أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قانصو - النّاس ..














المزيد.....


النّاس ..


محمد قانصو

الحوار المتمدن-العدد: 3559 - 2011 / 11 / 27 - 20:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


.. قدّر الله أن تطوى سرائر الخلق في هذا العالم, ولا شكّ أنّ في تقديره لطف, وفي لطفه جلّ وعلا حكمة وتقدير.
تصوّروا معي أن لو هُيئ للإنسان أن ينفذ إلى دخيلة النّاس, ويخبر ما انطوت عليه ذوات أنفسهم من الأفكار والأسرار, إذاً لعرف عندها العَجَب العُجاب, وابيَضَّ فُودَيهِ في غرّة الشباب!.
النّاس, وما أدراك ما النّاس! بحرّ لُجيّ الطباع, جبلّة من التنوّع والتناقض, متاهاة معقدّة يستحيل الخروج من أنفاقها, أُحجية ينوء اللبيب بحلّها .
ألزمتني الحياة مخالطة النّاس بحكم النّوع والضرورة, وقضت اللّابديّة بزجّ وجهي بين الوجوه, ونفسي بين النّفوس, علّني أنظر في مرآة نفسي شكل وجهي, أو أضيع بين ضباب الأنفس وأقنعة الوجوه!..
في دورة المعرفة وجلاء الذّات عانيت وعورة التّجارب, نجحت قليلاً وفشلت كثيرا, تأبّطت الصخور المقنّعة بالعشب لكنّ قدمي انزلقت بقوّة التيار, وألفيتني في اليمّ مبتلّاً بالخجل.
تعثّرت بالمشتهيات ظنّاً بأنّ الأنا حَصّالة الرّغبات, ومضيت في أكثر الأحيان واحداً من النّاس, عدداً من الأعداد!..
في كتاب الحقيقة قرأت الأنا, وبالكتاب عينه أقرأ النّاس!..
أسير في زمن التلوّن فأجد فلاناً يعبد الله مياومة, وبعد الدّوام أو قبله ينحني لعبادة الأصنام !.
أجول في الشوارع فأرى تقوى الوجوه, ولا أتحسّس تقوى القلوب, أطرب لذكر الله يتعالى بقامات المآذن, وأحنّ إلى تعظيمه سلوكاً وامتثالا.
أرى النّاس يتجمّلون الزهادة والعبادة, وعلى أعتاب بيوتهم ومعابدهم يتضوّع الفقراء جوعاً ويتجرّعون بؤسا..
أسمع تمجيد الحريّة على ألسنتهم, وأرقبهم عبيداً على أبواب سادتهم يتوسّلون حقوقهم, ويستجدون أرزاقهم, ويسبّحون بحمد ظلّامهم ..
أسمع رنين ضحكاتهم, فأخبُرها تهكّماً بالضعفاء, وازدراءً بذوي النّقص والعاهات, أو تقمّص كبرياء..
أخشع لأنين دموعهم منتظراً رياح الفعل تهبّ من رحم المعاناة, فلا أرى الحزن إلا كَرّة المأساة..
أنشد البرّ والإحسان فيهم, أسفاً فالبرّ دونه ماء الكرامة عندهم, والإحسان مُثمن والأعرَاض أثمان!..
أطلب الصّدق في نادي التّقاة, فإذا الكذب ملح الرجال تفاخرا, ومنجاة من سطوة الحقّ الزلال.
تصم أذنيّ عبارات التملّق والتصنّع والتّجمّل, وليتها لم تخفي خلفها المكيدة والوقيعة والمداراة, وأقول أشيح عنها وأستظلّ من لهبها فَيء البيوت علّ الروح تصطلي دفء الحقيقة .
وحين دخلت إحداها استقبلني ملاك الوحي بالمعوذتين والإخلاص, وأشرقت بوجهي آية الكرسي, وتبسّمت روحي لأسماء الأئمة والصالحين, فخلتُ نفسي في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه, إلّا أنّه خاب ظنّي بعد هنيهة, حين انفلتت الألسن من عقالها كالسّباع الجارحة فلم تترك حرمة إلّا انتهكتها, أو سُمعة إلّا شوّهتها, أو مستورة إلّا أعلنتها, كلّ ذلك في حضرة الآيات والنّذر .
ضقت بهذا النفاق هارباً إلى حيث يسمّيني النّاس معتزلا, وما أروع العزلة إن كان بها جلاء البصيرة, وتهذيب الرّوح, وترويض النّفس, واكتساب الأنسنة!..


بقلم : الشيخ محمد أسعد قانصو
[email protected]



#محمد_قانصو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الحبّ..
- أنتَ طالق !..
- الجنّ البريء!..
- في بيتنا إنترنت ..
- نبيل ..
- لقاء الخميس ..
- أبو كريم ..
- الإسلام السياسيّ في قفص الاتهام!.
- الشخصانية
- الشعوب العربية بين مطرقة الديكتاتورية وسندان الاستعمار
- المدائن ..
- دويلة الحشيشة في لبنان!..
- المرأة في الميدان.. آيات القرمزي نموذجا..
- طهاة الحصى ..
- الاعتراف ..
- خطايا ..
- مشوّهون ..
- نحو عدالة اجتماعية ..
- لبنان خارج المكان والزمان ..
- دمعتان ووردة ..


المزيد.....




- ترامب يوقع مرسوما بفرض عقوبات على الجنائية الدولية
- بيسكوف: لم تناقش روسيا والولايات المتحدة تنظيم لقاء بين بوتي ...
- وزير الدفاع السوري: منفتحون على استمرار الوجود العسكري الروس ...
- سياسي عراقي: انسحاب القوات الأمريكية من البلاد قد يتأخر
- -الغارديان- : ترامب سيضطر إلى مراعاة مصالح روسيا والصين
- الخارجية الأمريكية: نقل الفلسطينيين إلى خارج غزة سيكون مؤقتا ...
- خلافات بشأن حكومة لبنان: اجتماع لعون وسلام وبري ينتهي بلا تص ...
- الطيران الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان وشرقه رغم اتفاق ...
- دعوة للانتباه.. مسار ضم وتهجير الضفة بدأ
- جوا وبحرا.. كاتس يدرس السماح لسكان غزة بالسفر عبر إسرائيل


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قانصو - النّاس ..