشرية و المادية. فهل يا ترى يمكن المقاربة بين الموقفين في الموضوع السوري و إيجاد حلٍ يأخذ بعين الإعتبار هذه التيارات و الحساسيات المختلفة و خصوصاً إذا كانت تتباناها الدول الأعضاء في مجلس الأمن و بالتحديد الدائمة منها؟ فوق ذلك فإن كل طرف ينظر بعين الشك إلى حجة الطرف الآخر فبينما يرى الشرقيون أن ميل الغربيين للتدخل هو بالحقيقة ليس لدوافع إنسانية و لغيرتهم على الشعوب المتألمة بل لرغبتهم بالسيطرة و فرض قيمهم الأخلاقية على المجتمعات الأخرى و تغيير الأنظمة على هواهم، يرى الغربيون أن الشرقيين يحاولون المحافظة على مصالحهم الإقتصادية و الإستراتيجية عبر محافظتهم على الوضع الراهن غير آبهين بمصائر الشعوب و تطلعاتها. فهل يا ترى هذه الشكوك محقةو بالأخص فيما يتعلق بالأطراف المعنية بالقضية السورية، و إن لم تكن كذلك فهل من الممكن إزالة هذه الظنون الواهية و الريبة التي لا أساس لها؟

أما فيما يتعلق بالناحية السياسية فإن سوريا كانت و مازالت مسرح صراعٍ دولي كبير و ذلك لأسباب إجتماعية و ثقافية و إقتصادية و جيوسياسة متنوعة. و الحال أن هذا يجب ألا يكون مدعاة للخوف أو الإشمئزاز بل مدعاة للفخر لنا نحن السوريين، و لكن و قبل كل ذلك يجب أن يدعونا للصحوة لكي نستغله لصالحنا،لا لنصبح مطية لجشع الآخرين. فهل يمكن إيجاد حلٍ للقضية السورية يراعي مختلف المصالح و الحساسيات الدولية و قبل كل ذلك يحقق مصالح الشعب السوري من حيث رغبته بالحرية و أيضاً أمنيته بإبعاد شبح الدمار الآني عن بلاده و السيطرة البعيدة المدى على مقدراته؟ بالإضافة لذلك هناك اللاعبون الإقليميون الذين لن يقبلوا برحيل حليفهم بسهولة، فهل هناك من طريقة لضبط ردّ فعل هؤلاء؟

لا شك أن للشرق و الغرب مواقف متباينة حيال العديد من القضايا التي طرحناها آنفاً. و الحال أن تردد الموقف الروسي حيال التدخل الخارجي في سوريا لم يعد كما كان ناجماً عن إعتقاد روسيا بإمكانية إصلاح النظام و إنقاظه بل عن خوفها من أن أي حل مبنيٍ على أساس التدخل الغربي قد لا يوافق رؤاها و مصالحها في واحدةٍ و أكثر من المسائل المذكورة أعلاه. و لكن قد يتساءل بعضنا "هل نحن إذاً عالقون في معضلة تدعو لليأس؟" و الجواب سيكون "لا، إذا ما وجدنا الشخص المناسب"، فالمتمرسون بأمور السياسة الخارجية يعرفون أنه من الممكن تصميم -أو بالأحرى تفصيل- حلٍ مناسب لكل قضية يرضي على نحوٍ معقول كل الأطراف المعنية، و لكن ما نحتاجه أولاً و قبل كل شئ هو المهندس الذكي الذي بإمكانه إبداع هذا التصميم و تقديمه بطريقةٍ مقبولةٍ للجميع.



#هيثم_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دلالات إدانة اللجنة الثالثة للنظام الأسدي
- عدم النضج النفسي كأصلٍ للشر -دراسة سريرية لحالة بشار الأسد
- الدبلوماسية الروسية نسر ذو رأسين
- هكذا ماتت المبادرة العربية، فماذا بعد؟
- الضرورة الملّحة لمزيدٍ من وحدة المعارضة السورية
- بشار و الضغط المتصاعد
- باكورة الإنجازات الدبلوماسية
- المعارضة السورية أمام امتحان دبلوماسي دقيق
- المعارضة السورية و نهاية العقم السياسي


المزيد.....




- ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية.. كيف يؤثر ذلك على المستهلك؟
- تيم حسن بمسلسل -تحت سابع أرض- في رمضان
- السيسي يهنئ أحمد الشرع على توليه رئاسة سوريا.. ماذا قال؟
- -الثوب والغترة أو الشماغ-.. إلزام طلاب المدارس الثانوية السع ...
- تظاهرات شعبية قبالة معبر رفح المصري
- اختراق خطير تكشفه -واتساب-: برنامج قرصنة إسرائيلي استهدف هوا ...
- البرلمان الألماني يرفض قانون الهجرة وسط جدلٍ سياسيٍ حاد
- ‌‏الرئيس المصري: نهنئ أحمد الشرع لتوليه رئاسة سوريا خلال الم ...
- إسرائيل.. تخلي حماس عن السلاح أو الحرب
- زكريا الزبيدي يتحدث لـRT عن ظروف اعتقاله


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم خوري - معضلة التدخل الخارجي